كشفت صحيفة "واشنطن بوست" عن محاولة دبرتها الاستخبارات الهندية لاغتيال أحد معارضي رئيس الوزراء ناريندرا مودي في الولايات المتحدة.

وقالت الصحيفة في تقرير لها إنه بينما كان البيت الأبيض يرحب بمودي العام الماضي، وقد تم تزيين الطاولات في الساحة الجنوبية بزهرة اللوتس التي تعتبر شعارا لحزب بهاراتيا جاناتا القومي المتطرف الذي يتزعمه مودي، وتم استدعاء طاه معروف من كاليفورنيا للإشراف على وجبات الطعام النباتية.

وبينما كان مودي يتنعم بالمديح الأمريكي، كان ضابط في الاستخبارات الهندية يصدر الأوامر النهائية في 22 حزيران/ يونيو لفريق قتل استئجر لقتل واحد من أكبر نقاد مودي في أمريكا.

وكتب الضابط البارز في الاستخبارات الهندية (المعروف باسم جناح البحث والتحليل) فيكرم ياداف: "بات الاغتيال أولوية الآن". وكانت مؤامرات الاغتيال جزء من محاولة توسيع موجة العدوان ضد الجماعات المعارضة التي وجدت حماية في دول أخرى. وكانت حكومتهم مستعدة لتجاوز السيادة والأعراف الدبلوماسية وإرسال فرق لقتلهم.


وقامت "واشنطن بوست" بالتحقيق في زيادة حملات على مستوى العالم للقمع خارج الحدود وكذا القوى العالمية والتي قادت الهند ودول أخرى لممارسة أساليب قمعية مرتبطة عادة بالأنظمة الديكتاتورية.

وقابلت الصحيفة مسؤولين وخبراء ودبلوماسيين وأشخاصا استهدفوا في واشنطن وأوتاوا وبرلين ولندن. وكافحت الولايات المتحدة والدول الغربية من أجل وقف موجة القتل على أراضيها، ولم تواجه الهند تداعيات لتصرفاتها نظرا لحاجة أمريكا وحلفائها لها في العصر الجديد من التنافس مع الصين.

وتحولت الهند التي تجاوزت الصين كأكبر بلد من ناحية التعداد السكاني، إلى مجموعة دول تستخدم العنف والتحرش والرقابة ضد المعارضين لها. وشملت المعلومات التي أرسلها ياداف لفرقة القتل معلومات عن المعارض السيخي غيرباتوانت سينغ بانون، وعنوان منزله في نيويورك. وتقدم لائحة الاتهام المقدمة للمحكمة تفاصيل عن ياداف ووظيفته التي لم يكشف عنها سابقا والتي تعد أهم ملمح من ملامح محاولة الاغتيال التي تم توجيهها مباشرة من الهند وأحبطتها السلطات الأمريكية لاحقا. وكشفت المؤامرة عن تورط عدد من مسؤولي جناح البحث والتحليل حسب مسؤولين غربيين حاليين وسابقين، حيث قامت "سي آي إيه" ومكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) وغيرها من المنظمات الاستخباراتية الأمنية بالتحقيق وربطها بالدائرة المقربة من مودي.

وأكدت تحقيقات المخابرات الأمريكية ما توصلت إليه "واشنطن بوست" بناء على شهادة رجال استخبارات هنود سابقين قالوا فيها إن العملية مرتبطة برئيس الاستخبارات سنام غويل، الذي كان يواجه ضغوطا كبيرة للتخلص من المعارضة السيخية في الخارج.

وفي البداية اعتقدت أن العملية مرتبطة بمستشار الأمن القومي لمودي، أجيت دوفال، لكن لم يتم التوصل لدليل قاطع عن علاقته.

واعتمدت الصحيفة في تحقيقها عن جهود الهند القاسية في ملاحقة المعارضين على شهادات أكثر من ثلاثين شخصا في الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وأستراليا والهند وألمانيا.

وقد اندهش المسؤولون الأمنيون الغربيون من محاولة الهند القيام بعمليات تصفية للمعارضين في أمريكا الشمالية، لكن التحرك يعكس التحولات الجيوسياسية. وبعد سنوات من التعامل مع الهند كبلد غير مهم في خارطة  القوى العظمى، باتت واحدة من القوى الصاعدة بحيث لا تستطيع الولايات المتحدة تجاهلها. وقال مسؤول أمني غربي ردا على سؤال عن تجرؤ الهند للقيام باغتيال في أمريكا "لمعرفتهم أنهم سيفلتون من العقاب". وتعتبر المحاولة المحبطة جزء من المؤامرات التي خططت لها المخابرات الهندية في آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية.

وتزامنت عملية أمريكا الفاشلة مع مقتل المعارض السيخي هارديب سينغ ناغار في سري بفانكوفر بكندا في 18 حزيران/ يونيو، وهي العملية التي ارتبطت بياداف. وحدثت المؤامرتان وسط زيادة العنف في باكستان حيث قتل حوالي 11 ناشطا سيخيا أو كشميريا يعيشون في المنفى اعتبرتهم حكومة مودي إرهابيين خلال العامين الماضيين.


وزادت المخابرات الهندية من عمليات الرقابة والتحرش ضد الناشطين السيخ حول العالم. وواجه عملاء وضباط المخابرات الاعتقال والترحيل والسجن في دول بما فيها بريطانيا وألمانيا وأستراليا.

وزاد الكشف عن ملاحقة المعارضين من قلق الحكومات الغربية من مودي الذي شهدت الهند في عهده نمو اقتصاديا وزيادة في مكانة الهند الدولية ولكن مع نزعة ديكتاتورية وصفتها منظمة "فريدم هاوس" بأنها ممارسة "القمع العابر للحدود".

وجاءت النزعة هذه من زيادة الرقابة والديكتاتورية التي غذتها منصات التواصل الاجتماعي وأنظمة التجسس على الهواتف.

ورفضت وزارة الخارجية الهندية الرد على أسئلة الصحيفة، وقال المتحدث باسمها راندير جيسوال إن الحكومة لا تزال تحقق في حالة بانوم التي "تؤثر أيضا على أمننا القومي".

وبالنسبة لإدارة بايدن التي قضت الأعوام الثلاثة الماضية ببناء علاقات مع الهند، فقد مثلت المؤامرة تحد لقيمها التي تعلن عنها ومصالحها.

وفي تموز/ يوليو الماضي بدأت الإدارة بالرد على المؤامرة الفاشلة وعقد الاجتماعات مع المسؤولين الهنود،  كما بدأ مدير "سي آي إيه" ويليام بيرنز بالتواصل مع الهنود والمطالبة بتوضيحات من المسؤولين الهنود، مع أن الإدارة لم تتخذ إجراءات ضد الهند، مثل فرض عقوبات، أو طرد أو غير ذلك.

وعكست لائحة الاتهام ضد ياداف هذا التردد، فعندما كشف عنها في تشرين الثاني/ نوفمبر تم توجيه اتهام لياداف والذي أشير إليه بـ "سي سي-1" وأنه المسؤول المتهم بالمحاولة دون الإشارة للمخابرات الهندية.

ورفض مسؤولو وزارة العدل الذين شاركوا في مداولات البيت الأبيض موقف المطالبين بتوجيه اتهامات جنائية ضد ياداف.

ووجهت اتهامات لشخص واحد وهو نيخيل غوبتا، الذي وصف بأنه تاجر أسلحة ومخدرات اعتقل في 30 حزيران/ يونيو ببراغ وأنكر كل التهم لكنه ينتظر قرار محكمة تشيكية للترحيل إلى أمريكا.

وحاولت إدارة بايدن الحد من تداعيات المؤامرة، حيث أخبرت الحكومة الهندية أن "واشنطن بوست" ستنشر تفاصيل جديدة عن محاولة القتل، إلا أنها فعلت هذا بدون إعلام الصحيفة.


ورأت الصحيفة أن المخابرات الهندية انشغلت وعلى مدى عقود في حرب بالوكالة مع المخابرات الباكستانية "أي أس أي" إلا أنها أصبحت مؤثرة في عهد مودي وبدأت بملاحقة المعارضين الهنود في الشتات الهندي الواسع، ونقلت معها الخبرات التي استخدمتها دول الجوار مثل الاستعانة بالجريمة المنظمة حتى لا ترتبط العمليات بها. إلا أن العمليات في الخارج لم تفهم طبيعة الرقابة ومكافحة الإرهاب في دول كأمريكا، إضافة إلى أن ياداف عين في المخابرات نظرا لقلة خبراته في التجسس، فقد جاء من قوة الاحتياط المركزية للشرطة.

ووصفت الدعوى القضائية ياداف بأنه "مقرب" من غوبتا، الرجل الذي وكل بتوفير فرقة الاغتيال. وجاء فيها أن غوبتا له تاريخ في التعامل مع المخابرات الهندية بما فيها عمليات بأفغانستان. وتواصل كل من ياداف وغوبتا لعدة أسابيع بشأن قتل بانون.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الاستخبارات الهندية الاغتيال امريكا الهند اغتيال استخبارات صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المخابرات الهندیة الولایات المتحدة واشنطن بوست

إقرأ أيضاً:

الهند لا تعتزم الرد على رسوم ترامب الجمركية

قال مسؤولان حكوميان هنديّان، اليوم الأحد، إن الهند لا تعتزم اتخاذ إجراءات انتقامية تجاه الرسوم الجمركية البالغة 26% التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الواردات القادمة من الهند، مشيرين إلى أن نيودلهي تسعى لتجنب التصعيد، في ظل محادثات جارية للتوصل إلى اتفاق تجاري شامل مع واشنطن.

ونقلت رويترز عن أحد المسؤولين، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته نظرا لحساسية الملف، أن إدارة رئيس الوزراء ناريندرا مودي تدرس أحد بنود المرسوم الذي أصدره ترامب، والذي يتضمن "مهلة ممكنة للدول التي تتخذ خطوات جوهرية لمعالجة الترتيبات التجارية غير المتبادلة".

الهند تراهن على الحوار المبكر

وأوضح المسؤول الآخر، الذي طلب أيضا عدم الكشف عن اسمه، أن نيودلهي تعتبر نفسها في وضع أفضل من دول آسيوية أخرى مثل الصين، فيتنام، وإندونيسيا، والتي فُرضت عليها رسوم أعلى ضمن الحزمة الجمركية الأميركية الجديدة. وقال المسؤول: "الهند من أوائل الدول التي دخلت في محادثات مع واشنطن، وهذا يمنحها أولوية في التفاوض مقارنة بدول أخرى تأخرت في الرد أو التصعيد".

نيودلهي أبدت استعدادا لخفض الرسوم الجمركية على واردات أميركية تصل قيمتها إلى 23 مليار دولار أميركي (أسوشيتد)

وأضافت رويترز أن الهند والولايات المتحدة اتفقتا في فبراير/شباط 2025 على وضع جدول زمني للتوصل إلى اتفاق تجاري بحلول خريف 2025، بهدف تسوية الخلافات التجارية، خصوصا المتعلقة بالرسوم الجمركية.

إعلان تنازلات هندية لاسترضاء واشنطن

وفي سياق متصل، قالت رويترز إن نيودلهي أبدت استعدادا لخفض الرسوم الجمركية على واردات أميركية تصل قيمتها إلى 23 مليار دولار أميركي، وهي خطوة تهدف إلى تعزيز الثقة مع إدارة ترامب.

وأشارت الوكالة إلى أن حكومة مودي اتخذت عدة خطوات مسبقة لكسب رضا الجانب الأميركي، منها خفض الرسوم على الدراجات الهوائية الفاخرة، وإلغاء ضريبة الخدمات الرقمية التي كانت تؤثر سلبا على شركات التكنولوجيا الأميركية الكبرى مثل "أمازون" و"غوغل".

الاقتصاد الهندي تحت ضغط الرسوم

وحذّرت مصادر اقتصادية من أن الرسوم الأميركية الجديدة قد تؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي في الهند بما يتراوح بين 20 إلى 40 نقطة أساس خلال السنة المالية الحالية، ما يعادل ما بين 0.2% و0.4% من الناتج المحلي الإجمالي.

كما أشارت رويترز إلى أن صناعة الألماس الهندية معرّضة لخطر التضرر المباشر من القرار، حيث تصدّر الهند أكثر من ثلث إنتاجها من الألماس إلى الولايات المتحدة، وقد يُعرّض الانكماش المتوقع في الطلب آلاف الوظائف للخطر، خاصة في ولايات مثل غوجارات وماهاراشترا التي تُعد مراكز أساسية لصقل وتجارة الألماس.

مقالات مشابهة

  • واشنطن بوست تكشف اعترافات جنود إسرائيليين حول التدمير الممنهج في غزة 
  • واشنطن بوست تنشر اعترافات جنود إسرائيليين حول التدمير الممنهج لقطاع غزة
  • الهند لا تعتزم الرد على رسوم ترامب الجمركية
  • واشنطن بوست: ترامب يبدأ في إدراك حقيقة نيات بوتين
  • واشنطن بوست: إحباط مخطط إيراني لقتل شخصية إسرائيلية بارزة
  • واشنطن بوست: إحباط مخطط إيراني لقتل شخصية يهودية بارزة
  • وثائق جديدة تكشف تورط شقيق ملك بريطانيا في علاقات مشبوهة مع جاسوس صيني
  • "واشنطن بوست": مصلحة الضرائب الأمريكية تسرح 25% من موظفيها لخفض التكاليف
  • خبير تشريعات اقتصادية يكشف عن سر رغبة أمريكا في ااستيلاء على قطاع غزة
  • خبير تشريعات اقتصادية يكشف سر رغبة أمريكا للاستيلاء على قطاع غزة