لجريدة عمان:
2025-03-12@16:53:47 GMT

الدول العربية ودعم الكيان الإسرائيلي

تاريخ النشر: 29th, April 2024 GMT

شخصيًّا لا أعرف ما هو المبرّر الذي يجعل بعض الدول العربية تعمل جاهدة لحماية الكيان الصهيوني، في وقت يعمل فيه هذا الكيان ليل نهار على إبادة أهل غزة؟ ومن ذلك - مثلا - أن تتصدى هذه الدول للمُسيَّرات والصواريخ الإيرانية المتجهة للكيان، وأن تدمّر الأخرى الأنفاق التي تساعد أهل غزة، وأن تقف تمول الأخرى كل احتياجات «إسرائيل»؟

حمايةُ هذه الأنظمة للكيان قد تمرّ الآن مرورًا عابرًا، ولكن هل يعني ذلك أنّ شعوب تلك الدول راضية، وأنّ المسألة لن يكون لها تداعيات أخرى مستقبلا؟ للإجابة على تلك الأسئلة، يلتقط الخيط جاك خوري محرر الشؤون العربية في صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، عندما توقّع عبر صحيفته يوم 18 أبريل 2024، أن تواجه دولٌ عربيةٌ «اصطفت إلى جانب إسرائيل في حربها على غزة، وكذلك خلال الهجوم الإيراني الأخير، صعوبةً في تبرير تحالفها غير المسبوق مع تل أبيب لشعوبها؛ فهذه الدول اختارت جانب التحالف الأميركي الإسرائيلي على حساب الوقوف مع الجانب الفلسطيني، ووضعت نفسها في حالة تأهب قصوى، وأغلقت مجالها الجوي قبل الهجوم الإيراني، وهو أمرٌ لم يحدث حتى في حرب الخليج الأولى»، ويواصل خوري تساؤلاته بأن يقول إنّ تلك الدول لم تكتف بذلك، فقدّمت بعضُها معلومات استخباراتية، في حين اتخذ البعض الآخر تدابير سرية، «رغم أنهم كانوا يدركون أنّ مصالحهم لم تكن تواجه تهديدًا مباشرًا، وبأنّ هدف الهجوم كان إسرائيل فقط».

المؤسف أنّ حماية الكيان من قبل بعض الدول العربية، جاء في وقت تشهد فيه غزة إبادةً جماعيةً من قبل هذا الكيان، وهذا جعل من الصعب أن تستوعب الشعوب العربية ذلك الاصطفاف مع «إسرائيل»، حيث حدث لأول مرة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي أن تقف الدول العربية (علنًا) مع إسرائيل جنبًا إلى جنب ضد «عدو مشترك» هو إيران. ولا أعتقد أنّ جاك خوري كان موفَّقًا في مقاله ذلك، بزعمه أنّ الزعماء العرب الذين لم يصرحوا علانية بتعاونهم مع واشنطن، وبالتالي بشكل غير مباشر مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، «يرون أنّ الهدف من ذلك التعاون كان الحيلولة دون نشوب حرب شاملة، بما تنطوي عليه من عواقب وخيمة على المنطقة بأكملها»، فيكف لدول تعمل على حماية إسرائيل - مما يعني أنها تؤيّد الإبادة في غزة - أن تخشى توسع الحرب إلى المنطقة؟ هذا تبريرٌ ليس منطقيًّا ولا يستند إلى واقع، لأنّ في مشاركتها في التصدي للمُسيَّرات الإيرانية، قد دخلت طرفًا في الحرب؛ فحسب هآرتس «فإنّ الحرب التي يمكن أن تندلع ستكون أخطر بكثير من أيّ حرب شهدتها المنطقة في الماضي»، ومثل هذه النغمة هي التي فرملت كلّ مقاومة ضد الكيان، وجعلت بعض الدول العربية تقف ضد محور المقاومة، رغم أنّ حماس أظهرت للعالم هشاشة عظام الكيان الصهيوني.

ولكن هل الاصطفاف مع الكيان الصهيوني ضد حماس شيء جديد؟! لا ليس جديدًا؛ فقبل عشر سنوات من الآن، أي في الأول من أغسطس 2014، ناقشت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية مواقف دول عربية إزاء الحرب في غزة في تلك الفترة، تحت عنوان «قادة عرب يلزمون الصمت لأنهم يعتبرون حماس أسوأ من إسرائيل»، وكتب ديفيد كيرباتريك في تحليله للصحيفة، أنّ «بُغض قادة عرب للتيار الإسلامي يفوق حساسيتهم تجاه إسرائيل»، لذا - كما يقول الكاتب - «اصطفت بعض الدول العربية فعليًّا مع إسرائيل في حربها ضد حماس، وهذا بدوره، أسهم في فشل وصول الفرقاء إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، حتى بعد أكثر من ثلاثة أسابيع من إراقة الدماء». (والآن دخلت الحرب شهرها السابع)

كان المتوقع بعد ما عُرف بـ«الربيع العربي» عام 2011، أن تكون هذه الحكومات - تحت ضغوط شعوبها - أكثر تعاطفًا مع الفلسطينيين وأكثر عداءً للكيان الإسرائيلي، إلا أنّ كيرباتريك يقول «إنّ الأمر كان عكس ذلك تمامًا»، وهذه حقيقة؛ فالأنظمة العربية اعتمدت القبضة الحديدية، وفي اعتقادها أنّ ذلك سيفيدها، وهي نظرةٌ خاطئةٌ بكلِّ المقاييس؛ كما أنّ الاعتماد على أمريكا لن يفيدها في شيء؛ فالتاريخ يشهد كيف تخلت أمريكا عن عملائها، عندما تعلق الأمر بمصالحها، وهذا يعيدني إلى ما ذكرتُه غير مرة من أنّ الشرعية تُستمدّ من الداخل وليس من الخارج، وأنّ الوقوف مع الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني هو استفزاز للشعوب العربية، وإن كانت بسبب التشديد والقبضة الأمنية لا تستطيع هذه الشعوب أن تعبِّر عن ذلك الآن، فليس معنى هذا أنّ الأمر سيدوم إلى الأبد، وعندما تتحرك، فإنّ تحرَّكها لن يكون مثل تحرّك «الربيع العربي»، وإنما سيكون له تداعيات كثيرة، وسيُسقط ما تزعمه الدول المُطبّعة من أنّ التطبيع سيمكن الدول العربية من نفوذ ما، يمكنها من خلاله دعم الفلسطينيين والحدّ من العدوان الإسرائيلي عليهم، وهي النغمة السائدة لدغدغة العواطف العربية، ولكن ما لا تعلمه هذه الأنظمة أو أنها تعلمه لكنها تتجاهله، أنّ الشعوب العربية هي شعوب واعية، ولا تنطلي عليها الأكاذيب، رغم انشغالها بلقمة العيش التي أصبحت صعبة المنال، وساعتها لن تفيدها إسرائيل ولا أمريكا في شيء. إنّ الوقوف والاصطفاف مع الكيان الصهيوني ضد حركتي حماس والجهاد وضد إيران يشكّل خنجرًا مغروزًا في خاصرة القضية الفلسطينية وضد عدالة القضية، وفي النهاية هو تفريط دنيء في القضية الفلسطينية، وللمسجد الأقصى والأمة برمتها.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: بعض الدول العربیة الکیان الصهیونی

إقرأ أيضاً:

مقررة أممية: قطع إسرائيل الكهرباء عن غزة يتسبب في إبادة جماعية

دانت المقررة الأممية الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيز قطع إسرائيل إمدادات الكهرباء عن قطاع غزة، وقالت إنه يعني عدم وجود مياه نظيفة، وبالتالي هو "إنذار بإبادة جماعية".

وأضافت ألبانيز -في بيان نشرته على حسابها عبر منصة إكس- أن "عدم فرض عقوبات وحظر أسلحة على إسرائيل يعني دعمها في ارتكاب واحدة من أكثر جرائم الإبادة الجماعية في غزة، التي يمكن منعها في تاريخنا".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2منظمات: وقف المساعدات الإنسانية الأميركية يعرض ملايين النساء للخطرlist 2 of 2مقرر أممي: الترحيل الجماعي للغزيين خيال وأوهامend of list

وكتبت: "إنذار بإبادة جماعية! إن قطع إسرائيل لإمدادات الكهرباء عن غزة يعني عدم وجود محطات تحلية مياه عاملة، وبالتالي عدم وجود مياه نظيفة".

وفي وقت سابق أمس الأحد، أعلنت إسرائيل أنها قررت وقف تزويد قطاع غزة بالكهرباء "فورا"، رغم أن إمدادات الكهرباء إلى القطاع متوقفة فعليا منذ بداية الحرب في أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وقالت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية إن وزير الطاقة والبنية التحتية إيلي كوهين، قرر وقف تزويد قطاع غزة بالكهرباء.

وردا على القرار، قال المتحدث باسم حركة حماس حازم قاسم: "عمليا، الاحتلال الإسرائيلي قطع الكهرباء عن قطاع غزة منذ اليوم الأول لحربه على القطاع". وأضاف أن "هذا السلوك يؤكد إمعان الاحتلال في استكمال حرب الإبادة ضد غزة، عبر استخدام سياسة التجويع، في استهتار واضح بكل القوانين والأعراف الدولية".

فرانشيسكا ألبانيز دعت لفرض عقوبات وحظر أسلحة على إسرائيل للجمها عن جرائمها (الفرنسية)

والثلاثاء الماضي، قال عومري دوستري، المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب لا تستبعد قطع المياه والكهرباء عن قطاع غزة باعتباره وسيلة للضغط على حركة حماس.

إعلان

وفي الثاني من مارس/آذار الجاري، قالت وسائل إعلام عبرية إن إسرائيل تعتزم البدء خلال أسبوع بتنفيذ خطة تصعيدية ضد غزة، تشمل قطع الكهرباء والمياه وتنفيذ عمليات اغتيال وإعادة تهجير الفلسطينيين من شمال القطاع إلى جنوبه واستئناف الحرب.

وأوقفت إسرائيل إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، الأحد الماضي، وسط تحذيرات محلية وحقوقية من عودة الفلسطينيين إلى مربع المجاعة.

ومطلع مارس الجاري، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة رسميا والتي استغرقت 42 يوما، من دون موافقة إسرائيل على الدخول في المرحلة الثانية وإنهاء الحرب.

ويريد نتنياهو تمديد المرحلة الأولى من صفقة التبادل للإفراج عن أكبر عدد ممكن من الأسرى الإسرائيليين في غزة، من دون تقديم أي مقابل لذلك أو استكمال الاستحقاقات العسكرية والإنسانية المفروضة في الاتفاق خلال الفترة الماضية، وذلك إرضاء للمتطرفين في حكومته.

لكن حركة حماس ترفض ذلك، وتطالب بإلزام إسرائيل بما نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار، وتدعو الوسطاء للبدء فورا بمفاوضات المرحلة الثانية بما تشمله من انسحاب إسرائيلي من القطاع ووقف الحرب بشكل كامل.

وبدعم أميركي ارتكبت إسرائيل بين السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 و19 يناير/كانون الثاني 2025، إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 160 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.

وفي 19 يناير/كانون الأول الماضي، بدأ سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، يتضمن 3 مراحل تمتد كل منها 42 يوما، مع اشتراط التفاوض على المرحلة التالية قبل إتمام المرحلة الأولى، بوساطة مصر وقطر ودعم الولايات المتحدة.

وحوّلت إسرائيل غزة إلى أكبر سجن بالعالم، إذ تحاصرها منذ منتصف 2006، وأجبرت حرب الإبادة نحو مليونين من مواطنيها البالغ عددهم حوالي 2.4 مليون فلسطيني، على النزوح في أوضاع مأساوية مع شح شديد متعمد في الغذاء والماء والدواء.

إعلان

مقالات مشابهة

  • الناطق باسم حماس: إسرائيل تنصلت من اتفاق وقف إطلاق النار
  • وزير الخارجية الإيراني: سيتم تسليم رسالة ترامب إلى إيران قريبا عبر مبعوث من إحدى الدول العربية
  • أكساد تقيم المؤتمر التاسع لمسؤولي البحث العلمي والإرشاد الزراعي في الدول العربية‏‏
  • لبنان في مركز مُتقدّم.. إليكم ترتيب الدول العربية التي لديها نساء متعلمات أكثر من رجالها
  • العراق يتذيل القائمة العربية في المساواة التعليمية
  • مقررة أممية: قطع إسرائيل الكهرباء عن غزة يتسبب في إبادة جماعية
  • وزير المالية الإسرائيلي: سنستأنف الحرب على غزة قريبا
  • ما هو ترتيب الدول العربية على مؤشر الإرهاب العالمي 2025؟
  • رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق: معظم الإسرائيليين يؤيدون إنهاء الحرب مع حماس
  • الاحتلال الإسرائيلي يعترف بخروج أكثر من 10 آلاف جندي عن الخدمة منذ 7 من أكتوبر 2023م