عودة العلاقات الصينية الأمريكية تحتاج لجهود مشتركة
تاريخ النشر: 29th, April 2024 GMT
تشو شيوان **
اختُتمت زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى الصين يوم الجمعة الماضي، وتم التوصل إلى 5 نقاط من التوافقات بين الصين والولايات المتحدة خلال لقائه مع الرئيس الصيني شي جين بينغ في بكين، وهذه هي الزيارة الثانية التي يقوم بها بلينكن إلى الصين بعد يونيو عام 2023، وهي أيضًا زيارة ثانية لكبار المسؤولين الأمريكيين إلى الصين منذ مطلع العام الجاري بعد زيارة وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين.
تم التوصل إلى سلسلة من التوافقات والنتائج المهمة خلال زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى سان فرانسيسكو في نوفمبر عام 2023، وخلق "رؤية سان فرانسيسكو" ذات التوجه المستقبلي. وفي يناير العام الجاري، تبادل الرئيس شي جين بينغ ونظيره الأمريكي جون بايدن رسائل التهنئة بمناسبة الذكرى الـ45 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والولايات المتحدة، وأعرب الجانبان عن رغبتهما في تعزيز التنمية المستمرة للعلاقات الصينية الأمريكية. وفي الثاني من إبريل، أجرى الرئيس شي مكالمة هاتفية مع الرئيس بايدن، وأكد شي على 3 مبادئ شاملة ينبغي أن توجه العلاقات الصينية الأمريكية في عام 2024.
أولًا: يجب تقدير السلام، ويتعين على الجانبين وضع أرضية عدم الصراع وعدم المواجهة تحت العلاقات، ومواصلة تعزيز النظرة الإيجابية للعلاقات الثنائية.
ثانيًا: يتعين إعطاء الأولوية للاستقرار، ويتعين على الجانبين الإحجام عن إعادة العلاقات إلى الوراء أو إثارة أي حادث أو تجاوز الخط، من أجل الحفاظ على الاستقرار الشامل للعلاقات.
ثالثًا: يجب التمسك بالمصداقية، ويجب على الجانبين احترام التزاماتهما تجاه بعضهما البعض من خلال العمل، وتحويل "رؤية سان فرانسيسكو" إلى واقع.
الجانبان بحاجة إلى تعزيز الحوار من خلال الالتزام بالاحترام المتبادل، وإدارة الخلافات بحكمة، ودفع التعاون بروح المنفعة المتبادلة، وتعزيز التنسيق في الشؤون الدولية بطريقة مسؤولة.
وخلال هذه الفترة، أجرت الصين والولايات المتحدة سلسلة من الاتصالات المهمة على كافة المستويات وفي مختلف المجالات بين رؤساء الجانبين في المجالات الدبلوماسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والمالية والعسكرية، وفي مجالات مكافحة تغير المناخ وإنفاذ القانون والزراعة والثقافة وغيرها من المجالات الأخرى. وعلى أساس هذه الاجتماعات والمكالمات والزيارات، يمكن القول إنه في ظل التوجيه الاستراتيجي لرئيسي الدولتين، أظهرت العلاقات الصينية الأمريكية اتجاها واضحا لوقف التدهور والعودة إلى الاستقرار. وتعد زيارة بلينكن إلى الصين جزءًا مهمًا من جهود الصين والولايات المتحدة لتنفيذ التوافق الذي توصل إليه رئيسا الدولتين في اجتماع سان فرانسيسكو، والحفاظ على الحوار وإدارة الخلافات وتعزيز التعاون وتقوية التنسيق في الشؤون الدولية.
فإذا تمكن الجانبان من الالتقاء ببعضهما البعض في منتصف الطريق، فسيكونان قادرين على الحفاظ على استقرار العلاقات الصينية الأمريكية، حتى تعزيز العلاقات الثنائية للمضي قدمًا. ولكن للأسف الشديد، في عشية زيارة بلينكن للصين، واصلت الولايات المتحدة اتخاذ سلسلة من إجراءات الضغط بشأن القضايا المتعلقة بالمصالح الأساسية للصين واهتماماتها الرئيسية، ومن الواضح أن ذلك يتعارض مع سلسلة التوافقات التي توصل إليها الرئيسان الصيني والأمريكي خلال لقائهما في سان فرانسيسكو؛ بما في ذلك سلسلة من الالتزامات التي تعهد بها القادة الأمريكيون بشأن السياسة الأمريكية تجاه الصين.
إنَّ الصين والولايات المتحدة؛ باعتبارهما قوتين عالميتين، فإن الخلافات والمنافسات بينهما أمرٌ طبيعي، ولكن المنافسات ليست أساس العلاقات الصينية الأمريكية برمتها. وعلى الرغم من وجود خلافات بين الصين والولايات المتحدة، إلّا أن هناك مصالح مشتركة واسعة النطاق أيضًا، وهناك مساحة واسعة وضرورة للتعاون في العديد من القضايا الثنائية والمتعددة الأطراف. فإذا أظهرت الولايات المتحدة بشكل أعمى القوة والضغوط والاستفزاز للصين أو حتى تجاوز الخطوط الحمراء للسياسة الصينية، فلن تنجح في تحقيق استقرار العلاقات الصينية الأمريكية فحسب، بل ستؤدي إلى مزيد من الصراع والمواجهة بين البلدين، وطبعا هذا لا يصالح مصالح كلا البلدين.
وإذا كانت الولايات المتحدة مستعدة للعمل مع الصين لتعزيز التطور المستمر للعلاقات الصينية الأمريكية، فيجب عليها إظهار الإخلاص والعمل مع الصين لإدارة الخلافات والمنافسة بين الجانبين على أساس مبادئ الاحترام المتبادل والتعايش السلمي، والتعاون المربح. أما بالنسبة إلى الصين، فهي دائمًا ترغب في تعزيز علاقاتها مع الولايات المتحدة وتستعد للعمل معها في تعزيز الرفاهية المشتركة لشعبي البلدين، والحفاظ على السلام والتنمية والاستقرار للعالم.
** صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية- العربية
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
محللون: زيارة الشيباني للعراق خطوة نحو كسر الجمود وتوثيق العلاقات
بغداد- مثلت زيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى العراق منعطفًا مهما في العلاقات بين البلدين، إذ تعد أول زيارة لمسؤول سوري من الحكومة الجديدة إلى العراق، بعد فترة من التوترات والقطيعة التي أعقبت سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024.
وخلال زيارته، التقى الشيباني برؤساء الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، والحكومة محمد شياع السوداني، والبرلمان محمود المشهداني، ووزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، ورئيس الاستخبارات العامة حميد الشطري، ومستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي.
وأكد الشيباني، في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره العراقي، جدية بلاده في تعزيز الروابط مع العراق، وشدد على رفضه لأي تدخل خارجي، وقال "نزور بغداد ضمن جهودنا لتأكيد وحدة الصف بين العراق وسوريا، وبلدنا جاد في تعزيز روابطنا"، مشيرا إلى أن "الشراكة القوية مع العراق ستجعلنا أكثر مناعة في مواجهة التدخلات الخارجية".
وأضاف أن "سوريا والعراق يجب أن يقفا معا لمنع أي تدخل في شؤونهما الداخلية، وسوريا جادة في تعزيز الروابط مع العراق"، مردفًا أنه "على سوريا والعراق التعاون لرفض أي تدخل خارجي تملي علينا فيه قوى خارجية ما نفعله".
وتأتي هذه الزيارة في ظل مساعي البلدين لتجاوز الخلافات السابقة وتعزيز التعاون في مختلف المجالات، خاصة في ظل التحديات المشتركة التي تواجههما، مثل مكافحة الإرهاب وتأمين الحدود.
إعلان قناعة مشتركةأكد المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي أن وزير الخارجية السوري خرج من زيارته للعراق بقناعة راسخة بحرص العراق العميق على استقرار سوريا السياسي والاقتصادي والأمني.
وأوضح العوادي للجزيرة نت أن الإستراتيجية الرسمية للحكومة العراقية تتبنى رؤية واضحة، مفادها أن استقرار سوريا وثباتها أمر ضروري، وأن وجود حكومة تمثل جميع مكونات الشعب السوري هو السبيل الوحيد لتحقيق هذا الاستقرار.
وحذر العوادي من أن أي فوضى في سوريا ستشكل تهديدًا أمنيا وعسكريا للعراق، وأن تنظيم "الدولة الإسلامية" سيستغل الفراغات الأمنية لإعادة تشكيل نفسه، كما أكد أن عدم استقرار سوريا سيحرم العراق من أي فوائد اقتصادية مرجوة، وأضاف أن الرؤية العراقية لسوريا ترتكز على تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني، لما لذلك من انعكاس إيجابي على تنمية البلدين.
وأشار إلى أن الجانب العراقي طرح خلال الزيارة العديد من الأفكار الجديدة على وزير الخارجية السوري، وأن هذه الأفكار تحتاج إلى تفاهمات مع رئيس الحكومة السورية الجديد، ومن بينها فكرة تشكيل لجنة عليا عراقية سورية مشتركة تتضمن جوانب أمنية واقتصادية.
وأكد العوادي استعداد العراق للتعاون مع سوريا في جميع القطاعات، بما في ذلك القطاع الخاص والاستثمار والطاقة والنفط والزراعة والتجارة، مشيرًا إلى أن هذه اللجنة يمكن أن تكون باكورة أعمال الحوار والمحادثات التي جرت بين الجانبين والتي اتسمت بالصراحة والشفافية، موضحا أن الهدف الأساسي للعراق هو أن تكون هناك حكومة سورية مستقرة تشعر فيها جميع المكونات بالعدالة والمساواة.
وشدد العوادي على أن العراق أكد خلال الزيارة أهمية التعاون مع سوريا، وأن وزير الخارجية السوري أبدى استعداده للتعاون الأمني والعمل على تنفيذ جميع الأفكار التي تم طرحها بشأن مستقبل البلدين.
إعلانواختتم العوادي تصريحه بالتأكيد على أن هذه الزيارة أسست لتعاون دبلوماسي عراقي سوري سينتقل إلى مرحلة التنفيذ الفعلي من خلال اللجنة العليا المشتركة، والتي ستعمل على وضع تفاصيل التعاون في مختلف المجالات.
أكد عضو مجلس النواب العراقي جياي تيمور أن زيارة وزير الخارجية السوري إلى العراق تعتبر خطوة مهمة لفتح الأبواب المغلقة بين الجانبين على الصعيد الدبلوماسي، وذلك في ضوء التغيرات الجذرية التي شهدتها سوريا.
وأوضح تيمور للجزيرة نت أن الزيارة تأتي في سياق تطبيع العلاقات وتبديد المخاوف والهواجس السياسية في العراق تجاه الحكومة والحكام الجدد في سوريا، وذلك بهدف تكثيف العمل الثنائي بين البلدين الذين تربطهما حدود طويلة ومصالح مشتركة وعلاقات تاريخية.
وأضاف تيمور أن الزيارة تؤكد أن الحكومة الجديدة في سوريا تعمل على أن تكون حكومة لكل السوريين بمختلف مكوناتهم الدينية والمذهبية والقومية.
وأشار إلى أن الحكومة المؤقتة في سوريا تسعى إلى وأد كل محاولات إحداث صراعات عنصرية، والتصدي الحازم لكل من يحاول تمزيق النسيج الاجتماعي في سوريا، خاصة بعد الأحداث الدامية في الساحل السوري والتجاوزات التي حدثت ضد مدنيين علويين، والتي أثارت امتعاض القوى الشيعية في العراق، وكان لها ردود فعل تمثلت بالاعتداء على عمال سوريين يعملون في العراق.
غادرنا بغداد بعد يوم حافل من اللقاءات برفقة الأخ العزيز وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، حيث كانت مع فخامة رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد ودولة رئيس مجلس الوزراء محمد السوداني ورئيس البرلمان محمود المشهداني، ورئيس الاستخبارات العامة حميد الشطري ومستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي. pic.twitter.com/NmD5SxUigt
— أسعد حسن الشيباني (@Asaad_Shaibani) March 14, 2025
إعلان كسر للجمودالباحث السياسي علي الحبيب أكد أن زيارة وزير الخارجية السوري إلى العراق قد حققت نجاحًا نسبيا من خلال كسر الجمود الرسمي بين البلدين. وأوضح الحبيب في تصريح للجزيرة نت أن الزيارة تحمل دلالات سياسية وأمنية واقتصادية عميقة، خاصة في ظل التطورات الإقليمية والتحديات المشتركة التي تواجه البلدين.
وأشار إلى أن هذه الزيارة تأتي ضمن مساعي دمشق لكسر العزلة الدبلوماسية، وجهود العراق لتعزيز دوره كوسيط إقليمي وحلقة وصل بين مختلف الأطراف.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، رأى الحبيب أن زيارة وزير الخارجية السوري خطوة مهمة لإعادة تفعيل العمل الدبلوماسي بين بغداد ودمشق، رغم التحديات التي تشوب العلاقات بين البلدين، والتي شهدت فترة من الجمود بسبب الضغوط الإقليمية والدولية.
وأكد أن العراق يسعى لانتهاج سياسة متوازنة مع مختلف الأطراف، وأن يكون أكثر انفتاحًا من خلال استئناف التنسيق السياسي مع سوريا، خاصة بعد الانفتاح العربي والزيارات العربية المتكررة إلى دمشق.
وعلى الصعيد الأمني، أوضح الحبيب أن ملف الحدود المشتركة بين البلدين يظل أحد الملفات الرئيسية المطروحة، نظرًا للتهديدات المستمرة من قبل فلول التنظيمات الإرهابية مثل تنظيم "الدولة الإسلامية"، والأنشطة غير المشروعة على طول الحدود، مشيرا إلى أن هذا الموضوع له انعكاسات على استقرار العراق وسوريا، إذ إن أي اضطراب في أحد البلدين يؤثر على الأمن في الآخر.
وأكد أن الملف الأمني كان على رأس أولويات الزيارة، سواء من ناحية تبادل المعلومات الاستخباراتية أو تنسيق الجهود العسكرية.
أما على الصعيد الاقتصادي، فأشار الحبيب إلى أن العراق وسوريا يواجهان تحديات كبيرة، خاصة في ما يتعلق بتدهور البنية التحتية والتراجع التجاري، موضحا أن هناك حديثًا عن محاولة إعادة فتح المعابر التجارية بشكل فعال بين البلدين، بالإضافة إلى نقل ملف مشروع الطاقة، ومشروع خط النفط الناقل بين كركوك وبانياس، والذي يعتبر أحد المحاور الأساسية للتعاون المستقبلي.
وخلص الحبيب إلى أن الزيارة قد حققت نجاحًا نسبيا في كسر القيود والجمود بين العراق وسوريا، والقيود الإقليمية والدولية التي تمنع الانفتاح الكامل على الجانب السوري، مشيرا إلى أن هناك حرصًا على عدم قطع العلاقات أو ترك دمشق خارج الحسابات الإستراتيجية.
وأوضح أن استمرار الزيارات بين البلدين يعتمد على تطور المشهد الإقليمي، خاصة المواقف الدولية، مثل تدخلات إيران وتركيا، والدور الخليجي، مؤكدا أن هذه المواضيع قد تؤثر على استمرار الزيارات أو اللقاءات على مستوى القادة، بوتيرة محسوبة مع الظروف السياسية المحيطة، نظرًا لتأثيرات داخلية وخارجية وأطراف دولية فاعلة في هذا الموضوع.
إعلان