كيف جعلت أزمة تكلفة المعيشة بريطانيا دولة أكثر فقرًا وقلقًا؟
تاريخ النشر: 29th, April 2024 GMT
توقفت بعض المتاجر المحلية في لندن عن عرض أسعار بعض السلع منذ عامين، وقد بدأ الأمر مع بائعي الأسماك بالمتاجر الفاخرة، ولكن بعد ذلك انتشرت هذه الممارسة إلى المتاجر الصغيرة وبائعي الخضار، مع قاعدة زبائن أوسع، وإلى المشتريات اليومية مثل الفواكه والخضروات.
وكانت ثمة أزمة تكلفة معيشة مستمرة، وهي الأسوأ في بريطانيا منذ 40 عامًا، وفق ما قال الكاتب آندي بيكيت في تقرير نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية.
أوضح الكاتب أنه بعد مرور عامين من ارتفاع الأسعار بلا هوادة، لا يزال جزء كبير من بقية البلاد في حالة إنكار؛ فالتضخم آخذ في الانخفاض ولكنه لا يزال أعلى في بريطانيا من العديد من الدول المماثلة.
ومع ذلك -كما يتابع الكاتب- فإن استطلاعات الرأي تظهر بانتظام أن ما يقرب من ثلث البريطانيين يعتقدون خطأً أن انخفاض التضخم يعني انخفاض الأسعار بشكل عام، وليس مجرد ارتفاع الأسعار بشكل أبطأ.
وأشار الكاتب إلى أن الحكومة تشجع في بعض الأحيان سوء الفهم هذا، ففي يوليو/تموز الماضي، قال ريشي سوناك لمحطة إذاعة "إل بي سي": "إذا خفضنا التضخم، فسيكون لدى الناس المزيد من الأموال لإنفاقها". وبالنسبة لمستشار سابق؛ كان من المفترض أن يفهم الاقتصاد بشكل أفضل من أي شخص آخر تقريبًا، فقد بدا هذا توقعًا مفرطًا في التفاؤل.
وأفاد الكاتب بأنه يمكن تفسير تصريحات سوناك المتفائلة بشأن التضخم جزئيًا بأنها يأس سياسي، ورغم أن هذا الانخفاض لم يكن نتيجة لسياساته بقدر ما كان راجعًا إلى عوامل عالمية، مثل انخفاض ضغوط الأسعار نتيجة للحرب في أوكرانيا؛ فإن معدل الانخفاض كان واحدًا من "النجاحات" القليلة التي يمكن لرئاسته ادعائها.
سوناك: إذا خفّضنا التضخم، فسيكون لدى الناس المزيد من الأموال لإنفاقها (غيتي)وعلى الرغم من كونه زعيمًا لا يشعر عادةً بما يعتقده الناخبون، فإن موقف سوناك بشأن التضخم يتوافق مع بعض الجمهور، على الأقل من الناحية النفسية، فلقد خلقت أزمة تكلفة المعيشة واقعًا اقتصاديًّا جديدًا في بريطانيا، وهو الواقع الذي لم يقدره الكثيرون منا بشكل كامل بعد، أو ببساطة لا يريدون مواجهته.
وأضاف الكاتب أنه باستثناء عدد قليل من السلع التي يبيعها تجار التجزئة ذوو القدرة التنافسية العالية، مثل الزبدة والحليب؛ فإن أسعار معظم السلع لا تنخفض، ولا تزال تكلفة الخدمات ترتفع بسرعة وفقًا لمعايير العقود الأخيرة: بنسبة 6% سنويًّا، وفقًا لأحدث الأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاءات الوطنية.
موجات أكثر قسوةوتوقع الكاتب موجات تضخم أكثر قسوة مقبلة؛ إذ يحذر المزارعون من أن أسعار المواد الغذائية سترتفع بعد فترة طويلة من هطول الأمطار بمعدلات قياسية، كما أن تجميد حدود ضريبة الدخل يعني معدلات أعلى للملايين، وتتزايد ضريبة المجلس بوتيرة غير مسبوقة.
وفي الوقت نفسه، كما يضيف الكاتب، يشير الانهيار البطيء لشركة (تايمز ووتر) إلى فاتورة ضخمة في الطريق، إما إلى عملائها البالغ عددهم 16 مليونًا في جنوب إنجلترا أو إلى دافعي الضرائب بشكل عام.
وأرجع الكاتب ذلك إلى "الخصخصة الخاطئة"، وأزمة المناخ، والموارد المالية المتوترة لكل من الحكومات المحلية والوطنية، فالتضخم البريطاني هو نتاج قوى عالمية ضخمة وخيارات سياسية سيئة، وفق الكاتب.
وإلى أن تبدأ الحكومة في معالجة الرغبات غير المرضية والمصالح الخاصة التي تدعم هذا التضخم ــ على سبيل المثال، من خلال تقويض عمالقة بناء المساكن ببرنامج للمساكن الأرخص، فمن المرجح أن تظل بريطانيا مكانًا باهظ الثمن للعيش فيه.
وبالنسبة للفقراء، أدى التضخم إلى تفاقم حالة الطوارئ الاجتماعية الناجمة بالفعل عن التقشف واعتلال الصحة على نطاق واسع وركود الأجور، بحسب الكاتب.
وقال الكاتب إنه بالنسبة للطبقة الوسطى بين الأثرياء والفقراء، تغيرت النزعة الاستهلاكية، ربما إلى الأبد؛ فبدلاً من الإشباع الفوري، والعروض المنتشرة في كل مكان، أصبح التسوق يدور حول مقارنة الأسعار بعناية، ودفع الرسوم الجمركية.
قوة انتهتويضيف أن الشعور بالقوة الاستهلاكية الذي كان يتمتع به الملايين من المستهلكين البريطانيين من ذوي الدخل المتوسط ذات يوم انتهى، فقد كان مبنيًا جزئيًا على عجز عمال المصانع في البلدان الفقيرة، وربما كان غير مستدام بيئيا، ومع ذلك فإن قسمًا كبيرًا من المجتمع، من مراكز المدن التي يهيمن عليها التسوق إلى التجارة يوم الأحد، كان مبنيًا حولها.
وأضاف الكاتب أن إحدى الطرق لمحاولة استعادة هذا الشعور بالقوة، ولو بشكل مؤقت، هي اقتراض المال، لكن الاقتراض يسلب السلطة أيضًا. ووفقًا لتقرير من المقرر أن تصدره مؤسسة "ستيب تشينغ" الخيرية للديون؛ فإن ما يقرب من 3 ملايين عامل بدوام كامل أو واحد من كل ثمانية من القوى العاملة بدوام كامل في المملكة المتحدة، غير قادرين على مواكبة أقساطهم.
وأشار الكاتب إلى أنه عندما يتوقف أحد المتاجر عن عرض الأسعار، يمكن أن يكون ذلك وسيلة لإقناع الناس بشراء ما لا يستطيعون تحمله، أو علامة على أن الأسعار ترتفع بسرعة كبيرة بحيث لا يتمكن المتجر من مواكبتها.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
انتهاء زيارة مراجعة قد تمنح مصر أكثر من 1.2 مليار دولار
قال صندوق النقد الدولي، الأربعاء، إن بعثته اختتمت زيارة لمصر وأحرزت تقدما كبيرا في مناقشة السياسات لاستكمال المراجعة الرابعة في إطار تسهيل الصندوق الممدد.
والمراجعة، التي قد تمنح تمويلا بأكثر من 1.2 مليار دولار، هي الرابعة في برنامج قرض الصندوق البالغة مدته 46 شهرا والذي جرت الموافقة عليه في 2022 وتمت زيادته إلى ثمانية مليارات دولار هذا العام بعد أزمة اقتصادية شهدت ارتفاع التضخم ونقصا حادا في العملة الصعبة.
وقال الصندوق أيضا إن مصر "نفذت الإصلاحات الرئيسية للحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي" بما في ذلك توحيد سعر الصرف الذي سهل الاستيراد في ظل تعهد البنك المركزي المصري المتكرر بالحفاظ على نظام مرن للصرف.
كان رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي قد قال في وقت سابق الأربعاء إن القاهرة طلبت من الصندوق تعديل أهداف البرنامج ليس فقط عن هذا العام، ولكن عن كامل مدته وذلك دون أن يقدم تفاصيل.
لماذا يتخوف المصريون من "المراجعة الرابعة" لصندوق النقد؟ في نوفمبر المقبل من المقرر أن يبدأ صندوق النقد الدولي "المراجعة الرابعة" لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، خطوة تثير مخاوف المصريين من أن تؤدي إلى زيادة في الأسعار في ضوء تمسك الصندوق بمطالبه برفع الدعم الحكومي للخدمات وتحرير سعر الصرف.وأضاف الصندوق في بيان "المناقشات ستستمر خلال الأيام المقبلة لاستكمال الاتفاق على السياسات والإصلاحات المتبقية التي قد تدعم استكمال المراجعة الرابعة".
وكان مدبولي قد أكد في تصريحات سابقة أن الحكومة لن تضيف أعباء جديد على المواطنين خلال الفترة القادمة.
ووافق الصندوق على برنامج القرض لأول مرة في 2022 قبل زيادة حجمه هذا العام بعد أن أدى ارتفاع التضخم ونقص حاد في العملة الصعبة إلى أزمة اقتصادية حادة في مصر.
وكانت مصر قد طلبت تمويلا في إطار تسهيل الصلابة والاستدامة منذ 2022، إذ تأمل في الحصول على ما يصل إلى مليار دولار إضافي.
وكانت كل مراجعة من الثلاث الأولى قد سمحت للسلطات المصرية بالحصول على 820 مليون دولار، واكتملت المراجعة الثالثة في نهاية يوليو.
وعندما استكمل الصندوق مراجعته الثالثة، قال إن الضغوط التضخمية بدأت تتراجع تدريجيا، وإن أزمة نقص النقد الأجنبي تمت معالجتها، وتم تحقيق الأهداف المالية، بما في ذلك تلك المتعلقة بالإنفاق على مشاريع البنية التحتية الضخمة.
كما أكد على الحاجة إلى بذل مزيد من الجهود لتسريع تنفيذ برنامج سحب استثمارات من الشركات المملوكة للدولة وتنفيذ الإصلاحات اللازمة لمنعها من استخدام ممارسات تنافسية غير عادلة.
مصر.. تعهد رسمي للمواطنين و"تفهم" من صندوق النقد تعهد رئيس الوزراء المصرى مصطفى مدبولي، الأربعاء، بأن الحكومة لن تضيف أعباء جديد على المواطنين خلال الفترة المقبلة.أظهرت بيانات للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر اليوم الأحد أن معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية ارتفع إلى 26.5 في المئة في أكتوبر من 26.4 في المئة في سبتمبر، وهو ما يقل قليلا عن التوقعات.
وعلى أساس شهري، ارتفع التضخم 1.1 في المئة في أكتوبر، وهو المعدل ذاته المسجل في سبتمبر.
وتؤثر أرقام التضخم على قرارات السياسة النقدية للبنك المركزي المصري الذي من المقرر أن تجتمع لجنة السياسات النقدية به في 21 نوفمبر. وأبقت اللجنة على أسعار الفائدة دون تغيير في أحدث اجتماعاتها في أكتوبر.
بعد تقارير عن "طلب ملياري دولار".. بيان مصري بشأن قرض صندوق النقد الدولي أعلنت مصر، الثلاثاء، أنها لم تطلب من صندوق النقد الدولي زيادة قيمة الشريحة الرابعة من قرض الصندوق إلى ملياري دولار بدلا من 1.3 مليونا.ولم يغير البنك المركزي أسعار الفائدة منذ أن رفعها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض مع صندوق النقد الدولي. وجاء هذا الرفع بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير.
وكان معدل التضخم في مصر يتجه نحو الانخفاض من أعلى مستوياته الذي بلغ 38 في المئة في سبتمبر 2023، لكنه ارتفع على نحو غير متوقع في أغسطس وسبتمبر 2024.
وسجل التضخم 26.2 في المئة في أغسطس ارتفاعا من 25.7 في المئة في يوليو، وذلك قبل أن يواصل التسارع إلى 26.4 في المئة في سبتمبر.