جريدة الرؤية العمانية:
2025-02-23@03:57:38 GMT

"حربٌ بلا نصر"

تاريخ النشر: 29th, April 2024 GMT

'حربٌ بلا نصر'

 

 

علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

في عام 1999، صدر كتاب بعنوان "نصرٌ بلا حرب" للرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون (9 يناير 1913- 22 أبريل 1994)، وهو رئيس الولايات المتحدة الأمريكية السابع والثلاثين (1969- 1974) ونائب الرئيس الأمريكي السادس والثلاثين ليندون جونسون، وقام بنقله الى اللغة العربية المشير محمد عبدالحليم أبوغزالة وزير الدفاع والإنتاج الحربي الأسبق بجمهورية مصر العربية.

ومن المعروف عن الرئيس نيكسون أنه صاحب مدرسة سياسية مُميزة؛ حيث أحاط نفسه طوال عُهدته الرئاسية بعدد من النُخب المميزين، أبرزهم وزير خارجيته هنري كيسنجر. ولخص نيكسون استراتيجيته لتحقيق نظرية "نصر بلا حرب" في نقطتين:

الأولى: تشويه سمعة البلد المُستهدف وتعبئة الرأي العام الأمريكي والدولي ضده، وتهييج الوسط الشعبي داخله؛ بما يهزّ قوته وسيطرته السياسية والإدارية في الداخل وصورته في الخارج.

الثانية: حشد أكبر قدر ممكن من الجيوش والأساطيل الأمريكية والاستعداد للحرب بحيث يدخل في عقل البلد المقصود أن الحرب واقعة لا محالة، وأن النصر على الولايات المتحدة بكل إمكاناتها العسكرية والاقتصادية والتقنية أمر مستحيل. عندئذ يستسلم الهدف ويتحقق النصر من دون حرب. وتحدث عن الصين كمارد نائم يجب ألّا يتم إيقاظه، كما قال نابليون بونابرت.

نقطتا نيكسون شكلتا عصب السياسة الخارجية الأمريكية لعقود؛ حيث حققت أمريكا من خلال رؤيته هذه، العديد من الانتصارات على خصومها بلا حرب، بفعل آلة إعلامية ضخمة ومؤثرة، وحشد أكبر عدد من الجيوش والأساطيل تجاه العدو المستهدف؛ فيما عُرف بسياسة "حافة الحرب".

عرِفت نظرية نيكسون التفكك التدريجي الواضح في العقدين الأخيرين، ولعل السببين الرئيسين في ذلك يعودان بالدرجة الأولى إلى تكشفها للعالم أولًا، وإلى اختيار بعض الخصوم للمواجهة المباشرة مع أمريكا وتحديها، كحالتي إيران وكوريا الشمالية، وبالنتيجة تراجعت أمريكا في لحظات مفصلية حفاظًا على ماء وجهها، ومكانتها الدولية. يضاف إلى ذلك دخول العالم في شبكات تواصل اجتماعي معقدة ومتعددة، مكّنت العالم من التواصل ومعرفة الجديد أولًا بأول، مُتخطِّين وسائل الإعلام التقليدية والتي كانت في غالبيتها تحت الملكية أو التأثير الأمريكي خصوصًا، والغربي بشكل عام.

وبما أن الأمريكي معروف عنه النوم على منجزاته والعيش بأثر رجعي، فلم يستوعب تخطي العالم للكثير من احتكاره وتأثيره، كما لم يُدرك تشكُّل العالم من أقطاب متعددة بعد انهيار وتفكك غريمه الاتحاد السوفييتي، وبروز التكتلات الاقتصادية المنافسة للقطبية الأمريكية الواحدة، وعلى رأس المنافسين تكتل مجموعة بريكس (البرازيل- روسيا- الهند- الصين- جنوب أفريقيا).

"طوفان الأقصى" اليوم قلب النظرية رأسًا على عقب، وجعلها "حرب بلا نصر"، بعد 6 أشهر من حصار وتدمير وتجويع قطاع غزة. ولم يبرهن "طوفان الأقصى" للأمريكي ورديفه الغربي، أن استثمارهم الاستراتيجي المتمثل في الكيان الصهيوني المؤقت قد خرج من الخدمة فعليًا منذ حرب يوليو 2006؛ بل إن الأمريكي ورديفه الغربي، عاجِزان تمامًا عن تحقيق نصر بحرب حقيقية في الميدان.

الأَمَرُّ من هذا بالنسبة للأمريكي، يتمثل في فشله في اجتزاء صورة نصر سياسي تحفظ ماء وجهه، كما اعتاد في مواجهات سابقة، كحالة تهديده بضرب بنك أهداف في سوريا عام 2013، والتي انتهت- وكما نعلم- بمسرحية أخرجها الروسي وتمثلت في السلاح الكيماوي السوري.

الأمريكي اليوم ورديفه الغربي، في مأزق حقيقي عنوانه غزة؛ حيث تهاوت قواتهم وقواهم وسردياتهم وادعاءاتهم؛ فقد عادت عليهم الحرب على غزة بارتدادات عنيفة جدًا داخل بلدانهم، تُنذر ليس بسقوط رؤوس وحكومات فحسب؛ بل بثقافات وأنماط ونظريات حُكم ستَعْرِف الكثير من المُراجعات من جيل المُستقبل في الغرب، والذي يُناصر غزة اليوم وبكل قوة في الجامعات والشوارع ووسائل الإعلام الاجتماعي وبصور غير مسبوقة.

قبل اللقاء.. في الحروب ينتصر السلاح الأقوى، وفي الصراعات تنتصر الإرادة الأقوى. وبالشكر تدوم النعم.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

فتح: وقف المساعدات الأمريكية لقوات الأمن الفلسطينية جاء في وقت صعب

أكد عضو المجلس الاستشاري لحركة فتح، اللواء عدنان الضميري، اليوم الخميس، أن وقف الرئيس الأمريكي للمساعدات الموجهة لقوات الأمن الفلسطينية جاء في وقت تواجه فيه السلطة الفلسطينية صعوبات أمنية وأزمة مالية.

وقال «الضميري» في مداخلة لقناة «العربية الحدث» الإخبارية، إن الداعمين الآخرين لقوات الأمن الفلسطيني لا يقدمون دعمًا ماليًا، ولكن يقدمون دعمًا للاحتياجات اللوجستية على الأرض في البناء والتأسيس والتدريب وفي كثير من القضايا، حيث لا يزال مكتب الشرطة الأوروبية يعمل في رام الله ويقدم الخدمات للأمن الفلسطيني، كما كان للجانب العربي دورًا ودعمًا أيضًا في تدريب قوات الأمن الفلسطينية.

وأضاف، أن الإدارة الأمريكية الجديدة أوقفت كل المساعدات على كل دول العالم ومن بينها المساعدات للشعب الفلسطيني، لذلك لابد من التعامل مع موضوع وقف المساعدات الأمريكية والتعايش معه.

وأشار إلى أنه على الجانب الأخر لا يزال الأوروبيون يقدمون المساعدات للفلسطينيين المتخصصة في مجال القضاء والشرطة والدفاع المدني ولم تنقطع حتى الآن، فيما لم تبخل الدول العربية يوما في مساعدة الشعب الفلسطيني.

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن، وقف جميع المساعدات الموجهة لقوات الأمن الفلسطينية في إطار التجميد العام للمساعدات الخارجية الأمريكية.

ويأتي هذا القرار في وقت حرج بالنسبة للسلطة الفلسطينية التي تعاني من أزمة مالية وصراع على تأمين رواتب الموظفين، وتواجه أيضا صعوبات في فرض سيطرتها بمناطق متفرقة من الضفة الغربية وتسعى لتأمين دورها في إدارة غزة بعد الحرب.

اقرأ أيضاًوزير الخارجية يبحث مع أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح تطورات الأوضاع في غزة والضفة

قيادي بحركة فتح يكشف السبب الحقيقي لتأخر وقف إطلاق النار في غزة «فيديو»

وزير الخارجية يستقبل وفد حركة فتح الفلسطينية

مقالات مشابهة

  • الجيل الرابع من الحرب غير المتكافئة:الحرب الأمريكية الجديدة وتطبيقاتها
  • وكالة ريا نوفوستي: روسيا تقدم تعديلا على القرار الأمريكي بشأن أزمة أوكرانيا
  • وزير الدفاع الأمريكي: فريق إيلون ماسك سيكون له نفوذ واسع في البنتاغون
  • لـسوء الإدارة.. أعضاء بمجلس الشيوخ الأمريكي يؤيدون الانسحاب من الأمم المتحدة
  • وزير الخارجية الأمريكي: ترامب غير راض عن زيلينسكي
  • نائب الرئيس الأمريكي: الهجرة غير النظامية أكبر تهديد إلى أوروبا
  • مستشار الأمن القومي الأمريكي: رسالتنا لزيلينسكي يجب أن تكون وقع على الصفقة
  • فتح: وقف المساعدات الأمريكية لقوات الأمن الفلسطينية جاء في وقت صعب
  • بأمر ترامب.. الصحة الأمريكية تُعدل تعريف الذكر والأنثى
  • أسعار النفط تتراجع إثر ارتفاع مخزونات الخام الأمريكية