القدس المحتلة-سانا

“الطريق من وسط مدينة رفح إلى خان يونس جنوب قطاع غزة محفوف بالمخاطر رغم انسحاب دبابات الاحتلال الإسرائيلي من المنطقة قبل أسابيع، حيث يتواصل قصفها جواً وبراً وبحراً، لكن شغف المهنة والسعي لتوثيق جرائم الاحتلال دفعنا إلى المخاطرة فاستقلينا سيارة من النوع القديم تسير على زيت الطهي بدل البنزين الذي نفد من القطاع جراء العدوان والحصار المشدد”… هكذا يصف مراسل سانا محمد أبو شباب طريق الموت الذي سلكه لتوثيق الدمار الذي ألحقه الاحتلال بجنوب القطاع.

ويقول أبو شباب: “خفقات قلبي ازدادت مع اقترابنا من مدينة خان يونس.. وصلت إلى دوار بني سهيلا شرق المدينة وأخبرنا سائق المركبة بأننا وصلنا.. هذا دوار بني سهيلا.. تساءلت أين معالم المكان.. لا يوجد أي معلم للبلدة التي أعرف كل جغرافيتها.. المنازل مدمرة والمحال التجارية التي كانت تعج بالمتسوقين سويت بالأرض.. حجم الدمار في المكان فاق ما تحدثه الزلازل”.

وأضاف أبو شباب: “نزلت من المركبة بعد رحلة شاقة.. لا أعرف أين أتوجه لتوثيق حجم الدمار.. رائحة البارود والغبار تغطي المكان لدرجة أنك قد تختنق وأنت تسير فيه.. كل ما تشعر به هو الحزن والخوف، فرائحة الموت تنتشر في شوارع وأزقة المدينة المنكوبة التي انتشلت منها الطواقم الطبية من المقابر الجماعية في مجمع ناصر الطبي جثامين نحو 400 شهيد، ولا يزال هناك أكثر من 2000 مفقود”.

وأوضح أبو شباب أن الصدمة كانت كبيرة في بلدات بني سهيلا وخزاعة وعبسان والقرارة في خان يونس، حيث لم يبق الاحتلال منزلا إلا وجرفه أو قصفه بالمدفعية أو حرقه، والدمار غير وجه هذه البلدات ومحا طابعها.

محمد أبو خاطر من سكان بني سهيلا أشار إلى أن أصحاب المنازل لم يتمكنوا من معرفة مواقع منازلهم التي جرفت وفجرت وحرقت، فالاحتلال استخدم كل أدوات القتل والإجرام في خان يونس، ولم تسلم منه حتى الأشجار والحيوانات والطيور التي حرقها أيضا، مبينا أن عشرات آلاف العائلات في بلدات شرق خان يونس تعيش فصول نكبة جديدة، حيث باتت دون مأوى ودون مصدر رزق، فقوات الاحتلال دمرت المزارع والحقول والمحال التجارية، والمئات من هذه العائلات تعيش مأساة فقدان فلذات أكبادها تحت الركام.

وعلى مقربة من أبو خاطر يجلس المسن عبد الرحيم الفرا على ركام منزله وقد رسمت تجاعيد وجهه الأسى على مدينته المنكوبة.. يصمت.. يبكي.. ثم يقول: الاحتلال قتل كل معالم الحياة في خان يونس من منشآت ومدارس ومساجد.. المدينة فقدت كل شيء، واستخدم الاحتلال كل أنواع الأسلحة لقتل الحياة في المدينة التي تحولت إلى كومة من الركام.

ولفت الفرا إلى أن ما يحدث في قطاع غزة يفوق في بشاعته ما حدث أيام النكبة عام 1948، فالفلسطينيون يواجهون اليوم إبادة جماعية وتدميراً شاملاً على يد الاحتلال المدعوم من الدول الاستعمارية وفي مقدمتها الولايات المتحدة، فيما المجتمع الدولي صامت أمام كل ذلك.

في بلدة القرارة التي كانت تعد حديقة خان يونس وسلة غذاء جنوب القطاع أشجار الزيتون محترقة والأراضي الزراعية تم تجريفها والمنازل سويت بالأرض حتى شوارع البلدة التي كانت تنتشر على جوانبها الورود وأشجار النخيل تم تجريفها.

ناصر النجار من أهالي القرارة شرق خان يونس بين أن الاحتلال انتقم من كل شيء في المدينة.. في القرارة وحدها ارتكب عشرات المجازر بحق عائلات بأكملها، ودمر الأحياء السكنية التي تقع غرب البلدة على رؤوس ساكنيها من أطفال ونساء، مشيرا إلى أن القرارة تحتاج إلى عقود لتعود تلك البلدة الجميلة الهادئة.

ووثقت سانا كذلك حجم الدمار الهائل في مناطق حي الأمل وجورة العقاد غرب خان يونس التي لم تسلم حتى المقابر فيها من القصف والعدوان الإسرائيلي الذي تشكل مخلفاته من قنابل وصواريخ لم تنفجر في الشوارع وتحت ركام المنازل المدمرة خطرا يهدد الأهالي ويضاعف مأساتهم.

الصدمة والذهول من حجم الدمار هو الشعور الذي يرافقك جنوب القطاع وفي مدينة غزة وشمالها منذ بدء العدوان، فالاحتلال نشر الخراب والموت والدمار في كل مكان، والسؤال الذي يوجهه أهل غزة للعالم إلى متى الصمت عن فظائع الاحتلال والتقاعس عن أي تحرك جدي لوقف حرب الإبادة الجماعية.

محمد أبو شباب

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

كلمات دلالية: حجم الدمار بنی سهیلا خان یونس أبو شباب

إقرأ أيضاً:

لإيجاد بيئة آمنة لليافعين والشباب… إعادة تأهيل ملعب كرة القدم في درعا البلد

درعا-سانا

قام فرع الهلال الأحمر العربي السوري بدرعا بإعادة تأهيل جزئي لملعب كرة القدم في درعا البلد، وذلك بمناسبة اليوم الدولي للتوعية بخطر الألغام.

وذكر رئيس فرع الهلال الدكتور أحمد المسالمة في تصريح لـ سانا أن تنفيذ هذا المشروع يهدف إلى إيجاد بيئة آمنة للشباب واليافعين، لممارسة الأنشطة الرياضية والمتنوعة، بعيداً عن تهديد مخلفات الحرب.

وأضاف المسالمة: إنه تم على هامش انتهاء أعمال إعادة التأهيل إطلاق دوري كرة قدم لليافعين من طلاب مدارس درعا البلد، ونشر رسائل توعية حول مخاطر الألغام، وتوزيع منشورات تثقيفية على اليافعين، بدعم من اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

تابعوا أخبار سانا على 

مقالات مشابهة

  • قصف كثيف وتوغل بري… هل اقترب سقوط الفاشر؟ .. خبير عسكري يؤكد أن الجيش السوداني جهز قوات كبيرة لفك الحصار عن المدينة
  • بالفيديو.. شاهد الدمار الذي أحدثه اللواء “طلال” على برج المليشيا بالخرطوم في الساعات الأولى من الحرب بقرار انفرادي وشجاع منه نجح في قلب الموازين وحسم المعركة لصالح الجيش
  • كاميرا مراقبة توثق لحظة هروب مواطنين من مطعم في إسطنبول عقب الزلزال (فيديو)
  • أهالي بلدة المليحة في ريف دمشق يرممون منازلهم، لإزالة آثار الدمار الذي خلفه قصف النظام البائد
  • إسطنبول: المدينة التي حملت أكثر من 135 اسمًا عبر التاريخ
  • لإيجاد بيئة آمنة لليافعين والشباب… إعادة تأهيل ملعب كرة القدم في درعا البلد
  • استشهاد فلسطيني جراء قصف للاحتلال شرق خان يونس جنوب قطاع غزة
  • مشاهد توثق لحظة انقضاض مقاتلين فلسطينيين على جنود الاحتلال في غزة (شاهد)
  • شاهد بالفيديو.. وسط ذهول واستغراب الجمهور.. عمارة “آراك” الشهيرة بالسوق العربي تحافظ على حالتها الطبيعية رغم احتراق ودمار جميع المباني التي من حولها
  • آثار الدمار في مدارس منطقة الحولة بريف حمص نتيجة قصف النظام البائد