جريدة الرؤية العمانية:
2025-01-22@20:49:46 GMT

"حربٌ بلا نصر"

تاريخ النشر: 29th, April 2024 GMT

'حربٌ بلا نصر'

 

 

علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

في عام 1999، صدر كتاب بعنوان "نصرٌ بلا حرب" للرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون (9 يناير 1913- 22 أبريل 1994)، وهو رئيس الولايات المتحدة الأمريكية السابع والثلاثين (1969- 1974) ونائب الرئيس الأمريكي السادس والثلاثين ليندون جونسون، وقام بنقله الى اللغة العربية المشير محمد عبدالحليم أبوغزالة وزير الدفاع والإنتاج الحربي الأسبق بجمهورية مصر العربية.

ومن المعروف عن الرئيس نيكسون أنه صاحب مدرسة سياسية مُميزة؛ حيث أحاط نفسه طوال عُهدته الرئاسية بعدد من النُخب المميزين، أبرزهم وزير خارجيته هنري كيسنجر. ولخص نيكسون استراتيجيته لتحقيق نظرية "نصر بلا حرب" في نقطتين:

الأولى: تشويه سمعة البلد المُستهدف وتعبئة الرأي العام الأمريكي والدولي ضده، وتهييج الوسط الشعبي داخله؛ بما يهزّ قوته وسيطرته السياسية والإدارية في الداخل وصورته في الخارج.

الثانية: حشد أكبر قدر ممكن من الجيوش والأساطيل الأمريكية والاستعداد للحرب بحيث يدخل في عقل البلد المقصود أن الحرب واقعة لا محالة، وأن النصر على الولايات المتحدة بكل إمكاناتها العسكرية والاقتصادية والتقنية أمر مستحيل. عندئذ يستسلم الهدف ويتحقق النصر من دون حرب. وتحدث عن الصين كمارد نائم يجب ألّا يتم إيقاظه، كما قال نابليون بونابرت.

نقطتا نيكسون شكلتا عصب السياسة الخارجية الأمريكية لعقود؛ حيث حققت أمريكا من خلال رؤيته هذه، العديد من الانتصارات على خصومها بلا حرب، بفعل آلة إعلامية ضخمة ومؤثرة، وحشد أكبر عدد من الجيوش والأساطيل تجاه العدو المستهدف؛ فيما عُرف بسياسة "حافة الحرب".

عرِفت نظرية نيكسون التفكك التدريجي الواضح في العقدين الأخيرين، ولعل السببين الرئيسين في ذلك يعودان بالدرجة الأولى إلى تكشفها للعالم أولًا، وإلى اختيار بعض الخصوم للمواجهة المباشرة مع أمريكا وتحديها، كحالتي إيران وكوريا الشمالية، وبالنتيجة تراجعت أمريكا في لحظات مفصلية حفاظًا على ماء وجهها، ومكانتها الدولية. يضاف إلى ذلك دخول العالم في شبكات تواصل اجتماعي معقدة ومتعددة، مكّنت العالم من التواصل ومعرفة الجديد أولًا بأول، مُتخطِّين وسائل الإعلام التقليدية والتي كانت في غالبيتها تحت الملكية أو التأثير الأمريكي خصوصًا، والغربي بشكل عام.

وبما أن الأمريكي معروف عنه النوم على منجزاته والعيش بأثر رجعي، فلم يستوعب تخطي العالم للكثير من احتكاره وتأثيره، كما لم يُدرك تشكُّل العالم من أقطاب متعددة بعد انهيار وتفكك غريمه الاتحاد السوفييتي، وبروز التكتلات الاقتصادية المنافسة للقطبية الأمريكية الواحدة، وعلى رأس المنافسين تكتل مجموعة بريكس (البرازيل- روسيا- الهند- الصين- جنوب أفريقيا).

"طوفان الأقصى" اليوم قلب النظرية رأسًا على عقب، وجعلها "حرب بلا نصر"، بعد 6 أشهر من حصار وتدمير وتجويع قطاع غزة. ولم يبرهن "طوفان الأقصى" للأمريكي ورديفه الغربي، أن استثمارهم الاستراتيجي المتمثل في الكيان الصهيوني المؤقت قد خرج من الخدمة فعليًا منذ حرب يوليو 2006؛ بل إن الأمريكي ورديفه الغربي، عاجِزان تمامًا عن تحقيق نصر بحرب حقيقية في الميدان.

الأَمَرُّ من هذا بالنسبة للأمريكي، يتمثل في فشله في اجتزاء صورة نصر سياسي تحفظ ماء وجهه، كما اعتاد في مواجهات سابقة، كحالة تهديده بضرب بنك أهداف في سوريا عام 2013، والتي انتهت- وكما نعلم- بمسرحية أخرجها الروسي وتمثلت في السلاح الكيماوي السوري.

الأمريكي اليوم ورديفه الغربي، في مأزق حقيقي عنوانه غزة؛ حيث تهاوت قواتهم وقواهم وسردياتهم وادعاءاتهم؛ فقد عادت عليهم الحرب على غزة بارتدادات عنيفة جدًا داخل بلدانهم، تُنذر ليس بسقوط رؤوس وحكومات فحسب؛ بل بثقافات وأنماط ونظريات حُكم ستَعْرِف الكثير من المُراجعات من جيل المُستقبل في الغرب، والذي يُناصر غزة اليوم وبكل قوة في الجامعات والشوارع ووسائل الإعلام الاجتماعي وبصور غير مسبوقة.

قبل اللقاء.. في الحروب ينتصر السلاح الأقوى، وفي الصراعات تنتصر الإرادة الأقوى. وبالشكر تدوم النعم.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الفشل الأمريكي الإسرائيلي.. وواقعية المسيرة

 

حرب الإبادة الجماعية والتدمير واستعمال التجويع في هذه الحرب طالت كثيراً وأعطي لحكومة الإجرام والتطرف الصهيوني أكثر مما تريده من الوقت لإنهاء هذه الحرب..

إطالة هذه الحرب بات من عوامل الضغط على السياسة الأمريكيّة في ظل أي إدارة، ولكن «نتنياهو» بالمقابل ظل المصمم على استمرار هذه الحرب باعتبارها مصيرية له شخصياً في ظل إدارة ديمقراطية لا تريد التقاطع مع «النتن» ورئيس ديمقراطي ضعيف الشخصية وضعيف التأثير..

ترامب الذي نجح في الانتخابات – وهو الأكثر تطرفاً مع الكيان الصهيوني – لكنه يعرف ماذا يعنيه عامل الضغط الداخلي والخارجي على السياسة الأمريكية وهذه الحرب الشنيعة والمجرمة على غزة..

وهو كرئيس عائد للبيت الأبيض له رؤيته وهو يحتاج لمثل هذه الهدنة أو التهدئة في غزة وأن لا يظل أسير النمطية النتنة ربطاً بالتعامل مع قضايا عالمية أهم في ظل صراع دولي لم يكن موجوداً ولا حاضراً بهذا الزخم والاندفاع منذ انهيار السوفييت..

الذي أراه أن ترامب وقبل أن يصل إلى الحكم مارس دور المكمل للضغوط على أمريكا والسياسة الخارجية الأمريكية، وهو الذي ضغط على «نتنياهو» وأجبره على قبول الصفقة..

وبالتالي فإن الديمقراطي «بايدن» لم يكن بمقدوره فرضها والصفقة هي إجبارية أو اضطرارية لنتنياهو، ولكن قد تكون لترامب وأمريكا صفقة تكتيكية أمريكية لأي أسباب ظاهرة أو خفية..

أياً كان وحتى لو كانت الصفقة أمريكية تكتيكية فهي بمثابة انتصار للمقاومة الفلسطينية ولجبهات الإسناد وذلك ما يسلم به إسرائيلياً..

الأكثر مصداقية مع فلسطين القضية والشعب توصيفهم أن إسرائيل انهزمت، ولكنني لا أخفي إعجابي بتوصيف قادة وقيادات إسرائيلية عسكريّة وأمنية كبيرة في عبارات مركزة على طريقة «أن ما جرى في الحرب على غزة هو فشل مدو لإسرائيل»..

ولذلك أبدي إعجابي بواقعية واحترافية في أداء فضائية «المسيرة» الذين يكتفون بمفردة «فشل» العدوان الأمريكي البريطاني ولا يستعملون حتى ثنائي «فشل مدو»، فهذه الواقعية تنم عن ثقة من ناحية وهي تشير إلى التعامل الإعلامي الواقعي مع أي تطورات ومع أي احتمالات..

هذه الاحترافية المرنة والواقعية التي التقطها من فضائية «المسيرة» هي ما تمكننا من التعامل الناجح مع احتمالية أن تكون الصفقة أو الهدنة التي فرضها «ترامب» هي تكتيكية، وذلك يعني إحداث أفاعيل وتفعيلات أخرى لتجهيز سكان غزة أو حتى في تجديد السعي لإنهاء القضية الفلسطينية..

يعنينا أن نستفيد من هذه الهدنة أو الصفقة باعتبارهاً فعلاً انتصاراً للمقاومة الفلسطينية وجبهات إسنادها وذلك لا يقلل منه كحق واستحقاق أن تكون أمريكا تكتيكية وأي تكتيكات أمريكية خبرناها وتمرسنا معها بل إنه يعنينا الاستعداد لاحتواء كل هذه التكاتيك و«التباتيك» وأن نستعد لاحتواء ما يمكن وإفشال كل احتمال، ويكفينا أن نصل أو أن نظل في استحقاقات العنوانين «فشل إسرائيلي مدو» « أو فشل كامل للعدوان الأمريكي البريطاني»..

عندما نكون بصدد إنهاء إبادة جماعية ودمار شامل في غزة ثم أتابع تصريحاً للسلطة الفلسطينية يقول إن حماس لا يمكنها الانفراد بحكم غزة فهذا يجسد موقف صراعي سياسي ليست أولوية منع الإبادة في غزة وقضية فلسطين وقد يستعمل شعاراتياً فقط..

الذين ليست غزة والإبادة الجماعية في غزة لهم سوى للاستعمال الشعاراتي وكذلك فلسطين القضية والشعب ليسوا أعجز من السلطة الفلسطينية في التخريجات والشعارات، والمقارنة تصبح على الأقل في الفرق بين سلطة ياسر عرفات ومحمود عباس..

ولهذا لا يتوقع من العملاء أو المتماهين مع العمالة أو حتى من تنجح العمالة في تضليلهم أن يشيدوا بإيجابية تتحقق من صنعاء وأنصار الله أو حتى من احترافية وواقعية فضائية «المسيرة»، وبالتالي فالذين يختلفون بانتصار المقاومة في غزة لهم الحق كمواطنين يمنيين في مارب أو غير مارب، أما إذا المراد تقديم طرف سياسي كركوب لموجة فعامة الناس وقد باتوا يتعمقون في تكتيكات بلهاء على طريقة ركوب «الموجة»، ومثل هؤلاء باتت بلاهتهم خارج مقاييس الفهم وليس فقط المنطق..

من يعيشون الواقعية والمصداقية مع الواقع هم من يكتفون بمحاور وعناوين على طريقة الفشل الأمريكي والفشل الصهيوني..

لنا تصور مسابقة بطريقة الفضائيات العربية والسؤال منطوقه:

عندما جاءت عبارة «لن ترى الدنيا على أرضي وصيا»، فمن هذه الوصاية التي ألهمت الشاعر وحفزت وحمسّت صاحب اللحن والأداء؟

مع الأسف فكل من يهجون ويهاجمون يعرفون الإجابة تاريخياً وجغرافياً، لكنهم انساقوا في عبودية المال وباعوا أنفسهم ووطنهم!!.

 

مقالات مشابهة

  • الفشل الأمريكي الإسرائيلي.. وواقعية المسيرة
  • وزير الخارجية الأمريكي الجديد: سنعمل على تعزيز السلام في العالم
  • صحافة دولية.. زعماء العالم يهنئون ترامب بتنصيبه.. والرئيس الأمريكي يعفو عن متظاهري 6 يناير وينسحب من اتفاقية باريس للمناخ
  • رئيس يشغل العالم.. "ترامب 2025" عاصفة التغيير ومستقبل أمريكا.. السياسة الخارجية الأمريكية تواجه تحديات المشروع النووي الإيراني.. وتعهدات بإنهاء الحرب في أوكرانيا وحل النزاعات الإقليمية
  • بعد عقود من السرية.. وكالة المخابرات الأمريكية تكشف عن كتاب يروي تفاصيل نهاية العالم
  • ترامب: سنرفع العلم الأمريكي على كوكب المريخ
  • نيجيرفان بارزاني يهنئ الرئيس الأمريكي بأداء اليمين
  • جيه دي فانس يؤدي اليمين الدستورية نائباً للرئيس الأمريكي
  • الرئيس الأمريكي ترامب يصل إلى البيت الأبيض قبل حفل التنصيب
  • من العالم.. جرائم مروّعة ومراهق يشعل مكتب لـ«الكونغرس الأمريكي» بسبب «تيك توك»!