سجلت الاحتجاجات الطلابية، في الجامعات حول العالم، محطات تاريخية، تعدت لحظات اندلاعها وأظهرت قدرتها على خلق تأثير سياسي ومجتمعي كبير.

ومن بين حركات الاحتجاج الطلابي في جامعات العالم، برز عدد منها، بسبب حجمها وقوتها، ومستوى التأثير الناتج عنها، فضلا عن القسوة وعنف السلطات الذي واجهها وأودى بحياة مئات الطلبة نتيجة القمع.



احتجاج غرينسبورو:

أثارت العنصرية ضد السود، وخاصة في أماكن تناول الطعام، في الولايات المتحدة، غضبا واسعا، دفع 4 طلاب للبدء في احتجاج بطريقة مبتكرة، ولم يكن في مخيلتهم إلى أين سيصل.

وفي 1 شباط/فبراير 1960، قرر 4 طلاب أمريكيون من أصل أفريقي، وهم، إيزيل بلير، وفرانكلين ماكين، وجوزيف ماكنيل، وديفيد ريتشموند، في جامعة ولاية كارولاينا الشمالية، بمنطقة غرينسبورو، وبالتعاون مع رجل أعمال أبيض متعاطف معهم يدعى رالف جونز، في تنفيذ احتجاج غير مسبوق.

وكانت فكرة الطلاب، هي شراء الطعام من متجر المنطقة، والاحتفاظ بإيصال الشراء، والجلوس على طاولة تناول الطعام، والتي كانت مخصصة للبيض فقط، والبقاء جالسين عليها، دون فعل شيء، وهو ما دفع إدارة المطعم للطلب منهم مغادرة المكان والتوجه إلى القاعة المخصصة للسود، وإلا فإنهم سيستدعون الشرطة وهو ما حصل.



لكن رجل الأعمال الأبيض جونز، كان دعا وسائل الإعلام سرا، للحضور إلى المكان، بالتزامن مع بدء الاحتجاج، وبالفعل وصلت الشرطة، ولم تتمكن من فعل شيء، خاصة وأن الطلبة اشتروا الطعام بأموالهم، وصورهم خلال الاحتجاج تظهر أن يجلسون فقط، وهو ما فجر الاحتجاجات على محاولة طردهم.

واشتعلت الاحتجاجات في كافة أنحاء الولايات المتحدة، ونظمت اعتصامات في أماكن تناول الطعام، وفي اليوم التالي، عاد فريق غرينسبورو الأربعة إلى طاولة الغداء في مطعم وولورث، برفقة حوالي 20 طالبا جامعيا، وعلى مدى أيام كان العدد يتصاعد ومقاعد المطعم تمتلئ بالسود، ووصلت الأمور إلى حد جلوس الطلبة خارج المكان من شدة الاكتظاظ.

وخلال أسابيع من غضب الطلبة السود ومناصريهم من التمييز العنصري، في المطاعم، ألغيت إجراءات الفصل العنصري، في كافة مطاعم جنوب الولايات المتحدة، وبالتدريج امتدت التغييرات إلى كافة أنحاء الولايات المتحدة.



انتفاضة طلاب سويتو جنوب أفريقيا

على وقع الفصل العنصري، الممارس من قبل البيض في جنوب أفريقيا، والاضطهاد الواسع، بدأ طلاب المدارس العامة السود، انتفاضة ضد الظلم عام 1976.

ففي جوهانسبرغ، خرج آلاف الطلبة الأفارقة، للاحتجاج في مسيرة سلمية، على قانون فرض اللغة الأفريكانية عليهم، لكن الشرطة واجهتهم بعنف غير مسبوق، واستخدمت الرصاص الحي، وقنابل الغاز المسيل للدموع، ما تسبب في مقتل عدد منهم، وفجرت الغضب العالمي صورة طالب ثانوية يحمل جثة الطفل، هيكتور بيترسون.

ورغم أن الغضب تصاعد في جنوب أفريقيا، وارفعت حصيلة الضحايا، إلا أن الاحتجاجات امتدت إلى الولايات المتحدة، وخرج آلاف الطلبة في جامعة كاليفورنيا، عام 1985، للاحتجاج على جرائم الفصل العنصري بحق السكان الأصليين، ورفض العلاقات الاقتصادية للجامعة مع نظام الفصل العنصري.

وتصاعدت حملة الطلبة وامتدت إلى جامعات أخرى في الولايات المتحدة، واعتصم طلبة كاليفورنيا داخل الحرم الجامعي، وحاصروا المباني، وأجبرت الاعتصامات الجامعات مثل كولومبيا وكاليفورنيا، على سحب استثمارات بمليارات الدولارات، من شركات مرتبطة بنظام الأبارتايد في جنوب أفريقيا، وهو ما أسهم بعدها بسنوات في تفكيكه.



مذبحة اعتصام جامعة كينت
في خضم الغزو الأمريكي لفيتنام، ومع قرر الرئيس ريتشارد نيكسون المفاجئ، غزو كمبوديا، تصاعد غضب الطلاب، على ما اعتبروه خداعا من الرئيس، خاصة في جامعة ولاية كينت، والذي انتهى بصورة دموية.

فعلى مدى أيام، احتشد آلاف الطلبة، في حرم جامعة ولاية كينت، للاحتجاج على قرار نيكسون توسيع الحرب، باتجاه كمبوديا، رغم وعده بإنهائها في فيتنام، وأدت إضرابات الطلاب، إلى الإغلاق المؤقت للكليات والجامعات في أنحاء البلاد.

وفي 4 أيار/مايو، بدأ احتشاد كبير، بعد أيام من المواجهات مع الشرطة، ورغم محاولة الجامعة نزع فتيل المواجهة، إلا أن حاكم الولاية استدعى الحرس الوطني، وهي بمثابة جيش الولاية، وتتبع الحاكم بصورة مباشرة، ومع نهاية اليوم كانوا أمام 3 آلاف طالب.

ومع بدء المناوشات نتيجة تقدم الحرس الوطني، لفض اعتصام الطلبة، وقع تراشق بالحجارة، لكن أوامر صدرت لهم بصورة مفاجئة بالتراجع، لكن ما إن ابتعدوا، حتى قاموا بإطلاق النار بصورة مباشرة بكثافة على المعتصمين.



وخلال 13 ثانية، أطلقت 70 رصاصة على الطلاب، ليقتل 4 منهم على الفور، وهم جيفري ميلر، وأليسون كراوس، وويليام شرودر، وساندرا شوير وأصيب 9 آخرون.

وبعد محاكمات وتحقيقات استغرقت قرابة 9 سنوات، تم إدانة عناصر في الحرس الوطني، بجريمة قتل الطلبة،و دفعت تعويضات تقارب من نصف مليون دولار في حينه.



مذبحة تلاتيلولكو في المكسيك

على وقع تدخلات الولايات المتحدة، في السياسة بالمكسيك، ثار غضب طلبة الجامعة الوطنية المستقلة، والمعهد الوطني للفنون التطبيعية، وشرعوا في سلسلة فعاليات احتجاجية في الشارع وفي جامعات أخرى، لإجبار الحكومة على وقف تلك التدخلات.

وتصدت حكومة الحزب الثوري المؤسسي المدعوم من الولايات المتحدة، للطلبة المتظاهرين، وشرعت في إجراءات قمع سياسي واجتماعي عنيفة، حيث جرت اعتقالات واسعة، وإطلاق نار على الطلبة المحتجين.

وقبل حفل افتتاح الألعاب الأولمبية الصيفية في عام 1968، في تلاتيلولكو في مكسيكو سيتي، فتحت القوات المسلحة، النار على مجنوعة من المدنيين العزل، المتحجين على إقامة الألعاب الأولمبية، وهو ما تسبب في تفجر الاحتجاجات على عمليات القتل.

لم تتوقف الحكومة عن أعمال القتل، وخرجت أرقام متضاربة، حول عدد الضحايا والتي وصلت إلى نحو 400، لكن مسؤول أمنيا، جرت محاكمته بعد سنوات، كشف عن عدد الضحايا، كان 1345، برصاص القوات المسلحة، المدعومة من الولايات المتحدة.

وفي عام 2003، كشف أرشيف الأمن القومي الأمريكي، حول تلك الفترة، أن الولايات المتحدة، كان لها دور في المذبحة بحق الطلبة، وارتبطت الوثائق بكل من وكالة المخابرات المركزية، ووزارة الخارجية والدفاع ومكتب التحقيقات الفيدرالي والبيت الأبيض.

وفي عام 2008، قرر مجلس الشيوخ المكسيكي، اعتبار يوم 2 تشرين أول/أكتوبر، تاريخ المجزرة، يوم حداد وطني كل عام، على الضحايا الطلاب ممن سقطوا على يد الجيش بدعم من الولايات المتحدة.



مظاهرات ساحة تياننمن

اندلعت في عام 1989، تظاهرات طلابية في الصين، للمطالبة بحرية التعبير وحرية الصحافة في البلاد، واختار الطلاب، ميدان السلام السماوي "تياننمن"، للتجمع واتخاذها مقرا للاعتصام.

وعقب وفاة الزعيم الشيوعي هيو ياوبانغ، الذي ينظر إليه على أنه أدخل إصلاحات ديمقراطية في الصين، دعا الطلاب خلال فترة الحداد عليه، في نيسان/أبريل 1989، إلى تشكيل حكومة أكثر ديمقراطية في البلاد، وبدأ الآلاف من الطلبة الاحتشاد في الميدان، وخلال أيام قليلة، قدر عدد الطلبة المتحجين بنحو 10 آلاف.

ومع تفاقم الاحتجاجات، لجأت الحكومة الصينية، إلى إعلان الأحكام العرفية، وصعد الطلبة من احتجاجهم بإعلان الإضراب عن الطعام، وهو ما انعكس على الوضع العام للبلاد، لدرجة أن الرئيس السوفيتي الراحل ميخائيل غورباتشوف، ألغى زيارة له إلى الميدان، واكتفي باستقباله في المطار.

ومن أجل إنهاء الاعتصام، الذي بدأت الحكومة تلمس أن الأوضاع تفلت من بين أيديها، قامت بإدخال 250 ألف جندي إلى بكين، مزودين بدبابات وناقلات جنود، ووقعت احتكاكات ومواجهات عنيفة، أحرقت خلالها ناقلات جنود ودبابات وآليات للجيش، وجرى تطويق الميدان واتخذ قرار بإنهاء الاعتصام بأي طريقة.

وفي 4 حزيران/يونيو، قررت السلطات إنهاء الاعتصام، وأعطيت الأوامر للجنود باقتحام الميدان، باستخدام الذخيرة الحية مع الطلاب، وبعد مواجهات عنيفة، تحدثت تقارير عن مقتل آلاف الطلبة والمعتصمين، إضافة إلى اعتقال قرابة 10 آلاف، جرى إعدام أعداد كبيرة منهم لاحقا بعد محاكمات.

وقادت تلك المذبحة إلى إدانات دولية، وفرض عقوبات اقتصادية من قبل الكونغرس الأمريكي على الصين، واتهامها بانتهاك حقوق الإنسان.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الاحتجاجات الطلابية الجامعات احتجاج طلاب جامعات المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة الفصل العنصری جنوب أفریقیا آلاف الطلبة وهو ما فی عام

إقرأ أيضاً:

آلاف المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى في عيد الفصح اليهودي (شاهد)

قالت مصادر فلسطينية إن أكثر من 3 آلاف مستوطن إسرائيلي اقتحموا المسجد الأقصى خلال الأيام الثلاثة الأولى من عيد الفصح اليهودي، وسط تصعيد خطير تمثل في تكثيف الاقتحامات وفرض قيود مشددة على دخول الفلسطينيين إلى البلدة القديمة في القدس.

ووفق ما أفادت به مصادر فلسطينية فإن الاقتحامات تجددت صباح الأربعاء، في رابع أيام العيد، حيث اقتحم 683 مستوطناً وعنصراً من شرطة الاحتلال ساحات المسجد الأقصى تحت حماية أمنية مشددة.
انتهاكات صارخة مستمرة .. المستوطنون يؤدون رقصات ويغنون عند أبواب المسجد الأقصى المبارك في رابع أيام الفصح العبري pic.twitter.com/X2dTr0w9nv — القسطل الإخباري (@AlQastalps) April 16, 2025
مئات المستوطنين يقتحمون مقبرة باب الرحمة ويؤدون طقوساً تلمودية تزامناً مع اقتحامهم المسجد الأقصى في رابع أيام عيد الفصح العبري pic.twitter.com/VNTg7zmzeN — القسطل الإخباري (@AlQastalps) April 16, 2025
كما أقدم عدد من المستوطنين على اقتحام مقبرة باب الرحمة، المحاذية للمسجد الأقصى، وأدوا طقوساً تلمودية في المكان.

وفي السياق ذاته، قال "مركز وادي حلوة" إن 3386 مستوطناً متطرفاً اقتحموا الأقصى خلال الأيام الثلاثة الأولى للعيد، في حين أكدت محافظة القدس أن سلطات الاحتلال حولت المدينة المقدسة وبلدتها القديمة إلى ثكنة عسكرية، لتمكين المستوطنين من تنفيذ اقتحاماتهم، تزامناً مع فرض قيود صارمة على الفلسطينيين، ومنع العديد من المصلين من دخول الأقصى واحتجاز بعضهم.


من جانبه، حذر خطيب المسجد الأقصى، الشيخ عكرمة صبري، من خطورة هذه التطورات، مؤكداً أن اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى، واقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير للحرم الإبراهيمي، يشكلان رسالة خطيرة تهدف إلى فرض وقائع جديدة على الأرض وتغيير هوية المقدسات الإسلامية في فلسطين.

خطيب المسجد الأقصى، الشيخ عكرمة صبري: استباحة آلاف المستوطنين للأقصى واقتحام بن غفير للحرم الإبراهيمي رسالة خطيرة لمحاولة فرض واقع جديد وتغيير هوية المقدسات. نحمّل حكومة الاحتلال كامل المسؤولية عن تدنيس الأقصى والحرم الإبراهيمي pic.twitter.com/PFWcD5Uhpl — القسطل الإخباري (@AlQastalps) April 16, 2025
وأضاف الشيخ صبري أن هذه الانتهاكات تمثل اعتداءً مباشراً على صلاحيات دائرة الأوقاف الإسلامية، وحمّل حكومة الاحتلال الإسرائيلي كامل المسؤولية عن تدنيس المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي.

وأشار إلى أن الاحتلال تجاوز كل الخطوط الحمراء، بالسماح بإقامة طقوس تلمودية داخل المسجد الأقصى، في استفزاز واضح لمشاعر المسلمين والمصلين. 

كما شدد على أن سلطات الاحتلال تواصل تحويل القدس إلى ثكنة عسكرية، وتفرض حصاراً مشدداً على مداخل الأقصى، داعياً الفلسطينيين في الداخل المحتل إلى شد الرحال إلى المسجد الأقصى للدفاع عنه.

وفي وقت سابق، أعلنت محافظة القدس أن أعداد المستوطنين الذين اقتحموا الأقصى خلال أول ثلاثة أيام من عيد الفصح لهذا العام قد تضاعفت مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، حيث بلغ عدد المقتحمين 494 مستوطناً في اليوم الأول، و1149 في اليوم الثاني، و1732 في اليوم الثالث، وسط حماية مكثفة من قوات الاحتلال الإسرائيلي.

كما تعرض العاملون في دائرة الأوقاف الإسلامية وخطباء المسجد الأقصى لحملة استهداف ممنهجة من قبل سلطات الاحتلال، شملت ملاحقتهم بسبب قيامهم بمهامهم الدينية والوظيفية داخل المسجد، وفرض قرارات بإبعاد عدد منهم عن الأقصى لفترات زمنية متفاوتة.


وفي سياق متصل، كثفت جماعات استيطانية متطرفة، وعلى رأسها جماعة "جبل الهيكل في أيدينا"، حملاتها الترويجية لحشد المستوطنين وتشجيعهم على اقتحام المسجد الأقصى، تزامناً مع عيد الفصح اليهودي. 

وشملت هذه الحملات توفير وسائل نقل بأسعار مخفضة، وتنظيم جولات مجانية، فيما أطلقت عليه الجماعة تسمية "أيام الاقتحامات المركزية"، بهدف تصعيد وتكثيف الوجود الاستيطاني داخل ساحات المسجد الأقصى.

مقالات مشابهة

  • أمير الرياض يرعى حفل تخرج الدفعة الـ 16 من طلبة جامعة الأمير سطام
  • طلبة مدارس الإمارات الوطنية يزورون مدرسة «بريماكوف»
  • اتحاد الطلبة يعقد جلسة تمهيدية لتشكيل أعضاء الهيئات الإدارية في جامعة حمص
  • آلاف المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى في عيد الفصح اليهودي (شاهد)
  • الولايات المتحدة تغلق العشرات من سفاراتها وقنصلياتها حول العالم
  • أكاديمية ربدان تستقبل طلبة من إندونيسيا والولايات المتحدة
  • ترجيح تفعيل منصة تسجيل طلبة الصف الأول منتصف حزيران
  • %90 نسبة حضور الطلاب مع انطلاق الفصل الدراسي الثالث
  • تعليقات تاريخية حول نزع سلاح المقاومة في غزة وردود واسعة (شاهد)
  • غزل المحلة يكرم الطلبة المتفوقين من الأيتام بالأزهر الشريف.. صور