سودانايل:
2025-04-30@07:06:46 GMT

القوى المدنية السودانية و«الحفر بالإبرة»

تاريخ النشر: 29th, April 2024 GMT

د. الشفيع خضر سعيد

كتبنا في مقالنا السابق أن سمنار القوى المدنية السودانية الذي التأم في باريس بتاريخ 15 أبريل/نيسان الجاري، هو الأول من نوعه منذ إرتكاب جريمة الحرب بحق السودان وشعبه. فالسمنار شاركت فيه مجموعات مدنية سودانية ظلت لفترة طويلة تتخاصم وتتصارع، بل بعضها، ومنذ الفترة قبل اندلاع الحرب، يرفض مجرد الجلوس مع البعض الآخر.

ثم تفاقم الخصام والصراع بعد اندلاع الحرب رغم أنهم جميعا يتفقون حول ضرورة وقفها. وقلنا في ذات المقال أن اللقاء جاء تجسيدا لحلم انتظرناه طويلا، وكان البعض يرى استحالة تحققه على أرض الواقع، بينما البعض الآخر، ومن ضمنهم شخصي، كان يصر على أنه سيتحقق ولو متأخرا. فالمنطق السليم يقول بما أن هذه الأطراف المتصارعة تقف على ذات ضفة الوطنية ورفض الحرب، فإن التفكير السليم سيفرض عليها القناعة أن الوطن كله أصبح في مهب الريح، وأن خطرا داهما يتهدد الجميع، وأن ما يجمع هذه الأطراف من مصالح في الحد الأدنى الضروري للحياة، أقوى مما يفرقها، وأنها لابد أن تلتقي وتعمل بجدية وإخلاص لتمنع انهيار الدولة السودانية. ومن قراءتي الخاصة والذاتية لمجريات ما دار من نقاش في السمنار، جاء تقييمي الشخصي بأنه كان ناجحا وأدى غرضه، حيث برز بشكل واضح توافق مشترك حول العديد من المحاور المطروحة للنقاش، مرسلا إشارات إيجابية بإمكانية مواصلة هذه اللقاءات وصولا للتوافق حول رؤية سودانية لوقف الحرب، وأن الأمر الجوهري الآن هو أن نلتقط هذه الإشارات الإيجابية ونستثمرها في فعل سياسي تنظيمي ملموس. وفي هذا السياق، سأهتم في مقال اليوم بنقطتين من نقاط المشتركات الست التي لخصتها في المقال السابق، وهما النقطة التي تؤكد على استمرار العمل المشترك بين الأطراف المشاركة في السمنار وتوسيع دائرته لتشمل كافة الجهات والأطراف الرافضة للحرب والتنسيق بينها، مقرونة بالنقطة التي تؤكد على أن إنهاء الازمة السودانية هو في يد السودانيين في المقام الأول ولا ينبغي أن يكون رهينا لأي تدخلات إقليمية أو دولية.
تعلمنا من دروس التاريخ، أن تبوء أحلام الشعوب مكانها ورسوخها في قمة أولويات أجندة القادة والزعماء هي التي تدفع بالحضارة البشرية إلى الأمام، وفي اللحظة التي تتساقط فيها هذه الأحلام من أولويات أجندات أولئك القادة والزعماء ويعجزون عن الاستجابة لها، أو يضعونها في موقع أدنى بالنسبة لأجنداتهم الحزبية والخاصة، تصاب الحضارة البشرية بالتصدع. وحلم الشعب السوداني اليوم هو وقف الحرب وبسط السلام وإستكمال ثورته ورتق جروح الوطن. لكن رتق جروح الوطن يحتاج إلى خيوط متينة وأيد ماهرة، وجميعها، لن تتوفر إلا بتوفر الإرادة والرؤية والأداة المناسبة عند قياداتنا. وهذه الخيوط تستمد متانتها، مثلما الأيدي تكتسب مهارتها، من حقيقة أن وقف الحرب وإعادة بناء الوطن يحتاج إلى توسيع مبدأ القبول والمشاركة ليسع الجميع إلا من إرتكب جرما في حق الوطن، فهولاء مصيرهم المثول أمام العدالة.

إن العمل المشترك ضد الحرب لا يتطلب وحدة اندماجية أو ذوبانا تنظيميا بين المجموعات المدنية المختلفة، ولكنه، وانطلاقا من الموقف الموحد ضد الحرب، يتطلب التوافق حول التمسك بصناعة سودانية خالصة

ومن هنا تأتي دعوتنا لتطوير اللقاءات والسمنارات التي عقدتها القوى المدنية السودانية مؤخرا لتنتظم في مؤتمر مائدة مستديرة جامع للقوى السياسية والمدنية، يعقد اليوم قبل الغد، مع اشتراط الوصول لكل أطراف هذه القوى، وعدم إقصاء أي حزب أو مجموعة، غض النظر عن أي مواقف سياسية سابقة لها، مادامت هي الآن تقف ضد الحرب، ومادامت المجموعة تستند إلى قاعدة جماهيرية ملموسة على الأرض، مع ضرورة اشتراك الجميع في تفاصيل التحضير، والتقيد بالشفافية في كل خطوات العمل، والتي يجب أن تكون بعيدة عن أي مؤثرات خارجية، دولية أو إقليمية.
صحيح أن الطرفين المتقاتلين وبما يمكن أن يخضعا له من ضغوط، قد يوافقان على وقف إطلاق النار والقتال، لكن ليس باستطاعتهما وحدهما وقف الحرب ولا يمكن أن يحددا هما فقط مصير السودان ومستقبله. فالمسؤولية الأكبر والرئيسية في وقف هذه الحرب المدمرة تقع على عاتق القوى المدنية السودانية، لأنها هي المناط بها تصميم وقيادة العملية السياسية التي بدونها لن تضع الحرب أوزارها. وجوهر العملية السياسية يبدأ بصياغة الرؤية لوقف الحرب، بمعنى الإجابة على العديد من الأسئلة حول مستقبل قيادة الجيش ومستقبل قوات الدعم السريع والميليشيات الأخرى، والمساءلة بالنسبة لجريمة اندلاع الحرب وما صاحبها من انتهاكات، وكذلك مخاطبة المأساة الإنسانية الراهنة والمتفاقمة في البلاد، وفترة انتقال بقيادة مدنية بعيدا عن أي شراكة مع أي من طرفي القتال، إذ لا خير في أي عملية سياسية يكون هدفها الرئيسي فقط هو اقتسام كراسي السلطة، وغير ذلك من الأسئلة التي ناقشناها بالتفصيل في مقالاتنا السابقة. وتصميم العملية السياسية وصياغة الرؤية ليسا فرض كفاية، يقوم به قسم من القوى المدنية ويسقط عن أقسامها الأخرى، بل هما يشترطان مشاركة كل القوى المدنية الرافضة للحرب، ومن هنا تأتي دعوتنا لعقد مؤتمر المائدة المستديرة.
إن العمل المشترك ضد الحرب لا يتطلب وحدة اندماجية أو ذوبانا تنظيميا بين المجموعات المدنية المختلفة، ولكنه، وانطلاقا من الموقف الموحد ضد الحرب، يتطلب التوافق حول التمسك بصناعة سودانية خالصة للعملية السياسية، تصميما ومحتوى وقيادة، كما يتطلب فهما مشتركا للتعامل مع المجتمع الدولي والإقليمي. وأي مسعى لوحدة القوى المدنية السودانية أو التنسيق بينها، من الضروري أن تحكمه مبادئ الشفافية، ومشاركة الكل في التحضير، وأن يكون المسعى سودانيا بعيدا عن أي تدخلات خارجية، والجدية في أن يكون تمويله ذاتيا.
إن دعوتنا للمائدة مستديرة ليست جديدة، بل هي موقفنا الثابت الذي ظللنا نجهر به منذ بدايات الفترة الانتقالية. وفي الفترة الأخيرة كثفنا نشاطنا في هذا الاتجاه والتقينا بالعديد من القيادات المدنية، في «تقدم» و«الكتلة الديمقراطية» وغيرهما، وسنواصل. ولا أرى غضاضة في تسمية هذا النشاط «الحفر بالإبرة» بعيدا عن تهكم منصة «مجد» الإعلامية!

نقلا عن القدس العربي  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: القوى المدنیة السودانیة وقف الحرب ضد الحرب

إقرأ أيضاً:

50 عاما على نهاية حرب فيتنام التي غيّرت أميركا والعالم

لم يكن 30 أبريل/نيسان 1975 يوما عاديا في التاريخ الفيتنامي، فقد انتصرت فيتنام الشمالية آنذاك، وأُعيد توحيد شطري البلاد بعد حربين مع إمبراطوريتين أودتا بحياة نحو مليوني فيتنامي، وفقدت فرنسا كامل نفوذها تقريبا بالمنطقة، بينما خسرت الولايات المتحدة -التي تورطت بعدها- نحو 58 ألف جندي و120 مليار دولار في الحرب التي باتت الأكثر "إذلالًا" في تاريخها.

وبدت حرب فيتنام -أو حروبها- بتشابكاتها الدولية والإقليمية تجسيدا لنظرية "الحرب التي تلد أخرى" في ظل صراع ساخن في بواكير الحرب الباردة. فقد أدت معركة ديان بيان فو (13مارس/آذار-7 مايو/أيار 1954) عمليا إلى نهاية الإمبراطورية الاستعمارية الفرنسية في منطقة الهند الصينية برمتها، وخسرت أيضا مستعمراتها الأخرى في أفريقيا بفعل صعود حركات التحرير التي تأثرت بالمقاومة الفيتنامية، وبمفاعيل "نظرية الدومينو" العسكرية والسياسية.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4كوارث بيئية لا تنسى.. "العامل البرتقالي" الأميركي بفيتنامlist 2 of 4الجزيرة نت في فيتنام.. احتفالات عارمة في "هو تشي منه" بخمسينية النصر والوحدةlist 3 of 4حرب فيتنام.. خمسينية النصر والوحدةlist 4 of 4هو شي منه قائد ثورة فيتنام ضد فرنسا وأميركاend of list

كانت حرب فيتنام نتاج سنوات من مقاومة الاحتلال الفرنسي للبلاد (منذ عام 1883) ثم الغزو الياباني الذي انتهى بهزيمتها في الحرب العالمية الثانية، والمد الشيوعي في المنطقة وصراع الأيديولوجيات، ومحاولات تقسيم البلاد، وبلغت أوجها مع التدخل الأميركي العسكري المباشر لمحاولة صد التوغل الشيوعي السوفياتي الصيني.

إعلان

وعمليا، لم تكن حرب الهند الصينية الأولى (بين عامي 1946 و1954) معركة الولايات المتحدة، لكنها كانت تمول فعليا نحو 78% من تكلفة تلك الحرب -وفق أوراق البنتاغون المنشورة عام 1971- وتقدم مساعدات عسكرية ولوجستية ضخمة لفرنسا، خوفا من التمدد الشيوعي وسيطرة الصين على المنطقة وصعود الاتحاد السوفياتي إذا هزمت القوات الفرنسية.

كما ناقش المسؤولون الأميركيون -تبعا لهواجسهم تلك- دعما إضافيا لفرنسا ضمن ما عرف بـ"عملية النسر" (Operation Vulture) وهي مقترح خطة عسكرية كبيرة، من أجل إسناد الفرنسيين في معركة ديان بيان فو، وضعها الرئيس دوايت آيزنهاور (حكم بين 1953 و1961) ومستشاروه.

وتضمنت العملية -اعتمادا على وثائق رفعت عنها السرية- قصفا مركزا ومكثفا مع احتمال استخدام قنابل ذرية اقترح تقديمها لفرنسا، وتدخلا بريا. لكن العملية لم تنفذ في النهاية وانسحبت فرنسا بخسائر فادحة، بعد توقيع اتفاقية جنيف للسلام في يوليو/تموز 1954 التي نصت على تقسيم فيتنام إلى شطرين، ولم توقع الولايات المتحدة وحكومة سايغون الموالية لها على الاتفاق رغم حضورهما. وبدأ التورط الأميركي العسكري تدريجيا لحماية النظام الموالي لها في فيتنام الجنوبية ومحاربة المد الشيوعي، إلى حد التدخل المباشر والمعلن عام 1963.

الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون (يمين) ووزير خارجيته هنري كيسنجر (أسوشيتد برس) نظرية الرجل المجنون

في منتصف عام 1968، وتحت ورطة الفشل في حرب فيتنام، اعتمد الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون (1969-1974) على مبدأ تحقيق "السلام بالقوة" عبر "المزيد من قاذفات بي 52" التي أوصاه بها وزير خارجيته هنري كيسنجر، مبتدعا ما سماها "نظرية الرجل المجنون".

ويكشف رئيس موظفي البيت الأبيض بوب هالدمان في مذكراته عام 1994 عن إستراتيجية الرئيس نيكسون لإنهاء حرب فيتنام التي أسرّ له بها قائلا "أنا أسميها نظرية الرجل المجنون، بوب.. سنرسل لهم رسالة مفادها يا إلهي، أنتم تعلمون أن نيكسون مهووس بالشيوعية لا يمكن كبح جماحه عندما يكون غاضبا ويده على الزر النووي.. سيصل هو شي منه (الزعيم الفيتنامي) بنفسه إلى باريس في غضون يومين ويطلب السلام".

إعلان

وكتب هالدمان أن الرئيس نيكسون سعى إلى تنفيذ إستراتيجية التهديد باستخدام القوة المفرطة لتقويض خصومه، وإجبارهم على الاستسلام أو التسوية. وبهذه الطريقة، يصبح عدم يقين الفيتناميين بشأن الخطوات المستقبلية للزعيم "أداة إستراتيجية في حد ذاتها".

وفي 4 أبريل/نيسان 1972 قال نيكسون لهالدمان والمدعي العام جون ميتشل "لم يُقصف الأوغاد قط كما سيُقصفون هذه المرة" عند اتخاذه قرارا بشن ما أصبح يُعرف باسم عملية "لاينباكر التي مثلت تصعيدا هائلا في المجهود الحربي، الذي شمل قصف ميناء هايفونغ، وحصار ساحل فيتنام الشمالية، وحملة قصف جديدة ضخمة ضد هانوي.

ولا تثبت الوقائع التاريخية أن الزعيم الفيتنامي هو شي منه خضع لنظرية "الرجل المجنون" عندما تم توقيع اتفاق السلام في باريس يوم 23 يناير/كانون الثاني 1973، لكن الولايات المتحدة استخدمت قوة هائلة ومفرطة لمحاولة إخضاع الفيتناميين، وفكرت في استعمال السلاح النووي.

كانت نظرية "الرجل المجنون" تجسيدا للإحباط الذي أصاب الإدارة الأميركية من صمود المقاومة الفيتنامية والخسائر الفادحة في صفوف الجيش الأميركي، ومن حركة الرفض الواسعة للحرب في المجتمع الأميركي، واهتزاز الضمير العالمي من المشاهد المؤلمة للمجازر البشعة، سواء في مذبحة "ماي لاي" في 16 مارس/آذار 1968 التي قتل فيها 504 من المدنيين العزل، وغيرها من المجازر.

وفي المقابل، كانت نظرية الجنرال فو نغوين جياب قائد قوات قوات "الفيت منه"(رابطة استقلال فيتنام) تراوح بين خطتي "هجوم سريع.. نصر سريع" و"هجوم ثابت.. تقدم ثابت" واعتماد الحرب الشعبية وحروب العصابات الخاطفة واستنزاف العدو، حيث يقول في مذكراته "إن كل واحد من السكان جندي، وكل قرية حصن" وكانت نظريته أن حرب العصابات هي "حرب الجماهير العريضة في بلد متخلف اقتصاديا ضد جيش عدواني جيد التدريب".

الزعيم الفيتنامي الراحل هو شي منه رفض التخلي عن فكرة توحيد فيتنام (غيتي) ) الورطة والمقاومة

بدأ التورط الأميركي عمليا في حرب فيتنام بعد خروج القوات الفرنسية، ومنذ عام 1961 أرسلت واشنطن 400 من الجنود والمستشارين لمساعدة حكومة سايغون الموالية في مواجهته قوة هو شي منه الشيوعية، ومع التوصيات بزيادة المساعدات استجاب الرئيس جون كينيدي. وبحلول عام 1962 زاد الوجود العسكري الأميركي في جنوب فيتنام إلى نحو 9 آلاف جندي.

إعلان

ومع بداية عهد الرئيس ليندون جونسون (1963-1969) -الذي منحه الكونغرس صلاحيات واسعة في الشؤون الحربية- بدأت القاذفات الأميركية تنفيذ عمليات قصف منتظمة على فيتنام الشمالية وقوات "الفيت- كونغ" (الجبهة الوطنية لتحرير جنوب فيتنام). وفي مارس/آذار 1965، بدأ تدفق القوات الأميركية إلى فيتنام الشمالية، حتى وصل إلى 200 ألف عام 1966، ثم نحو 500 ألف في نوفمبر/تشرين الثاني 1967.

وكانت قوات الزعيم هو شي منه، وقائد العمليات الجنرال جياب، تعتمد على التكتيكات الحربية النوعية والهجمات الخاطفة والكمائن والأنفاق والحرب الطويلة الأمد كما كانت تعتمد على الإمدادات القادمة من كمبوديا ولاوس المجاورتين، وعلى الدعم النوعي الذي تتلقاه من الصين ومن الاتحاد السوفياتي، خصوصا منظومات الدفاع الجوي التي أسقطت عشرات قاذفات "بي-52". ومع بداية عام 1968 بلغت الخسائر الأميركية 15 ألف قتيل و109 آلاف جريح.

وفي المقابل، زادت الولايات المتحدة من وتيرة القصف الجوي العنيف واستعمال الأسلحة المحرمة دوليا مثل "النابالم" وما سمي "العامل البرتقالي" -الذي يحتوي على "الديوكسين" وهو أكثر تلك المبيدات ضررا وفتكا- على فيتنام ولاوس وكمبوديا، ومازالت آثاره البيئية الخطيرة قائمة.

فتاة النابالم اعتبرت وثيقة تدين الحرب الأميركية في فيتنام (أسوشيتد برس) صورة الهزيمة

لم تكن الخسائر البشرية لوحدها ذات التأثير الأكبر فيما اعتبر هزيمة أميركية عسكرية وأخلاقية في فيتنام، فقد مثلت تلك الحرب أول "حرب تلفزيونية" مع بروز سطوة التلفزيون والصورة، وكانت للتقارير الإعلامية عن المجازر في فيتنام ذات تأثير واسع في الرأي العالم الأميركي والعالمي وفي قرارات الإدارة الأميركية لاحقا، خصوصا صورة "طفلة النابالم" التي كانت تجري عارية بعد أن أسقطت طائرة أميركية مادة النابالم الحارقة على قريتها في 8 يونيو/حزيران 1972.

إعلان

وفي 29 أبريل/نيسان 1975، ألقى الرئيس الأميركي جيرالد فورد (1974-1977) بيانا أعلن فيه إجلاء الموظفين الأميركيين من فيتنام قائلا "تعرض مطار سايغون لقصف صاروخي ومدفعي متواصل، وأُغلق بالكامل. تدهور الوضع العسكري في المنطقة بسرعة. لذلك، أمرتُ بإجلاء جميع الموظفين الأميركيين المتبقين في جنوب فيتنام" وكانت تلك نهاية الوجود الأميركي في هذه البلاد، ودخول قوات الجنرال جياب إلى المدينة اليوم التالي.

ولا تزال مجريات حرب فيتنام، بمآسيها وصمود مقاومتها وتوحيد شطريها، من بين أحداث العالم الفارقة خلال القرن العشرين، وواحدة من الحروب التي غيّرت وجه الولايات المتحدة والعالم بأبعادها العسكرية والسياسية وآثارها الإنسانية، كما باتت تكتيكاتها وأساليبها تدرس في الكليات العسكرية، وتتبعها حركات مقاومة أخرى حول العالم.

وبينما تحتفل بالذكرى الخمسين ليوم تحرير الجنوب وإعادة التوحيد الوطني، لم تعد مدينة سايغون (عاصمة فيتنام الجنوبية سابقا) -التي باتت تسمى هو شي منه نسبة إلى الزعيم الأسطوري لفيتنام- رهينة جراحات الماضي الأليم وأهواله، فقد تحولت على مدى الـ50 عاما الماضية إلى مدينة ناطحات سحاب براقة، وأعمال مزدهرة ومركز صناعي حيوي ونقطة جذب سياحية عالمية.

مقالات مشابهة

  • 50 عاما على نهاية حرب فيتنام التي غيّرت أميركا والعالم
  • مدير الشؤون السياسية بحلب والمشرف على عمل مديريتي الصحة بحلب وإدلب يبحثان مع عدد من الصيادلة التحديات التي تواجه القطاع الدوائي
  • كيف انتزعت الطبقة العاملة السودانية حق التنظيم النقابي؟
  • شاهد بالفيديو.. لهذا السبب.. الشاعرة والإعلامية السودانية داليا الياس تنهار بالبكاء بعد دخولها منزلها بالخرطوم لأول مرة بعد الحرب
  • الصحة تحت النار: أثر الحرب على المنظومة الصحية السودانية
  • اوقفوا استهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية
  • الطالبي العلمي: “الأحرار” الحزب واعٍ بالضغوط السياسية والهجمات التي تستهدفه ويقود الحكومة بثقة
  • تصاعد استخدام المسيّرات في الحرب السودانية .. «قوات الدعم السريع» تواصل قصف مواقع مدنية وعسكرية
  • حرب السودان في عامها الثالث فهل من أفق لحل الأزمة؟
  • احذروا القوي السياسية التي تعبث بالأمن