الشجرة التي لم يستطع الإنسان "تدجينها"!
تاريخ النشر: 29th, April 2024 GMT
تعد شجرة الجوز البرازيلي فريدة في أكثر من جانب. تمكن البشر من إقامة مزارع للبن ونخيل الزيت، لكن هذه الشجرة العملاقة أبت أن تعطي ثمارها خارج موطنها الأصلي في غابات الأمازون.
إقرأ المزيديتم جمع ثمار الجوز البرازيلي يدويا بنفس الطريقة التي كان يتبعها السكان الأصليون منذ آلاف السينين.
الموردان الرئيسيان لهذه الثمار اللذيذة والمفيدة إلى السوق العالمية هما بوليفيا والبرازيل، في حين يأتي قسم صغير من دولة ثالثة هي بيرو.
في كل عام يتم بيع حوالي 20000 طن من ثمار هذه الشجرة الفريدة في جميع أنحاء العالم.
يعتمد سكان الأمازون على ثمار شجرة الجوز البرازيل وهي غذاء رئيس بالنسبة لهم، يضيف الكثير إلى القائمة الغذائية الشحيحة في الغابة.
اللافت أن أشجار الجوز البرازيلي لا تتم زراعتها بشكل خاص، بل يتم جمع الثمار البرية فقط. على سبيل المثال تم زرع أشجار الجوز البرازيلية في سريلانكا إلا أنها للزينة ولا تعطي ثمارا.
هذه الشجرة تتميز أيضا بأنها عملاقة، ويصل طول جذعها إلى 45 مترا، فيما يبلغ قطر الجذع حوالي المترين، وهي تعيش حتى 500 عام، فيما يقول بعض الخبراء إن عمرها في الغالب يصل إلى 1000 عام.
خصائص الجوز البرازيلي:
يحتوي الجوز البرازيلي على ما نسبته 65 بالمئة من الدهون و14 بالمئة من البروتين، ويرفد المستوى العالي من السعرات الحرارية بنسبة مرافعة من المعادن مثل البوتاسيوم والفوسفور والحديد والمغنيسيوم والسيلينيوم وفيتاميني (أ) و (ب).
بالنسبة للفوائد الصحية، يفيد الخبراء بأن الجوز البرازيلي يساعد على خفض مستويات الكوليسترول وتطبيع نسبة السكر في الدم، وتعزيز نمو جسم الطفل ومقاومة الإجهاد لدى البالغين. لذلك يقول خبراء التغذية أن حبة واحدة من الجوز البرازيلي كافية ليشعر متناولها بالراحة والسعادة.
يؤكل الجوز البرازيلي مباشرة، كما يستخدم على نطاق واسع في الطبخ وتحضر منه العديد من الأطباق، ويدخل في إنتاج الحلويات وزبدة الجوز.
من خصائص الجوز البرازيلي كذلك قدرته على احتمال التخزين وعدم فقدانه لخصائصه حتى لو كان خارج قشرته لمدة عامين.
من أهمية ثمار الجوز البرازيلي أيضا أنها ذات قيمة خاصة بالنسبة للنساء لأنها تحتوي على كمية كبيرة من السيلينيوم، ما يساعد على تقليل خطر الإصابة بسرطان الثدي.
الزيت المستخرج من الجوز البرازيلي لا يستخدم فقط في صناعة المواد الغذائية، بل ويجد قسما كبيرا منه طريقه إلى سويسرا، حيث يعتبر من أفضل زيوت التشحيم لأجزاء آليات الساعات باهظة الثمن.
سبب تعذر زراعة أشجار الجوز البرازيلي:
سر هذا الأمر يكمن في تركيب زهور هذه الشجرة الفريدة. تحتاج شجرة الجوز البرازيلي كما بقية الأشجار المثمرة إلى تلقيح الحشرات، لكن ليس أي حشرات. أنواع خاصة فقط قادرة على تلقيح أزهار أشجار الجوز البرازيلي المعقدة. عدة أنواع من الحشرات فقط قادرة على أداء هذه المهمة وهي تعيش في بيئة الغابات الطبيعية في المناطق الاستوائية، ولهذا لا يمكن الحصول على ثمار الجوز البرازيلي الأصلية من أشجار المزارع.
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أرشيف هذه الشجرة
إقرأ أيضاً:
لغز السعادة
السعادة لغز قديم، شغل الفلاسفة والمفكرين، وأرهق الباحثين عنها في كل زمان ومكان.
البعض يراها في النجاح، والبعض الآخر يظنها في المال، وهناك من يربطها بالحب، أو بالسفر، أو بتحقيق الأحلام. ومع ذلك، يمضي الكثيرون حياتهم في ملاحقتها دون أن يجدوها، كمن يطارد خيط دخان. والمفارقة أن هناك من يعيش ببساطة، لا يفكر كثيرًا في سرها، ومع ذلك يبدو سعيدًا بما لديه، كأنه وجد مفتاحًا خفيًا لم يدركه الآخرون. فما الذي يجعل بعض الناس سعداء رغم قسوة الظروف، بينما يبقى آخرون غارقين في التعاسة رغم أن الحياة قد منحتهم أكثر مما يحتاجون؟ الجواب لا يكمن فقط في الظروف، بل في طريقة فهم الإنسان لها، وفي الطريقة التي ينظر بها إلى الحياة ويتعامل مع تقلباتها.
يقول سينيكا: “السعادة ليست في امتلاك الأشياء، بل في التحرر من الحاجة إليها.” وهذه هي الحقيقة التي يغفل عنها كثيرون، فالتعلق المستمر بالماديات لا يولد سوى مزيد من الرغبات التي لا تنتهي، وكأن الإنسان يسير في سباق لا خط نهاية له. أما من أدرك أن ما لديه كافٍ، وأن القناعة ليست استسلامًا بل نوع من الذكاء، فقد عرف طريق السعادة دون الحاجة إلى الركض خلفها. ليس هذا إنكارًا لأهمية الطموح أو السعي نحو الأفضل، لكنه تأكيد على أن السعادة ليست مؤجلة لحين تحقيق شيء معين، وإنما هي حالة يمكن أن يعيشها الإنسان في كل لحظة، إذا امتلك الفهم الصحيح لمعناها.
أما فولتير، فقد قال: “السعادة ليست شيئًا جاهزًا، بل تأتي من الفهم الجيد للحياة والتصرف بحكمة.” وهذا يعيدنا إلى التساؤل: هل الوعي بالحياة شرط للسعادة؟ أم أن هناك من يعيش سعيدًا رغم أنه لا يفكر كثيرًا في معانيها؟ الحقيقة أن هناك نوعان من السعادة: سعادة تأتي من البساطة، وسعادة تأتي من الفهم العميق. الأولون يعيشون وفق إيقاع الحياة دون أن يرهقوا أنفسهم بأسئلة كبرى، يجدون الفرح في تفاصيل يومهم، ولا يضعون أنفسهم تحت ضغط البحث المستمر عن معنى لكل شيء. أما الآخرون، فيدركون أن السعادة لا تعني غياب المشكلات، بل القدرة على التعامل معها دون أن يفقدوا توازنهم. هذا النوع من السعادة أعمق وأطول عمرًا، لأنه لا يعتمد على الظروف الخارجية، بل على قدرة الإنسان على خلق حالته الخاصة من الرضا.
وهنا يبرز السؤال: هل الجهل نعمة حقًا؟ يعتقد البعض أن الأشخاص الذين لا يشغلون أنفسهم بالتفكير قد يكونون أكثر سعادة، لأنهم لا يرهقون عقولهم بتعقيدات الحياة. لكن هذه السعادة غالبًا ما تكون هشة، تنهار عند أول اختبار، لأنها لم تُبنَ على أساس متين. أما من أدرك طبيعة الدنيا وفهم قوانينها، وامتلك وعيًا متزنًا، فإنه يمتلك سعادة أعمق، لأنها لا تتأثر بالتغيرات العابرة، ولا تتبدد عند مواجهة الأزمات. الشخص الذي لا يشغل نفسه بالتفكير في المعنى الأعمق للحياة قد يشعر بالسعادة طالما أن الأمور تسير وفق ما يريد، لكنه عندما يواجه أزمة حقيقية، فإنه ينهار بسهولة، لأنه لم يكن مستعدًا نفسيًا أو فكريًا لمثل هذه اللحظات. بينما من يمتلك وعيًا ناضجًا بالحياة، يدرك أن التحديات جزء من الرحلة، وأن السعادة لا تعني غياب المشاكل، بل تعني امتلاك القدرة على التعامل معها دون أن يفقد اتزانه الداخلي.
السعادة الحقيقية لا تأتي من الهروب من الواقع أو إنكاره، بل من التكيف معه. هناك من يرى في كل مشكلة نهاية العالم، وهناك من يراها تحديًا يمكن تجاوزه. الفرق ليس في حجم المشكلة، بل في طريقة التفكير. كذلك، هناك من يعيش عمره يقارن نفسه بالآخرين، فلا يرى في حياته إلا ما ينقصه، بينما هناك من يدرك أن لكل إنسان رحلته الخاصة، وأن الانشغال بالذات أكثر نفعًا من الانشغال بالمقارنات التي لا تنتهي. البعض يظن أن الحصول على ما يمتلكه غيره سيمنحه السعادة، لكنه يكتشف لاحقًا أن المقارنة لا تقوده إلا إلى مزيد من السخط، وأن السعادة ليست فيما عند الآخرين، بل فيما يمكن أن يجده هو في حياته، إذا تعلم كيف يرى الجمال فيما لديه.
السعادة ليست هدفًا بعيدًا، بل أسلوب حياة. هي في التفاصيل الصغيرة التي يمر بها الإنسان دون أن ينتبه إليها، في لحظة رضا، في ابتسامة غير متكلفة، في بساطة العيش بعيدًا عن التعقيد. البعض يظنها كنزًا مخفيًا يجب البحث عنه، لكنها في الحقيقة قريبة، تحتاج فقط إلى عين ترى، وعقل يفهم، ووعي يعرف كيف يكون ممتنًا. السعادة ليست أن تكون حياتك مثالية، بل أن تعرف كيف تتعامل مع كل لحظة فيها، وتجد فيها شيئًا يستحق أن يُعاش. البعض يطاردها كما لو كانت غزالًا جامحًا، بينما هي جالسة بجواره، تنتظر منه فقط أن يراها.