عادل الباز: من بدوي إلى رئيس.. قراءة في سيرة كاكا (5 -5)
تاريخ النشر: 30th, April 2024 GMT
1 لازلنا نواصل الإبحار في صفحات كتاب الرئيس كاكا (من بدوي إلى رئيس) الذي فاض بالأكاذيب، وكنا قد استعرضنا في الحلقة الأولى من سلسلة المقالات موقف الرئيس كاكا في الفساد الذي ينخر نظامه ثم عرضنا موقفه من والده والحرس القديم وفي الحلقة الأخيرة رأينا حالة الإنكار الذي تلبسته حين أنكر أي صلة له بتمرد حميدتي ونفى دعمه له رغم كل الشواهد الماثلة والتي أثبتتها تقارير الأمم المتحدة وتقارير كل الدنيا، هو وحده الذي لا يرى.
2
يقول الرئيس التشادي في كتابه إن تشاد (لم تستضف قط تمرداً ضد السودان). هكذا قد ينكر الرئيس الأعمى ضوء الشمس من رمد سياسي. كل من يقرأ في كتاب الصراع التشادي/ التشادي/ التشادي السوداني يرى بوضوح كيف ظلت تشاد منطلقاً لكل حركات التمرد على السودان مما سبب توتراً دائماً في العلاقات بين البلدين. والصحيح أن تدخلات السودان في الشأن التشادي كان دائماً رد فعل للمواقف التشادية وتدخلاتها المستمرة في القضايا السياسية الداخلية للسودان.
3
أنقل إليكم ما كتبه الكاتب التشادي محمد علي تورشين: العلاقات السودانية – التشادية: (ماضيها حاضرها ومستقبلها) ملخصا تاريخ العلاقات السودانية في فترة ما بعد الاستقلال إلى عهد الإنقاذ (شهد السودان عدد من الحكومات في الستينات كانت فترة حكم ( عبود _ سر الختم خليفة _ المحجوب _ المهدي _ نميري) وفي هذه الحقبة نستطيع أن نقول إن العلاقات كانت عادية وفاترة باعتبار أن الفترة التي أعقبت الاستقلال كان التوجه توجه عروبي. مهتم بمنطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية أكثر من اهتمامه بأفريقيا ودول الجوار الأفريقي ودول غرب افريقيا.
أما حقبة السبعينيات والثمانينات لم تغيير سياسة السودان الخارجية وإنما ظلت تتجه شرقاً وكان الجنرال نميري لديه علاقات مميزة بالنظام المصري والليبي لتشابه الخلفية العسكرية للرؤساء الثلاث رغم ذلك نجد أن شعبيا تأثر المجتمع الدارفوري كثيراً بالحرب التشادية الليبية (1978_1987) مما أدى إلى مشاركة عدد من شباب القبائل المشتركة بين البلدين لنصرة النظام التشادي.
بعد وصول نظام الإنقاذ أو حكومة المؤتمر الوطني للحكم في السودان في 1989 عن طريق انقلاب عسكري سعت إلى تصدير الثورة أو تصدير المد الإسلامي إلى الخارج لذا دعمت وساندت الجبهة الوطنية للإنقاذ بقيادة إدريس ديبي في السودان وشارك عدد كبير من أبناء القبائل الحدودية في المعارك ضد نظام حسين حبري حتى تمكن إدريس ديبي الذي ينتمي إلى الزغاوة في الانقلاب على السلطة في انجمينا (1990) وهرب الرئيس حسين حبري إلى السنغال بفضل دعم ومساندة من النظام في الخرطوم وباعتبار أن ذلك يشكل فاتحة خير لمشروع تصدير الثورة والمد الإسلامي إلى الخارج وهو المشروع الذي حاولت الإنقاذ تطبيقه في عدد من الدول المجاورة.
4
وتشاد أخذت منعطف مهم جداً باندلاع الصراع المسلح في دارفور أو بعد بزوغ حركات التحرر الثوري في دارفور في مطلع 2003 والتي أعقبتها حقبة متوترة في العلاقات السودانية التشادية إذ أنه بالرغم من أن الخرطوم أهم داعم للنظام في تشاد إلا أنه بدأ في دعم المجموعات المسلحة وتحديداً حركة العدل والمساواة السودانية حيث وفر لها غطاءً سياسياً وغطاءً دبلوماسياً. وكذلك تعامل النظام السوداني بالمثل ودعم وساند الحركات الثورية في تشاد وأصبحت تشاد ملاذ آمن لعدد كبير جداً من اللاجئين وهم موجودون حتى الآن في معسكرات حوالي مليون لاجئ. دعم ومساندة تشاد لحركة العدل والمساواة تمخضت عنه عملية الذراع الطويل (2008) حتى توغلت في قلب مدينة أمدرمان وكانت قواتها على مشارف القصر الجمهوري) .
5
يتضح من هذا الاستعراض أن تدخل السودان الوحيد منذ الاستقلال كان في حالتين فقط الأولى دعم جبهة فرولينا في الستينيات وهي جبهة تحرير والثانية في عهد الإنقاذ جاءت كرد فعل على تدخلات مستمرة ودعم للحركات المتمردة على الدولة. وظل السودان بعيد عن صراعات تشاد الإقليمية مع ليبيا ولم تدخل في صراعات تشاد الخارجية أبداً.
نختم بهذه الحلقة استعراض كتاب كاكا الذي هو جدير بالقراءة رغم أنه فاض بالأكاذيب ونقص مريع في المعلومات التاريخية وهي أمور لا تليق برئيس، يحتوي الكتاب على كثير من الطرائف والمواقف كما شمل السيرة العجيبة لرئيس يتآمر علناً على الدول ويرعى الفساد ويصعد على أكتاف الاستعمار الحديث ويتلقى الرشاوى من الدول الأجنبية ويلغ في دماء رفاقه وهو متهم بقطف روح والده الذي صنعه بيديه وتحت عينه.!!
عادل الباز
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
حكومة السودان تُعرب عن أسفها واستنكارها لرفض السلطات التشادية السماح بإقامة إمتحانات الشهادة السودانية
(سونا) أعربت حكومة السودان عن أسفها واستنكارها لرفض السلطات التشادية السماح بإقامة إمتحانات الشهادة السودانية لأكثر من ستة آلاف طالب وطالبة من اللاجئين السودانيين من ولاية غرب دارفور وغيرها من الولايات المتضررة بالحرب كما بذلت وزارة الخارجية كل الجهود الممكنة عبر التواصل المباشر مع وزارة الخارجية التشادية وعبر المفوضية السامية للاجئين لإقناع السلطات التشادية بإقامة الامتحانات، حتي لا يتضرر الطلاب اللاجئون بسبب التقديرات السياسية.
وفيما يلي تورد سونا نص البيان التالي.
تُعرب حكومة السودان عن أسفها واستنكارها لرفض السلطات التشادية السماح بإقامة إمتحانات الشهادة السودانية لأكثر من ستة آلاف طالب وطالبة من اللاجئين السودانيين من ولاية غرب دارفور وغيرها بسبب انتهاكات المليشيا المتمردة.
لقد بذلت وزارة الخارجية كل الجهود الممكنة عبر التواصل المباشر مع وزارة الخارجية التشادية وعبر المفوضية السامية للاجئين لإقناع السلطات التشادية بإقامة الامتحانات، حتي لا يتضرر الطلاب اللاجئون بسبب التقديرات السياسية الخاطئة للسلطات التشادية، دون جدوي.
ياتي هذا الموقف امتداداً لنهج السلطات التشادية العدائي من السودان، إذ ظلت تقدم كل انواع الدعم لمليشيا الجنجويد، خدمة لأجندة الرعاة الإقليميين للمليشيا الإرهابية.
إن حرمان الطلاب الأبرياء من حق التعليم وتهديد مستقبلهم يمثل خرقا واضحا لاحد مبادئ حقوق الإنسان الاساسية التي نص عليها القانون الدولي، وتنكرا للعلاقات التاريخية الوثيقة بين الشعبين الشقيقين، وسابقة السودان في إتاحة فرص التعليم لأبناء الشعب التشادي.
سيظل حرمان ابنائنا من الجلوس لامتحانات الشهادة السودانية نقطة سوداء في سجل السلطات التشادية وسياستها العداونية تجاه الشعب السوداني.