تمكن فريق دولي من الباحثين في مجال علم الحفريات من اكتشاف نوع جديد من الديناصورات في منطقة الأطلس المتوسط بالمغرب، وينتمي إلى مجموعة نادرة من الديناصورات المدرّعة العاشبة في "غوندوانا". ويوفر اكتشاف "الثيريوصور" نظرة جديدة لفهم أفضل للتطور المبكر "للستيغوصورات" في العصر الجوراسي الأوسط في أفريقيا، ونشرت نتائج البحث في المجلة العلمية "غوندوانا رِسيرش" بتاريخ 29 مارس/آذار 2024.

ويقول الباحث المشارك في الاكتشاف "عمر زفاطي" من كلية العلوم بجامعة الحسن الثاني بالمغرب لـ"الجزيرة نت" عبر البريد الإلكتروني: "يكتسب اكتشاف الديناصور ثيريصورس أطلسيكس في الأطلس المتوسط المغربي، بالإضافة إلى الديناصورات والحفريات المغربية الأخرى بشكل عام، أهمية كبيرة من ناحية الترويج للتراث الطبيعي المغربي وجذب السياح، نظراً لتنوع مواقع البلاد من الشمال إلى الجنوب".

وأجريت البحث العلمي بقيادة باحثين من جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، بالشراكة مع باحثين من جامعة مولاي إسماعيل بمكناس، إضافة إلى جامعات إسبانية وفرنسية وأرجنتينية.

اسم " ثيروصورس أطلسيكس" يشير إلى الشكل الخارجي لجسم الديناصور الذي كان يحمل مجموعة من الصفائح العظمية السميكة على ظهره (الجزيرة) ديناصور لم يكن معروفا من قبل

وأطلق فريق البحث على الديناصور المكتشف "ثيروصورس أطلسيكس"، وصُنف كفرد من عائلة الديناصورات الثيروفوريية العاشبة المدرعة من صنف "التريوفورات"، وبالتحديد من صنف "الستيغوصورات"، على أساس بقايا عُثر عليها في جبال الأطلس المتوسط جنوب فاس بالمغرب.

وتوصل الباحثون إلى هذا الاكتشاف خلال مهمة رسم خرائط جيولوجية جنوب مدينة بولمان بالأطلس المتوسط الشرقي في عام 2021؛ عندما اكتشف ثلاثة من الباحثين موقعا جديدا غنيا ببقايا الديناصورات في تكوين المرس الثالث الذي يقع شمال منطقة "بولحفا"، وجُمعت المواد على مدى عدة رحلات ميدانية متتالية. وتتكون الآثار المكتشفة من هيكل عظمي جزئي بعد الجمجمة يتضمن فقرات العمود الفقري وأضلاع من القفص الصدري وعظام تخص أطراف الديناصور.

ووفق الدراسة العلمية أسفرت الرواسب القارية التي تعود للعصر الباثوني الكالوفي (أي قبل أكثر من 165 مليون سنة) في موقع "بولحفا" الشمالي الأحفوري قرب بولمان؛ عن هيكل عظمي جزئي لفرد واحد، ويتضمن بشكل رئيسي فقرات ظهرية وأضلاع بالإضافة إلى مجموعة من العظام تنتمي إلى ديناصور جديد متوسط إلى كبير الحجم لم يكن معروفا من قبل يقدر طول جسمه بـ6 أمتار.

يقول عمر زفاطي: "إن اكتشاف ثيروصورس أطلسيكس وأدراتيكليت كصنفين مستقلين من فصيلة هذه الديناصورات الثيروفوريية بالمغرب له أهمية جغرافية قديمة، وذلك أن التنوع المبكر للستيغوصورات خلال العصر الجوراسي الأوسط تمثله أصناف من الأرجنتين والصين وإنجلترا وفرنسا والمغرب. فإلى جانب الإيزابيريسورا الأرجنتيني والباشانوصورس الصيني، وهما من الستيغوصورات البدائية، استُرجع الصنفان المغربيان كستيغوصورات مشتقة، وهذا يُشير إلى أن تنوُّع الستيغوصورات الجوراسية بدأ مبكراً، على الأقل خلال العصر الجوراسي الأوسط في شمال أفريقيا".

يختلف "ثيروصورس أطلسيكس" عن جميع الديناصورات الأخرى بامتلاكه درعا وصفها الباحثون بالغريبة (الجزيرة) يختلف عن جميع الديناصورات

ويختلف "ثيروصورس أطلسيكس" عن جميع الستيغوصورات الأخرى بامتلاكه درعا غريبة على شكل طبقة عظمية سميكة ذات شكل شبه بيضاوي إلى شبه مستطيل مع نسيج غير متماثل، وأحد الجانبين مزخرف بشكل غير منتظم ويحمل حفرا صغيرة، والسطح الآخر مزخرف بنقش متقاطع، ويفترض أن يكون ترتيب العناصر الجلدية غير منتصب كما كان معروفا لدى كل "الستيغوصورات".

ويوضح عمر زفاطي أن اسم " ثيروصورس أطلسيكس" (ثيريوس تعني الدرع) هو إشارة إلى الشكل الخارجي لجسم الديناصور الذي كان يحمل مجموعة من الصفائح العظمية السميكة على ظهره.

‎وحسب فريق البحث يتميز الصنف الجديد من الديناصورات المدرعة العاشبة بدرع جلدي رائع، وتشير دراسة النسيج العظمي إلى أن هذه الصفائح كانت موضوعة في وضع شبه أفقي لتشكل درعا خارجية قوية، كما يشير تكوين هذه الأنسجة أيضا إلى أن "الثيروصور" كان ناضجا جنسيا ولكنه لم يكن مكتمل النمو.

ويشير زفاطي إلى أنه "حتى السنوات الأخيرة كان يُعتبر أن أصل وتطور الستيغوصورات المبكرة حدث في شرق آسيا، إلا أن العديد من النتائج الحديثة في أفريقيا وأميركا الجنوبية تُظهر أن الثيروفورات لم يكن لها توزيع أكثر اتساعا منذ نشأتها فحسب، بل أيضاً إن أصناف غوندوانا (وهي قارة عملاقة كانت تضم قبل ملايين السنين المناطق المقابلة اليوم لأميركا الجنوبية وأفريقيا والهند والقارة القطبية الجنوبية وأستراليا) كان لها دور مهم في تطور كل من الثيروفورات".

تتكون الآثار المكتشفة من هيكل عظمي جزئي بعد الجمجمة يتضمن فقرات العمود الفقري وأضلاع من القفص الصدري وعظام تخص أطراف الديناصور (الجزيرة) المغرب جنة الجولوجيين

وحسب الدراسة العلمية موضع الاكتشاف، أصبح الأطلس المتوسط بالمغرب في السنوات الأخيرة مجال اهتمام لدى العديد من الباحثين المغاربة والأجانب لدراسة الديناصورات في شمال أفريقيا، ومكّن موقع "بولحفا" نواحي مدينة "بولمان" من الكشف على مجموعة متنوعة من الديناصورات من العصر الجوراسي الأوسط لمجموعة المرس.

وجوابا على سؤال عن مستقبل البحث في هذا الكشف العلمي، يقول زفاطي لـ"الجزيرة نت": "يجب استكمال هذا المشروع البحثي، فجميعنا يعلم أن المغرب يوصف بأنه جنة الجيولوجيين ويمتلك إمكانات هائلة من ناحية بقايا أحافير الديناصورات، ونعتقد أن الأطلس المتوسط يُخفي على الأرجح المزيد من الألغاز عن الحياة القديمة، ويخفي تحت جباله جزءا كبيرا من تاريخ الديناصورات، ولهذا السبب نعتقد أنه من الضروري مواصلة البحث في منطقة الأطلس المتوسط ومحاولة كشف كل أسراره".

يذكر أن جزءا كبيرا من تمويل هذا المشروع البحثي من ميزانية الباحثين الخاصة، كما ساهمت كلية العلوم بجامعة الحسن الثاني بالمغرب أيضا بتوفير الوسائل اللوجستية، بما في ذلك النقل.

وتمثلت التحديات الرئيسية التي واجهت فريق البحث في السفر من الدار البيضاء إلى مدينة بولمان بالأطلس الشرقي على مسافة تزيد عن 350 كيلومترا للعمل في موقع الاكتشاف والتأقلم مع الظروف المناخية القاسية، إضافة إلى تحدي نقل الحفريات المكتشفة إلى مدينة الدار البيضاء دون إتلافها، وهو الأمر الذي تطلب من فريق البحث جهداً كبيراً للحفاظ على الآثار المكتشفة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات من الدیناصورات الأطلس المتوسط فریق البحث البحث فی إلى أن لم یکن

إقرأ أيضاً:

حقل البوري.. كنز نفطيّ يُشعل صراعاً حدوديا في قلب المتوسط

نشرت “ليبيان إكسبريس” الناطقة باللغة الإنجليزية تقريراً حول حقل البوري النفطي، ترجمته شبكة “عين ليبيا” الإعلامية، سلّط الضوء على الجدل الحدودي التاريخي الذي أثاره هذا الكنز الاستراتيجي بين تونس وليبيا.

ويُمثّل حقل البوري، خامس أكبر حقل بحري في أفريقيا والأكثر إنتاجًا في المتوسط، مصدرًا هامًا للطاقة، باحتياطيات ضخمة تُقدّر بـ 72 مليون برميل من النفط الخام و3.5 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي.

ويقع هذا العملاق النفطي على بُعد 120 كيلومترًا شمال الساحل الليبي، ويُنتج نحو 30 ألف برميل نفط يوميًا من 38 بئرًا، بإدارة مشتركة بين شركة “مليته” للنفط والغاز الليبية وشركة “إيني” الإيطالية. بدأ إنتاجه في عام 1988، ليُصبح رافدًا أساسيًا لاقتصاد البلدين.

إلا أن هذا “الكنز” لم يكن مصدراً للرخاء فحسب، بل تحوّل إلى بؤرة خلافٍ قضائيّ مرير بين تونس وليبيا أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي بين عامي 1978 و1982.

دار الخلاف حول منطقة الجرف القاري الغنية بالنفط والغاز والثروات البحرية، امتدادًا لخلافات حدودية موروثة عن الحقبة الاستعمارية.

ورغم اقتراح معمر القذافي اقتسام ثروات الجرف القاري مع تونس، إلا أن الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة رفض العرض، مُفضلاً اللجوء إلى القضاء الدولي بناءً على نصيحة خبراء القانون، ومن بينهم العميد الصادق بلعيد.

وخلال معركة قانونية طويلة في لاهاي، اعتمدت تونس في دفاعها على الحقائق التاريخية والجغرافية وحقوق الصيد التقليدية، بينما استندت ليبيا إلى الدراسات الجيولوجية.

وفي عام 1982، أصدرت المحكمة حكمًا نهائيًا يُثبت سيادة ليبيا الكاملة على الجرف القاري.

عبّر الصادق بلعيد عن عدم رضاه عن حكم محكمة لاهاي، مشيراً إلى شعوره بتحيز قضاتها. وعلى الرغم من ذلك، التزمت تونس بقرار المحكمة الدولي وقدمت طلبًا لإعادة النظر في الحكم، إلا أنّه قوبل بالرفض في عام 1985.

ويبقى حقل البوري شاهداً على التعقيدات الحدودية والتاريخ المُشترك بين تونس وليبيا، منذراً بأن التنافس على مصادر الطاقة قد يُشعل صراعاتٍ في أي وقت.

مقالات مشابهة

  • حقل البوري.. كنز نفطيّ يُشعل صراعاً حدوديا في قلب المتوسط
  • اكتشاف نظام بيئي كامل يعود إلى 280 مليون سنة بجبال الألب الإيطالية نتيجة ذوبان جليدي
  • ذوبان جليد يكشف آثار حيوانات عاشت قبل الديناصورات
  • في اكتشاف مذهل .. العثور على بقايا معركة القادسية بين المسلمين والفرس
  • تونس تنضم للمتأهلين لنهائيات كأس أمم أفريقيا بالمغرب
  • اكتشاف قطع من العنبر عمرها 90 مليون سنة
  • اكتشاف قبر عمره 4 آلاف عام بجوار هرم خوفو
  • الأمن العام يضرب تجار العملة في 15 مليون جنيه
  • بفضل صور تجسس أمريكية.. اكتشاف موقع معركة شهيرة في تاريخ الفتوحات الإسلامية في العراق
  • قلق من تباطؤ النمو السكاني بالمغرب.. أية تداعيات؟