بتجرد:
2025-04-26@11:44:32 GMT

نتفليكس تبرر الإبادة والاحتلال في Testament: The Story of Moses

تاريخ النشر: 29th, April 2024 GMT

نتفليكس تبرر الإبادة والاحتلال في Testament: The Story of Moses

متابعة بتجــرد:هناك مشكلة بين الدراما والتاريخ، يمكن أن نراها في المناقشات التي وصلت إلى حدود المشاجرات حول أعمال درامية تاريخية عرضت خلال العام الماضي، من Oppenheimer وNapoleon إلى “الحشاشين” وغيرها.

وسبب هذه المشكلة عادة هو تعامل معظم الناس مع التاريخ، باعتباره علما له أصوله، واعتبارهم أن ما تذكره المصادر التاريخية حقيقة لا لبس فيها، لا ينبغي تشويهها أو التلاعب بها.

ولكن مهما كان صناع الفيلم أو الدراما مخلصين للتاريخ، فإن مجرد تحول القصة التاريخية المجردة، مثل هيكل عظمي، إلى عمل درامي من لحم ودم: حبكة وشخصيات وحوار ودوافع وصراع وممثلين وزاوية كاميرا وحجم لقطة وتكوين وألوان ومونتاج، فإن “الموضوعية التاريخية” تتنحى جانباً، تاركة المجال لوجهة النظر الذاتية، المنحازة، لهذا التاريخ.

بين الديني والدرامي

تزيد الإشكالية حين نتحدث عن النصوص الدينية، التي تحمل، وفقا لأتباع كل دين، “الحق المطلق”، ولا تعترف بالتاريخ أو الجغرافيا أو البيولوجي أو سائر العلوم، إلا بقدر ما تؤكد وتخدم هذا الحق المطلق، ذلك أن الهدف من هذه النصوص ليس المعلومة، بل الدرس الروحي والأخلاقي المستخلص من القصة.

هنا تفعل الدراما شيئاً في غاية الغرابة، هو عكس ما تفعله مع النصوص التاريخية، إذ تحول النص الديني الرمزي الميتافيزيقي إلى “تاريخ”، وتزداد الخطورة خطراً حين تطلب من المشاهدين أن يتعاملوا مع هذا النص باعتباره “تاريخاً” مطلقاً!

المسلسل الأكثر خبثاً

وعلى حد مشاهداتي وعلمي لا يوجد عمل روائي أو وثائقي قام بخلط الأوراق بين الدراما والدين والتاريخ، وتلاعب بهم جميعاً، من أجل أغراض سياسية خبيثة، مثلما فعل هذا العمل المسمى بـ Testament: The Story of Moses أو “العهد: قصة موسى”، الذي أنتجته وتعرضه منصة “نتفليكس” حالياً.

هذا عمل شائه، مشوه، يمثل أسوأ ما يمكن أن يصل إليه “التهجين” الفني، الذي أصبح “موضة” وإتجاها في عصرنا، حيث يختلط الروائي والوثائقي والتحريك وحتى برامج الكاميرا الخفية، بحجة الحرية والتجريب والابتكار، وأحياناً بدافع الخيبة والتشوش، وأحيانا، كما في حالة Testament: The Story of Moses، بهدف التزييف وتبرير السرقة والإبادة والاحتلال.

عادة ما يسبق مثل هذه الأعمال الهجينة، التي تخلط الروائي بالوثائقي، والتاريخي بالدرامي، تنويه أحيانا ما يقصد به تنبيه المشاهد إلى التعامل مع العمل بحذر، وغالباً ما يقصد به التهرب من المسئولية والمراوغة من تبعات خلط  الوثائقي بالتخيلي. وهكذا يستهل مسلسل Testament: The Story of Moses حلقاته الثلاثة بالعبارة التالية:

 “هذا المسلسل استكشاف درامي لقصة موسى والخروج، مدموجاً بوجهات نظر عدد من علماء دين ومؤرخين من ديانات وثقافات مختلفة، والهدف من مساهمتهم هو إثراء السرد، ولكن لا يجب اعتبارها شيئا عليه إجماع”.

أجندة التعصب

في حوالي 4 ساعات يمزج المسلسل بين الروائي التمثيلي، وآراء عدد ممن يطلق عليهم رجال دين ومؤرخين، المختارين بعناية، ليس وفقا لكفاءتهم، ولكن لخدمة “الأجندة” السياسية والدينية المتعصبة التي يعتمدها المسلسل، مستغلاً قصة النبي موسى، المذكورة في الأديان الإبراهيمية الثلاثة، لا ليشيع نوعاً من الحوار والمحبة المتبادلة أو الدعوة للتعايش، ولكن ليبرر لبني “إسرائيل” كراهية جيرانهم وقتلهم واغتصاب أراضيهم وأموالهم وحياتهم.

يزعم المسلسل أن فرعون الكتب الدينية هو رمسيس الثاني، أعظم ملوك مصر، بالرغم من أنه لا يوجد مصدر “ديني” واحد يشير إلى اسم الفرعون، أو إلى وقائع أو تفاصيل تشير إلى عهد رمسيس الثاني، كما لا يوجد مصدر تاريخي واحد يشير إلى أي وقائع من قصة موسى حدثت في زمن رمسيس، وأبسط شئ، فقد قتل فرعون موسى في البحر الذي انشق ثم انغلق على الفرعون وجيشه، أما رمسيس الثاني فجثته دفنت في وادي الملوك مع بقية عظماء الملوك المصريين، ثم تم نقله إلى مكان أكثر أماناً، وجثته موجودة حالياً في المتحف الكبير.

ولكن كل هذا ليس مهما بالنسبة لهوليوود، واللوبي الصهيوني، الذين يروجون أكذوبة أن رمسيس هو فرعون موسى في أفلام ومسلسلات وروايات وكتب تفيض بالأكاذيب.

يقارن أحد الحاخامات، الذين يستعين بهم المسلسل كشهود عدل، بين رمسيس وهتلر.

المقارنة ليست فقط فاسدة تاريخياً، ولكنها أيضا تلوح بلافتة إضطهاد النازي لليهود، التي تستغل منذ أكثر من 80 عاماً لتبرير الجرائم والمظالم التي ترتكبها الآلة الحربية الصهيونية، وهذا التلاعب الدعائي الفج، من قبل المسلسل وضيفه، هو الذي يذكر بما كانت تفعله الآلة الإعلامية للنازي.

أكاذيب بالجملة

يحفل المسلسل بكثير من هذه الإشارات الخبيثة، اليهود كانوا مستعبدين في مصر لمدة 400 سنة، بالرغم من أن التاريخ والوثائق والصور المصرية لا تذكر شيئاً عن ذلك، وعندما تسأل إحدى شخصيات المسلسل (الخيالية) عن سبب إصرار الفرعون على عدم تحرير بني إسرائيل، يجيبه موسى (المسلسل)، لأن ذلك سيعني تحرير بقية العبيد مثل النوبيين والحثيين.

وهكذا يحاول صناع العمل الإيقاع بين المصريين وبعضهم، ويذكر جنساً آخر اسمه الحثيين، ليس معروفاً من هم، علما بأن الحيثيين، وهم شعب آسيوي تنافس مع الإمبراطورية المصرية على أراض في آسيا، لم يكن لهم وجود في مصر، صحيح أن الكتب الدينية تذكرهم، ولكن قد يكون هذا برهاناً على النظرية التي تقول بأن الأحداث التي تشير إليها التوراة جرت في أرض آسيوية، وليس مصر الحالية، حيث أنه كان للإمبراطورية المصرية امتدادات في جنوب وشمال آسيا.

لا يمانع المسلسل، مثل كثير من الأعمال “التاريخية” التي تصدرها هوليوود و”نتفليكس” مؤخراً، باستخدام مواقف وشخصيات “عصرية” (على طريقة مسلسل Bridgerton، الهزلي عن عمد)، مثل وجود عبيد أفارقة بين بني إسرائيل (ربما لتبرير سردية ما يطلق عليهم الفلاشا الإثيوبيين، الذين أدعت إسرائيل أنهم يهود لتغريهم بالهجرة إليها، والذين ثاروا في 2015 ضد الممارسات العنصرية ضدهم في إسرائيل!).

لا يمانع المسلسل أيضاً من تصوير الطفل موسى وهو يتعرض للتنمر من أصحابه، أبناء النبلاء المصريين، لإنه لا يشبههم، ولا يمانع من تصوير نساء مثل زوجة موسى وأخته وأمه وهن يخطبن في الرجال، أو يتخذن قرارات وأفعال، لم يكن لإمرأة في ذلك العصر أن تتخذها، وإليك مثلا الجملة التي ترد بها أخت موسى عليه حين يتحدث التسامح والحب: “لم يكن الحب ليخرجنا من مصر”. تقول ذلك وهي تمسك بالسكين استعدادا لقتل “الأعداء”.

وهذا نموذج آخر على الترويج للقتل والكراهية اللذين يبثهما العمل، لا يمانع المسلسل أيضاً من تصوير قبلة فرنسية في عرس موسى وزوجته الميدانية، وقصة هذه الزوجة غريبة بعض الشئ، إذ يعني ذلك أن أبناء موسى لديهم دماء مختلطة سامية وحامية (إفريقية)، وهو أمر يحتاج إلى علماء الجينات، كما يدحض فكرة النقاء اليهودي والعداء للسامية.

أسئلة معلقة

النصوص الدينية هي روحية ورمزية بالأساس، وتحويلها إلى قصص روائية أو تاريخية يتسبب في بلبلة وأسئلة لا إجابات منطقية لها، علما بأننا هنا نسائل المسلسل لا النص الديني. ومن الأسئلة التي يثيرها المسلسل، دون أن يجيب عليها، هل اسم “موسى” عبري أم مصري؟ من المعروف أن أميرة فرعونية تبنته وأطلقت عليه هذا الاسم المصري، ولكن ما هو اسمه العبري؟ علما بأن الاسم يعني بالعبري “ابن الماء”. وما هو اسم الأميرة التي تبنته؟ يعتمد المسلسل اسم “بيتيا” (التي تعني بالعبرية ابنة الفرعون أو الرب) المذكور في التوراة، ولكن ما هو اسمها المصري؟ يجب الإشارة أيضا إلى هناك أسماء أخرى لها، وكذلك عدة أسماء لأم موسى اليهودية “الأصلية”، في المراجع الدينية المختلفة. هناك أيضا قصة إصدار الفرعون أوامر بقتل كل أبناء اليهود لتبرير القاء موسى في الماء ووصوله إلى يد الأميرة التي تتبناه، ونجدها تتكرر في تبرير هرب السيدة مريم وزوجها يوسف بالنبي عيسى من بيت لحم إلى مصر.

ولا يوجد أي مرجع تاريخي يقول إن ذلك حدث في زمن الفراعنة أو في عهد الحاكم الروماني هيرودس على فلسطين، كما لا يوجد أي مرجع يشير إلى الضربات العشر أو انشقاق البحر الأحمر، والمشكلة أن هذه القصص التي قد تكون رمزية وروحية أكثر منها حرفية، تضعنا أمام عدد من المشكلات الدرامية في المسلسل، وعندما يحاول صناع العمل حلها، يقعون في مشاكل أكبر. 

تعاني دراما المسلسل من خلل في البناء وكثير من الأحداث غير المنطقية، من ضمنها مثلا: يتساءل أحد “الخبراء” الذين يستعين بهم المسلسل كيف يمكن أن تستغرق رحلة بني إسرائيل من سيناء إلى “الأرض الموعودة” أربعين عاما من التيه، في حين أنها لا تستغرق سيرا على الأقدام سوى عشرة أيام؟!

على المستوى الروائي يعاني “العهد: قصة موسى” من ثغرات ونقاط ضعف كثيرة، بجانب التمثيل والإخراج السيئين، أما على المستوى الوثائقي، فثغراته ونقاط ضعفه تصل إلى درجة الجريمة المقصودة!

main 2024-04-29 Bitajarod

المصدر: بتجرد

كلمات دلالية: قصة موسى لا یمانع لا یوجد

إقرأ أيضاً:

شهداء بمدينة غزة والاحتلال يواصل تهجير السكان

شنت الطائرات الإسرائيلية فجر اليوم السبت غارات على مدينة غزة أوقعت شهداء ومصابين، بينما واصلت قوات الاحتلال تهجير الفلسطينيين من مناطقهم بالقطاع.

فقد أفاد مراسل الجزيرة باستشهاد 4 أشخاص وإصابة آخرين إثر قصف جوي إسرائيلي استهدف منزلا في حي الصبرة جنوبي مدينة غزة.

كما قصفت المقاتلات الإسرائيلية في وقت مبكر اليوم منزلا في مخيم الشاطئ غربي مدينة غزة، وأسفر ذلك عن استشهاد 3 وإصابة آخرين.

وبالتزامن قصفت المدفعية الإسرائيلية المناطق الشرقية للمدينة، كما فتحت الآليات الإسرائيلية المتوغلة النار في تلك المناطق.

وقالت مصادر فلسطينية إن قوات الاحتلال نفذت فجر اليوم عمليات نسف للمباني في المناطق الشرقية لمدينة غزة.

ويتوغل الجيش الإسرائيلي في عدد من الأحياء الشرقية على غرار الشجاعية والتفاح.

قصفٌ إسرائيلي يستهدف مجددًا مدرسة الفارابي وسط مدينة غزة، والتي تؤوي نازحين، ما أسفر عن ارتقاء 3 شـ.ـهداء وعدد من الجرحى.
ويُشار إلى أن المدرسة كانت قد تعرّضت لقصف سابق، أدى لاستـ.ـشهاد عائلة كاملة مكونة من 7 أفراد.#الجزيرة #فيديو pic.twitter.com/v34OxNpV1g

— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) April 25, 2025

وكان الطيران الحربي الإسرائيلي استهدف أمس الجمعة مدرسة تؤوي نازحين في منطقة اليرموك وسط مدينة غزة وهذا أسفر عن استشهاد 3 وإصابة آخرين.

إعلان

وفي وسط القطاع، قصفت مدفعية الاحتلال فجر اليوم مناطق شرق مخيم النصيرات.

وأوقع القصف الإسرائيلي أمس الجمعة 48 شهيدا بينهم 19 قضوا في غارتين على منزلين بمنطقتي مرتجى والفخاري بمدينة خان يونس جنوبي القطاع.

ومنذ استئناف الحرب الإسرائيلية على غزة في 18 مارس/آذار الماضي، استشهد أكثر من ألفي فلسطيني وأصيب نحو 4500 آخرين، وفق بيانات السلطات في القطاع.

فلسطينيون هجّرهم جيش الاحتلال الإسرائيلي من بيت حانون شمالي قطاع غزة (الفرنسية) تهجير مستمر

في غضون ذلك، هدد الجيش الإسرائيلي أمس بمهاجمة المزيد من أحياء مدينة غزة.

فقد أمر الجيش الإسرائيلي سكان مناطق التركمان والجديدة وشمال شرق حي الزيتون بمغادرتها إلى المناطق الغربية من مدينة غزة بذريعة أن مقاومين فلسطينيين يشنون هجمات من داخلها.

وكان الجيش الإسرائيلي هجّر قبل ذلك آلاف الفلسطينيين من عدة أحياء تقع شرقي غزة، خاصة حي الشجاعية والتفاح، كما أجبر الآلاف على النزوح من بيت حانون ومناطق مجاورة شمالي القطاع.

وقالت هيئة البث الإسرائيلية أمس إن الجيش يستعد لتوسيع كبير للقتال بغزة واحتلال مناطق إضافية في أنحاء القطاع وتكثيف الغارات، مشيرة إلى أن الجيش والأجهزة الأمنية يعتقدان بأنه لا مفر من رفع مستوى العمليات وزيادة الضغط.

الأونروا: نحو نصف مليون شخص نزحوا في #غزة خلال الشهر الماضي، وأوامر التهجير الإسرائيلية لا تترك للفلسطينيين سوى أقل من ثلث مساحة القطاع للعيش فيها#حرب_غزة pic.twitter.com/nRKMu4mNAv

— قناة الجزيرة (@AJArabic) April 26, 2025

وهدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس وقائد الأركان إيال زامير وآخرون بتكثيف القصف واحتلال المزيد من الأراضي داخل القطاع بذريعة ممارسة أقصى الضغوط على حركة حماس.

وقال الجيش الإسرائيلي أمس إنه يخطط لاستدعاء مزيد من جنود الاحتياط في الأيام المقبلة.

إعلان

وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن الجيش الإسرائيلي احتل حتى الآن أكثر من نصف مساحة قطاع غزة، وذلك وفقا لخرائط نشرها الجيش واستندت إليها الوكالة.

مقالات مشابهة

  • الأونروا: أكثر من 3 آلاف شاحنة مساعدات جاهزة لدخول غزة والاحتلال يمنعها
  • عاجل | رئيس الحكومة الباكستانية: السلام مقصدنا ولكن يجب ألا يعتبر هذا ضعفا
  • شهداء بمدينة غزة والاحتلال يواصل تهجير السكان
  • 38 شهيدا والاحتلال ينذر 3 مناطق بمدينة غزة بالإخلاء
  • مورينيو يقترب من الظهور في مونديال 2026.. ولكن ليس مع البرازيل!
  • 18 مستشفى في غزة خارج الخدمة والاحتلال يستهدف المرافق الطبية
  • وكيل الأزهر: المرأة أكثر حظا في الإسلام ولكن لمن يفهم الأحكام التشريعية
  • هاجر الشرنوبي: «ممكن أقدم أدوار إغراء ولكن بدون تلامس»
  • نتفليكس تطرح البرومو الرسمي للموسم الثاني من مسلسل “Wednesday”
  • محمد فاضل: حصلت على جائزة النيل للفنون ولكن تكريم ماسبيرو له طعم خاص