تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

(لم يجد المسلمون الأوائل غضاضة فى استمرار الاحتفالات الشعبية بشم النسيم، ولم يروا فيه خروجًا على الدين، فقد كانوا أكثر ثقة فى إيمانهم وانفتاحًا على الحياة. هكذا نضع أيدينا على واحد من تجليات العبقرية المصرية التى تتفاعل مع الطبيعة وتعشقها وتدعم بها إيمانها)

هو عيد مصرى بامتياز، بل لعله العيد القومى الوحيد الذى قاوم تقلبات الزمن وتفاعيل السياسة، وبقى حتى اليوم يحمل سر تفاؤل شعب رغم عنت الأيام، وهو يتصالح مع الطبيعة يخرج إليها يرتاد «الجناين» ومفردها «جنينة»، الاسم المصرى للحديقة، يستحضر بها «الجنة» التى حدثته عنها الأديان على تعاقبها، وقبلًا راح يتصور «الإله» وينحت ملامحه، وتأتى الكتب السماوية لتضبط تصوراته التى لم تبتعد عنها كثيرًا.

يمد اليهودية بوصاياها العشر من جداريات المعابد، ويتهذب نبى الله موسى بكل حكمة المصريين، بحسب نصوص التوراة.

ويصون المصرى المسيحية وعقائدها، ويذود ابن الإسكندرية إثناسيوس عن الإيمان ويقف ضد العالم فى القرن الرابع الميلادى ليعبر بالمسيحية نقية من الهرطقات.

ويهدى المصرى العالم تجويد وترتيل القرآن الكريم بقواعد الموسيقى المصرية الرخيمة والشجية والمنضبطة، ويحمله الأثير إلى كل الدنيا بعبقرية أصوات الشيوخ الأجلاء محمد رفعت وعبدالباسط عبدالصمد والشعشاعى ورهط من المقرئين الأفذاذ. 

ومن يقترب من التاريخ المصرى القديم يلحظ حرص المصريين على البهجة والفرح فى تحدٍ لمصاعب الحياة وقسوتها ويكتشف كم كانوا متصالحين مع الطبيعة باعتبارها عطية إلهية، وقد سجلت نقوش معابد مدينة «هابو»، غرب الأقصر، طقوس وأحداث ٢٨٢ عيدًا عرفتها مصر القديمة، ومنها عيد الربيع، وقد اختاروا له اليوم الذى يتساوى فيه الليل بالنهار وقت حلول الشمس فى برج الحمل ويقع فى الخامس والعشرين من شهر برمهات.

وكان اسمه «عيد شمو»، أى بعث الحياة، وهو ما انعكس على طبيعة الاحتفالات ومأكولات ذلك اليوم، (البيض والفسيخ والبصل والخس والملانة) وكلها تحمل إشارة إلى الخصب والحياة والديمومة والبقاء. 

وعبر الزمن انتقل المصريون من دين إلى آخر، وانتقل معهم تراثهم الاحتفالى بعد أن يلبسوه حلة توافقية جديدة، فعندما انتقل المصريون إلى المسيحية واجهتهم مشكلة أن «عيد شمو» يأتى فى أيام الصوم الكبير، وفيه يمتنعون عن أكل البيض والسمك، فما كان منهم إلا أن رحّلوا الاحتفال بالعيد إلى اليوم التالى لعيد القيامة فى نهاية الصوم، وتحوّل العيد مع اعتماد اللغة العربية إلى «شم النسيم». 

فالبيض عند المصريين القدماء كان يرمز لبدء الحياة بحسب أناشيد أخناتون، وتلوين البيض وزخرفته يعودان إلى أن الفراعنة كانوا ينقشون على البيض الدعوات والأمنيات ويجمعونه أو يعلقونه فى أشجار الحدائق حتى تتلقى بركات نور الإله عند شروقه فيحقق دعواتهم، ويبدأون العيد بتبادل التحية (بدقة البيض). 

أما الفسيخ فهو أحد رموز البقاء، باعتبار أن التجفيف والتمليح إحدى الطرق القديمة لحفظ الأطعمة، فضلًا عن ارتباط السمك بالنيل. 

أما «الخس» فيرمز للخصب والتناسل، وكذلك «الحمص الأخضر الملانة»، فقد كان المصريون يعتبرون نضج الثمرة وامتلاءها إعلانًا عن ميلاد الربيع. 

وعندما انتقلت الأغلبية إلى الإسلام لم يجد المسلمون الأوائل غضاضة فى استمرار الاحتفالات الشعبية بشم النسيم، ولم يروا فيه خروجًا على الدين، فقد كانوا أكثر ثقة فى إيمانهم وانفتاحًا على الحياة. هكذا نضع أيدينا على واحد من تجليات العبقرية المصرية التى تتفاعل مع الطبيعة وتعشقها وتدعم بها إيمانها.. إنها عبقرية.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: كمال زاخر شم النسيم العبقرية المصرية المسيحية مع الطبیعة

إقرأ أيضاً:

الظهراوي.. يا رب عجّل يوم القيامة حتى نخلص

#سواليف

دعا النائب رائد رباع الظهراوي، الله عز وجل، تعجيل يوم القيامة للخلاص من الاحتلال الاسرائيلي.

وقال الظهراوي في كلمة كتلة تقدم تحت القبة اليوم الاثنين، إننا عدنا لمربع القتل والمجازر من جديد، وما زلنا ننظر إليهم كأننا نشاهد فيلما او مسرحية.

وأضاف، أن أقصى ما يمكن قوله هو: “حسبنا الله ونعم الوكيل.. وكان الله في عونهم”.

مقالات ذات صلة قتيل ومصاب في إطلاق نار قرب حيفا / شاهد 2025/03/24

وبين أنه من باب الانصاف، فإن الأردن قدم وما يزال يقدم الحد الاقصى من الامكانيات لنصرة أهل غزة، ويكفي أن جلالة الملك يحمل في كل مجالسه داخليا وخارجيا موقف كل أردني تجاه الوجع الغزاوي، وهو ما عجز عنه كل عربي في موقع المؤولية..

وتابع: “يا رب قد وصلنا إلى بابك دون غيرك، فيا رب القيامة خير من هذا الحال.. فعجل بيوم القيامة حتى نخلص”.

رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي، علق على حديث الظهراوي قائلا: “متفائل ما شاء الله”.

مقالات مشابهة

  • لماذا ليلة القدر خير من ألف شهر؟.. ترقبها مغرب اليوم لـ19 سببًا
  • الفرحان: مسلحون من فلول النظام البائد كانوا يتواجدون في المناطق المحيطة بعملنا
  • الأديرة القبطية خلال الصيام.. استعدادات روحية مكثفة لعيد القيامة
  • تشكيل فريق البنك الأهلى لمواجهة المصرى فى كأس عاصمة مصر
  • محمد الصاوي: المخرجين قديما كانوا يتخوفوا من الاستعانة بكوميديان في أدوار الشر أو الطيبة
  • تدشين برنامج الإعاقات غير المرئية في المتحف المصرى بالتحرير
  • استقرار أسعار الدواجن وارتفاع البيض بأسواق الوادى الجديد اليوم الاثنين
  • الظهراوي.. يا رب عجّل يوم القيامة حتى نخلص
  • شيخ حرفة السجاد بالحرانية : أشكال الطبيعة تلهمني في عملي
  • سويلم يشهد احتفالية اليوم العالمي للمياه 2025 بحضور 4 وزراء