عربي21:
2025-01-28@01:52:10 GMT

إسرائيل: زمان يا حب

تاريخ النشر: 29th, April 2024 GMT

كانت إسرائيل تهتم بصورتها الرائدة، فهي أرض اللبن والعسل والديمقراطية، وهي مبعوثة العناية الأوروبية البيضاء إلى الشرق المستبد، وهي شعب الله المختار، فنراها تسابق الدول على إرسال المساعدات في الزلازل والكوارث، وإنجاد المصابين، كنا نرى صورها وهي تنتشل المصابين من تحت الركام في زلزال تركيا، وفي صدارة أخبار الصحف ووكالات الانباء، وإذ بها تقود كارثة عالمية يعيا العالم كله عن حلها، ودول العالم قاطبة تدعوها لوقف إطلاق النار، إلا أن رئيس وزرائها المحارب يريد دخول رفح وأن يفتشها دار دار، زنقة زنقة، شبر شبر.



يُخلب كثير من الناس بالعمران، وبالإحسان، والخضرة والوجه الحسن والابتسامة، وكان شمعون بيريز يعتذر أحيانا، ويهدي عرفات هدايا ذرا للرماد في العيون المرمدة، لكن السابع من تشرين الأول/ أكتوبر (طوفان الأقصى) أظهر شيخوخة إسرائيل، وأطاح برشدها، فأقطاب من الحكومة الإسرائيلية يدعون إلى مسح غزة من الوجود بالقنابل النووية!

قد يكون حظ غزة من الجمال قليلا، فليس في غزة ملاعب ولا ملاه، ولا ناطحات سحاب، وإن وجدت أبنية عالية، فطوابقها لا تجاوز العشرين، ناطحات سحابها -إن جاز لنا التعبير – أفقية، تحت الأرض. وهي أولى من تل أبيب ببناء ناطحات سحاب، لضيق المساحة، وحظر العمران، لذلك هاجرت بعمرانها إلى بطن الأرض، إما أحياء أو شهداء. غزة ضيقة، ليس بها منشآت ومصانع كالتي في تل أبيب أو القدس، وهما محتلتان، وليس لغزة فضائيات أو أرضيات، أو سفراء، وهي متهمة بالإرهاب وموسومة به، لكنها وهي في سباقها مع تل أبيب، خطفت قلوب طلاب جامعات أمريكا والعالم.

قالت العرب: الحق ثقيلٌ مريٌّ، والباطل خفيفٌ وبيٌّ. وثمة قول عربي: إن الحسن مكرم، وفي الأسطورة الإغريقية أن الإلهة الماكرة ألقت بين الربات الثلاث هيرا وأفروديت وأثينا؛ تفاحة ذهبية كتب عليها "للأجمل"، فتخاصمن أيهن الأجمل، واتفقن على الاحتكام إلى أول غريب يلتقينه، وكان الراعي الشاب باريس، فأغرته هيرا بالسلطة إن هو وهبها التفاحة، وأمّلته أثينا بالحكمة والمجد، ووعدته أفروديت ربة الجمال بأنها ستهبه أجمل نساء الأرض، ففضلها عليهن، فكانت حرب طراودة. ولو اختار السلطان لحظي بالجمال أيضا، لكن للجمال سلطانه وسكرته.

وقد أوتيت إسرائيل فنون القول والمجد واللغات والجمال العمراني والعلم والفن، وكانت مهوى قلوب الفرنجة، فبنو إسرائيل هم أهل المسيح، والعبرانيون قوم المسيح، ووسائل الإعلام العالمية يملكها مؤيدو إسرائيل، بينما تتكلم حماس ملثمة بالعربية، أو تنقل أخبارها الفضائيات.. والعربي والمسلم بعامة متهم بالإرهاب، مشبوه، لكن ليس كل ما يلمع ذهبا. يمكن أن نتذكر الصناديق الثلاثة في قصة تاجر البندقية لشكسبير: الذهب والحديد والرصاص، بل إن الذهب نفسه خداع. هناك معدن أثمن من الذهب، معدن الإنسان.

قيل في التحليلات إن إسرائيل "الحسناء"، بقية الغرب في الشرق، التي تبني أجمل الشقق العمرانية على الهضاب، وتزرع الصحراء، لا تمانع في بث صور الفلسطينيين النازحين في غزة، وهم يأكلون طعام البهائم، أو يشربون ماء المطر والبرك، أو يعيشون في الخرائب والخيام المصنوعة من الأقمشة التالفة، وطرائح النايلون، لمقارنتها بجمال الحياة الإسرائيلية الرغيدة، للتنفير منهم، وإظهار تخلفهم ورجعتيهم وبؤسهم، فصورة البائس مرذولة ومستقبحة.

لم تنطلِ حيلة الإرهاب ومعاداة السامية على طلاب الجامعات الأمريكية، وعلى الشباب الغربي عموما، فجلّ الضحايا في غزة من الأطفال، والإنسان بالفطرة يميل إلى القوة، وإلى الحق أيضا إن عرفه وميّزه، وقوة إسرائيل قوة فاجرة، تتجاوز القوانين والأعراف الإنسانية، ولم يعد الإعلام مركزيا كما كان
 العرب متهمون بأنهم يزدرون الديمقراطية، وأنهم مستبدون بالطباع، والحق أن الذي يمنعها عنهم هم الغرب، فأمريكا هي الباب العالي الذي يولي الولاة. وقد جرت انتخابات نزيهة في الجزائر وفي فلسطين وفي مصر لكن الغرب قلب لها ظهر المجن، فقد جاءت كلها بالإسلاميين، وقد رأوا من حماس وهي حركة صغيرة محاصرة ما لم يروه سابقا. كما أن أفضل محاسن إسرائيل هي الديمقراطية، ورئيس وزرائها بات يشبه الحكام المستبدين المتمسكين بالسلطة حتى آخر رمق، فشعاره: لا صوت فوق صوت المعركة.

أجري اختبار اجتماعي عند إشارة مرور على متطوعين ممثلين تجاوزوا إشارة المرور الحمراء، فسارع الناس إلى تنبيه حسني الهندام والهيئة والمظهر وتحذيرهم من الخطر، وأمسكوا عن الشُعث الغُبر.. وحكام إسرائيل بيض، بينما أهل غزة شعث غبر، يعيشون في الخيام والبيوت الضيقة.

لم تنطلِ حيلة الإرهاب ومعاداة السامية على طلاب الجامعات الأمريكية، وعلى الشباب الغربي عموما، فجلّ الضحايا في غزة من الأطفال، والإنسان بالفطرة يميل إلى القوة، وإلى الحق أيضا إن عرفه وميّزه، وقوة إسرائيل قوة فاجرة، تتجاوز القوانين والأعراف الإنسانية، ولم يعد الإعلام مركزيا كما كان. ورأى الطلاب المنتفضون نصرة لغزة أنواعا من الجمال في غزة لم يروها سوى في الأفلام، مثل: جمال القناعة، وجمال الصبر، وجمال الثبات، وجمال الإيمان.

انشغل الأدب كثيرا بالصراع بين الجمال والحق، أو بين الجمال والقبح، يمكن تذكر رواية صورة دوريان غراي لأوسكار وايلد، ورواية "سيرانو دي بريراك" للكاتب الفرنسي إدموند روستان.. يربح الجمال المزيف أول جولة، أو ينجح في خداع بعض الناس، لكن الحق يكسب وجماله الثقيل في النهاية.

twitter.com/OmarImaromar

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه إسرائيل غزة إسرائيل احتجاجات غزة جرائم مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی غزة غزة من

إقرأ أيضاً:

عبد الساتر احتفل بقداس على نيّة الإعلاميين: دافعوا عن المظلوم وعن الحقّ

احتفل راعي أبرشيّة بيروت المارونيّة المطران بولس عبد الساتر، في إطار السنة اليوبيليَّة ٢٠٢٥ - حجّاج الرجاء ولمناسبة يوبيل عالم التواصل والإعلام، بالقدّاس الإلهي على نيّة الإعلاميين والعاملين في مجالَي التواصل والإعلام، في كاتدرائيّة مار جرجس المارونيّة في بيروت، عاونه فيه النائب الأسقفي لشؤون القطاعات المونسنيور بيار أبي صالح ومسؤول دائرة التواصل في الأبرشيّة الخوري مروان عاقوري، بمشاركة منسق لجنة اليوبيل في الأبرشيّة الخوري شربل شدياق وأعضائها، مدير إذاعة صوت الإنجيل الخوري أغسطينوس الحلو، مدير راديو ماريا الخوري فادي شكّور، ولفيف من الكهنة، وبحضور وزير الإعلام المهندس زياد المكاري، الوزيرة السابقة الإعلاميّة مي شدياق، المدير العام لوزارة الإعلام الدكتور حسان فلحة، نقيب المحرّرين جوزيف القصيفي، ورئيس المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع عبد الهادي محفوظ، حشد من المدراء ورؤساء التحرير والاعلاميين والاعلاميات والصحافيين والصحافيات والمصوّرين والتقنيّين والعاملين في المؤسسات الإعلاميّة المرئية والمسموعة والمكتوبة والمواقع الالكترونيّة، ومسؤولي الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في رعايا الأبرشيّة ومؤسّساتِها. 

وبعد الإنجيل المقدّس، ألقى المطران عبد الساتر عظة جاء فيها: "جميلٌ أن يجتمعَ الإخوةُ والأخواتُ معًا في مَسكِنِ الله ليرفعوا التسابيحَ والشكرانَ للآبِ الذي يريدُ خلاصَ الإنسانِ ويغمرُه برحمتِه وحنانِه منذ هذه الدنيا، وللابنِ الذي خلّصنا بتجسدِه وموتِه وقيامتهِ من كلِّ موتٍ وأعطانا الحياةَ الأبديَّةَ، وللروحِ الذي يعملُ فينا كلَّ يومٍ حتى يصيرَ اللهُ الكلَّ فينا وحتى نبلغَ مِلءَ قامةِ المسيحِ".

أضاف: "أشكرُ لكم مشاركتَكم في هذا المساءِ في الاحتفالِ بهذا القداسِ والذي يأتي في سياقِ احتفالاتِ أبرشيةِ بيروتَ المارونيةِ بالسنةِ اليوبيليةِ التي أرادَها قداسةُ البابا فرنسيس تحتَ عنوانِ "حجّاج الرجاء". ففي هذه السنةِ نعيشُ الرجاءَ الذي أساسُه محبّةُ اللهِ الآبِ لكلِّ الناسِ والانتصار على الموتِ الأبدي الذي حقَّقَه الله الابنُ والذي هو حقيقةٌ في حياتِنا بفعلِ اللهِ الروح. نحن نرجو ولا يَخيبُ رجاؤنا لأنّنا نعيشُ منذُ الآنَ مع اللهِ ولا سلطانَ للموتِ علينا ولأنّ حياتَنا لا تنتهي إلّا في قلبِ اللهِ. وفي هذهِ السنةِ اليوبيليّة أيضًا نغفرُ كما يُغفَرُ لنا ونُطعِمُ كما نُطعَمُ ونتركُ للآخرِ دَينَه لأنَّ كلَّ ما لنا هو هبةٌ من اللهِ ونُعيدُ الأرضَ التي اقتنَيناها لأصحابِها لأنَّ المُلكَ للهِ وحدَه، ونُريحُ الأرضَ في هذه السنة اليوبيليَّة فلا نَفلحُ ولا نزرعُ لنتذكرَ أنَّ اللهَ قادرٌ على العنايةِ بأولادِه ونرتاحُ لنحطِّمَ إلهَ العملِ والمالِ الذي على مذبَحِه نُضحي بحياتِنا وبخيرِ عائلاتِنا والإنسانِ والحيوانِ والبيئةِ التي نعيش فيها".

وأردف: "إخوتي وأخواتي الإعلاميين والإعلاميات والعاملين والعاملات في مجالِ التواصلِ، إنني أشكركُم على ما تبذلونَ من جهودٍ وتضحياتٍ وحتى ذاتَكم أحيانًا لتوصلوا الخبرَ اليقينَ وتُظهروا الحقيقةَ وتؤمِّنوا التواصلَ بين الناسِ. أنتم تُدركونَ حتمًا تأثيرَ كلمتكم في القلوب والعقولِ. لذلك إنني أدعوكم في هذا المساء لتكونوا أيضًا "حجاج رجاء". إنني أدعوكم إلى أن تنهلوا من معين رجائنا المسيحي، بالصلاة والتأمل في عمل الله الخلاصي وكلمته، وتنقلوا هذا الرجاء لمن حولكم من عائلة وزملاء عمل وزميلات ومن مواطنين ومواطنات ومن مؤمنين ومؤمنات فيدخل السلام قلوبهم ويعمّ الفرح الحقيقي حياتهم. فليكن كلامكم وخبركم كلّه لأجل بنيان الآخر إنسانيًّا وروحيًا من دون المساس بكرامة إنسانيَّته هو الذي خُلق على صورة الله ومثاله. إسعوا خلف الحقيقة وليس خلف السبق الصحفي. إكشفوا الفساد بقصد الإصلاح وليس بقصد التشهير. دافعوا عن الضعيف أطفلًا كان أم امرأة أم عجوزًا. إرفعوا صوتكم ضدَّ التعصّب والانعزالية وكلَّ أنواع القمع ليبقى لبنان بلد الانفتاح وتلاقي الحضارات والأديان وبلد الحريات. إعملوا دومًا بالمبادىء التي على أساسها اخترتم أن تكرّسوا حياتكم لهذه الرسالة وليس المهنة، مع ما تتطلبه من تضحيات. دافعوا عن المظلوم وعن الحق من دون كلل ومن دون أن تحسبوا حسابًا لردات فعل الظالمين والمتسلّطين وأسياد هذا العالم".

وختم عبد الساتر: "هنيئًا لكم رسالتكم وهنيئًا لكم هذه السنة اليوبيليّة وهنيئًا لكم حضور الربّ يسوع في حياتكم. لأجلكم سأصلّي دومًا ليحفظكم الربّ من كلِّ سوء في الروح والجسد لتبقوا "علامات رجاء" في عالم يزيد قساوة ووحشة ويأسًا. سأصلّي أيضًا على نيّة رفاقكم ورفيقاتكم الذين أصيبوا أو ستشهدوا أثناء إيصالهم الحقيقة. عزّى الربّ أهل الشهداء وعافى المصابين. آمين".  

وبعد القدّاس الذي خدمته جوقة كنيسة القدّيسة ريتا - سنّ الفيل، انتقل الجميع إلى صالون الكاتدرائية حيث كان لقاء أخوي جمع الإعلاميّين والعاملين في مجالَي التواصل والإعلام حول المطران عبد الساتر.

مقالات مشابهة

  • السيرة الذاتية للمهندس محمود الجمال عضو اللجنة الإستشارية للشئون السياسية
  • الشهيد القائد.. صرخات جهاد تُزهر في آفاق الحرية
  • الرئيس تبون يأمر بضرورة أن يحترم القانون الحق النقابي والتكوين في هذا المجال
  • مصر ترفض بشدة أي خطط لنقل الفلسطينيين إلى سيناء
  • المخطط من زمان.. شاهد ماذا قال مبارك لـ نتنياهو عن تهجير الفلسطينيين إلي سيناء؟| فيديو
  • إدارة أمن تعز تقيم فعالية خطابية بالذكرى السنوية للشهيد القائد
  • .. ورحلت الهاشمية
  • من المعاش للبستان.. سيد يفتش عن عشقه القديم في عالم النباتات| فيديو
  • عبد الساتر احتفل بقداس على نيّة الإعلاميين: دافعوا عن المظلوم وعن الحقّ
  • 15 سؤالا تشرح قرار ترامب منع الجنسية بالولادة