أكد الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي العام والخبير في النزاعات الدولية، أن هناك توقعات قوية بإمكانية صدور قرار من المحكمة الجنائية الدولية بشأن اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وعدد من كبار المسؤولين الإسرائيليين، على خلفية ارتكابهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال العدوان الأخير على قطاع غزة.

وقال د. مهران إن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، كان قد أعلن عن استكمال التحقيقات الرسمية في الجرائم المرتكبة في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 2014، بما في ذلك جرائم الحرب خلال العدوان على غزة عام 2021، وحتي طوفان الأقصى أكتوبر 2023، وخاصة في ظل الوضع الانساني الكارثي بالقطاع، وهو ما يمهد الطريق أمام توجيه اتهامات لمسؤولين إسرائيليين بارتكاب هذه الجرائم ومحاكمتهم أمام المحكمة.

وأوضح أن التحقيقات الأولية للمحكمة، والأدلة التي قدمتها السلطة الفلسطينية وتقارير الامم المتحدة ومنظمات حقوقية دولية، تشير إلى وجود أسس قوية لتوجيه الاتهام لنتنياهو وقادة سياسيين وعسكريين إسرائيليين بارتكاب جرائم حرب، مثل القصف العشوائي للمدنيين والبنية التحتية المدنية، واستهداف المستشفيات والصحفيين والمساجد، واستخدام أسلحة محرمة دوليًا، والاعتقالات التعسفية، وهدم المنازل، وفرض الحصار الخانق على غزة.

وأضاف مهران أن هذه الأفعال تشكل انتهاكات جسيمة لاتفاقيات جنيف والقانون الدولي الإنساني العرفي، وترقى لمستوى جرائم الحرب بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، ما يعني إمكانية إصدار مذكرات اعتقال دولية بحق المسؤولين الإسرائيليين ومثولهم أمام العدالة الدولية.

وحول التحركات المحتملة لإسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة لمنع تنفيذ أي قرار بهذا الشأن، توقع الخبير الدولي أن تتبنى إسرائيل استراتيجية متعددة الأبعاد، تتضمن تكثيف الضغوط السياسية والدبلوماسية على المحكمة ودول الأطراف فيها، وحشد الدعم الأمريكي والأوروبي لمنع التحقيق أو تقويضه.

وأردف إنه من المرجح أن تستخدم إسرائيل نفوذها في واشنطن لدفع الإدارة الأمريكية لفرض عقوبات على المحكمة وقضاتها، ومن الممكن أن تهدد بقطع المساعدات عن السلطة الفلسطينية وتشديد الحصار على غزة، لثنيهم عن التعاون مع التحقيق، ومتوقعًا أن تعمد إسرائيل لتشويه سمعة المحكمة وادعاء تحيزها وتسييسها، وأن تطعن في اختصاصها القضائي على الأراضي الفلسطينية، وتدفع بأن فلسطين ليست دولة ذات سيادة يحق لها الانضمام للمحكمة.

لكن أستاذ القانون شدد على أن الحقائق والقانون الدولي يقفان إلى جانب الفلسطينيين، وأن أي محاولات إسرائيلية لنسف المحكمة أو منع تنفيذ قراراتها ستكون مصيرها الفشل، لافتًا إلى أن 123 دولة صادقت على نظام روما الأساسي وملتزمة بتنفيذ أحكام المحكمة، وهو ما يجعل الملاذات الآمنة لهؤلاء المجرمين محدودة للغاية.

وشدد مهران على أن مساءلة مرتكبي جرائم الحرب الإسرائيليين أمام القضاء الدولي، مهما طال الزمن، هو أمر حتمي لا مفر منه، باعتبار أن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم، مؤكدًا على أهمية استمرار الجهود الفلسطينية والعربية والدولية لتوثيق الانتهاكات وجمع الأدلة وتقديمها للمحكمة، حتى يأخذ القانون مجراه، وينال الضحايا حقوقهم، ويسود العدل والسلام في ربوع فلسطين والمنطقة بأسرها.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: مسؤولين بنيامين نتنياهو مساعدات التحقيقات اتفاقيات منظمات حقوقية منظمات اعتقالات جرائم ضد الانسانية رئيس الوزراء الصحفيين التحقيق الأمم المتحدة جرائم الحرب

إقرأ أيضاً:

متحدث الجنائية الدولية لـ«الوطن»: قرار اعتقال نتنياهو وجالانت لا يسقط بمرور الزمن

أكد فادي العبدالله الناطق الرسمي باسم المحكمة الجنائية الدولية، أن الدول الأعضاء في نظام روما ملزمة بالتعاون لتنفيذ قرارات المحكمة الجنائية الدولية وفقا للفصل التاسع من نظام روما، أما الدول غير الأعضاء يمكن لها أن تختار التعاون طوعا.

محاكمة نتنياهو وجالانت

وقال الناطق باسم المحكمة الجنائية الدولية في تصريحات لـ«الوطن»، إنه في حال عدم الالتزام بموجب التعاون، يمكن للقضاة إحالة الأمر إلى جمعية الدول الأعضاء في نظام روما لتتخذ الجمعية أي إجراءات تراها مناسبة ردا على خرق الميثاق المشترك بين هذه الدول، وهذا الأمر يعود إلى الجمعية وليس إلى المحكمة.

وحول إمكانية عزل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سياسيا، أكد أن المحكمة لا تتخذ قرارات سياسية ولا تتدخل في الحياة السياسية بالدول، بل تتخذ قرارات وفقا للقانون والأدلة المعروضة أمامها.

ولفت إلى أنه بعد إصدار أوامر القبض مؤخرا، فإن المحكمة تطلب تعاون الدول، لا سيما الدول الأعضاء، لتنفيذ هذه القرارات، متابعا: «أوامر القبض على نتنياهو وجالانت تعني أن القضاة اعتبروا أن هنالك أسباباً معقولة للظن بأن المشتبه بهم ارتكبوا الجرائم المدعى بها، هذه بداية المرحلة التمهيدية وليست حكما، فالحكم يصدر بعد المحاكمة إذا وصلت القضية إليها، ولا تعقد المحكمة محاكمات غيابية.

أوامر القبض على نتنياهو تظل سارية المفعول

وشدد على أن أوامر القبض تظل سارية المفعول ولا تسقط بمرور الزمن، إلا إذا قرر القضاة سحبها، وهذا يعني أنه حتى وإن تمكن الأشخاص من تفادي القبض عليهم لفترة من الزمن، فإن العدالة تظل مستمر في السعي إلى ذلك، واستطرد: «لدينا أمثلة عديدة في المحكمة وأمام محاكم دولية أخرى على تنفيذ أوامر القبض بعد فترة طويلة، فالمهم هو الإصرار على الاستمرار في السعي إلى العدالة من أجل المجني عليهم.

وحول عدم تنفيذ قرار المحكمة في دول مماثلة، أشار إلى أن الأمر كان خارج اختصاص المحكمة، وذكر واقعتين عربيتين أحيلتا إلى المحكمة بقرار من مجلس الأمن، مرتبط بمصادقة الدول أو قبولها اختصاص المحكمة، فهذا يمنح المحكمة صلاحية ملاحقة الجرائم المرتبكة من قبل مواطني مثل هذه الدول أو على أراضيها.

فادي العبدالله: لا يمكن إصدار قانون مماثل بشأن حرب لبنان

وتعقيبا على عدم استخدام المحكمة قرارات مماثلة بسبب قصف إسرائيل للبنان، قال: «لبنان ليس عضوا في نظام روما وكذلك إسرائيل، وهذا يعني أن المحكمة ليس لديها صلاحية لملاحقة الجرائم المدعى بارتكابها في هذا الإطار، بينما دولة فلسطين منضمة إلى نظام روما، ما يعني أن للمحكمة صلاحية ملاحقة الجرائم المرتكبة على أراضيها أو من قبل مواطنيها».

واختتم «العبدالله» حديثه قائلا: «بشكل عام، أظن أن علينا جميعا السعي إلى تعزيز إطار العدالة على المستوى الوطني والدولي، وهذا عمل مستمر ومتواصل لإحلال القضاء والعدالة محل العنف ودائرته».

مقالات مشابهة

  • الخارجية الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي يرتكب جرائم بحق النساء والأطفال
  • متحدث الجنائية الدولية لـ«الوطن»: قرار اعتقال نتنياهو وجالانت لا يسقط بمرور الزمن
  • الخامنئي: إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق مجرمي الحرب الإسرائيليين ليس كافياً بل يجب محاسبتهم وإصدار أمر بإعدامهم
  • فرنسا تؤكد الالتزام بالقانون الدولي بعد مذكرات اعتقال نتنياهو وغالانت
  • انهيار في دقائق.. برشلونة يضيع فوزا مهما بالدوري
  • 6 ساعات داخل المحكمة.. كواليس محاكمة عمرو دياب بتهمة صفع شاب
  • خبير علاقات دولية: قرار اعتقال نتنياهو يعكس القناعة الدولية بارتكاب الاحتلال لجرائم الحرب
  • خبير بالقانون الدولي: الاحتلال يصعّد غاراته العسكرية في لبنان للوصول إلى تسوية
  • “همم” ترحب بقرار المحكمة الجنائية الدولية باصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت
  • ماذا بعد قرار «الجنائية الدولية» باعتقال نتنياهو وجالانت؟.. المحكمة: ارتكبا جرائم حرب في قطاع غزة.. خبراء: الحكم انتصار تاريخي للقضاء الدولي.. وتنفيذه مرتبط بجدية الـ 124 دولة