منذ وصول الأمير محمد بن سلمان لولاية العهد في السعودية عام 2017، مُنحت المرأة السعودية حقوقا لم تكن تحظى بها سابقا، مما فتح الأبواب أمام النساء لخوض مجالات جديدة.

وخلال السنوات الأخيرة، بدأت النساء السعوديات بالمشاركة في المنافسات الرياضية من كرة القدم مرورا بالتنس وصولا إلى بقية الرياضات الأولمبية الأخرى، لكن المرأة بالمملكة الخليجية المحافظة اقتحمت مؤخرا رياضة كانت محصورة فقط على الرجال.

وباتت الهجانة، ريما الحربي، أول سعودية تتوج بسباق على مستوى رياضة الهجن التراثية وذلك بعد فوزها، الأسبوع الماضي، بالشوط المخصص للسيدات لمسابقة كيلومترين في كأس العلا.

وفي حديث لموقع قناة "الحرة"، تصف الحربي لحظة تتويجها قائلة: "كان ينتابني شعور مليء بالفخر" عقب هذا اللقب، موضحة أن رياضة الهجن بالنسبة لها "كانت شغفا منذ الطفولة".

"النساء في تزايد"

وشارك في السابق المخصص للنساء 22 هجانة، نصفهن سعوديات، بحسب المتحدث الرسمي باسم كأس العلا للهجن، مرضي الخمعلي، الذي يشير في حديثه لموقع "الحرة" إلى أن أعداد النساء المشاركات في تزايد.

ويضيف: "الاتحاد (السعودي للهجن) يدرك أن هذه الرياضة شاملة للجميع، ولا يوجد ما يمنع من مشاركة النساء فيها".

واستطرد: "كثير من الفارسات في سباقات الخيل والقدرة الآن في طور التجهيز للمشاركة في سباقات الهجن؛ لأنها (رياضة) ممتعة وجاذبة والجوائز فيها محفزة، إضافة إلى أنها آمنة حتى لو سقطت الهجانة".

وتبلغ مجموع الجوائز في النسخة الثانية من كأس العلا للهجن 80 مليون ريال سعودي (21.3 مليون دولار)، في أكبر دائزة تقدم في سباقات الهجن حول العالم، كما تقول اللجنة المنظمة في بيان سابق.

النساء السعوديات يقتحمن سباقات الهجن

وولدت الحربي (28 عاما) في عائلة شغوفة بعالم الإبل بالمدينة المنورة (غربي المملكة)، إذ كان جدها الراحل يشارك في مسابقات مختلفة، بما في ذلك جَمال الإبل المعروفة محليا باسم "المزاين"، مما جعلها تتعلق بهذه الهواية منذ الطفولة.

وتقول الحربي: "بدأت ركوب الهجن بحكم امتلاك عائلتي لها منذ كان عمري 3 سنوات وكان جدي من يشجعني على ذلك، لدرجة أن المطايا (تلك الهجن) أصبحت بمثابة صديقاتي".

وتستذكر مرحلة الطفولة بقولها: "حين أصبحت في السابعة من عمري دخلت ميادين الهجن ولكن كهواية على اعتبار أن سباقات الهجن في ذلك الوقت تقام على مستوى شعبي بين القبائل"، مردفة: "خلال ذلك الوقت لم تكن هناك فعاليات ترفيهية أو ألعاب فكنا نتسلى بركوب الهجن والخيل ونقضي أوقاتنا معها". 

وتأسس الاتحاد السعودي للهجن في عام 2018 "للمحافظة على الموروث وتطوير الاقتصاد السعودي من خلال الارتقاء برياضة سباقات الهجن إلى معايير عالمية، تتناسب مع تحقيق رؤية المملكة 2030"، حسبما يذكر موقعه الرسمي.

ويقول الخمعلي إن مشاركة النساء في مسابقات الهجن تأتي استكمالا للتحول في السعودية بتمكين المرأة من دخول كافة المجالات، ومنها الرياضة، لافتا إلى أن سباقات الهجن ليست حصرا على أحد، إن كان مالكا أو راكبا.

ويضيف أن "مشاركة النساء بدأت العام الماضي في مهرجان ولي العهد بالطائف، وكان العدد لا يتجاوز 15 مشاركة قبل أن يزيد في كأس العلا هذا العام".

وأشرف محمد بن سلمان على إصلاحات اجتماعية واسعة من بينها رفع حظر قيادة المرأة للسيارة وتخفيف ما يسمى قواعد "الوصاية" التي تمنح الرجال سلطة على قريباتهم، علاوة على إنهاء العمل بالقوانين التي تتطلب الفصل بين الجنسين في الأماكن العامة، وارتداء العباءة السوداء.

ومنذ ذلك الوقت، ارتفعت نسبة النساء العاملات في السعودية من 16 بالمئة عام 2016 إلى 35 بالمئة في نهاية 2023، وفقا لوكالة فرانس برس.

انتقادات وأصوات معارضة

وتقول الحربي إنها شاركت في مسابقات الخيل واستطاعت تمثيل المملكة في بطولات الحواجز، لكن شغفها بالهجن ووصية جدها الراحل دفعا بها إلى دخول هذه الرياضة على الرغم من الانتقادات. وتذكر أن جدها كان "حريصا ألا أترك الهجن".

وتروي الحربي قصتها قائلة إنها "حضرت سباقات الهجن الرسمية بعد تأسيس الاتحاد السعودي كمتابعة وعاشقة" لهذه الرياضة التراثية، مشيرة إلى أنها ذهبت بنفسها لمقر الاتحاد وطلبت المشاركة في سباقات الهجن الخاصة بالرجال.

الحربي تطمح أن تكون بطلة للعالم

وتستذكر ذلك الموقف: "كان لديهم استغراب بأن بنت ترغب في ركوب الهجن ... وعندما حصلت على الموافقة وشاركت بالفعل كان هناك كثير من الناس انتقدني ولم تتقبل هذه المسألة بمن فيهم بعض ملاك الهجن".

وتوضح أن تلك الانتقادت لم تثنيها عن شغفها على اعتبار أن ذلك الشيء "لم يعتد عليه المجتمع في الخليج والدول العربية"، مضيفة أن "الانتقادات لم تؤثر فيني وردي كان بتحقيق الإنجاز في الميدان".

ويذهب الخمعلي في الاتجاه ذاته قائلا إن "أي شيء جديد يحظى بأصوات معارضة"، مستشهدا بقيادة المرأة للسيارة وقبل ذلك المعارضة للقنوات الفضائية قبل عقدين من الزمن.

ويتابع: "هناك من يرى أن المرأة مكانها البيت، وهي مقولة ليست صحيحة ... النساء اللواتي شاركن (في كأس العلا) كان أهاليهن موجودين معهن وهذا أكبر رد على المنتقدين".

أما الحربي التي لديها طموحات مستقبلية، فتأمل أن ترى نفسها "بطلة للعالم" في هذه الرياضة التراثية التي تتمنى أن تحظى باعترافا أولمبيا.

وتختم حديثها لموقع "الحرة" قائلة إن هناك كثير من الرياضات السهلة نسبيا، لكنها اختارت الهجن "الرياضة الأصعب"؛ لأن لها "تاريخ وحاضر ومستقبل، وتتميز عن باقي الرياضات ... الهجن رياضة أجدادانا ولسنا دخلاء عليها وهي كانت وسيلة للسفر في قديم الزمان. هذا شغفي".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: سباقات الهجن هذه الریاضة کأس العلا فی سباقات إلى أن

إقرأ أيضاً:

«زينب» تروي قصة الألم: واجهت صراعا وجوديا مع السرطان والحصار في غزة

فى زاوية صغيرة من أحد أحياء غزة، تقف خيمة متهالكة شاهدة على قصة صمود امرأة تواجه ما يفوق طاقة البشر، تحت سقفها البسيط تعيش زينب جمال خليل طلبة، تحارب السرطان بكل ما أوتيت من قوة، وسط واقع لا يرحم فى غزة، التى أرهقها الحصار وقسوة الحروب المتكرّرة، وأصبحت ليست مجرد مدينة تعيش صراعاً سياسياً، بل هى موطن لقصص إنسانية تقطر وجعاً وإصراراً.

«زينب»، واحدة من تلك الحكايات المؤلمة والمُلهمة، تختصر فى تفاصيلها مرارة الألم وعظمة الصمود، لتُثبت أن الإرادة قادرة على تحدى المستحيل حتى فى أحلك الظروف.

«كان العلاج متوافراً، لكن بصعوبة شديدة»، بهذه الكلمات بدأت «زينب» تروى رحلتها مع المرض، لم تكن معركتها فقط مع السرطان الذى أنهك جسدها، بل أيضاً مع واقع يفرض نقصاً حاداً فى الموارد الطبية والغذائية، وتقول بحسرة لـ«الوطن» «كنت أعانى من نزول المناعة، لأن احتياجاتى الأساسية من الغذاء لم تكن متوافرة، وجسدى كان أضعف من أن يتحمّل العلاج الكيماوى أو أى مضاعفات».

لكن ما زاد الأمر سوءاً، كما تروى، هو تلك اللحظات القاسية التى شعرت فيها بأن الموت يقترب منها، وبنبرة يملؤها الألم تقول: «أُصبت بضيق تنفس واختناق بسبب الورم الذى يضغط على الغدة الدرقية، حتى إننى أصبحت عاجزة تماماً عن الخروج من المنزل أو حتى طلب المساعدة، لأن جنود الاحتلال كانوا يحاصرون المنزل من كل جانب». وتتابع حديثها بمرارة وهى تستعيد تلك اللحظات العصيبة: «كانت تلك الفترة هى الأصعب فى حياتى، شعرت بالعجز والخوف يتسربان إلى أعماقى، كنت وحيدة وسط حصار لا يرحم، يمنع عنى حتى أبسط حقوقى فى العلاج، كل دقيقة مرت كانت كأنها دهر من الألم والتوتر.

ورغم كل ما مرت به من ألم ومعاناة، لم تفقد «زينب» الأمل، فهى مثل كثير من الغزاويين الذين يُبهرون العالم بصمودهم وإصرارهم على الحياة، بعد صراع طويل مع المرض والحصار، تمكنت من الحصول على العلاج الهرمونى عبر مؤسسة الإغاثة الطبية فى غزة، كان ذلك بمثابة شعاع صغير من الضوء وسط الظلام الحالك، لكنها كانت تدرك فى أعماقها أن هذا العلاج ليس كافياً للتغلب على المرض.

وتصف «زينب» الواقع باختصار: «إنه عبارة عن ألم وصبر، حيث يتحول الحصول على أبسط حقوقهم كالعلاج إلى معركة شاقة تبدو مستحيلة فى كثير من الأحيان، ولكن فى الوقت الحالى باتت المساعدات والأدوية معهم بالفعل، مما سيُسهم فى مساعدة المرضى وتخفيف آلامهم».

مقالات مشابهة

  • تراث الأجداد في أرض الفيروز.. انتعاش رياضة الهجن بجنوب سيناء | شاهد
  • في يوم التأسيس.. أبواب تروي قصص الأجداد وتُخلّد ذاكرة الوطن
  • مساع فرنسية لحظر “الحجاب” في الرياضة
  • انطلاق مهرجان مزاينة الهجن بالمصنعة.. الاثنين
  • «زينب» تروي قصة الألم: واجهت صراعا وجوديا مع السرطان والحصار في غزة
  • صفوة الجياد العالمية تتنافس على كؤوس وجوائز كأس السعودية للخيل
  • دعوة الشركات المشاركة في IDEX 2025 إلى تبادل الزيارات مع الإنتاج الحربي
  • وزير الإنتاج الحربي يدعو الشركات العالمية للمشاركة في «إيديكس 2025»
  • دهوك تتحول إلى لوحة بيضاء.. مشاهد ساحرة تروي جمال الثلوج
  • ختام موسم سباقات الفروسية بالمدينة المنورة برعاية وكيل الإمارة