على مرّ العصور، كان لكل حقبة زمنية نصيب من التغيير التدريجي ، فالوقت كان الحاسم الأكبر في هذا التدرُّج حتى أصبحت تلك العصور جزءاً من الماضي مع تقادم الزمن.
أما العصر الحديث الذي نعيشه اليوم ، “عصر التغيير السريع ” ، فنرى فيه صورة واضحة لرتم الحياة المتسارع ، وكل يوم يمرّ نعيش فيه عصراً جديداً ، لايشبه الأمس ، وينعكس هذا التغيير علينا ، ويشهد له بأنه التغيير الأكثر سرعة عن بقية العصور ،،فمن مسلّمات العقول بأن لكل شيء جانبه السلبي والإيجابي ، وهذا ماينطبق على التطور السريع الذي يكتسح العالم اليوم، متجاهلاً روزنامة الوقت.
فالجانب الايجابي إن أشحت قليلاً بناظريك يمنةً ويسرة وعلى كل ماحولك ، ستتدرك أثره ولا تستطيع أن تحصي أثر هذا التطور والنماء .
لكن الجانب السلبي يحتاج لنظرة أعمق من أن تشح بناظريك، تحتاج لوقفة طويلة تراجع فيها نفسك متى كانت آخر مرة وقفت فيها مع ذاتك وأطلت الوقوف وراجعت نفسك فيها ، واستغرقت وقتاً كافياً في التفكير والخلوة مع ذاتك ،وهل تتذكر متى كانت آخر مرة قمت فيها بواجباتك تجاه أسرتك دون استعجال ، وهل تتذكر المرة الأخيرة التي قمت فيها بإختبار صبرك؟
دعني أجيب عنك: كان ذلك قبل تطور الإنتاج التكنولوجي وحين كنا نقدِّر قيمة الوقت ، ولانريد أن نسابق الزمن ياعزيزي، حين كنا نقف على كل موقف نعطيه حقه من الوقت والجهد المقرر له ، وكنا نساير دوران عجلة الزمن ، على نفس الوتيرة والرتابة.
فنرى ذلك التغيير قد بانت سماته وأصبحت واضحة وجليّة،علينا ثقافياً واجتماعياً، و طال مداه للمساس بدستور العشرة و تفكيك العلاقات والتسرع في إطلاق الأحكام الخاطئة تجاه الآخرين دون اكتراث،وصولاً إلى تغيير بعض المفاهيم الراسخة ، واستحداث بعض الأساليب الغريبة التي تدرج تحت سلبيات الحداثة .
في الختام ،يجب أن تجابه لفهم الواقع حتى تكون معاصراً ، وإن فشلت ستسير على رتم بطيء للعصرية، وربما لن تصل ،فكل ماحولنا خاضع لنظرية التغيير المستمر ، لكن إياك أن تهرول بعيداً وتنسى نفسك ، قد تستطيع وضع توقيت العودة لها لكنك لن تستطيع أن توقف الوقت أو تعيده .
Wjn_alm@
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
علماء يثبتون وجود زمن بالسالب في تجربة واعدة
لقد عرف العلماء منذ مدة طويلة أن الضوء قد يبدو أحيانًا كأنه يخرج من مادة قبل دخولها، وهو التأثير الذي قوبل بالرفض باعتباره وهمًا بصريا ناتجًا عن تشويه موجات الضوء بواسطة المادة.
حينما يدخل الضوء إلى بلورة أو سحابة من مادة ما فإنه يعبر خلالها متفاعلا معها، ومن ثم يخرج منها، ولكن ماذا لو شاهدت الضوء يخرج من هذه البلورة أو تلك السحابة قبل أن يدخلها أصلا؟!
الآن، يقول الباحثون في جامعة تورنتو بكندا إنهم من خلال تجارب كمية مبتكرة معتمدة على تداخلات الليزر أثبتوا وجود "الزمن السالب"، وإنه ليس مجرد فكرة نظرية، بل هو موجود بمعنى ملموس ومادي ويستحق التدقيق من كثب.
عندما تمر فوتونات الضوء عبر الذرات، تمتص بعضها تلك الذرات ثم يعاد إطلاقها لاحقًا، ويغير هذا التفاعل الذرات ويضعها مؤقتًا في حالة طاقة أعلى أو ما يسمى "حالة إثارة" قبل أن تعود إلى حالتها الطبيعية. ولغرض التقريب، يشبه ذلك أن تشعر بقدر من الطاقة بعد شرب فنجان قهوة، ثم تعود للخمول.
صورة للفيزيائية التجريبية دانييلا أنجلو الباحثة الرئيسية بالدراسة مع جهاز في مختبر الفيزياء (جامعة تورنتو) ليس سفرا في الزمنفي الدراسة الجديدة التي تنتظر النشر في دورية محكّمة في وقت قريب، شرع الفريق في قياس المدة التي بقيت فيها هذه الذرات في حالتها المثارة، وتبين أنها أقل من الصفر، أي "زمن بالسالب".
إعلانولكي نتصور هذا المفهوم، فلنتخيل سيارات تدخل نفقا؛ فقبل التجربة أدرك الفيزيائيون أنه في حين قد يكون متوسط وقت دخول ألف سيارة -على سبيل المثال- 12:00 ظهرا، فإن السيارات الأولى قد تخرج قبل ذلك بقليل، لنقل الساعة 11:59 صباحا.
ويكمن تفسير هذه الظاهرة في أن الجسيمات مثل الفوتونات تتصرف في عالم الكوانتم بطرق غامضة واحتمالية بلا وجود قواعد ثابتة، فبدلا من الالتزام بخط زمني ثابت للامتصاص وإعادة الانبعاث، تحدث هذه التفاعلات عبر طيف من الفترات الزمنية المحتملة، بعضها عادي يتمثل في مرور ثانية مثلا أو اثنتين، وبعضها الآخر يتحدى الحدس اليومي المعتاد.
ويقول الباحثون في دراستهم إن هذا لا يعدّ سفرا في الزمن بالمعنى المفهوم أبدا ولكنه يعكس الطبيعة الغريبة وغير البديهية لميكانيكا الكم، كما أنه ينتهك نظرية أينشتاين للنسبية الخاصة التي تنص على أنه لا يمكن لأي شيء أن يسافر أسرع من الضوء، لأن الفوتونات لم تحمل أي معلومات.
ويعتقد أن إثبات وجود مثل هذه التأثيرات يمكن أن يحمل فائدة مستقبلية لنطاقات الحوسبة الكمومية، حيث يمثل التلاعب بالحالات الكمومية للمادة أهمية كبيرة لتحسين دقة الحواسيب.