السودان: انحسار المواجهات العسكرية بالأبيض واستمرار انقطاع «التيار الكهربائي»
تاريخ النشر: 29th, April 2024 GMT
على الرغم من الهدوء المستمر، إلا أن الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي في ولايات كردفان، يعد إحدى القضايا الرئيسية التي تؤرق سكان المنطقة لا سيما الذين يقطنون في مدينة الأبيض
التغيير:الأبيض
تعيش مدينة الأبيض الواقعة بولاية شمال كردفان بوسط السودان خلال هذه الأيام هدوءاً مستمراً لأكثر من أسبوع بعد انحسار المعارك العنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وأسفرت المعارك العسكرية بين الجيش وقوات الدعم السريع،، في مدينة الأبيض، عن مقتل «10» مدنيين على الأقل وإصابة العشرات.
وتسبب القصف العشوائي في الاتجاهات الجنوبية الغربية للمدينة لقوات الدعم السريع في قتل أو جرح أغلب الأشخاص.
وعلى الرغم من الهدوء المستمر، إلا أن الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي في ولايات كردفان، يعد إحدى القضايا الرئيسية التي تؤرق سكان المنطقة لا سيما الذين يقطنون في مدينة الأبيض، التي تعاني مشكلات انعدام مياه الشرب بمعظم أحيائها جراء الحرب المستمرة حاليا.
وبحسب مصدر من الشركة السودانية للكهرباء بولاية شمال كردفان، فإن السبب الرئيسي لانقطاع التيار الكهربائي بشكل متواصل في ولايات كردفان، هو بعد مسافة الخط الناقل من منطقة مروي وصولاً إلى كردفان.
وأشار في حديثه لـ«التغيير» إلى أن ارتفاع “الجهد” يؤدي إلى خروج المحطات وأجهزة الحماية. وأكد أن انقطاع التيار الكهربائي سيظل مستمرا ما لم تعالج هذه المشكلة.
ومنذ اندلاع الحرب ترتكز قوات الدعم السريع على أطراف المدينة. وتقع إحدى نقاط ارتكازها بالقرب من محطة كهرباء الأبيض الأمر الذي يؤدي إلى تأخير عملية إعادة التيار الكهربائي للمدينة حال دخول المحطة للخدمة.
وجرت العادة حتى الآن إعادة التيار الكهربائي للمدينة من المحطة الرئيسية بعد تنسيق مسبق بين وفد المهندسين والإدارة الأهلية للوصول إلى المحطة التي ترتكز بها قوات من الدعم السريع، حتى تتم عملية إعادة التيار الكهربائي للمدينة.
ويشكو سكان المدينة من انقطاع التيار الكهربائي الذي زدادت وتيرته بعد إنقضاء الأسبوع الأول من عيد الفطر المبارك، حيث تكرر انقطاع التيار داخل المدينة لأيام خلال الفترات الماضية، وكان أقلها يومين في الأسبوع.
وعلى الرغم من انشغال المدنيين بمشاكل الخدمات الأساسية التي يعانونها منذ اندلاع الحرب، إلا أن هذا لم يمنعهم من مواصلة حياتهم اليومية، خصوصا بعد الهدوء الذي عمّ المدينة بعد انحسار العمليات العسكرية بين الأطراف المتقاتلة.
وبحسب متابعة «التغيير» فهناك حركة طبيعة للمواطنين والتجار وسط السوق الكبير للمدينة إلى جانب الأسواق الفرعية داخل الأحياء باستثناء التي تقع في الاتجاهات الجنوبية الغربية للمدينة، ذات الحركة الأقل بعد أن تحولت إلى مسرح للمواجهات بين الأطراف المتقاتلة.
أوضاع مزرية
ويتفق معظم المواطنين بأن استمرار الحرب الحالية جعلهم يعيشون في حالات إنسانية مزرية. مع استمرار انعدام مقومات الحياة لهم ولأسرهم.
وتشهد مدينة الأبيض، غلاءً في الأسعار وتردي في الأوضاع الصحية إلى جانب موجات النزوح التي ما زالت مستمرة داخل المدينة التي باتت إحدى مدن الاقتتال الرئيسية بين الأطراف المتقاتلة.
ومع اندلاع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع بالعاصمة الخرطوم ومناطق أخرى، شهدت مدينة الأبيض مواجهات عسكرية دامية بين طرفي القتال ما أدى إلى سقوط مئات القتلى والجرحى وسط المدنيين جراء القصف العشوائي المتبادل بين الطرفين.
ومنذ «15» أبريل الماضي تحاول قوات الدعم السريع دخول المدينة والسيطرة عليها فيما يواصل الجيش حماية قيادة الفرقة الخامسة مشاة والمواقع الاستراتيجية داخل المدينة.
الوسومحرب الجيش و الدعم السريع مدينة الأبيض ولاية شمال كردفانالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: حرب الجيش و الدعم السريع مدينة الأبيض ولاية شمال كردفان التیار الکهربائی انقطاع التیار مدینة الأبیض الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
أي دور للإمارات في حرب السودان بين الجيش و”الدعم السريع”؟
اتهم السودان الإمارات بـ"التواطؤ في الإبادة الجماعية" في شكوى تقدّم بها الخميس أمام محكمة العدل الدولية، في خطوة تسلّط الضوء على دور مفترض للدولة الخليجية في الحرب المدمّرة التي يشهدها منذ نحو عامين. ولطالما اتهمت الخرطوم وأطراف أخرى أبوظبي بدعم قوات الدعم السريع التي تقاتل الجيش منذ العام 2023، وهو ادعاء لطالما نفته الإمارات. فأي دور للإمارات في السودان، وما هي علاقتها بقوات الدعم السريع؟
ما أهمية السودان للإمارات؟
يُعد السودان، إحدى أكبر دول أفريقيا، غنياً بالموارد الطبيعية بما في ذلك الأراضي الزراعية الشاسعة والغاز. كما أنه ثالث أكبر منتج للذهب في القارة. ويتشارك السودان حدوداً غربية طويلة مع ليبيا حيث تدعم الإمارات موالين لها في بنغازي، ويطل شرقاً على البحر الأحمر، الممر المائي الحيوي للنفط.
وفي العام 2021، استولى قائد الجيش عبد الفتاح البرهان على السلطة في السودان، بعد تنفيذ انقلاب مع نائبه حينها محمد حمدان دقلو المعروف باسم "حميدتي"، قائد قوات الدعم السريع. وبعد عامين، اندلعت الحرب بين البرهان وحميدتي، وسط اتهامات لقوى عدة، بما في ذلك الإمارات ومصر وتركيا وإيران وروسيا، بدعم أحدهما أو الآخر.
ويقول الباحث المتخصص في القضايا الأمنية في الشرق الأوسط أندرياس كريغ إنّ الهدف الأساسي للإمارات في السودان "يتعلق بالتأثير السياسي في بلد استراتيجي يكتسي أهمية كبيرة للغاية". وتنظر شركات مرتبطة بالإمارات إلى السودان باعتباره مركزاً للاستثمار في الموارد والمعادن والتجارة، بحسب كريغ.
من جهته، يقول الباحث السوداني حميد خلف الله إنّ "دولة الإمارات الصحراوية مهتمة بالموارد الطبيعية التي تفتقر إليها بما فيها المعادن والأراضي الصالحة للزراعة". ويضيف أنه من ليبيا إلى الصومال، "تتّبع الإمارات نمطاً للعمل مع القوات شبه العسكرية" لاستغلال موارد القارة.
وقدّرت منظمة "سويس إيد" في تقرير العام الماضي أنّ 66,5% من صادرات الذهب الأفريقية إلى الإمارات في العام 2022 تمّت عن طريق التهريب. وتُعد الإمارات، وهي مركز رئيسي لتجارة الذهب، المشتري الأكبر عالمياً لهذا المعدن الثمين من السودان، وهو قطاع يسيطر عليه دقلو إلى حد كبير.
ويرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة ترييستي الإيطالية فيديريكو دونيلي أنّ حصر اهتمامات الدولة الخليجية بالذهب هو أمر "تبسيطي للغاية". وأضاف أنّ الإمارات تسعى أيضاً إلى "مواجهة النفوذ السعودي" في السودان و"منع انتشار الإسلام السياسي" الذي ترى فيه تهديداً لأمنها.
ما علاقة الإمارات بـ"الدعم السريع"؟
ترتبط دول خليجية بعلاقات مع الجيش السوداني منذ انضمام الخرطوم إلى التحالف الذي تقوده السعودية منذ العام 2015 لدعم الحكومة اليمنية في مواجهة جماعة الحوثيين. وقاد البرهان السودانيين الذين قاتلوا تحت مظلة السعودية، بينما قاتلت قوات الدعم السريع إلى جانب جنود من الإمارات، بحسب دونيلي.
منذ ذلك الحين، نشبت خلافات بين الحليفين الخليجيين التقليديين. ويشرح دونيلي أن دعم الإمارات دقلو، رغم نفيها ذلك، يهدف إلى "تحدي أهداف السعودية". من جهته، يرى كريغ بعداً أيديولوجياً للعلاقة، موضحاً أن الإمارات "اعتمدت على قوات الدعم السريع لاحتواء الشبكات المرتبطة بالإخوان المسلمين"، في حين يُربط بين الجيش وقيادات إسلامية من عهد النظام المخلوع للرئيس عمر البشير.
وواجه الجانبان مزاعم بارتكاب جرائم حرب خلال الحرب التي أسفرت عن مقتل الآلاف وتشريد أكثر من 12 مليوناً. وفي يناير/ كانون الثاني 2025، اتهمت واشنطن قوات الدعم السريع بـ"الإبادة الجماعية" لارتكابها القتل والاغتصاب الجماعيين بحق جماعات عرقية.
وخلال الشهر نفسه، قال المشرعون الأميركيون إنّ الإمارات "خرقت" وعودها بوقف الدعم العسكري لقوات الدعم السريع. وتُدار الشؤون المالية الخاصة بدقلو من الإمارات، وفق كريغ، مضيفاً أنه بات رهن علاقة "اعتماد متبادل" مع أبوظبي. كما حصلت قوات الدعم السريع على دعم حيوي من الإمارات، بما في ذلك شحنات أسلحة عبر تشاد المجاورة، بحسب دبلوماسيين ومحللين ومنظمات حقوقية. وتنفي الإمارات تلك الاتهامات.
أي تأثير لشكوى السودان على الإمارات؟
رفع السودان، أول من أمس الخميس، شكوى ضد الإمارات أمام محكمة العدل الدولية، وهي أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة، على خلفية "التواطؤ في إبادة جماعية" بسبب دعمها المفترض للدعم السريع. وندّدت الإمارات بالشكوى التي وصفتها "حيلة دعائية خبيثة" مؤكدة أنها ستعمل على ردّها.
وتُعد قرارات محكمة العدل، التي تتخذ من لاهاي الهولندية مقراً، ملزمة قانوناً، لكنها لا تملك وسائل لفرض تنفيذها. لكن من شأن الخطوة أن تضرّ بسمعة الإمارات بحسب دونيلي الذي قال لوكالة فرانس برس إنه بات يُنظر لأبوظبي بشكل متزايد على الصعيد الدولي، وفي أفريقيا، على أنها "جهة مزعزعة للاستقرار". لكنه يضيف أن "الأهمية المالية والسياسية" التي اكتسبتها الدولة الخليجية خلال العقد الماضي "ستحميها على الأرجح من أي عواقب خطرة".
(فرانس برس)