محمد بن حمد البادي

mohd.albadi1@moe.om

زخات المطر عادةً تبعث البهجة والسرور والانشراح في النفس البشرية، لكن- مع ازدياد انهماره بغزارة شديدة- يتلاشى هذا الشعور رويدًا رويدًا إلى أن يختفي تمامًا، ثم يتحول الأمر في بعض الأحيان إلى معاناة وربما تتحول هذه المعاناة إلى كارثة بيئية نفقد من خلالها أرواحًا بريئة، أو نخسر الكثير من الممتلكات، وذلك بسبب الدمار والخراب الذي تخلفه مياه الأودية إذا مرت من خلال المدن والقرى الآهلة بالسكان، فصورة المطر في الوجدان ليست زاهية بالمطلق، فحتى المزارع؛ الذي قد يكون في صورته التقليدية أشد الناس حبًا للمطر وأكثرهم لهفة لهطوله، يخشى المطر إذا فاض عن الحاجة، أو إذا نزل في غير أيامه المُعتادة.

أيها الوادي،، لماذا تقسو علينا؟ لِمَ تجلب لبيوتنا ومزارعنا الخراب؟ لماذا تجرف المركبات والممتلكات؟ حتى الشجر والحجر والمدر لم يسلم من طغيانك، لماذا تدمر البنية التحتية التي أمضينا السنوات الطوال في إنشائها وكلفتنا آلاف الملايين من الريالات؟ لماذا تزهق أرواح الأبرياء؟ لو أنك أيها الوادي- على أقل تقدير- ترسل إلينا إشعارًا بقدومك قبل يوم أو يومين، وتخبرنا بكميات المياه التي ستأتي بها، لنأخذ حذرنا منك، أو أخبرنا أيها الوادي بالأماكن التي ستمر بها لنخليها تمامًا، وأنذرنا بما أنت فاعله بنا إن لم نمتثل للأوامر.

تكثر التساؤلات الموجهة إلى الوادي، وتبقى الإجابة واحدة وكل منَّا يعرفها، فالوادي لا يطالبنا بفرش طريقه بالورود والياسمين، ولا يطالبنا باستقبال حافل بالطبول والأهازيج الشعبية والبساط الأحمر، بل يطالبنا فقط بأن لا نقف في طريقه، ولا نعتدي على مجراه الذي أحدثه لنفسه من آلاف السنين، فالوادي- بعزة نفسه وأنفته- لا يقبل أبدًا كبح حرية تدفقه عبر المجاري التي يعتبرها ملكًا مشروعًا له ومسارًا طبيعيًا لانسياب مياهه من خلالها.

لقد تعرضت السلطنة في السنوات الأخيرة لعدة أعاصير وعواصف ومنخفضات جوية أحدثت خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات والبنية التحتية، لعل أبرزها إعصار جونو 2007، وإعصار فيت 2010، وإعصار مكونو 2018، وإعصار شاهين 2021، وبالرغم من كل ذلك لم نُعالج الأخطاء التي أدت إلى وقوع هذه الكوارث، بالعكس لا زالت ردة فعلنا تجاه هذا الأمر خجولة جدًا، ولا زلنا ندور في حلقة مفرغة، ولا أرى ذلك- من وجهة نظري- إلا إهدارًا للمال العام، فتوزيع المخططات العمرانية في بطون الأودية لم يتوقف، والاعتداء على إحرامات الأودية لتضييق مجاريها لم ينتهِ، ولا زلنا نشاهد البرك المائية تتوسط شوارع الخدمات والتي بدورها تعيق الحركة المرورية أو تحدث أعطالًا في المركبات، ولا زالت الطرق الرئيسية تفتقد إلى العبارات الصندوقية التي تستوعب الكميات الكبيرة للمياه، والتي تسبب ارتداد المياه على مساكن وأملاك المواطنين فتغمرها تمامًا مُسببة خسائر فادحة، ثم في نهاية الأمر تأتي فواتير إعادة تأهيل المدن والقرى والأحياء السكنية والخدمات بأرقام فلكية، وتعويضات مضاعفة، ولا أرى ذلك- من وجهة نظري- إلا إهدارًا للمال العام، الذي نحن بأمسّ الحاجة له لمواصلة عجلة البناء والتعمير.

إن التغيرات المناخية العالمية تحتم علينا السعي نحو تحقيق أعلى قدر من الأمان من خطر الفيضانات التي تحدث بسبب الأنواء المناخية بين الحين والآخر، فكثير من الدراسات تشير إلى أن المنطقة العربية وبالأخص منطقة الخليج العربي مقبلة على تغيرات مناخية هائلة، لذلك من المهم جدًا الإسراع في استحداث منظومة وطنية للحماية من الأنواء المناخية، نحمي بها أنفسنا وممتلكاتنا ومكتسبات ومقدرات هذا البلد الطيب من أن يطالها الخراب والدمار.

يجب الإسراع في إكمال الخطة المعتمدة لإنشاء سدود الحماية على جميع أودية السلطنة بأعلى كفاءة وبطاقات استيعابية عالية للمياه، وأيضًا صيانة السدود القديمة أو إعادة تأهيلها بما يتناسب مع طبيعة التقلبات المناخية المقبلة على المنطقة العربية على أن يتم إدارة السدود وصيانتها ومتابعتها والإشراف عليها بصورة مستمرة.

كما إن مجاري الأودية يجب احترامها وعدم التعدي عليها، فلا تُقام مخططات عمرانية فيها، ولا أي تصرفات أخرى تعيق انسيابية المياه في هذا المجرى، كما يجب التأكد بصورة مستمرة من سلامة المجاري وخلوها تمامًا من الأشجار النامية والمخلفات التي ترمى بها، وعدم التعدي على إحراماتها بأي شكل من الأشكال.

وأيضًا الشوارع الرئيسية والفرعية، يجب إنشاؤها بهندسة أخرى ترفعها عن مستوى سطح الأرض لتجنب أن تكون بركًا مائية، أو تكون عائقاً لمرور مياه الأودية؛ وذلك من خلال تزويدها بعبارات صندوقية أو قنوات مائية ملائمة لاستيعاب كميات المياه المحتملة.

كما يجب أن تُسن القوانين وتطبق التشريعات للحد من التعدي على مجاري الأودية، وفرض عقوبات رادعة على كل من يعبر الأودية أثناء جريانها بغزارة معرضًا نفسه وغيره للخطر.

حفظ الله عمان وجعلها بلدًا آمنًا مطمئنًا.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الصحة تعلن إجراءات الحصول على جلسات الغسيل الكلوي بمنظومة نفرو مصر

كتب- محمد سامي:

أعلنت وزارة الصحة والسكان، إجراءات الحصول على خدمات جلسات الغسيل الكلوي ضمن المنظومة المميكنة الجديدة (نفرو مصر) بجميع محافظات الجمهورية، وذلك ضمن جهود الوزارة لتخفيف العبء عن كاهل المرضى وتيسير إجراءات الحصول على جلسة الغسيل الكلوي، في إطار استراتيجية الدولة للتحول الرقمي.

أوضح الدكتور حسام عبدالغفار المتحدث الرسمي لوزارة الصحة والسكان، أن إجراءات الحصول على جلسات الغسيل الكلوي بالمنظومة الجديدة تبدأ من قيام المريض بالاتصال على الخط الساخن (0225873050) بالمجان وعلى مدار الـ 24 ساعة، لحجز موعد الجلسة وتوجيه المريض إلى مركز الغسيل الكلوي المتاح بالقرب من موقعه الجغرافي سواء حكومي أو خاص أو جمعية أهلية، وتسجيل جدولة جلسات المريض على المنظومة وتعريفه بأيام ومواعيد الجلسات، لافتًا إلى أنه تم الانتهاء من تفعيل موقع إلكتروني يتم من خلاله قيام المريض بحجز الجسات إلى جانب الخط الساخن.Mephro maser

ونوه "عبدالغفار" إلى أن المنظومة تتيح للمرضى التنقل بين مراكز الغسيل الكلوي بمختلف المحافظات، حيث يمكنهم الحصول على الجلسات المقررة لهم داخل أي من مراكز الغسيل الكلوي المدرجة بالمنظومة على مستوى محافظات الجمهورية، وذلك من خلال الاتصال على الخط الساخن أيضًا وحجز موعد للجلسة داخل النطاق الجغرافي المتواجد به لأي ظروف.

وأشار إلى أن المراكز المدرجة تحت منظومة الغسيل الكلوي في مصر تشمل 813 مركزًا على مستوى جميع أنحاء الجمهورية، حيث تضم المنظومة 18623 ماكينة غسيل كلوي بمعدل 2.7 مريض لكل ماكينة، متفوقًا بذلك على المعدلات العالمية (4 مريض لكل ماكينة).

وكشف "عبدالغفار" مؤشرات الآداء الخاصة بمنظومة الغسيل الكلوي منذ انطلاقها في إبريل العام الماضي 2024، حيث تم إجراء 2 مليون جلسة غسيل كلوي، بمعدل 11 جلسة شهريًا لكل مريض بواقع 50 ألف مريض يتم متابعتهم باستمرار وبشكل دقيق، مؤكدًا مساهمة المنظومة في توفير 20% من نفقات الدولة، ومتابعة إدارة أداء 12,000 فرد من طواقم التمريض المسجلين على المنظومة.

ومن جانبه، أوضح الدكتور أحمد سعفان مساعد وزير الصحة والسكان لشئون المستشفيات، أن منظومة الغسيل الكلوي هي أول ميكنة لعملية حيوية تتم ببث مباشر على المنظومة، يتم من خلالها متابعة جميع جلسات الغسيل الكلوي والعلامات الحيوية للمريض أثناء الجلسة، مشيرًا إلى أهمية المنظومة –أيضًا- في ضمان مكافحة العدوى من خلال تصنيف الماكينات والمرضى والعاملين بحسب الفيروسات وتسجيلهم في المنظومة، ومأمونية المرضى وبياناتهم حيث يتم تسجيل المريض وبدأ الجلسة عبر تقنية التعرف على الوجه، وكذلك تتبع وحوكمة استخدام المستلزمات من مخازن وزارة الصحة إلى عهدة المركز ثم إلى المريض.

ولفت "سعفان" إلى تقنيات التنبيهات والتحذيرات الضرورية بالمنظومة، حيث تزود المنظومة الطاقم الطبي بجميع التنبيهات اللازمة من حيث صحة أوراق المريض وصحة تحليل الفيروسات وصحة الفلتر المستخدم، وإتاحة استخدام المنظومة باستخدام الإنترنت السكلي واللاسلكي، والصحول على فواتير إلكترونية لحظية بمجرد انتهاء الجلسة، فضلاً عن الربط والتكامل مع نفقة الدولة والتأمين الصحي لسهولة المحاسبات المالية، والتأكد من صحة القرارات.

وأضاف، أن المنظومة ساهمت في تغطية مراكز الغسيل الكلوي بجميع المحافظات من أسوان إلى الإسكندرية، حيث تتم مراقبة جميع الجلسات لحظة بلحظة، لضمان حصول المرضى على الوقت الكامل والمثالي لجلسة الغسيل، مما يرفع من كفاءة العلاج ويحسن حياة المرضى، وإجراء مكالمات IVR عشوائية للمرضى بعد كل جلسة، لجمع ملاحظاتهم حول مستوى الخدمة، واستخدام هذه البيانات في تحسين الأداء، ومعاقبة أو مكافأة المراكز بناءً على تلك التقييمات.

وتابع أن منظومة "نِفرو مِصر" حصدت الجائزة الأولى في مبادرة "We Care for You as Family" التي أطلقتها مجموعة السعودي الألماني الصحية في مصر عام 2022، تحت رعاية وزارات الصحة، والتضامن الاجتماعي، والتعليم العالي، لتكريم المستشفيات ومقدمي الرعاية الصحية المتميزين، تقديرًا لنجاحها في تطوير منظومة الغسيل الكلوي في مصر، وتعزيز كفاءة الخدمة وضمان وصولها إلى مستحقيها بأعلى المعايير.

وحول الرؤية المستقبلية للمنظومة، أوضح أنه سيتم دمج النظام الطبي بالكامل بحيث يتم تسجيل جميع البيانات الطبية للمريض تلقائيًا وربطها بسجل صحي موحد، وإدراج خدمات زراعة الكلى ضمن المنظومة، مما يسهل على المرضى البحث عن فرص زراعة الكلى المناسبة لهم، وربطهم بالمتبرعين والمستشفيات، وكذلك تحسين الذكاء الاصطناعي في التنبؤ بالمخاطر الصحية، مما يساعد في اتخاذ الإجراءات الوقائية قبل حدوث أي مضاعفات.

اقرأ أيضًا:

منع بث برنامج "ملعب الشمس".. وتغريم القناة 100 ألف جنيه وإنذارها بسحب الترخيص

التقلبات الجوية.. سحب رعدية ممطرة على 3 مدن وسيول على جنوب سيناء

لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا

لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا

وزارة الصحة والسكان جلسات الغسيل الكلوي الدكتور حسام عبدالغفار مراكز الغسيل الكلوي

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

الأخبار المتعلقة

مقالات مشابهة

  • الصحة تعلن إجراءات الحصول على جلسات الغسيل الكلوي بمنظومة نفرو مصر
  • فاروق: قطاع الزراعة من أكثر القطاعات تأثرًا بالتغيرات المناخية
  • خبراء عالميون: 3 حيل للحماية من أضرار الحلويات في رمضان
  • المنظومة الوطنية للتخطيط والتقييم ومتابعة الأداء تعزز كفاءة العمل الحكومي
  • هل ‏تستحق هذه المنظومة شخصا مثل الكاظمي
  • مدير إعلام الأرصاد: نحذر من جريان الأودية في المناطق الغربية
  • تحذير جوي: طقس متقلب وأمطار رعدية مع احتمال جريان الأودية
  • التغيرات المناخية تهدد بخفض الناتج العالمي إلى النصف بحلول 2070
  • كيف تحسب البصمة الكربونية وتتصدى للتغيرات المناخية.. أول ندوات أسبوع البيئة بألسن عين شمس
  • هيئة الأرصاد تحذر: أمطار متوسطة قد تؤدي لجريان بعض الأودية