جريدة زمان التركية:
2025-03-04@17:30:45 GMT

لمحة عن تاريخ الدبلوماسية

تاريخ النشر: 29th, April 2024 GMT

بقلم: هيثم السحماوي

القاهرة (زمان التركية) –في الإثني عشر مقالاً السابقين في السلسلة كان الحديث عن الدبلوماسية في الشريعة الإسلامية، والآن أبدأ بالحديث عن الدبلوماسية من الجانب الآخر، وهو جانب القانون، على أن أعود مرة أخرى لإكمال الحديث عن الدبلوماسية في الشريعة الإسلامية.

ومن الجدير بالذكر هنا، التذكير بأنه بالحديث عن الدبلوماسية في الشريعة الإسلامية لا يعني على الإطلاق أنها بدأت في هذا العصر، وإنما قد عُمل بالدبلوماسية قبل ذلك بكثير،  بل قبل بداية عصر الحضارات، فقد كانت الدول والإمبراطوريات والقارات المختلفة تتبادل فيما بينها الرسُل محملين بالرسائل، وحينئذ كانت العلاقات الدبلوماسية تهدف إلى إقامة إتفاقيات للصيد وللتجارة وللزواج أو الإنذار بالغزو … الخ، وكان لهؤلاء الرسُل حصانات وامتيازات.

وموجود جزء من هذا التاريخ في سجلات جداريات المايا  في أمريكا الشمالية، وجداريات الإنكا في أمريكا الجنوبية.  أما عن تاريخ الدبلوماسية منذ فترة بداية الحضارة الإنسانية، ومن ناحية اللغة  فتعتبر اللغة( الأكادية )أول لغة دبلوماسية تسجل في التاريخ الإنساني، ومن ناحية المعاهدات، فتعتبر أول معاهدة دبلوماسية تصلنا كاملة هي المعاهدة التي عقدها الملك المصري رمسيس الثاني مع الحيثيين عام 1280 قبل الميلاد.

وإذا ما ألقينا نظرة خاطفة على التاريخ الدبلوماسي، نجد أن في الصين في القرن الثالث قبل الميلاد كانت العلاقات الدبلوماسية تهتم بأمران هامان: وهما العلاقات التجارية مع العالم وتأمين حدود الصين المترامية.

وفي اليونان أتاح تشريع ( بروكسيني) أن يكون لأي مواطن يوناني تختاره سلطة المدينة أن يستضيف قنصل أجنبي فخري،  تكون مهمته الإعتناء بمصالح مواطني الدولة الأجنبية الموجودين داخل الحدود اليونانية.

ويذكر المؤرخ هيرودوت وجود قناصلة يونانيين في مصر خلال القرن السادس قبل الميلاد .

أما في الهند فلقد ازدهرت الدبلوماسية الهندية في عهد الإمبراطور الموري (أشوكا). وكانت الدبلوماسية تقوم على ثلاث محاور وهم،   حمل الرُسل لرسائل محددة وطارئة من الهند، ومجموعة هدفهم القيام بأعمال الجاسوسية،  إضافة إلى الرسُل الذين كانو يسمو بالرسُل الملكين وهم الذين يعملون على تنظيم العلاقات التجارية مع الدول الأخرى.

وفي القرن الثالث عشر ميلاديًّا جاءت الإمبراطورية المغولية بـ  (بايزا) وهو شيء شبيه بجواز السفر الحالي، كان هذا الجواز ثلاث مراتب من حيث أهميته، الأولى ذهبية والثانية فضية والثالثة نحاسية.

وكانت الكنيسة الكاثوليكية بروما ترسل ما يسمي (بمفوضي البابا) للحلفاء لمهمات تشريعية أو سياسية.

أما الدبلوماسية في شكلها المعاصر فيرجع أصولها إلى عصر النهضة، وتحديدًا على يد الدول البازغة شمالي إيطاليا، وفي القرن الثالث عشر  تأسست أولى السفارات.

ولقد اصطلح لقب “سفير” في هذه الفترة وانتقل هذا من إيطاليا إلى باقي دول أوروبا.

وقامت ميلان بإرسال سفيرها إلى فرنسا عام 1455م، وأرسلت أسبانيا سفيرها إلى إنجلترا عام 1487م.

وجاء القرن السادس عشر والدول الأوربية تتبادل البعثات الدبلوماسية فيما بينها، وكانت البعثة الدبلوماسية تضم أحيانًا مائة شخص.

وجاءت المحطة الهامة وهي صلح (وستفاليا) والذي بإتمامه عام 1648 كان بمثابة ميلاد للدول القومية الحديثة، حيث أصبح لكل دولة أوروبية كبرى سفارة أو مفوضية في جميع الدول التي تربطها بها مصالح.

حتى جاءت محطة أخرى في تاريخ الدبلوماسية وهي مؤتمر فيينا عام 1815 الذي كان بين سفراء أوروبا، ووضع نظام للتبادل الدبلوماسي وكان يضع فرقًا في التعامل بين الدول الكبرى والدول ذات المصالح المحدودة، حيث كان للدول العظمى وحدها تبادل البعثات.

ثم كانت المحطة الأهم وأساس الدبلوماسية المعاصرة وهي اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية عام 1961، وهي الاتفاقية التي ستكون الشاهد والمرجع الدائم للحديث عن قضايا كثيرة تخص الدبلوماسية في القانون ابدأ بالحديث عنها من المقال القادم بإذن ربنا.

يسعدني التواصل وإبداء الرأي[email protected]

Tags: الدبلوماسيةتاريخ الدبلوماسية

المصدر: جريدة زمان التركية

كلمات دلالية: الدبلوماسية تاريخ الدبلوماسية عن الدبلوماسیة الدبلوماسیة فی

إقرأ أيضاً:

الفينيقيون ومستعمراهم في بريطانيا وآيرلندا (2-3)

 

 

د. هيثم مزاحم **

 

يرى المؤرخون المختصون بمنطقة الشرق الأدنى القديم أن الفينيقيين أو الكنعانيين قد هاجروا من شبه الجزيرة العربية بشكل موجات هجرة كبيرة في فترات متباعدة، وقد استندوا في ذلك إلى أمرين، أولًا أوجه الشبه القوية بين اللغات أو اللهجات التي انتشرت في منطقة الهلال الخصيب (بلاد الشام والعراق) وبين اللغة العربية. والأمر الثاني هو أن صحاري الجزيرة العربية كانت في العصور القديمة مفتوحة على بادية الهلال الخصيب وكانت أراضي الهلال الخصيب تجذب القبائل العربية المتنقلة ومن ثم كانت عاملًا أساسيًا في استقرارها.

وهناك أدلة كثيرة على أن الفينيقيين سكان المدن الساحلية، كانوا يعتبرون أنفسهم كنعانيين ولم يصفوا أنفسهم بالفينيقيين لأن هذه التسمية أطلقها عليهم الإغريق ومن بعدهم الرومان. إن إطلاق اليونانيين تسمية فينيقيين على الكنعانيين بمعنى الرجال الحمر لا يعني بالضرورة أنهم أخذوها عن تسمية الحميريين؛ فالفينيقيون أو الكنعانيون قد سبق وجودهم الحميريين بأكثر من ألفي سنة. يقول جان مازيل في كتابه "تاريخ الحضارة الفينيقية الكنعانية" إن أولى المنازل الحضرية في مدينة جبيل في لبنان تعود لحوالي 3000 سنة قبل الميلاد، وأن فترة "العموريين" القادمين من أقاصي الصحراء السورية ابتدأت فيها حوالي 2000 قبل الميلاد، وهو تاريخ ابتداء الفينيقيين".

ويرى بعض الباحثين أن اتجار الكنعانيين بصباغ الأرجوان ذي اللون الأحمر واحتكارهم لسر إنتاجه قد دفع باليونان لإطلاق تسمية «فونيكي» أي الحمر عليهم.

تقول الباحثة جوزفين كوين، أستاذة التاريخ القديم في كلية ورشيستر بجامعة أوكسفورد في كتابها "في البحث عن الفينيقيين": إن مصطلح "فينيقي" كان وسمًا عامًا ابتكره المؤلفون اليونانيون القدماء وكان يقصدون به بحارة بلاد الشام الذين صادفوهم خلال اكتشافاتهم البحرية. ولكن الكتاب الإغريق لم يستخدموا ذلك المصطلح قط لوصف مجتمع عرقي ثقافي متفرد. يتحدث المؤرخ هيرودوتس في كثير من المواضع عن الفينيقيين بإعجاب كبير، ولكنه لم يكتب قط وصفًا إثنيًا لهم، كما فعل مع المجموعات الأخرى مثل المصريين والإثيوبيين والفرس.

بدأت قصة التفرد العرقي للفينيقيين القدماء مع نشوء القومية اللبنانية مع المسيحيين الموارنة في القرن العشرين في محاولة لتمييز أنفسهم عن العرب والمسلمين، الذين ينتمون بدورهم إلى الكنعانيين، الإسم الحقيقي للفينيقيين.

بدورهم، بحث سكان الجزيرة التي تدعى اليوم بريطانيا العظمى في القرون الوسطى عن أصول قومية بنوعيات إنكليزية وبريطانية. بوشر بالاتجاه الإنكليزي أولًا في القرن الثامن وتم التركيز على ملوك البلاد من الساكسون. بينما تعاظم المنحى البريطاني في القرن الثاني عشر مع أعمال العالم الويلزي جيفري الذي تتبع تاريخه لملوك بريطانيا إلى بروتس الطروادي حفيد حفيد أينياس. وكان جيفري أول مؤلف يكتب تقريرًا مفصلًا لمآثر الملك آرثر الذي هزم غزاة بريطانيا الساكسونيين.

وقد وجدت هذه الأساطير فرصة جديدة للحياة بعد انفصال الملك هنري الثامن عن روما، لأن الكنيسة الكاثوليكية المحلية كانت وثيقة الارتباط مع الساكسون الإنكليز الذين تربعوا على الجزيرة في القرن السادس الميلادي. جعلت الأصول الويلزية لملوك تيودور الرؤية البريطانية الأوسع للأمة جذابة بشكل خاص لتلك الفترة، وكذلك لطموحاتهم الإمبريالية نحو اسكتلندا.

وفي منتصف القرن السادس عشر كتب جون تواين مجلدين باللغة اللاتينية نشرت بعد موته عام 1590 ولم تترجم إلى الإنجليزية قط، ويتحدث فيها عن قضية جديدة مثيرة بشأن جذور بريطانيا. ينقل فيها عن الأباتي فوشي نفيه للأصول الطروادية المزعومة ويعلن أن عرقًا من العمالقة سكنوا الكهوف في الأرض التي منحها اسمه ألبيون. كان الفينيقيون أول أجانب يصلون إلى هذه الجزيرة مدفوعين بالوصول إلى معادن كورنوال. تشمل أدلته على هذا الادعاء الزي البيوني الذي لا تزال بعض النسوة يرتدينه في ويلز إضافة إلى الأكواخ البونية في تلك المنطقة. ويضيف الأباتي أن العادة البريطانية لطلاء الجسم بنبات الوسمة كانت محاولة واضحة من الفينيقيين لاستعادة بعض اللون الذي فقدوه على مدار أجيال من الابتعاد عن الشمس.

من خلال استبعاد الفرضية الطروادية القديمة قدم تواين هوية تاريخية جديدة لسلالة تيودور الجديدة هي الفينيقية ومنحت بريطانيا أسلافًا أكثر بطولة وتحضرًا. فالفينيقيون في زعمه كانوا تجارًا نشأوا في بابل قبل الهجرة إلى العديد من الأراضي القديمة الأخرى، بما في ذلك مصر وإثيوبيا وسوريا واليونان وإسبانيا وأخيرًا وصلوا إلى بريطانيا.

ويتساءل: من أين يأتي الرجال بعادة حلق اللحية باستثناء الشفة العليا إن لم يكن من البابليين؟

ونشر ايليت سامز كتاب "عادات بريطانيا القديمة المشتقة من الفينيقيين" عام 1676 حيث تعززت نظرية سامز حول فينيقية بريطانيا القديمة بالعمل الشهير للعالم الفرنسي صموئيل بوشارت الذي تتبع في "الجغرافية المقدسة" عام 1646 تفرق ذرية نوح عبر العالم. فقد أولى بوشارت اهتمامًا خاصًا بالفينيقيين، مقترحًا أنهم وصلوا إلى بريطانيا وآيرلندا. ادعى سامز أن الفينيقيين استوطنوا في جنوب بريطانيا بينما استعمر السيمبري الألمان الشمال. وكتب سامز أن الفينيقيين تركوا أكبر الأثر ليس فقط اسم بريطانيا وحده ولكن معظم الأماكن هناك ذات الجماعات القديمة اشتُقت من اللسان الفينيقي؛ بل اللغة نفسها إلى حد كبير إضافة إلى العادات والأديان والأصنام والمراتب والأدوات الحربية في بريطانيا القديمة، فهي كلها فينيقية.

وبالنسبة إلى سامز شملت الكلمات البريطانية المشتقة من الفينيقية إسم كورنوال وكلمة بيرة وضم بقاء الثقافة الفينيقية موقع ستونهنغ.

وبالرغم من أن سامز قد ركز على أصول الممالك البريطانية فقد ميّز بشدة بريطانيا عن الأمم الأوروبية الأخرى، وعلى الأخص كان ضد منافستها اللدود فرنسا وشعبها. وبالنسبة إلى سامز ومعاصريه، فقد ارتبط الفرنسيون بشكل وثيق بالرومان. وقد فاقم تحدر البريطانيين المفترض من أعداء روما التقليديين، قرطاجة الفينيقية ذات القوة التجارية البحرية، الفوارق بين الدولتين الحديثتين وعزز تفوق بريطانيا في البحر.

بالنسبة لسامز كانت بريطانيا على الدوام أمة مستقلة بحد ذاتها وينطبق المبدأ ذاته على سكانها الأصليين، فهو أول من وصف الفينيقيين بأنهم أمة ودولة.

ظهرت في آيرلندا نسخة بديلة من القومية الفينيقية. كان معاصر سامز رودريك أوفلاهرتي أول عالم آيرلندي يقترح في عمله عام 1685 أن الفينيقيين شكلوا جزءًا من الأرومة الآيرلندية. أصبحت نظرية أوفلاهرتي في القرن الثامن عشر بأن الفينيقيين أسلاف الآيرلنديين شديدة الرواج بين المفكرين الغال ودعاة التفوق البروتستانتي.

كان تشارلز فالانسي أحد أكثر المتحمسين البروتستانت الذي وصل إلى آيرلندا عام 1756 كمراقب عسكري بريطاني وبقي هناك كآثاري محلي محترم وعضو مؤسس للأكاديمية الآيرلندية الملكية. انصب

اهتمام فالانسي الرئيسي على اللغة الآيرلندية القديمة، حيث أعلن في واحدة من دراساته المطولة أن الآيرلندية القديمة ربما كانت بدرجة كبيرة لغة هاني بعل هاميلكار الفينيقي.

وكما استخدم القوميون البريطانيون الفينيقيين لتمييز أنفسهم عن الفرنسيين الرومان، فإن المناصرين للقومية الآيرلندية استخدموا الماضي الفينيقي لتمييز الآيرلنديين عن البريطانيين الأكثر رومانية. وبهذا المنظور صُوّر الاحتلال البريطاني لآيرلندا كصراع عظيم بين قرطاجة النبيلة المتطورة أي الأيرلنديون- الفينيقيون، والقوة الغوغائية الإمبريالية لروما أي بريطانيا.

وفي الوقت ذاته فإن التلقف الفالانسي للخصوصية الفينيقية في العالم القديم كان ضبابيًا ولم يميزهم بقوة عن

احتفى المفكرون الآيرلنديون بالفينيقيين كمجموعة من الجذور القديمة المركبة والمتداخلة، فقد بجلوا الأسلاف الفينيقيين، ولكنهم لم يسعوا إلى إنشاء أمة فينيقية مستقلة.

** رئيس مركز الدراسات الآسيوية والصينية في لبنان

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • الدول الشاذة
  • الفينيقيون ومستعمراهم في بريطانيا وآيرلندا (2-3)
  • الاتحادية ترفض الطعن في منح الجوازات الدبلوماسية الدائمة للمسؤولين
  • برلماني يعلن شمول أحد كبار المتهمين في سرقة القرن بقانون العفو (وثيقة)
  • سرقة القرن تحرم موظفين في الدولة العراقية من تسلم رواتبهم
  • وصية الوليد بن محمد بن مصعب في القرن الثالث الهجري
  • إيران: يمكن شراء الأمن من خارج منطقة الشرق الأوسط
  • إيران: الأمن في منطقة الشرق الأوسط يجب أن يتم داخلياً
  • مشهد بشع..لولا دي سيلفا: المشادة بين ترامب وزيلينسكي سابقة في تاريخ الدبلوماسية
  • أستاذ علوم سياسية: مشادة ترامب وزيلينسكي سابقة في تاريخ الدبلوماسية العالمية