أعجب كثيرا من المسؤول الذي يتذمّر ويحذر من الأخطار والأزمات المحتملة، ممارسا مهمة التشخيص، فيما المطلوب منه، أساسا، تقديم الحل الجذري، وليس التذمر كمواطنيه.
خطر على بالي هذا الكلام وأنا أقرأ تصريحات الرئيس الفلسطيني يوم أمس، وهو يتحدث مثل أي شخص آخر عن مخاوفه مما قد تفعله إسرائيل مستقبلا، حيث عبّر عن خشيته أن تتجه "إسرائيل إلى الضفة الغربية لترحيل أهلها نحو الأردن، مشددا على أنه لن يقبل بأي حال من الأحوال بتهجير الفلسطينيين من وطنهم، مضيفا أنه إذا اجتاحت إسرائيل رفح، فستحدث أكبر كارثة في تاريخ الشعب الفلسطيني، مناشدا الولايات المتحدة الأمريكية منع إسرائيل من اجتياح رفح، مطالبا المجتمع الدولي بالاعتراف بفلسطين دولة كاملة العضوية بالأمم المتحدة، ومؤكدا العمل من أجل حل سياسي يجمع غزة والضفة الغربية بدولة فلسطينية مستقلة.
هذا الكلام يشابه كلام أي مواطن عادي، أو محلل سياسي، أو مراقب حيادي، أو طرف عربي أو أجنبي، لأن الصياغة هنا في تعبيراتها تقترب من خانة التعبيرات التي تنزلق على ألسن المسؤولين من جنسيات مختلفة، إزاء ما يجري في فلسطين، هذا على الرغم من أن الأصل أن يخرج الرئيس ويعيد بعد كل هذه السنين، النظر في جدوى اتفاقية أوسلو وما نتج عنها، ويقرّ بالسراب المتمثل بمواصلة الدعوات للحل السياسي، وإقامة دولة فلسطينية، إضافة إلى أن التحذير ذاته يقترب من تشخيص كل مراقب للمشهد بلا أدنى حلول، فيما الحلول لا يمكن أن تكون سرية، حتى تقع الفأس في الرأس، بما يؤشر على الحالة التي تواجهها كل المنطقة.
إذا كان القصد من الكلام هنا حول المخاوف من وضع الضفة الغربية، يهدف إلى القول ضمنيا أن مواصلة الإجراءات الأمنية من جانب السلطة ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية لمنعهم من الانفجار، أمر مبرر، حتى لا تتخذ إسرائيل أي رد فعل فلسطيني ذريعة للهجوم على الضفة الغربية وتهجير الناس، فإن القصد يبدو مكشوفا ولا يرتقي أصلا إلى تعقيدات المشهد، وإذا كان القصد القول بأن فصائل المقاومة هي التي تسببت بكل هذا المشهد وجلبت اللعنات إلى قطاع غزة، وقد تجلبها إلى الضفة الغربية أيضا، بما سيؤدي للتهجير نحو الأردن، فإن القصد هنا يأتي غير لائق أمام المذبحة الدموية، فالتوقيت لا يسمح بالتلاوم الضمني، ولا العلني، ولا المتذاكي أيضا، ولا الملغم وفقا لبعض هذه التصريحات.
ما يتوجب قوله هنا؛ إننا أمام حالة استعصاء خطيرة، فلا السلطة قادرة على وقف المذبحة، وتوجه المناشدات مثل أي عاصمة حيادية، أو منظمة حقوق إنسان، ولا هي لديها حل جذري، ولا مقاربة سياسية ولا أمنية، خصوصا أن إسرائيل فصلت قطاع غزة كليا عن مشروع الدولة الفلسطينية، وتخطط الآن لتوطين الإسرائيليين في القطاع والسطو على النفط والغاز في القطاع، وتعيد ترسيم الجغرافيا السكانية، فيما مصير الضفة الغربية لم يكن بحاجة لما حدث في قطاع غزة، ليتم استبصاره، فهذا هو المشروع الإسرائيلي أساسا منذ اليوم الأول، الذي يعدّ الضفة الغربية، "يهودا والسامرة"، ويريد في كل الأحوال إخراج الفلسطينيين، سواء وقفوا في وجه إسرائيل، أو حتى تعايشوا مع الاحتلال بصيغة من الصيغ المطروحة، أو القائمة فعليا.
لا يجوز أن تخرج الرئاسة لتتحدث بذات لغة عواصم العالم؛ لأن المفترض أن تكون طرفا أمام المذبحة، وعليها اتخاذ إجراءات من نوع آخر، لا التعبير عن الخشية مما قد يحدث.
(الغد الأردنية)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطيني السلطة الاحتلال فلسطين محمود عباس الاحتلال السلطة مقالات مقالات مقالات اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
عشرات المتطرفين اليهود يحاولون مهاجمة قائد عسكري إسرائيلي في الضفة الغربية
حاول عشرات المتطرفين اليهود في مدينة الخليل، اليوم السبت، مهاجمة رئيس القيادة المركزية لجيش الاحتلال الإسرائيلي اللواء آفي بلوث.
وألقت شرطة الاحتلال القبض على خمسة مشتبه بهم بعد أن طاردوا بلوث والجنود المرافقين له، ووصفوا قائد جيش الاحتلال بأنه "خائن"، بحسب ما أوردته صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”.
وعادة ما تكون علاقة قائد القيادة المركزية بالمستوطنين المتطرفين متوترة، حيث إن جيش الاحتلال مكلف بمحاولة إبقائهم تحت السيطرة في الضفة الغربية.
وقال الجيش الإسرائيلي إن مجموعة المشتبه بهم الشباب طاردت بلوث وحاولت إغلاق مخرج يحتاجه الجيش للنشاط العملياتي.
ولم ترد أنباء عن إصابات لبلوث أو للجنود معه.
وأضاف جيش الاحتلال أنه بعد اعتقال خمسة مشتبه بهم، تم تفريق تجمع المشاغبين، مؤكدا أنه يدين بشدة العنف.
ولم يصدر أي تعليق فوري على محاولة الهجوم على بلوث من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أو وزير الدفاع يسرائيل كاتس، الذي أعلن أمس، الجمعة، إنهاء أوامر الاعتقال الإداري للمستوطنين في الضفة الغربية، ما يعني أن إسرائيل ستستخدم الآن سياسة مثيرة للجدل تتمثل في احتجاز المشتبه بهم الفلسطينيين دون تهمة.