أول بطلة تروي قصتها لـ الحرة.. السعوديات يقتحمن سباقات الهجن
تاريخ النشر: 29th, April 2024 GMT
منذ وصول الأمير محمد بن سلمان لولاية العهد في السعودية عام 2017، مُنحت المرأة السعودية حقوقا لم تكن تحظى بها سابقا، مما فتح الأبواب أمام النساء لخوض مجالات جديدة.
وخلال السنوات الأخيرة، بدأت النساء السعوديات بالمشاركة في المنافسات الرياضية من كرة القدم مرورا بالتنس وصولا إلى بقية الرياضات الأولمبية الأخرى، لكن المرأة بالمملكة الخليجية المحافظة اقتحمت مؤخرا رياضة كانت محصورة فقط على الرجال.
وباتت الهجانة، ريما الحربي، أول سعودية تتوج بسباق على مستوى رياضة الهجن التراثية وذلك بعد فوزها، الأسبوع الماضي، بالشوط المخصص للسيدات لمسابقة كيلومترين في كأس العلا.
وفي حديث لموقع قناة "الحرة"، تصف الحربي لحظة تتويجها قائلة: "كان ينتابني شعور مليء بالفخر" عقب هذا اللقب، موضحة أن رياضة الهجن بالنسبة لها "كانت شغفا منذ الطفولة".
"النساء في تزايد"وشارك في السابق المخصص للنساء 22 هجانة، نصفهن سعوديات، بحسب المتحدث الرسمي باسم كأس العلا للهجن، مرضي الخمعلي، الذي يشير في حديثه لموقع "الحرة" إلى أن أعداد النساء المشاركات في تزايد.
ويضيف: "الاتحاد (السعودي للهجن) يدرك أن هذه الرياضة شاملة للجميع، ولا يوجد ما يمنع من مشاركة النساء فيها".
واستطرد: "كثير من الفارسات في سباقات الخيل والقدرة الآن في طور التجهيز للمشاركة في سباقات الهجن؛ لأنها (رياضة) ممتعة وجاذبة والجوائز فيها محفزة، إضافة إلى أنها آمنة حتى لو سقطت الهجانة".
وتبلغ مجموع الجوائز في النسخة الثانية من كأس العلا للهجن 80 مليون ريال سعودي (21.3 مليون دولار)، في أكبر دائزة تقدم في سباقات الهجن حول العالم، كما تقول اللجنة المنظمة في بيان سابق.
وولدت الحربي (28 عاما) في عائلة شغوفة بعالم الإبل بالمدينة المنورة (غربي المملكة)، إذ كان جدها الراحل يشارك في مسابقات مختلفة، بما في ذلك جَمال الإبل المعروفة محليا باسم "المزاين"، مما جعلها تتعلق بهذه الهواية منذ الطفولة.
وتقول الحربي: "بدأت ركوب الهجن بحكم امتلاك عائلتي لها منذ كان عمري 3 سنوات وكان جدي من يشجعني على ذلك، لدرجة أن المطايا (تلك الهجن) أصبحت بمثابة صديقاتي".
وتستذكر مرحلة الطفولة بقولها: "حين أصبحت في السابعة من عمري دخلت ميادين الهجن ولكن كهواية على اعتبار أن سباقات الهجن في ذلك الوقت تقام على مستوى شعبي بين القبائل"، مردفة: "خلال ذلك الوقت لم تكن هناك فعاليات ترفيهية أو ألعاب فكنا نتسلى بركوب الهجن والخيل ونقضي أوقاتنا معها".
وتأسس الاتحاد السعودي للهجن في عام 2018 "للمحافظة على الموروث وتطوير الاقتصاد السعودي من خلال الارتقاء برياضة سباقات الهجن إلى معايير عالمية، تتناسب مع تحقيق رؤية المملكة 2030"، حسبما يذكر موقعه الرسمي.
ويقول الخمعلي إن مشاركة النساء في مسابقات الهجن تأتي استكمالا للتحول في السعودية بتمكين المرأة من دخول كافة المجالات، ومنها الرياضة، لافتا إلى أن سباقات الهجن ليست حصرا على أحد، إن كان مالكا أو راكبا.
ويضيف أن "مشاركة النساء بدأت العام الماضي في مهرجان ولي العهد بالطائف، وكان العدد لا يتجاوز 15 مشاركة قبل أن يزيد في كأس العلا هذا العام".
وأشرف محمد بن سلمان على إصلاحات اجتماعية واسعة من بينها رفع حظر قيادة المرأة للسيارة وتخفيف ما يسمى قواعد "الوصاية" التي تمنح الرجال سلطة على قريباتهم، علاوة على إنهاء العمل بالقوانين التي تتطلب الفصل بين الجنسين في الأماكن العامة، وارتداء العباءة السوداء.
ومنذ ذلك الوقت، ارتفعت نسبة النساء العاملات في السعودية من 16 بالمئة عام 2016 إلى 35 بالمئة في نهاية 2023، وفقا لوكالة فرانس برس.
انتقادات وأصوات معارضةوتقول الحربي إنها شاركت في مسابقات الخيل واستطاعت تمثيل المملكة في بطولات الحواجز، لكن شغفها بالهجن ووصية جدها الراحل دفعا بها إلى دخول هذه الرياضة على الرغم من الانتقادات. وتذكر أن جدها كان "حريصا ألا أترك الهجن".
وتروي الحربي قصتها قائلة إنها "حضرت سباقات الهجن الرسمية بعد تأسيس الاتحاد السعودي كمتابعة وعاشقة" لهذه الرياضة التراثية، مشيرة إلى أنها ذهبت بنفسها لمقر الاتحاد وطلبت المشاركة في سباقات الهجن الخاصة بالرجال.
وتستذكر ذلك الموقف: "كان لديهم استغراب بأن بنت ترغب في ركوب الهجن ... وعندما حصلت على الموافقة وشاركت بالفعل كان هناك كثير من الناس انتقدني ولم تتقبل هذه المسألة بمن فيهم بعض ملاك الهجن".
وتوضح أن تلك الانتقادت لم تثنيها عن شغفها على اعتبار أن ذلك الشيء "لم يعتد عليه المجتمع في الخليج والدول العربية"، مضيفة أن "الانتقادات لم تؤثر فيني وردي كان بتحقيق الإنجاز في الميدان".
ويذهب الخمعلي في الاتجاه ذاته قائلا إن "أي شيء جديد يحظى بأصوات معارضة"، مستشهدا بقيادة المرأة للسيارة وقبل ذلك المعارضة للقنوات الفضائية قبل عقدين من الزمن.
ويتابع: "هناك من يرى أن المرأة مكانها البيت، وهي مقولة ليست صحيحة ... النساء اللواتي شاركن (في كأس العلا) كان أهاليهن موجودين معهن وهذا أكبر رد على المنتقدين".
أما الحربي التي لديها طموحات مستقبلية، فتأمل أن ترى نفسها "بطلة للعالم" في هذه الرياضة التراثية التي تتمنى أن تحظى باعترافا أولمبيا.
وتختم حديثها لموقع "الحرة" قائلة إن هناك كثير من الرياضات السهلة نسبيا، لكنها اختارت الهجن "الرياضة الأصعب"؛ لأن لها "تاريخ وحاضر ومستقبل، وتتميز عن باقي الرياضات ... الهجن رياضة أجدادانا ولسنا دخلاء عليها وهي كانت وسيلة للسفر في قديم الزمان. هذا شغفي".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: سباقات الهجن هذه الریاضة کأس العلا فی سباقات إلى أن
إقرأ أيضاً:
مساجد الشارقة.. متاحف تروي قصة الإسلام بفنون العمارة
الشارقة: «الخليج»
تتميز إمارة الشارقة بتنوعها العمراني الفريد الذي يجسد حواراً بين الحضارات الإسلامية عبر العصور، وتبرز مساجد الإمارة كجوهرة معمارية تروي قصصاً تاريخيةً بطرزها المتنوعة بين العثماني والأندلسي والفاطمي والمملوكي والتراثي المحلي والحديث، مما يجعلها منارة ثقافية مميزة.
وتحتضن الإمارة ما يقرب من 3200 مسجد ومصلى تُجسد روعة التصميم الإسلامي، وتبرز رؤى وتطلعات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في دعم بناء وتشييد وعمارة المساجد التي تخدم المجتمع، وتخلد إرث الإمارة الحضاري، حتى أصبحت أيقونات تحكي قصص الحضارات السابقة بعمارتها، وتُلامس قلوب المصلين بروحانيتها.
تُجسد مساجد الشارقة لوحةً فنية معمارية تزهو بتنوعها، ففي كل مسجدٍ نرى ملامح تراثية أصيلة ممزوجة بلمسات عصرية، تعكس عناية الإمارة بالهوية الإسلامية من جهة، واهتمامها بالتطوير الجمالي من جهة أخرى. ومع اختلاف أحجامها ومواقعها، تظل هذه المساجد مراكز إشعاع روحانية وثقافية مهمة، تعكس تاريخ الإمارة.
ولم تكن هذه المساجد مجرد أماكن للعبادة، بل متاحف حية تروي قصة الإسلام عبر فنون العمارة، وهذا التنوع يكرس مكانة الإمارة كجسر بين الماضي والحاضر، وشاهد على إرث إنساني متناغم، مما يجعلها وجهة جذب للزوار والمصلين على حد سواء.
تُمثِّل مساجد الخلفاء الأربعة الممتدة على طول شارع الاتحاد، أحد أبرز المعالم الدينية والعمرانية بالمنطقة، حيث تتضمن هذه المنارات العامرة كلاً من: مسجد الخليفة أبوبكر الصديق، ومسجد الخليفة عمر بن الخطاب، ومسجد الخليفة عثمان بن عفان، ومسجد الخليفة علي بن أبي طالب، ويربطها طراز معماري متجانس وموقع استراتيجي يجعلها مرئية بوضوح للقادمين إلى الإمارة أو المغادرين منها، حيث تُضفي مشهداً روحانياً وجمالياً يلفت الأنظار.
وتتّسم هذه المساجد بطرازٍ معماريٍّ مستوحى من العمارة الإسلامية الكلاسيكية، وخصوصاً الطراز العثماني والمملوكي، مع لمساتٍ حديثة في الإنارة والخامات، ويظهر الطراز العثماني في شكل القباب الكبيرة المركزية والمآذن الرفيعة متعددة الشرفات، أما اللمسة المملوكية فتتجلّى في استخدام العقود المدبّبة والزخارف الحجرية أو الجصية التي تحيط بالمداخل والنوافذ، وتبرز من خلال تقنيات الإضاءة الليلية التي تُسلِّط الضوء على تفاصيل الأقواس والمآذن والقباب.
وتبلغ السعة الإجمالية لكل مسجد 1300 مصلٍ ومصلية، وقد شيد كل منها على مساحة أرض إجمالية تبلغ 4353.6 متر مربع، منها 939.35 متر مربع لمساحة المصلى، ويستوعب 1170 مصلياً، بينما يستوعب مصلى النساء 130 مصلية.
وتتسم الواجهات بلونها الحجري الفاتح، ما يضفي هيبة ووقاراً على المباني ويعكس ضوء الشمس، لاسيما في الأجواء الحارة، وتنتشر القباب المشرقة والمآذن الشامخة التي تمتاز بارتفاعها الملحوظ وشكلها الأسطواني حيث يبلغ طولها 60 متراً، وتتكرر العناصر الزخرفية والهندسية على امتداد المآذن.
وتحتوي المساجد على قباب رئيسية كبيرة تحيط بها قباب أصغر حجماً، ما يمنح البناء تناغماً بصرياً، فيما يتسم المصلى بالاتساع والارتفاع، مع سقوف مزخرفة تجمع بين الأشكال الهندسية والنقوش الإسلامية، كما تم تزويد مساجد الخلفاء الأربعة بأنظمة صوتية وإضاءة حديثة، تُراعي وضوح التلاوة وتوزيع الصوت على جميع أرجاء المصلى، لتوفير أجواء مناسبة للمصلين، مع استخدام مواد بناء عالية الجودة تضمن استدامة المباني وجمالها على المدى الطويل.
مسجد الذيدافتتح صاحب السمو، حاكم الشارقة، في شهر رمضان لعام 1445ه الموافق إبريل 2023م، مسجد الذيم الذي تستوعب مساحاته الداخلية والخارجية 7000 مصلٍ ومصلية، وهو واحد من أبرز المعالم في المنطقة الوسطى لإمارة الشارقة، حيث يتمتع بموقع استراتيجي ما يجعله مقصداً مهمّاً للمصلين والزائرين على حدٍّ سواء.
تبلغ مساحة المسجد الإجمالية 21994 متراً مربعاً، منها 2386 متراً مربعاً لمساحة المباني الكلية، فيما تم تخصيص مساحة 6800 متر مربع لمواقف المركبات و3100 متر مربع للمساحات الخضراء حول المسجد، ويضم المسجد مكتبة بمساحة 34 متراً مربعاً.
ويستمد المسجد ملامحه من العمارة الإسلامية التقليدية، حيث اعتمدت الواجهات الخارجية على اللون الأبيض والحجري الفاتح، بما يعكس حرارة الشمس ويُضفي طابعاً من السكينة والوقار، وتُحيط بالمبنى مجموعة من الأقواس المنحنية والنوافذ الطولية التي تسمح بدخول الإضاءة الطبيعية، فيما تتكامل مع عناصر زخرفية بسيطة مستوحاة من الفن الإسلامي الهندسي.
ويتزين المسجد بمنارة طولها 60 متراً، فترتفع شامخة على أحد جوانب المسجد، متخذةً شكلاً أسطوانيّاً، تُزيّنها شرفات صغيرة ونقوش هندسية، وتنتهي بقمة مخروطية تُجسّد الرمزية الروحية للمئذنة في العمارة الإسلامية.
كما يتميز المسجد بقبة رئيسية بارتفاع 32 متراً وعدد 4 قباب صغيرة بارتفاع 25 متراً دائرية الشكل موضوعة على قاعدة ثمانية الشكل تعطي المسجد طابعاً هندسياً مميزاً، وتُمثِّل الطابع الإسلامي في أبهى صوره، وتُضفي على البناء انسجاماً فنيّاً وجماليّاً.
وتتسم القاعة الداخلية للمسجد بالاتساع والارتفاع، مما يوفّر أجواءً روحانية هادئة، حيث تتوزع الأعمدة المزخرفة بأناقة لدعم سقف المسجد وتوفير مساحات رحبة تتيح دخول الضوء الطبيعي من النوافذ الكبيرة، فيما يحتل المحراب موقعاً مميزاً في منتصف الجدار الأمامي، مزخرفاً بآيات قرآنية تعكس الحرفية في تنفيذ التفاصيل.
ورغم ارتكاز التصميم على العناصر الإسلامية الأصيلة، أُدخلت في المسجد بعض التقنيات الحديثة لتلبية احتياجات المصلين، مثل أنظمة التكييف والإضاءة، وأنظمة الصوت المتطورة التي تضمن وصول الأذان والتلاوة إلى كل ركن من الأركان.
وتُبرز تفاصيل التصميم الداخلي والخارجي للمسجد عناية دائرة الشؤون الإسلامية بالشارقة بإبراز الوجه الحضاري للإمارة، مع الحفاظ على الموروث الإسلامي العريق، ما يجعل من مسجد الذيد منارة روحانية وعمرانية في المنطقة الوسطى من الإمارة.
مسجد السيدة خديجةيُعد مسجد السيدة خديجة -رضي الله عنها- تحفةً معمارية بارزة بألوانه البيضاء الناصعة، وتصميمه الذي يجمع بين أصالة العمارة الإسلامية واللمسات العصرية المميّزة، ويقع المسجد في منطقة الواحة بضاحية الرويضات على طريق الذيد، حيث افتتحه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، في شهر يناير من العام الجاري.
شيد المسجد على مساحة أرض إجمالية تبلغ 49 ألفاً و383 متراً مربعاً، ويتسع المسجد في مصلاه الداخلي إلى 1400 مصل من الرجال أما الرواق الخارجي فيتسع إلى 1325 مصلياً، بينما تبلغ سعة مصلى النساء 140 مصلية.
كما يضم المسجد مجموعة من المرافق الخدمية منها من مكتبة ومبنى تغسيل الموتى وسقيا ماء وأماكن الوضوء ودورات المياه ومواقف للسيارات تبلغ 592 موقفاً، وسكن للإمام وآخر للمؤذن، ويعكس طرازاً إسلامياً تقليدياً من حيث توزيع القباب واستخدام الأقواس العالية في الواجهات، في حين تُضفي البساطة في التفاصيل والخطوط الواضحة مظهراً عصرياً وأنيقاً، وتظهر الملامح العثمانية في شكل القباب الكبيرة والمآذن الرفيعة متعددة الشرفات، إلى جانب اللمسات المملوكية التي تظهر في بعض الزخارف الهندسية أو النقوش على الواجهات والأعمدة.
ويتميز المسجد بتصميمه المعماري، حيث تتوسطه قبةٌ كبيرة بيضاء مستديرة بقطر 10 أمتار، ترتفع بشكلٍ مهيب فوق مستوى المسجد، لتشكِّل بؤرة بصرية جذابة، تتميز بانسيابية التصميم مع وجود زخارف أو حليات بسيطة حول قاعدتها، ما يضفي عليها لمسةً جمالية.
وتحيط بالقبة الرئيسية قبتان صغيرتان بقطر 4.5 متر، تُضيفان تناغماً وتناسقاً للمشهد العام، ويرتفع على جانبي المسجد مئذنتان متناظرتان باللون الأبيض بارتفاع 40 متراً، ما يعزّز من حضوره ويُسهّل رؤيته من مسافة بعيدة، وتأخذ المآذن شكلاً أسطوانياً وتنتهي برؤوس مخروطية بسيطة تتوافق مع روح التصميم الحديث.
وروعي في بناء المسجد استخدام أفضل المعايير الحديثة التي تسهم في الحفاظ على البيئة، حيث يعمل بأنظمة حديثة لترشيد استهلاك الطاقة والمياه، وتحيط بالمسجد مساحاتٌ خضراء وأحواض زهور ذات ألوان زاهية، تبرز جمال اللون الأبيض وتضفي حيوية على المشهد العام.
ويساعد التباين بين اللون الأبيض للمسجد وألوان الطبيعة المحيطة على إبراز التفاصيل المعمارية، ويُعطي اللون الأبيض النقي والقباب المرتفعة والمآذن الشاهقة شعوراً بالهيبة والوقار، في حين يضفي التناغم العام بين العناصر إحساساً بالسكينة والطمأنينة، وهي أجواءٌ تتوافق مع قدسية المكان.
ويعكس المسجد تصميماً مستوحى من الطرز الإسلامية العريقة، مع إضافة خطوط واضحة وبسيطة توحي بالحداثة، ما يجعل المبنى جذابًا لكلٍّ من محبي التراث ومتابعي التطور المعماري المعاصر.
مسجد الإمام النوويلا تقف جهود دائرة الشؤون الإسلامية عند تشييد المساجد فقط بل تواصل جهودها في ترميم وإعادة صيانة المساجد وتحويلها إلى منارات معمارية بارزة، ومنها مسجد الإمام النووي الذي يقع في منطقة المناخ، وشيد عام 1980 على مساحة أرض إجمالية 5393 متراً مربعاً وكان يتسع حينها ل 580 مصلياً من الرجال والنساء وتم توسعته حالياً ليستوعب 1000 مصلٍ.
عكست عملية إعادة ترميم مسجد الإمام النووي رؤيةً معماريةً تزاوج بين الحفاظ على الهوية الإسلامية والابتكار في استخدام التقنيات الحديثة، وتُعد النتيجة النهائية تحفة معمارية تتيح للمصلين والزوار فرصة الاستمتاع بالأجواء الروحانية، في بيئة جمالية مُتقنة تجسد معاني التآلف والجمال في فن العمارة الإسلامية، وتظهر حرص القائمين عليه على إبراز قيم الجمال والروحانية في العمارة الإسلامية.
تم تعزيز الجوانب الجمالية والروحية للمسجد بما يتناسب مع مكانته كمركز ديني وثقافي، حيث أجرت الدائرة دراسات هندسية دقيقة لضمان استدامة المبنى وقدرته على استيعاب أعداد كبيرة من المصلين، واستُخدمت خلال إعادة ترميمه مواد بناء عالية الجودة تراعي الظروف المناخية للمنطقة، مع مراعاة الحفاظ على العناصر الإسلامية في التصميم.
يغلب اللون الأبيض الناصع على جدران المسجد الخارجية، وهو اختيار شائع في العمارة الإسلامية الحديثة، إذ يعكس حرارة الشمس ويُضفي شعوراً بالصفاء والسكينة، وتتزين الواجهات بأقواس نصف دائرية، مزخرفة بنقوش هندسية مستوحاة من الفن الإسلامي، ويضم الجزء العلوي من الواجهات حليات وزخارف عربية تقليدية.
تتوزع المآذن على أركان المسجد، متناسقة في حجمها وارتفاعها، ما يعكس الانسجام البصري ويضفي عظمة على البناء، وتشتمل كل مئذنة على شُرُفات وحواف دائرية، كانت تُستخدم في مراحل أولى من الحضارة الإسلامية لرفع الأذان.
وتتوسط المبنى قبة كبيرة تُعد محور التصميم، يحيط بها عدد من القباب الأصغر حجماً. وتُزيَّن حواف القبة الرئيسية بزخارف هندسية منقوشة بعناية، بينما يتوسطها أحياناً عنصر زخرفي يشكِّل بؤرة جمالية، كما تنتشر قباب أخرى صغيرة الحجم حول القبة المركزية، فتُكسب التصميم تناغماً بصرياً وتنوّعاً في الارتفاعات.
وتمتاز قاعة الصلاة بالاتساع والارتفاع، بما يسمح باستيعاب عدد كبير من المصلين، وتتشكل الأسقف على هيئة قباب داخلية مُزخرفة، تتخللها نوافذ أو فتحات علوية لإدخال الضوء الطبيعي.
وزُوِّد المسجد بأنظمة صوت متطورة تضمن وصول صوت الإمام والأذان إلى كل الأركان بوضوح، إضافةً إلى أنظمة تكييف وتهوية حديثة تتلاءم مع طبيعة المناخ الحار.
لوحة فريدةتمثل مساجد الشارقة لوحة معمارية فريدة تتجسد فيها روح التراث الإسلامي ومعاصرة التطور الحديث، في مشهد حضاري يُبرز أهمية الحفاظ على الهوية الدينية والثقافية، ويظل دعم صاحب السمو حاكم الشارقة، لهذه المشاريع دليلاً على رؤية شاملة تسعى إلى بناء مجتمع متوازن يجمع بين الأصالة والابتكار، لتؤكد الشارقة مكانتها كمنارة حضارية ودينية تضيء درب الأجيال القادمة، وتبقى المساجد رمزاً للفخر والاعتزاز بالتراث الإسلامي.