NYT: القادة العرب يقمعون الاحتجاجات مع تزايد الغضب بشأن غزة
تاريخ النشر: 29th, April 2024 GMT
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تقريرًا تحدثت فيه عن الحزن والغضب الذي ولّدته حرب إسرائيل على غزة، ما أدى إلى اندلاع مظاهرات في جميع أنحاء العالم العربي -تعرّض المشاركون فيها للاعتقال- وهو دليل على أن الحكومات العربية تخشى أن يرتد الغضب عليها.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن مصر مثل غيرها من حكومات الشرق الأوسط لم تخجل من التعبير عن موقفها بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ولا تزال إدانتها لإسرائيل بشأن الحرب في غزة عالية ومستمرة.
ولكن في وقت سابق من هذا الشهر، عندما تجمّع مئات الأشخاص في وسط القاهرة للتظاهر تضامنا مع غزة، انقضت عليهم قوات الأمن المصرية واعتقلت 14 متظاهرًا، وذلك وفقا لمحاميهم. وفي تشرين الأول/ أكتوبر، نظّمت الحكومة مسيرات مؤيدة للفلسطينيين لكن اعتقلت الشرطة أيضًا عشرات الأشخاص بعد أن هتف المتظاهرون بشعارات تنتقد الحكومة. وقال محامو المعتقلين إن أكثر من 50 منهم ما زالوا خلف القضبان.
أشارت الصحيفة إلى أن هذا النمط يتكرر في جميع أنحاء المنطقة منذ أن شنّت إسرائيل، حربًا استمرت ستة أشهر في غزة، حيث يتحوّل حزن المواطنين العرب وغضبهم إزاء محنة غزة إلى قمع رسمي عندما يستهدف هذا الغضب قادتهم. وفي بعض البلدان، يكفي حتى العرض العلني للمشاعر المؤيدة للفلسطينيين للمخاطرة بالاعتقال.
التطبيع مع الاحتلال
وبعيدا عن مواكبة شعوبها فيما يتعلق بقضايا الفرص الاقتصادية والحريات السياسية، واجهت بعض الحكومات في العالم العربي منذ فترة طويلة استياءً متزايدا بشأن علاقاتها مع إسرائيل وحليفتها الرئيسية الولايات المتحدة. والآن، أدت حرب غزة ـ وما يعتبره العديد من العرب تواطؤَا من جانب حكوماتهم ـ إلى دق إسفين قديم بين الحكام والمحكومين بقوة جديدة.
حسب الصحيفة، يحاكم المغرب عشرات الأشخاص الذين اعتُقلوا خلال احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين أو بسبب منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تنتقد تقارب المملكة مع إسرائيل. وفي المملكة العربية السعودية التي تسعى إلى التوصل إلى اتفاق تطبيع مع إسرائيل، والإمارات العربية المتحدة التي أبرمت اتفاقا بالفعل، أظهرت السلطات حساسيةً مفرطةً تجاه أي تلميح للمعارضة لدرجة أن الكثير من الناس يخشون التحدث عن هذه القضية.
واعتقلت الحكومة الأردنية ما لا يقل عن 1500 شخص منذ مطلع تشرين الأول/ أكتوبر، وذلك وفقًا لمنظمة العفو الدولية. ويشمل ذلك حوالي 500 شخص في شهر آذار/ مارس، عندما نُظمت احتجاجات ضخمة خارج السفارة الإسرائيلية في عمان. بعد ذلك، قال رئيس مجلس الأعيان الأردني فيصل الفايز، إن بلاده "لن تقبل أن تتحول المظاهرات والاحتجاجات إلى منصات للفتنة". وفي الواقع، نادرا ما تتسامح الأنظمة الاستبدادية العربية مع المعارضة لكن النشاط حول القضية الفلسطينية شائك بشكل خاص.
وذكرت الصحيفة أنه على مدار عقود من الزمن، ربط الناشطون العرب النّضال من أجل تحقيق العدالة للفلسطينيين - وهي القضية التي توحد العرب من مختلف التوجهات السياسية من مراكش إلى بغداد ــ بالنضال من أجل الحصول على قدر أكبر من الحقوق والحريات في الداخل. فبالنسبة لهم، كانت إسرائيل تجسيدا للقوى الاستبدادية والاستعمارية التي أحبطت نمو مجتمعاتهم.
ونقلت الصحيفة عن عبد الرحمن سلطان، وهو كويتي يبلغ من العمر 36 سنة شارك في الاعتصامات دعما للقضية الفلسطينية منذ بداية الحرب، قوله إن "ما يحدث للشعب الفلسطيني يوضّح أساس المشكلة بالنسبة للعرب في كل مكان، وهي الاستبداد".
تسامحت الكويت في البداية مع بعض الاعتصامات لكن بالنسبة لبعض الحكومات العربية، فإن هذا الارتباط يثير المخاطر. لقد كانت الأعلام الفلسطينية مشهدا مألوفا في احتجاجات الربيع العربي التي اجتاحت المنطقة في سنة 2011. وفي مصر، حيث قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بقمع الاحتجاجات وإخماد معظم الانتقادات، تدرك السلطات دائما أن النشاط السياسي يمكن أن يرتد ضدها بسرعة. وحسب نبيه جنادي (30 سنة)، وهو محام حقوقي يمثل الناشطين الـ14 الذين اعتُقلوا في احتجاجات الثالث من نيسان/ أبريل في القاهرة: "اليوم خرجوا للاحتجاج من أجل فلسطين، وغدا قد يحتجون ضد الرئيس نفسه".
وقالت ماهينور المصري، محامية حقوق الإنسان التي انضمت إلى المظاهرة، إن الرسالة "هي أن الناس لا ينبغي أن يحلموا حتى بوجود أي هامش للحريات أو الديمقراطية، وأنه لا ينبغي أبدا أن كتسب الثقة ثم تتحرك نحو مطالب أكبر".
في المقابلات التي أجريت في جميع أنحاء مصر والمغرب ودول الخليج العربي – بما في ذلك السعودية والإمارات والبحرين وعمان والكويت – وصف العديد من المواطنين الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بعبارات صارخة، حيث نظروا إلى القضية الفلسطينية على أنها صراع من أجل العدالة، وإسرائيل كرمز للقمع، وفي بعض الحالات، يعتبرون تعامل حكامهم مع إسرائيل مفلساً أخلاقياً.
وأشارت الصحيفة إلى أنه بعد اتفاقيات البحرين والمغرب والإمارات لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، إلى جانب الخطوات السعودية نحو اتباع نفس النهج، أثارت الحرب الغضب في تلك الدول ليس فقط تجاه إسرائيل وإنما أيضًا تجاه القادة العرب الراغبين في التعاون معها. ومن جهتها، كثيرا ما وصفت الحكومات التي وقّعت اتفاقيات مع إسرائيل القرار بأنه خطوة نحو مزيد من الحوار الإقليمي والتسامح بين الأديان. وفي شباط/ فبراير، قالت الحكومة الإماراتية في بيان لصحيفة "نيويورك تايمز" إن إبقاء علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل مفتوحةً "مهم في الأوقات الصعبة".
لكن بسبب العداء أو في أحسن الأحوال اللامبالاة تجاه إسرائيل في أوساط الجمهور العربي الأوسع، هناك "علاقة مباشرة وضرورية" بين الاستبداد وتوقيع مثل هذه الاتفاقيات، على حد تعبير مارك لينش، أستاذ العلوم السياسية الذي يركز على الشرق الأوسط في جامعة جورج واشنطن. وتعزز هذا الانطباع حقيقة أن بعض دول الخليج العربية استخدمت أدوات المراقبة الإسرائيلية لمراقبة المنتقدين. وقالت مريم الهاجري، عالمة الاجتماع القطرية والناشطة المناهضة للتطبيع، إنه "إذا كان لدى الناس أي مساحة للانتخاب أو التعبير بشكل ديمقراطي، فلن يختاروا التطبيع مع إسرائيل".
وذكرت الصحيفة أن العديد من الحكومات العربية حاولت ترويض أو تسخير الغضب الشعبي من خلال خطاب ساخن يُدين إسرائيل بسبب الحرب. مع ذلك، يرى محللون أن هناك الكثير من الفوائد العملية للعلاقات مع إسرائيل. طوّرت مصر، أول دولة عربية تصنع السلام مع إسرائيل، شراكة أمنية وثيقة مع جارتها على امتداد سنوات من المكافحة المشتركة للتشدد في شمال سيناء. كما عملت مصر وإسرائيل معًا لحصار غزة لاحتواء حماس، التي تعتبر مصر أن انتماءها للإسلام السياسي المتشدد يشكل تهديدًا. وتحتاج مصر إلى تعاون إسرائيل لمنع تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين من غزة.
حافظت دول الخليج، بما في ذلك السعودية والإمارات، التي واجهت لسنوات هجمات من قبل الجماعات المدعومة من إيران، منذ فترة طويلة على اتصالات أمنية عبر القنوات الخلفية مع إسرائيل، التي تعتبر إيران أكبر تهديد لها. وقد مهّد العمل بمبدأ "عدو عدوي هو صديقي" الطريق لمحادثات التطبيع في وقت لاحق، ونادرا ما تكون هناك انتقادات لتلك المبادرات لأن العديد من الأنظمة الملكية الخليجية تحظر فعليا جميع أشكال الاحتجاج والتنظيم السياسي.
التنفيس عن الغضب
في الماضي، سمح بعض زعماء المنطقة لشعوبهم المحبطة بالتنفيس عن غضبهم من خلال الأنشطة المؤيدة للفلسطينيين والمناهضة لإسرائيل. ولكن الآن بعد أن تورطت الحكومات العربية في معاناة غزة في عيون العديد من مواطنيها، فإن الهتافات تخطت منطقة حساسة. انتقد بعض المصريّين حكومتهم لأنها، من بين أمور أخرى، سمحت لإسرائيل بأن يكون لها دور في توصيل المساعدات التي تشتد الحاجة إليها في غزة عبر معبر حدودي في مصر.
منذ تشرين الأول/ أكتوبر، يتجمع المغاربة في مظاهرات تضامنية كبيرة شبه يومية في حوالي 40 مدينة تجمع بين اليساريين والإسلاميين، صغارا وكبارا، رجالا ونساء. وفي الغالب، تركتهم السلطات وشأنهم. لكن قُمع عدد قليل من الاحتجاجات، وفقا لجماعات حقوقية وشهود، وتم اعتقال العشرات من المتظاهرين، بما في ذلك مجموعة من 13 شخصا في مدينة سلا وناشط حُكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات هذا الشهر لأنه انتقد اتفاق التطبيع المغربي مع إسرائيل على فيسبوك.
ونقلت الصحيفة عن صروح محمد، وهو محام في مدينة طنجة الساحلية وعضو في منظمة سياسية إسلامية، أنه "يتم اعتقال الناس لمجرد التعبير عن آرائهم". وأضاف أن المغاربة سيواصلون الاحتجاج طالما أن حكومتهم تتحدى المشاعر الشعبية للحفاظ على العلاقات مع إسرائيل. وبالنسبة للعرب فإن غياب الدعم الشعبي للعلاقات مع إسرائيل يعني أن أي اتفاقيات تطبيع محكوم عليها بالفشل.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية غزة الحرب قمع التطبيع غزة الاحتلال قمع التطبيع الحرب صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحکومات العربیة مع إسرائیل العدید من من أجل
إقرأ أيضاً:
تصعيد قانوني ضد الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين في أمريكا مع عودة ترامب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكدت شبكة NBC News الأمريكية أن الحركات الاحتجاجية المؤيدة للفلسطينيين في الولايات المتحدة، تواجه تحديات قانونية متزايدة مع اقتراب عودة الرئيس المُنتخَب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، إذ يتوقع أن تستخدم إدارته الجديدة مجموعة من التحقيقات الفيدرالية لملاحقة المتظاهرين وفرض عقوبات قانونية على منظمات الحقوق المدنية.
وأمضى الجمهوريون في الكونجرس والمسؤولين في إدارة ترامب السابقة العام الماضي، في تطوير استجابتهم للحركات الاحتجاجية ضد حرب إسرائيل على قطاع غزة، والآن مع عودته إلى واشنطن، باتوا يحذرون من أن قادة هذه الحركات والناشطين المشاركين فيها، وأولئك الذين يساعدونهم في جمع الأموال "قد يواجهون سيلاً من التحقيقات الفيدرالية والتُهم المحتملة".
وأشارت الشبكة إلى أن جلسات الاستماع والرسائل المتبادلة داخل الكونجرس، التي اطلعت عليها، إلى جانب الدعاوى القضائية التي رفعتها منظمات يقودها مسؤولون سابقون في إدارة ترامب، "تفتح نافذة على القوانين الفيدرالية التي قد تستخدمها إدارة الرئيس المُنتخَب الثانية في سعيها لهذه الملاحقات القضائية المحتملة".
وأوضحت الشبكة: "استناداً إلى ما رأيناه حتى الآن، فإن هناك العديد من التدابير القانونية التي من المرجح استخدامها بمجرد عودة ترامب إلى واشنطن، والتي يتمثل أحدها في ترحيل الطلاب الجامعيين الأجانب من الولايات المتحدة في حال وُجد أنهم دافعوا علناً عن حركة حماس (الفلسطينية) أو أي جماعة أخرى مُصنفة إرهابية من قبل واشنطن، أو في حال مشاركتهم في احتجاجات غير مُصرَح بها داخل الحرم الجامعي، أو تعرضهم للفصل أو السجن".
وتابعت: "هناك إجراء آخر يتمثل في الملاحقة على المستوى الفيدرالي للمتظاهرين الذين قد يغلقون مداخل المعابد اليهودية أو يعطلون المتحدثين اليهود في الفعاليات المختلفة، أما النهج الثالث فيتمثل في توجيه الاتهامات إلى قادة الاحتجاجات والمنظمات غير الربحية التي تساعدهم في جمع الأموال بعدم التسجيل لدى وزارة العدل الأمريكية باعتبارهم (وكلاء لأطراف أجنبية)، وأخيراً، يمكن فتح تحقيقات مع قادة الاحتجاجات الذين يتواصلون بشكل مباشر مع جماعات مُصنَفة إرهابية من قبل الولايات المتحدة بينما يدافعون عنها".
ورأت الشبكة أن تبني هذا النهج "متعدد الأوجه" في إنفاذ القانون يمثل تغيراً كبيراً عن استجابة إدارة الرئيس جو بايدن للحركات الاحتجاجية، لافتة إلى أن بعض منظمات الحقوق المدنية الرائدة في الولايات المتحدة أخبرتها أنها تستعد بالفعل لمواجهة سيل من المعارك القانونية لحماية المحتجين.