مؤسسة راند الأميركية: هل شمس الولايات المتحدة في طور الأفول؟
تاريخ النشر: 30th, April 2024 GMT
كشف الكاتب الأميركي البارز ديفيد إغناتيوس أن دراسة معمقة أجرتها مؤسسة راند للأبحاث بتكليف من وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أكدت أن الولايات المتحدة ربما تتجه نحو منحدر لم تتعاف منه سوى القليل من الدول العظمى.
وأضاف إغناتيوس -في مقال بصحيفة واشنطن بوست- أن دراسة راند -التي ستنشر الثلاثاء- أكدت أن الولايات المتحدة تمتلك أدوات عديدة للتعافي وتفادي مخاطر ذلك الانحدار، لكن المشكلة أنها لا تمتلك حتى الآن اعترافا جماعيا بالمشكلة وكيفية حلها.
وأوضح أن الدراسة هي بعنوان "مصادر الحركية الوطنية المتجددة"، ومؤلفها الرئيسي مايكل ج. مازار، وهي جزء من سلسلة تقارير تنجز بتكليف من مكتب البنتاغون لتقييم الوضع التنافسي للولايات المتحدة في مواجهة الصين.
ووصف إغناتيوس تقرير راند بـ"المتفجر"، وقال إن التقرير تساءل عن الأسباب التي أدت إلى "التراجع النسبي لمكانة الولايات المتحدة".
وشرح أن الموقف التنافسي للبلاد مهدد من الداخل، وخاصة في ما له ارتباط بتباطؤ النمو، والشيخوخة، والاستقطاب السياسي، وبيئة المعلومات غير الصحيحة، مثلما هو مهدد من الخارج بالتحديات التي تفرضها الصين كقوة عظمى، وتراجع احترام عشرات الدول النامية للولايات المتحدة.
وقال إغناتيوس إن الدراسة أوضحت أن فشل الأميركيين في توحيد الجهود لتحديد المشاكل المطروحة وبحث حلول لها، يعني المجازفة بالسقوط، وبيّنت أن التعافي من التدهور الكبير ممتد في الزمن، ويصعب تحديد معالمه في المراحل التاريخية المختلفة. وضربت الدراسة مثلا على ذلك بما جرى مع الإمبراطورية الرومانية، والإسبانية، والعثمانية والنمساوية المجرية، والاتحاد السوفياتي.
وبحسب الكاتب، توضح الدراسة أنه "عندما تنزلق القوى الكبرى من موقع القيادة بسبب عوامل داخلية، فإنها نادرا ما تعكس هذا الاتجاه" وتغير حركية التاريخ.
وسلطت الدراسة الضوء على أسباب التدهور الوطني الشامل، وقالت إن من بينها الإدمان على الترف والانحطاط، والفشل في مواكبة التكنولوجيا، والبيروقراطية المتحجرة، وفقدان الفضيلة المدنية، والتمدد العسكري المفرط، والإرهاق العسكري، فضلا عن وجود نخب أنانية ومتحاربة، وممارسة تناقض حماية البيئة.
وبحسب الدراسة، فلا بد من المبادرة إلى "معالجة المشاكل قبل أن تعالجنا"، وتحدثت عن أدوات العلاج التي تبدأ بالاعتراف بالمشكلة أولا، ثم اعتماد إستراتيجية لحل المشاكل عمليا بدلا من الغرق في معارك أيديولوجية، فضلا عن ضرورة تقوية هياكل الحكم الرشيد. يضاف إلى ذلك ضرورة أن تلتزم النخبة بالصالح العام.
وتكشف الدراسة أنه في ما يرتبط بموضوع "حل المشكلة" يصنف أداء الولايات المتحدة في 2024 بكونه "ضعيفا".
وبحسب الكاتب، فإن دراسة راند تحدثت عن تجربتين يمكن الاستفادة منهما لإيجاد مخرج من هذا المنحدر، ويتعلق الأمر بتجربة بريطانيا التي نجحت في بناء إمبراطورية ناجحة، لكن مع منتصف القرن الـ19، تعفنت من الداخل بسبب الخسائر البشرية والبيئية الناتجة عن التصنيع، وانتشار الفساد، وعدم فعالية المؤسسات السياسية، وسيطرة نخبة قليلة مالكة للأراضي على السياسة، فضلا عن اتساع فجوة التفاوت الاقتصادي.
وتتابع الدراسة -بحسب إغناتيوس- أن بريطانيا سارعت إلى اتخاذ إصلاحات عاجلة، وغيرت سياستها بما يمكنها من تقوية جبهتها الداخلية، وشارك كبار مفكريها -من أمثال توماس كارلايل وتشارلز ديكنز- في صناعة تصور للإصلاح.
أما الحالة الثانية، فتتعلق بالولايات المتحدة نفسها، إذ إنها بعد فورة العصر الذهبي في أواخر القرن الـ19، دفع الازدهار الصناعي بالبلاد إلى الأمام، لكنه خلق تفاوتات قاسية، وتسبب في أضرار اجتماعية وبيئية، وفي انتشار الفساد الفادح.
لكن مع مجيء الجمهوري ثيودور روزفلت إلى الرئاسة، سُرعت عملية الإصلاح في مجالات السياسة والأعمال وحقوق العمال والبيئة ومحاربة الفساد.
وشدد الكاتب إغناتيوس على أن دراسة راند تشير بوضوح إلى أن عدم المبادرة إلى العمل لأجل الصالح العام ونهضة البلاد، واستخدام أدوات الإصلاح، وتسليم الإدارة إلى قادة جدد ينفذون قواعد إصلاح تناسب الجميع، يعني أن الولايات المتحدة ستغرق حتما.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات ترجمات الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
التعرفات الأميركية تدخل حيز التنفيذ وترامب يدعو للصمود
واشنطن (الاتحاد)
أخبار ذات صلةدعا الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس، إلى «الصمود»، بعد دخول الرسوم الجمركية الإضافية التي قررها بنسبة 10% على عدد كبير من المنتجات التي تستوردها الولايات المتحدة، حيز التنفيذ، معترفاً بأن «هذا الأمر لن يكون سهلاً» في مواجهة خطر التضخم.
وخضعت معظم المنتجات التي تستوردها الولايات المتحدة من بقية العالم اعتباراً من أمس السبت لرسوم جمركية إضافية عامة بنسبة 10% قررها دونالد ترامب، في تصعيد للحرب التجارية التي يشنها الرئيس الأميركي.
وقال الرئيس الأميركي على منصته «تروث سوشال»: «إنها ثورة اقتصادية وسنربح، اصمدوا، هذا الأمر لن يكون سهلاً، لكن النتيجة النهائية ستكون تاريخية».
غير أن بعض المنتجات معفية منها في الوقت الحاضر، وهي النفط والغاز والنحاس والذهب والفضة والبلاتين والبلاديوم وخشب البناء وأشباه الموصلات والأدوية والمعادن غير المتوافرة على الأراضي الأميركية. كما أن هذه الرسوم لا تطبق على الصلب والألمنيوم والسيارات المستوردة التي سبق أن فرض عليها ترامب رسوماً بنسبة 25%.
وكندا والمكسيك غير معنيتين بالرسوم الجديدة، غير أن هذين البلدين يدفعان ثمناً باهظاً لسياسة ترامب الاقتصادية، إذ يخضعان لرسوم منفصلة بنسبة 25% على منتجاتهما.
ومن المتوقع أن تشتد الوطأة على التجارة العالمية في التاسع من أبريل مع فرض رسوم إضافية على قائمة طويلة من البلدان التي تصدر إلى الولايات المتحدة أكثر مما تستورد منها، ولا سيما رسوم بنسبة 54% على الصين و20% على الاتحاد الأوروبي و46% على فيتنام و26% على الهند، و24% على اليابان. وحذفت من قائمة الدول المستهدفة جزر سان بيار إيه ميكلون الفرنسية التي أعلن البيت الأبيض فرض رسوم بنسبة 50% عليها، وجزر هيرد وماكدونالد الأسترالية غير المأهولة سوى من طيور البطريق، بعدما أثار ورودها على قائمة الدول المستهدفة الذهول والسخرية حيال النهج المتبع من الإدارة الأميركية.
وأبدى مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية الجمعة، قلقه لإدراج أفقر دول العالم على القائمة.
وأشارت المنظمة الدولية إلى أن الدول الأقل تقدماً والدول الجزرية الصغيرة النامية غير مسؤولة سوى عن 1.6% و0.4% على التوالي من العجز التجاري الأميركي، موضحة أن هذه الدول «لن تساهم لا في إعادة التوازن إلى الميزان التجاري، ولا في در عائدات تذكر».
وعبَّر رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن مخاوفهما بشأن تأثير الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي على الصعيدين الاقتصادي والأمني.
في الأثناء، حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش من أنه «لا أحد يفوز في حرب تجارية»، حسبما قال المتحدث باسمه أمس.
ورداً على سؤال عن تعليقات جوتيريش على سياسة التعرفات الجمركية الأخيرة للبيت الأبيض، قال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، إنه «في حرب تجارية، لا أحد يفوز». وقال المتحدث «قلقنا حالياً يتعلق بالدول الأكثر ضعفاً، الأقل استعداداً للتعامل مع الوضع الحالي».
إجراءات
قالت الصين إن «السوق قالت كلمتها» برفضها الرسوم الأميركية، ودعت واشنطن إلى مشاورات متكافئة بعد هبوط الأسواق العالمية في رد فعل على الرسوم التجارية التي استدعت رداً صينياً.
وقالت وزارة الخارجية الصينية إن الصين اتخذت وستواصل اتخاذ إجراءات حازمة لحماية سيادتها وأمنها ومصالحها التنموية، وأشارت إلى موقف الحكومة الصينية المعارض للرسوم الجمركية الأميركية.
ويعتزم رئيس الوزراء شيجيرو إيشيبا التحدث مع الرئيس الأميركي الأسبوع المقبل لبحث الرسوم الجمركية، مطالباً بإعادة النظر في الرسوم الجمركية من خلال إلقاء الضوء على مساهمات اليابان كأكبر مستثمر في الولايات المتحدة.