عربي21:
2024-09-19@10:33:05 GMT

إسرائيل: زمان يا حب

تاريخ النشر: 29th, April 2024 GMT

كانت إسرائيل تهتم بصورتها الرائدة، فهي أرض اللبن والعسل والديمقراطية، وهي مبعوثة العناية الأوروبية البيضاء إلى الشرق المستبد، وهي شعب الله المختار، فنراها تسابق الدول على إرسال المساعدات في الزلازل والكوارث، وإنجاد المصابين، كنا نرى صورها وهي تنتشل المصابين من تحت الركام في زلزال تركيا، وفي صدارة أخبار الصحف ووكالات الانباء، وإذ بها تقود كارثة عالمية يعيا العالم كله عن حلها، ودول العالم قاطبة تدعوها لوقف إطلاق النار، إلا أن رئيس وزرائها المحارب يريد دخول رفح وأن يفتشها دار دار، زنقة زنقة، شبر شبر.



يُخلب كثير من الناس بالعمران، وبالإحسان، والخضرة والوجه الحسن والابتسامة، وكان شمعون بيريز يعتذر أحيانا، ويهدي عرفات هدايا ذرا للرماد في العيون المرمدة، لكن السابع من تشرين الأول/ أكتوبر (طوفان الأقصى) أظهر شيخوخة إسرائيل، وأطاح برشدها، فأقطاب من الحكومة الإسرائيلية يدعون إلى مسح غزة من الوجود بالقنابل النووية!

قد يكون حظ غزة من الجمال قليلا، فليس في غزة ملاعب ولا ملاه، ولا ناطحات سحاب، وإن وجدت أبنية عالية، فطوابقها لا تجاوز العشرين، ناطحات سحابها -إن جاز لنا التعبير – أفقية، تحت الأرض. وهي أولى من تل أبيب ببناء ناطحات سحاب، لضيق المساحة، وحظر العمران، لذلك هاجرت بعمرانها إلى بطن الأرض، إما أحياء أو شهداء. غزة ضيقة، ليس بها منشآت ومصانع كالتي في تل أبيب أو القدس، وهما محتلتان، وليس لغزة فضائيات أو أرضيات، أو سفراء، وهي متهمة بالإرهاب وموسومة به، لكنها وهي في سباقها مع تل أبيب، خطفت قلوب طلاب جامعات أمريكا والعالم.

قالت العرب: الحق ثقيلٌ مريٌّ، والباطل خفيفٌ وبيٌّ. وثمة قول عربي: إن الحسن مكرم، وفي الأسطورة الإغريقية أن الإلهة الماكرة ألقت بين الربات الثلاث هيرا وأفروديت وأثينا؛ تفاحة ذهبية كتب عليها "للأجمل"، فتخاصمن أيهن الأجمل، واتفقن على الاحتكام إلى أول غريب يلتقينه، وكان الراعي الشاب باريس، فأغرته هيرا بالسلطة إن هو وهبها التفاحة، وأمّلته أثينا بالحكمة والمجد، ووعدته أفروديت ربة الجمال بأنها ستهبه أجمل نساء الأرض، ففضلها عليهن، فكانت حرب طراودة. ولو اختار السلطان لحظي بالجمال أيضا، لكن للجمال سلطانه وسكرته.

وقد أوتيت إسرائيل فنون القول والمجد واللغات والجمال العمراني والعلم والفن، وكانت مهوى قلوب الفرنجة، فبنو إسرائيل هم أهل المسيح، والعبرانيون قوم المسيح، ووسائل الإعلام العالمية يملكها مؤيدو إسرائيل، بينما تتكلم حماس ملثمة بالعربية، أو تنقل أخبارها الفضائيات.. والعربي والمسلم بعامة متهم بالإرهاب، مشبوه، لكن ليس كل ما يلمع ذهبا. يمكن أن نتذكر الصناديق الثلاثة في قصة تاجر البندقية لشكسبير: الذهب والحديد والرصاص، بل إن الذهب نفسه خداع. هناك معدن أثمن من الذهب، معدن الإنسان.

قيل في التحليلات إن إسرائيل "الحسناء"، بقية الغرب في الشرق، التي تبني أجمل الشقق العمرانية على الهضاب، وتزرع الصحراء، لا تمانع في بث صور الفلسطينيين النازحين في غزة، وهم يأكلون طعام البهائم، أو يشربون ماء المطر والبرك، أو يعيشون في الخرائب والخيام المصنوعة من الأقمشة التالفة، وطرائح النايلون، لمقارنتها بجمال الحياة الإسرائيلية الرغيدة، للتنفير منهم، وإظهار تخلفهم ورجعتيهم وبؤسهم، فصورة البائس مرذولة ومستقبحة.

لم تنطلِ حيلة الإرهاب ومعاداة السامية على طلاب الجامعات الأمريكية، وعلى الشباب الغربي عموما، فجلّ الضحايا في غزة من الأطفال، والإنسان بالفطرة يميل إلى القوة، وإلى الحق أيضا إن عرفه وميّزه، وقوة إسرائيل قوة فاجرة، تتجاوز القوانين والأعراف الإنسانية، ولم يعد الإعلام مركزيا كما كان
 العرب متهمون بأنهم يزدرون الديمقراطية، وأنهم مستبدون بالطباع، والحق أن الذي يمنعها عنهم هم الغرب، فأمريكا هي الباب العالي الذي يولي الولاة. وقد جرت انتخابات نزيهة في الجزائر وفي فلسطين وفي مصر لكن الغرب قلب لها ظهر المجن، فقد جاءت كلها بالإسلاميين، وقد رأوا من حماس وهي حركة صغيرة محاصرة ما لم يروه سابقا. كما أن أفضل محاسن إسرائيل هي الديمقراطية، ورئيس وزرائها بات يشبه الحكام المستبدين المتمسكين بالسلطة حتى آخر رمق، فشعاره: لا صوت فوق صوت المعركة.

أجري اختبار اجتماعي عند إشارة مرور على متطوعين ممثلين تجاوزوا إشارة المرور الحمراء، فسارع الناس إلى تنبيه حسني الهندام والهيئة والمظهر وتحذيرهم من الخطر، وأمسكوا عن الشُعث الغُبر.. وحكام إسرائيل بيض، بينما أهل غزة شعث غبر، يعيشون في الخيام والبيوت الضيقة.

لم تنطلِ حيلة الإرهاب ومعاداة السامية على طلاب الجامعات الأمريكية، وعلى الشباب الغربي عموما، فجلّ الضحايا في غزة من الأطفال، والإنسان بالفطرة يميل إلى القوة، وإلى الحق أيضا إن عرفه وميّزه، وقوة إسرائيل قوة فاجرة، تتجاوز القوانين والأعراف الإنسانية، ولم يعد الإعلام مركزيا كما كان. ورأى الطلاب المنتفضون نصرة لغزة أنواعا من الجمال في غزة لم يروها سوى في الأفلام، مثل: جمال القناعة، وجمال الصبر، وجمال الثبات، وجمال الإيمان.

انشغل الأدب كثيرا بالصراع بين الجمال والحق، أو بين الجمال والقبح، يمكن تذكر رواية صورة دوريان غراي لأوسكار وايلد، ورواية "سيرانو دي بريراك" للكاتب الفرنسي إدموند روستان.. يربح الجمال المزيف أول جولة، أو ينجح في خداع بعض الناس، لكن الحق يكسب وجماله الثقيل في النهاية.

twitter.com/OmarImaromar

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه إسرائيل غزة إسرائيل احتجاجات غزة جرائم مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی غزة غزة من

إقرأ أيضاً:

البرامج الموجهة للمرأة بالجامع الأزهر تتابع زينة المرأة في ضوء الإسلام

عقد الجامع الأزهر الشريف، ندوته الأسبوعية تحت عنوان "زينة المرأة في ضوء الإسلام- الجزء الثاني"وذلك بحضور كل من: الأستاذ الدكتور روحية مصطفى، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، والدكتور أميرة رسلان، عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر وعضو مركز الأزهر للفتوى، وأدارت الندوة الدكتور سناء السيد الباحثة بالجامع الأزهر.

نهلة الصعيدي: 10 آلاف طالب يدرسون على منح الأزهر شيخ الأزهر: الصراع المسلح في شريعة الإسلام له قواعد وضوابط حدود عورة المرأة

استهلت الدكتور روحية مصطفى، حديثها ببيان حدود عورة المرأة، ثم تحدثت عن بعض وسائل الزينة وعمليات التجميل مثل عمليات التجميل من نحت الجسم وتزيين الأسنان والوشم والحناء وطلاء الأظافر واستخدام الزينة العطرية، وغير ذلك مع توضيح الأحكام الفقهية المتعلقة بكل منها، كما حثت على الاعتدال في الزينة وعدم التشبه بالكافرات أو الرجال وبينت أثر ذلك على الهوية الإسلامية.

جانب من الندوة

من جانبها أوضحت الدكتور أميرة رسلان، الفرق بين الجمال والجاذبية والأنوثة، وبينت أن الأنوثة فطرة وشعور يتم تذكيته بالتعلم، ومفهوم الأنوثة يتعارض مع الفكر الجاهلي الذي كان يمتعض ويتأذى لولادة الأنثى، ثم ذكرت بعض الأمور التي تعزز الأنوثة وتزكيها لدى البنات ومنها: النظافة الشخصية ونظافة المكان وتجميله وتنسيقه والتحلي بالبساطة والحكمة والهدوء والاتزان والتواضع والتعاطف، والبعد عن آفات اللسان. 
 
من جانبها أوضحت الدكتور سناء السيد، أن الجمال أمر نسبي، وهو أمرٌ لا اختيارَ للعبدِ فيه، ولكن المتحققَ يقينًا أن صفاءَ النفسِ ونقاءَ السريرةِ والاستقامةَ على طاعةِ الرحمنِ، كل ذلك يبعثُ إشراقَها على الوجهِ، فيغدو مشرقًا مستنيرًا، قال تعالى: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ﴾ [النور: 40].

وأضافت: ولنعلم أن الجمال الظاهري لا يدوم مهما تقدَّم العلمُ، ونجح الأطباء في تطوير عمليات التجميل، فلن يعيد الأطباء ما أذهبه الزمنُ، ولن يغيِّروا ما قدَّره اللهُ.

جدير بالذكر أن هذه البرامج تعقد برعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وبتوجيهات الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر، وبإشراف الدكتور عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على الأنشطة العلمية للرواق الأزهري، والدكتور هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر.

مقالات مشابهة

  • نتنياهو يتهم ستارمر بـ”تقويض” إسرائيل
  • طريقة عمل القرص الطرية مثل المخابز.. «بطعم وريحة زمان»
  • الحق محفوظ في ذمة هؤلاء الرجال
  • رونالدو لـ أطفاله: تعرفون ماهو فيتامين الجمال؟.. فيتامين الجمال هو كريستيانو
  • الرقعة الخضراء.. عنوان الجمال وتعزيز الاستدامة
  • وصفوها بـ "الذكر"..ملكة جمال تركيا تتعرض للتنمر
  • وزير السياحة والآثار: نقل الجمال والخيول بمنطقة الأهرامات لتحسين تجربة السائح
  • البرامج الموجهة للمرأة بالجامع الأزهر تتابع زينة المرأة في ضوء الإسلام
  • احتفالا بمائة عام من الجمال والأناقة.. يونيليفر مصر تعيد طرح صابون لوكس بتركيبة مُطورة
  • د.حماد عبدالله يكتب: رحم الله أيام "زمان" !!