حكاية «صدفة» قدمت فريد الأطرش للإذاعة.. الأغنية بـ«جنيه واحد»
تاريخ النشر: 30th, April 2024 GMT
بينما كان فريد الأطرش منحنيا على آلة العود داخل إحدى غرف معهد الموسيقى، شاهده الملحن الراحل مدحت عاصم، رئيس الإذاعة المصرية السابق، الذى كان معروفاً بأنه «مكتشف النجوم وصانعها»، فتوقف لدقائق يستمع لعزف «الأطرش» دون أن يدرى، ليتيقن وقتها أنه مشروع ملحن ومطرب كبير، وتوقع أنه سيكون «ملك العود» فى مصر، ولم تمر دقائق إلا وتعرّف «عاصم» على «الأطرش»، لتبدأ صداقة كبيرة بينهما.
ووفق ما جاء فى حوار مع مدحت عاصم، نشرته مجلة «صباح الخير» فى عددها الصادر يوم 9 يونيو عام 1977، أى بعد نحو 3 سنوات من رحيل «الأطرش»، قال الرئيس السابق للإذاعة: «كنت لسَّه متولّى منصب رئيس الإذاعة المصرية، وبامرّ بالصدفة البحتة فى معهد الموسيقى، علشان أكتشف النجوم، سمعت صوت بيعزف ببراعة، فلفت انتباهى فقررت أتعرف عليه»، مشيراً إلى أنه فى اليوم التالى قرر استدعاء «الأطرش» إلى مكتبه، لإتمام التعاقد معه.
«عاصم»، أضاف أن «صوت العود كان لسَّه عالق فى ذهنى ووجدانى، الشاب اللى كان قاعد بيدندن ده مشروع فنان عظيم، تانى يوم استدعيته فى الإذاعة، وقلت له انت هتغنّى معانا هنا فى الإذاعة، وما اديتلوش فرصة يفكر، تعاقدت معاه فوراً وكان وقتها أجره جنيه واحد».
قصة 24 ساعة كانت فاصلة فى حياة فريد الأطرش24 ساعة كانت فاصلة فى حياة فريد الأطرش، حسبما روى «عاصم»، فالشاب العاشق للموسيقى الملحن الصغير حينها سيغنى للإذاعة، وهذا حلم لكل فنان، وحينها استفسر عن مكان نشأته، ليرد: «اسمى فريد الأطرش، من جبل الدروز»، وتابع رئيس الإذاعة فى وصفه لـ«ملك العود» قائلاً: «كان جميلاً بكل ما فيه، عاشقاً للفن وللعزف، وقتها عرضت عليه تلحين أغنية، وقلت له هتغنيها وهتكسر الدنيا، وفعلاً أبدع فيها، وبعد كده تعاونا فى أغنية تانية، لكنه شق طريقه منفرداً، وبقى بيلحن لنفسه».
«كرهت حبّك من كتر صدّك» كانت أول أغنية قدمها «الأطرش» من تلحين مدحت عاصم، وكلمات عبدالعزيز سلّام، وكانت شاهدة على اكتشاف «عاصم» لصوت «فريد»، ليقرر دعمه وتقديمه للجمهور فى الإذاعة المصرية: «قلت له وقتها الأغنية دى هتكون بداية قوية، وأنا اللى هلحنها، ووقتها أخد جنيه، وكان أكتر مما تقاضاه الفنان رياض السنباطى، لكنه كان يستحق، لأنه مميز».
لم تكن أغنية «كرهت حبّك من كتر صدّك» الوحيدة التى لحنها مدحت عاصم لفريد الأطرش، بل تبعتها أغنية «ميمى»، وبحسب ما جاء على لسان رئيس الإذاعة السابق: «كان الأطرش سجل أغنية ميمى، وأخبرنى على استحياء أنه أيضاً يُلحن، فطلبت منه أن يسمعنى أغنية من تلحينه، فسمعنى أغنية (باحب من غير أمل) فدعوته لتسجيلها فوراً، ومن وقتها لم يقدم فريد الأطرش أغنيات إلا من تلحينه فقط، وظل لليوم الأخير فى حياته يعلن أننى كنت سبباً فى اكتشافه وتقديمه للإذاعة».
العلاقة بين فريد الأطرش ومدحت عاصمالعلاقة بين فريد الأطرش ومدحت عاصم لم تقتصر عليهما فقط، بل تعّرف أيضاً على النجمة «أسمهان»، شقيقة فريد الأطرش، لكن رئيس الإذاعة رفض دعمها خوفاً من أن يؤثر الفن على حياتها الزوجية، وقال: «تعرفت على أسمهان، شقيقة فريد الأطرش، لكن رفضت دعمها للغناء فى الإذاعة، لأنها كانت متزوجة من أمير الدروز، حسن الأطرش، وكنت أعلم أن دخولها إلى عالم الفن سيكون على حساب حياتها الأسرية، وحينها غضبت منِّى غضباً شديداً».
«عاصم» أشار إلى أنه عرض على «أسمهان» الاختيار بين زواجها أو الفن، فأصرت على الغناء: أمام إصرارها، اضطررت إلى تنفيذ ما تريده، خصوصاً أن صوتها كان مكسباً كبيراً للغناء، وكما توقعت، نجحت أسمهان كمطربة وفشلت كزوجة، فانفصلت عن زوجها عقب إذاعة أول أغنية لها، وبعدها طلبت منِّى تلحين لحن جديد لها، فاستجبت لرغبتها ولحنت أغنية «دخلت مرة جنينة».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: فريد الأطرش الراحل فريد الأطرش الفنان فريد الأطرش رئیس الإذاعة فرید الأطرش فى الإذاعة
إقرأ أيضاً:
«ألحان تتمايل لها السامعين».. أم كلثوم معجزة «الأولمبيا» تجمع العالم حول الأغنية المصرية
فى ليلة لن تنساها باريس جمعت «أم كلثوم»، بصوتها الساحر، الغرب والعرب من المحيط إلى الخليج، وقفت فى قلب أوروبا تغنى باللغة العربية لساعات طويلة والجميع فى حالة من الانسجام التام، وكلما توقفت للراحة جاءها صوت من قلب الصالة يطالبها بالاستمرار.
الحفل الذى اتفقت عليه «الست» مع مدير مسرح الأولمبيا وقتها «كوكاتريكس» أصبح حفلتين، وسط أعداد مهولة من البشر لم تصدق فى البداية أن السيدة أم كلثوم ستغنى على خشبة هذا المسرح، وما لم يكن متوقعاً هو انسجام الغرب بشكل هيستيرى رغم الغناء باللغة العربية.
الناقد مصطفى كيلانى يحكى، لـ«الوطن»، عن لغز نجاح أم كلثوم فى حفل الأولمبيا، بأن صوتها العربى سحر الغرب والعرب معاً، لأن الموسيقى لغة عالمية مثلما نسمع بيتهوفن، وموسيقى موزارت وموسيقى البوب، ونحن كمتلقين نسمعها ونحبها لأن الموسيقى لا تحتاج لغة حتى يفهمها الإنسان ويحبها.
ورأى «كيلانى» أن أحد عوامل نجاح الحفل هو أن الغرب قبل الحفل انبهر بعدد الجماهير التى رغبت فى الحضور، ولم يستوعبوا أن الحفلتين فى مسرح الأولمبيا ستحققان نجاحاً بهذا الشكل نهائياً: «الموضوع كمل لدرجة إن فيه وفود راحت تستكشف مين الست اللى عليها هذا الطلب غير العادى من التذاكر، والموضوع وصل أن الحفلة الثانية كانت overbooked يعنى كان فيه كراسى جوا الصالة زيادة علشان الناس اللى عايزة تحضر الحفلة»، وعندما وصل المراقبون والوفود انبهروا بالصوت العبقرى العابر للغات والقارات.
أما الإحساس بقيمة أم كلثوم، فكان السر الذى أرجعت إليه الناقدة الفنية ماجدة خيرالله، نجاح حفل الأولمبيا، من خلال الموسيقى المختلفة وروعة الصوت وقدراته، ووقفتها على المسرح لساعات طويلة وهى متقدمة فى العمر، وتركيبة شخصيتها وثقافتها وقدرتها على الحوار مع مَن يختلفون عنها فى اللغة والثقافة وحضورها الطاغى والقراءة عن تاريخها ودورها فى مجتمعها العربى الممتد من الخليج للمحيط.
يُذكر أن صحيفة «جارديان» البريطانية وصفت أم كلثوم فى تقرير صدر عام 2020 بأنها لا يوجد نظير غربى لها، ولا فنانة تحظى بالاحترام والمحبة مثلها فى العالم العربى، إنها موجودة خارج الزمن، وأضافت: «أم كلثوم.. نجمة الموسيقى العربية»، وبحسب الجريدة البريطانية كان لدى أم كلثوم قدرة مذهلة على إنتاج 14000 اهتزازة فى الثانية بأحبالها الصوتية، وقوة صوتية لا مثيل لها، كما أن جمال صوتها الفريد جعلها صوتاً لا يضاهى فى كل العصور.