سودانايل:
2025-03-28@08:23:21 GMT

كابتن شيخ الدين: الصاحب في السفر

تاريخ النشر: 29th, April 2024 GMT

عبد الله علي إبراهيم

بدا لي أن أسرع بنشر هذه المقالة القديمة لبيان معنى قول أستاذنا عبد الخالق محجوب بوجوب أن "يشتبك" الماركسي مع الدين رفعاً لغربة الماركسية عن التقاليد الثقافية التاريخية للمسلمين من فوق هجوم على قضاياه من منصة الفكر. وعربت "engage" ك"اشتباك" مع أنني تمنيت دائماً أن أعثر على تعريب سمح آخر لها.

وهي عن واقعة بسيطة رأيت في ممارسة "دعاء السفر" غير ما كنت رأيته بمزاج حداثي من قبل.

(كلمة قديمة (17 فبراير 2013) عن كابتن شيخ الدين محمد عبد الله أعيد نشرها في ذكراه وقد غادرنا إلى دار البقاء. يا رحمة الله امتطى بالكابتن عنان السماء قريباً من مُزن الرب وأبوابه المشرعة للرحمة فتلطفي رحمة الله به، وصبّر الله أهله وبلده وقبيل مهنته من بعده).

تلطف السموال خلف الله بدعوتي إلى "سيرة" من الفنانين والشعراء أول أمس السبت إلى دار الشاعر الوزير عبد الباسط سبدرات بجبل الأولياء. وكانت السيرة محض زمالة في طريق الابداع الوعر. وتجلت هذه الروح حين غشونا دار الفنان القلع بالكلاكلة نطعم من كرامة في مناسبة مولود حفيدته الأولى. وخرجنا من الديوان من الوليمة إلى البص بأماديح نبوية لصيدحين هما معتز السني وعلي البصيري. ولن أنسى الفرح الذي غمر نساء البيت. فأندى المديح المباغت الوجوه، فزغردن، وحملن المولودة للمشهد تصغي إلى الصوت القديم وما يزال طلباً للبركة.
جلست في رحلتيّ البص جاراً للكابتن شيخ الدين محمد عبد الله. وبالطبع عرفته سمعاً وقيض الله لي الاجتماع به في هذا الظرف الاستثنائي. وللرجل حيوية وانشغال لم تخفت بالعمر. وليس غريباً أن يكون التعلق بالسماء مهنته. وعرفت منه لأول مرة كيف صار دعاء السفر سنة في خطوطنا الجوية. وكنت سمعته أول مرة في رحلة بالإيرباص في منتصف السبعينات وبدا لي وكأنه "شغل" علاقات عامة لا حقيقة له في خدمة الطيران ذاتها. فبعد ساعة من الرحلة لم يعد دخول حمامات الطائرة إلا خوضاً. ورأيت المضيفات اللائي تلون علينا الدعاء مضربات عن تهوين السفر على الركاب بوقايتهم من "وعثاء السفر وكآبة المنظر".
ردني كابتن شيخ الدين من تضييق الواسع بحكايته مع دعاء السفر بفصل سحر الدعاء عن كساد الخدمة. فقد كان هو أول من أذاعه على الطائرة السودانية بين استنكار زملائه. ولم يدفعه إلى ذلك كونه إسلامياً انتمى لتنظيم الإخوان المسلمين في المدرسة الابتدائية، بل عاطفة أخرى أيضاً. فقال إنه كان يطير بالحجاج وهم مسافرين طارئين على الجو وكباراً في السن. ولاحظ أنه متى أزت الطائرة تداعى سائرهم بالدعاء بالسلامة للأولياء: يا ود حسونة، يا أب شره، يا الجعلي، يا المكاشفي رئيس القوم، يا ود بدر وهكذا. فخطر له أن يوحد هذه الولاءات المتضاربة في ولاء السنة الشامل. فأذاع عليهم دعاء السفر: " الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر . . . ". ولما فرغ منه أسرعت المضيفات إلية يحملن له نبأ السكينة التي أخذت بمجامع قلوب الركاب. فصمتوا وكأن على رؤوسهم الطير للكلم الطيب هون عليهم سفرهم وطوى بعده. ولما علم الكابتن وقع الدعاء على من هم في ذمته في الكابينة لم يعد يحفل بمعارضة زملائه ممن ظنوا حسب الكابتن أن يقول: كابتن فلان يحييكم . . . سنطير على ارتفاع كذا وسنبلغ كذا في الساعة كذا" هكذا حافة. فنقاده نظروا للمركبة الحديثة المحايدة ثقافياً في أحسن تقدير وغاب عنهم الرَكْبَ بوجدانه العتيق.
وكان دعاء السفر سبباً لعلاقة مهنية شخصية بين الكابتن، الإسلامي المعارض، والرئيس نميري. فقرأ الدعاء مرة بطائرة الرئيس فصار بعدها كابتنه المكلف. وتلك قصة أخرى.

IbrahimA@missouri.edu  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: دعاء السفر

إقرأ أيضاً:

شيخ الأزهر: يجب أن نتأدب مع النبي فلا نناديه باسمه مجردا

قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إن الدعاء ورد في القرآن الكريم بأكثر من معنى، والمعنى اللغوي له هو الطلب، موضحا أن هذا الطلب إن جاء من الأعلى للأدنى يكون أمرا، وإن جاء من الأدنى للأعلى يكون التماسا، أما إن جاء بين متناظرين، أو من عبد إلى عبد آ خر، فيكون التباسا.

ولفت شيخ الأزهر، في الحلقة السادسة والعشرون من برنامج "الإمام الطيب"، إلى أن صيغة الدعاء في كل الأحوال هي الأمر، حتى وهي موجهة من الأدنى للأعلى، ومن ذلك قوله تعالى: " رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا" وقوله تعالى: " رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً"، فالأفعال "اغفر وآتنا" هنا أفعال أمر من حيث الصيغة والشكل، إلا أنها تقتصر على ذلك لفظا، ويتحول المعنى في فعل الأمر هنا إلى معنى الدعاء أو الالتماس، والعكس صحيح إن كانت من الأعلى إلى الأدنى تكون أمرا.

شيخ الأزهر: لولا أسماء الله الحسنى لكثرت التصورات عن رب العزةدور برد شديد.. شيخ الأزهر يلغي اجتماعات اليوم الثلاثاء بناء على نصيحة الأطباء

وأضاف شيخ الأزهر،  أنه إن كان ذلك بين النظيرين أو المتساويين، فإنه لا يكون أمرا، فالأمر الحقيقي لا يأتي إلى من الأعلى إلى الأدنى بمعنى أنه لا يكون إلا من الله تعالى إلى العبد، وبذلك يكون الأمر بين المتناظرين التباسا.

وبين الإمام الطيب، أن معنى الدعاء في قوله تعالى: "لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا ۚ"، هو النداء، حيث كان بعض الصحابة، ينادونه صلى الله عليه وسلم باسمه، فأوضح لهم الله تعالى أن النبي "صلى الله عليه وسلم" له حرمة، ويجب أن نتأدب معه، فهو صاحب الوحي مصداقا لقوله تعالى: "قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي"، والوحي هنا يرفعه صلى الله عليه وسلم إلى درجة الإنسان الكامل، لافتا إلى أننا حين نستقرئ حياته الشريفة، نوقن أنه لا يحتملها البشر العادي، ولا يجود بما جاد به هذا النبي الكريم، لأن الله تعالى هو الذي أدبه ورباه على هذه الفضائل، مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم: "أدبني ربي فأحسن تأديبي"، فشخصية بهذه المواصفات يجب أن يعرف من حوله قدره حين ينادونه، فلا ينادونه إلا بـ "يا رسول الله" أو "يا نبي الله".

وشدد فضيلة الإمام الطيب، على ضرورة مراعاة أخلاق الإسلام في مناداة الكبير بشكل عام، فلا ينادى مجردا باسمه، بل لا بد وأن يسبق اسمه بـ"حضرتك"، أو غيرها من كلمات التقدير والاحترام، لافتا أنه قد حدث هبوط مفاجئ على مستوى التربية في البيت ودور التعليم، وعلى مستوى ما يتلقاه الطفل من الإعلام بشكل عام، بجانب ما يتلقاه أبناؤنا اليوم من الأجهزة الإلكترونية الحديثة التي بدأت تعبث بفطرتهم وتشوهها وتفرض عليهم سلوكيات لا تناسب تقاليدنا ولا أخلاقنا الإسلامية، إلا أن الله تعالى، ورغم كل ذلك، يبعث لهذه الأمة من يحميها من هذه الغيوم السوداء الداكنة التي تتدفق علينا من الغرب.

وحول سبب نزول الآية الكريمة في قوله تعالى: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ"، قال الإمام الطيب إن هذه الآية قد نزلت لتجيب على تساؤل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين سألوه "أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه"، وقريب هنا ليست قرب مكانة ولا قرب ذات، وإنما قرب علم وسمع ورحمة، مضيفا الله تعالى يحب منا أن نتوجه إليه دائما بالدعاء، فهو تعالى لا تنفعه الطاعة ولا تضره المعصية، ولكن صفات الذات الإلهية كالإكرام والعفو والغفران تتطلب من العبد الاتجاه إليه تعلى بالدعاء دائما طلبا للرحمة والعفو والغفران.

واختتم بالإشارة إلى أن الفارق بين الدعاء والتسبيح، أن الدعاء من ذكر الله أما التسبيح فهو ثناء وإجلال وتنزيه لله سبحانه وتعالى، لافتا أن الدعاء يكون صدقة جارية إذا كان من ولد صالح مصداقا لقوله صلى الله عليهوسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له"، فيكون الدعاء من الولد الصالح هنا صدقة جارية يحصل ثوابها للمدعو له، سواء كان الأب أو الأم، موصيا من يتوجه إلى الله بالدعاء بالثقة في الله وأن يكون الحال عنده أن لا ليس له ملجأ إلا هذا الذي يدعوه وأن الباقي كلهم عباد مثله لا يضرونه ولا ينفعونه.

مقالات مشابهة

  • علي جمعة: الدعاء عبادة عظيمة وهو مفتاح الاستجابة في ليلة القدر
  • موعد أذان المغرب.. استعد بعده لليلة القدر
  • شيخ الأزهر: يجب أن نتأدب مع النبي فلا نناديه باسمه مجردا
  • معونة للعاقل وتذكير للغافل.
  • لا تنسوا الدعاء فهو عبادة يحبها الله.
  • الدعاء لأهلنا في غزة
  • موعد الإفطار اليوم 25 رمضان.. لا تنسى دعاء الصائم مستجاب
  • دعاء الخامس والعشرين من رمضان.. ردده الآن يجبر قلبك ويرزقك ما تتمنى
  • هناك شروط لا يستجاب الدعاء إلا بها فما هى؟.. شيخ الأزهر يوضحها
  • الأيام الأخيرة في شهر رمضان.. «أدعية مستجابة» | رددها الآن