تبعية دوائر التدقيق الداخلي بوحدات الجهاز الإداري
تاريخ النشر: 29th, April 2024 GMT
د. أحمد بن محمد الهنائي **
تقوم دوائر التدقيق الداخلي في مختلف وحدات الجهاز الإداري للدولة بدور كبير في المحافظة على المال العام، وذلك من خلال الاختصاصات المناطة بها، والتي جاءت بصفة أساسية في المادة رقم (9) من القانون المالي رقم 47/98، ولعل أبرزها: التحقق من تطبيق القوانين واللوائح والأنظمة ذات الطابع المالي، وكذا مراجعة الإيرادات وسندات الصرف الخاصة بالوحدة الحكومية قبل الصرف للتحقق من كون الإنفاق يتم وفق تلك القوانين واللوائح والأنظمة، بالإضافة إلى مراجعة الأعمال المتعلقة بالمخازن والخزائن والمنقولات الخاصة بالوحدة التي تعمل الدائرة في نطاقها، عوضا عن فحص الدفاتر والحسابات والسجلات والمستندات المالية الخاصة بتلك الوحدة الإدارية.
وبموجب ذات المادة أناط المشرع العماني تبعية التقسيم الإداري الخاص بدوائر التدقيق الداخلي إلى رئيس الوحدة مباشرة.
وتتقاطع اختصاصات دوائر التدقيق الداخلي مع الأهداف المناطة بجهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة الواردة في المادة (8) من قانون الجهاز رقم 111/2011، في حين تتماثل اختصاصات كل من دوائر التدقيق الداخلي وجهاز الرقابة الواردة في الفصل الثالث من ذات القانون.
ولئن كان الواقع العملي في أواخر الثمانينات من القرن الماضي له ما يبرره في تبعية دوائر التدقيق الداخلي لرؤساء الوحدات الحكومية التي تعمل تلك الدوائر في نطاقها، نظراً لحداثة تلك الدوائر، والممارسة الجنينية للاختصاصات المناطة بها، وما تستلزمه الطبيعة العملية من أهمية قرب التبعية الإدارية لتبسيط الإجراءات وسرعة الإنجاز في تسيير أعمال الوحدات الحكومية، إلا أننا نرى أنَّ تحقيق أهداف النظام المالي للدولة من خلال تجويد العمل الإداري لدوائر التدقيق الداخلي يصطدم بركيزتين أساسيتين، هما:
التبعية الإدارية لرئيس الوحدة الحكومية التي تعمل في إطارها الدائرة وتمارس فيها اختصاصاتها القانونية؛ حيث إن الرقابة المالية لدوائر التدقيق الداخلي قد تصطدم في غير قليل من الحالات مع منظومة سير العمل في الوحدة الحكومية، ومن ثم فإن تلك التبعية قد تعطل القيام بالإجراءات السليمة لاختصاصات دوائر التدقيق الداخلي. أوجه التماثل والتباين بين الاختصاصات الخاصة بدوائر التدقيق الداخلي وكل من اختصاصات وزارة المالية وجهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة. والبين أن هنالك تماثل كبير بين كل من اختصاصات دوائر التدقيق الداخلي واختصاصات جهاز الرقابة كما أن ذات التماثل ينعكس بتناغم بين اختصاصات دوائر الشؤون المالية في الوحدات الحكومية واختصاصات وزارة المالية.وحاصل القول أن الممارسة العملية السليمة لاختصاصات دوائر التدقيق الداخلي في الوحدات الحكومية يجب أن تكون بمنأى عن ضغوط التبعية الإدارية، فضلاً عن السعي إلى تفعيل الدور الرقابي للدولة بالتنسيق مع محاور رؤية عمان 2040 وبالأخص محور دولة أجهزتها مسؤولة، فإن الأمر يستلزم دراسة ومراجعة تبعية دوائر التدقيق الداخلي لتكون لجهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة عوض تبعيتها إلى رؤساء الوحدات الحكومية.
************
المراجع:
القانون المالي رقم 47/98. قانون الرقابة المالية والإدارية للدولة رقم 111/2011.** دكتوراه في القانون الدستوري والعلوم السياسية
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
رئيس الرقابة المالية: سنعمل على دفع جهود تطوير قدرات الأسواق المالية في الاقتصادات الناشئة
ترأس الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، الاجتماع العام للجنة الأسواق النامية والناشئة (GEMC)، أكبر لجان المنظمة الدولية للهيئات الرقابية على أسواق المال (الأيوسكو -IOSCO)، بصفته رئيسا للجنة ونائبا للمنظمة الدولية الأيوسكو، وذلك ضمن فعاليات الاجتماع والمؤتمر السنوي للجنة والتي تستضيفها تركيا.
حضر الاجتماع جون بول سيرفيس، رئيس المنظمة الدولية للهيئات الرقابية على أسواق المال (الأيوسكو -IOSCO)، وإيمانويل فابر، رئيس مجلس معايير الاستدامة الدولي (ISSB)، وتاجيندر سينغ، القائم بأعمال الأمين العام للمنظمة، ورالوكا تيركوتشي، مديرة تنفيذ المعايير في "الأيوسكو"، وداتين أزالينا أدهم، المديرة العام لهيئة الأوراق المالية الماليزية، وآنا كارفاخال، كبيرة المُختصين بالقطاع المالي في البنك الدولي.
أشار الدكتور فريد، إلى التعاون المثمر بين لجنة الأسواق النامية والناشئة ومجلس معايير الاستدامة الدولي، مشيدًا بدعم منظمة "الأيوسكو" لجهود أعضاء لجنة الأسواق النامية والناشئة فيما يتعلق بإعداد التقارير المتعلقة بالاستدامة، وذكر أن الاستدامة تُعد فرصة للأسواق الناشئة لاجتذاب الاستثمارات وهي ضرورية في الجهود العالمية لمكافحة التغير المناخي.
وشدد على مسألة تبسيط الاستدامة، مشيرًا إلى أهمية مساعدة الشركات المتوسطة والصغيرة في أن تكون الاستدامة مترسّخة في أعمالهم لأنها ليست قاصرة على الشركات الكبيرة أو تلك العاملة في مجال الخدمات المالية، لافتًا إلى أهمية أن تدمج الشركات المُدرجة وغير المُدرجة معايير وممارسات الاستدامة في نماذج أعمالها.
وفي سبيل العمل على تعزيز معايير الاستدامة، أوضح رئيس الرقابة المالية أن الهيئة دشّنت أول سوق كربون طوعي إفريقي لتداول شهادات خفض الانبعاثات الكربونية، حيث تم تسجيل نحو 21 مشروعًا لخفض الانبعاثات الكربونية، وفقًا لقرار مجلس إدارة الهيئة رقم 31 بشأن قواعد قيد وشطب شهادات الكربون الطوعية، وتسجيل ما يعادل 145 ألف شهادة كربون طوعية، في عدد من القطاعات المختلفة منها قطاع الزراعة، وهو ما يأتي نبعًا من اهتمام الهيئة بتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ولفت الدكتور فريد، إلى أن ممارسات الاستدامة لا يجب قصرها على الشركات المقيدة بالأسواق المالية، بل يجب أن تشمل كافة الشركات لما لها من أهمية كبيرة في تعزيز التنافسية والشفافية بما يؤهل تلك الشركات لجذب وتعبئة استثمارات أجنبية، في إطار القيام بدورها المنوط بها تجاه المجتمع والكوكب الذي تعد جزءًا منه.
وجدير بالذكر أن مجلس معايير الاستدامة الدولي وضع معايير ISSB لتكون مرجعية عالمية شاملة وعالية الجودة للإفصاحات المتعلقة بالاستدامة تركز على احتياجات المستثمرين والأسواق المالية، لتطوير معايير أساسية عالمية للإفصاحات المتعلقة بالاستدامة وكذلك لتلبية احتياجات المستثمرين من المعلومات، وتمكين الشركات من تقديم معلومات شاملة حول الاستدامة إلى أسواق رأس المال العالمية.
وعن بناء القدرات، أشار الدكتور محمد فريد إلى أن تطوير وتنمية القدرات تعد أولوية بالنسبة لجنة الأسواق النامية والناشئة، لافتًا إلى اعتماد مجلس إدارة (IOSCO) في أكتوبر من العام الماضي تقرير "بناء القدرات في الأسواق النامية والناشئة" الذي شارك فيه أعضاء اللجنة، كما لفت إلى مصادقة اللجنة خلال اجتماعها في أثينا مشروع (NEXTGEN)، أو "تعزيز التميز من خلال النمو والتعليم والتواصل" الذي أخذ في اعتباره تنوع عضوية اللجنة، واختلاف مستويات تطور الأسواق، مثل الأسواق الناشئة في مراحلها الأولى، والأسواق النامية المتقدمة، والأسواق الناشئة متوسطة المستوى، والأسواق القريبة من التطور الكامل.
وتطرق رئيس هيئة الرقابة المالية خلال الاجتماع إلى الشمول المالي، مسلطًا الضوء عليه باعتباره محفزًا بارزًا لتنمية السوق، لأنه يتيح للأفراد والشركات إمكانية الوصول والحصول على الخدمات المالية غير المصرفية وتوسيع قاعدة المستفيدين منها، مما يمكّنهم من تلبية احتياجاتهم. وشدد على أهمية الدور الذي تلعبه التكنولوجيا في هذا المضمار، موضحًا أنه لا يمكن تحقيق هدف الشمول المالي دون التكنولوجيا والرقمنة.
وأفاد بأن استخدام التكنولوجيا المالية ورقمنة المعاملات المالية غير المصرفية يعزز قدرات القطاع المالي غير المصرفي، مضيفًا أن التكنولوجيا المالية محرك ودافع رئيسي لتسهيل الوصول والحصول على الخدمات المالية غير المصرفية لكافة فئات المجتمع المختلفة. وذهب إلى أن استخدام التكنولوجيا المالية يعزز التنافسية.
وأشار الدكتور محمد فريد إلى إصدار الهيئة القرار رقم 57 لسنة 2024 بشأن قواعد تنظيم عمل برنامج المستشار المالي الآلي للاستثمار، Robo – Advisor for Investment، موضحًا أنه نظام إلكتروني يصدر استشارات مالية لتكوين محفظة استثمارية للعميل وإدارتها وإعادة توازنها، من خلال استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي.
كما تعرّض إلى تمويل الشركات المتوسطة والصغيرة لأهميته بالنسبة للأسواق الناشئة، وأكد على تقديم (GEMC) تقريرًا عن التحديات التنظيمية التي تواجه الشركات المتوسطة والصغيرة في الأسواق الناشئة فيما يتعلق بتكوين رأس المال، ويسلّط الضوء على الطرق التي يمكن بها للجهات التنظيمية المساعدة في التغلّب على التحديات، وأشار إلى إصدار (GEMC) تقريرًا في يوليو 2015 عن تمويل الشركات المتوسطة والصغيرة من خلال أسواق المال.
من ناحية أخرى، أكد الدكتور محمد فريد على ضرورة تطوير السوق باعتباره واحدًا من أولويات جدول أعمال لجنة الأسواق النامية والناشئة. وأشار إلى جهود اللجنة في هذا الصدد، مثل تقديم تقرير عن "تطوير أسواق رأس المال الناشئة: الفرص والتحديات والحلول" المُقدم في أكتوبر 2020، ومجموعة عمل (GEMC) المعنية بتطوير السوق، وإجرائها ورشة عمل عن تطوير السوق في القاهرة بالعام الماضي.