جريمة شنيعة ووصايا الرسول.. هكذا حرَّم الأزهر دخول الدارك ويب
تاريخ النشر: 29th, April 2024 GMT
لقد شهدت جريمة شنيعة وهي طفل شبرا المشطور نصفين تفاصيل بشعة أثرت على الوعي العام، حيث أصبحت مادة للتسلية على الإنترنت المظلم، المعروف أيضًا بـ "الدارك ويب".
موقف حازم من الأزهروفي مواجهة هذه الظاهرة، أعلن الأزهر موقفه الحازم، مُجددًا حكمته فيما يتعلق بدخول هذه المواقع ومشاركة محتواها. كما نبّه إلى خطورة مثل هذه الأفعال وحُرّمتها في الإسلام.
البيان الصادر عن مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أكد على أن دخول هذه المواقع وتصفحها لغايات التسلية يعتبر محرمًا، وأن المشاركة فيها تحت طائلة القانون. بل ودعا البيان إلى التصدي للجرائم المرتبطة بتلك المواقع، وأكد أن الإسلام يحث على حفظ النفس وصحة الآخرين.
جهود أزهريةتأتي تلك البيانات في سياق جهود الأزهر لتوعية الشباب وحمايتهم من مخاطر الإنترنت والتكنولوجيا. فالتحديات الحديثة تتطلب تضافر الجهود للحفاظ على سلامة المجتمع وتثقيف الأفراد بخطورة السلوكيات الضارة.
إثم بداعي التسليةوأصدر مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية بيانًا حول ما انتشر من تفاصيل مؤلمة حول جرائم (الإنترنت المظلم - Dark Web)، وما يمتلئ به هذا العالم الأسود من جرائم وسلوكيات مشبوهة، وفي نص البيان قال الأزهر: "أقل ما يمكن أن توصف به محاولة دخول هذه المواقع المشبوهة المعنية بصناعة الجريمة أو تصفحها وحضور بَثِّها الآثم من باب التسلية؛ هو الحُرمة، هذا بخلاف وقوع المشارك فيها تحت طائلة القانون".
وأضاف البيان: "أما مجاراة ما فيها من جرائم بشعة، والاشتراك في إثمها، وتنفيذ ما يطلبه شياطينها رغبة في الثراء السريع؛ لهي جرائم خسيسة دنيئة، لا ينبغي أن يفر مرتكبها من المحاسبة والعقوبة".
وأكد البيان أن الإسلام حذّر من تعريض النّفس لمواطن الهلكة والزلل؛ فقال تعالى: {..وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ..} [البقرة: 195]، وقال تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:179]، وقال سيدنا رسول الله ﷺ: «لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ»، قَالُوا وَكَيْفَ يُذِلُّ نَفْسَهُ؟ قَالَ: «يَتَعَرَّضُ مِنَ الْبَلاءِ لِمَا لَا يُطِيقُ». [أخرجه الترمذي]، وقال ﷺ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ». [أخرجه ابن ماجه].
وكما أُمِر الإنسانَ بحفظِ حياته وصحته؛ أُمر كذلك بحفظِ حياةِ غيره وصحته، وحرَّم إيذاء النفس أو الغير بأي نوعٍ من أنواع الإيذاء؛ إذ المؤمن سلام لكل من حوله؛ قال ﷺ: «المُسلِمُ مَن سَلِمَ النَّاسُ مِن لِسَانِه ويَدهِ، والمُؤمنُ مَن أَمِنَه النَّاسُ عَلى دِمَائِهم وأموَالِهِم». [أخرجه أحمد].
وحذر مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية من هذه السلوكيات وأعلن أنه بصدد استكمال نشاطاته التوعوية التي بدأها منذ فترة، وتدشين سلسلة جديدة من حملات إلكترونية وميدانية مكثفة بالتعاون مع قطاعات الأزهر الشريف والمؤسسات المعنية بنشر الوعي؛ تستهدف حماية النشء والشباب في المراحل التعليمية المختلفة من مخاطر الاستخدام السيئ والخاطئ للتكنولوجيا والإنترنت.
أهاب الأزهر بأولياء الأمور في البُيوت، والمُعلمين في قطاعات التَّعليم ومراحله أن يواجهوا هذه الممارسات وأن يوجِّهوا أولادهم لما فيه سلامتهم، وأن يَحُولوا بينهم وبين إيذاء أنفسهم أو غيرهم؛ فقد قال ﷺ: «أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ..». [مُتفق عليه].
وشدد الأزهر على ضرورة تكاتف أبناء الوطن ومؤسساته الدِّينية والإعلامية والتَّعليمية والتَّثقيفية؛ للتوعية بأخطار ثقافة التقليد الأعمى، ونبذ كل السُّلوكيات العُدوانية المُشينة، ورفض جميع الأفكار الهدَّامة والدَّخيلة على مجتمعاتنا عبر بوابات الإنترنت، والحرص على تعزيز سبل المحافظة على النفس وهوية المجتمع لدى أفراده عامة والنشء خاصة.
نصائح للأهالي
وختم الأزهر بيانه بمجموعة من النصائح لأولياء الأمور من بينها الحرصُ على مُتابعة الأبناء بصفةٍ مُستمرة على مدار السّاعة ومتابعة نشاط الأبناء على الإنترنت، ومتابعة تطبيقات هواتفهم، وعدم تركها بين أيديهم لفترات طويلة.
كما نصح بشغلُ أوقات فراغ الأبناء بما ينفعهم من تحصيل العلوم النّافعة، والأنشطة الرّياضية المُختلفة.
كما أكد بيان الأزهر على ضرورة تشجيع الأولاد الدّائم على ما يقدّمونه من أعمال إيجابية ولو كانت بسيطةً من وجهة نظر الآباء، مع تخيُّرُ الرفقة الصالحة للأبناء، ومتابعتُهم فى الدراسة من خلال التواصل المُستمر مع معلميهم.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الأزهر مركز الأزهر العالمي الدارك ويب جريمة شنيعة مرکز الأزهر
إقرأ أيضاً:
اليوم النبوي.. برنامج اليوم الكامل في حياة النبي
كثيرة هي الكتب التي كتبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبخاصة من المعاصرين، واختلفت كتاباتهم بحسب توجه الكاتب واهتمامه الفكري، وهناك شريحة قليلة من الكتاب أصدروا أكثر من كتاب عن الرسول صلى الله عليه وسلم، سواء عن سيرته أو سنته، فرأينا خالد محمد خالد رحمه الله يكتب أكثر من كتاب، فقد كتب: (إنسانيات محمد) و(عشرة أيام في حياة الرسول) و(لقاء مع الرسول) و(كما تحدث الرسول)، وكتب الشيخ محمد الغزالي كذلك: (فقه السيرة) و(فن الذكر والدعاء عند خاتم الأنبياء) وغيرها، كما كتب شيخنا القرضاوي أكثر من كتاب، فكتب (الرسول والعلم) و(السنة النبوية مصدرا للمعرفة والحضارة) و(محمد رحمة الله للعالمين).
لكن هناك عالما معاصرا ولا يزال حيا، بارك الله في جهوده، كتب عدة كتب عن النبي صلى الله عليه وسلم، تناول عدة زوايا مهمة، في كتب مختلفة، تتسم بالجدة والقوة، وبالعاطفة الأدبية، وهو العالم الجليل الدكتور عبد الوهاب الطريري، فكتب هذه الكتب: قصص نبوية، الحياة النبوية، أماكن نبوية، كأنك معه، القبر المقدس، واليوم النبوي.
كتاب اليوم النبوي، يشكل مقطعا أفقيا للحياة النبوية العريضة، ليتجلى من خلاله عدة أمور مهمة، أشار الشيخ الطريري إلى كثير منها، لكنا نجمل بعضا منها، ونترك البقية للقارئ الكريم الذي ندعوه لقراءة الكتاب، لما يمثله من أهمية، من حيث المعلومات، ومن حيث العرض، ومن حيث الأثر.وأتناول في مقال اليوم كتابه: (اليوم النبوي.. برنامج اليوم الكامل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم)، وهو كتاب نفيس غاية النفاسة في مادته، وفي إحاطته بالموضوع، وفي زاوية النظر، وكنا قد قرأنا كتاب: (عشرة أيام في حياة الرسول) لخالد محمد خالد، وهو لا يقصد باليوم بالمعنى الزمني، ولكنه بالمعنى التاريخي، فقد يكون يوما بمعنى حادثة، كيوم أحد مثلا، وقرأنا لعبد الوهاب حمودة كتابه: (ساعات حرجة في حياة الرسول).
فكرة كتاب (اليوم النبوي):
ويأتي كتاب الطريري في هذه الشريحة من هذا التناول، فهي تعيش مع الرسول صلى الله عليه وسلم، ساعات يومه، منذ الاستيقاظ، وحتى النوم، ولم يكتف بذكر اليوم التفصيلي لحياته، بل مر باليوم السنوي، واليوم الشهري، بما كان يفعله في أيام ثابتة في الأسبوع، كيوم الجمعة، وأيام ثابتة في الشهر، وفي السنة، كأيام العيد، فهو أشبه بأخذ مشهد أفقي متكامل لبرنامج النبي صلى الله عليه وسلم اليومي، حيث إن كثيرا من كتب السيرة يعرضها حسب المسار التاريخي، فتقدم كتاريخ حياة، لكن الطريري تناولها من حيث ممارسة الحياة، والحاجة ماسة للمنهجين بلا شك، ولكن التنوع يفيد ويزيد الإيمان إيمانا برسوله، ومعرفة بحياته.
فقد تناول الطريري اليوم النبوي، إذ غاص في بطون كتب السنة والسيرة، ليجمع صورة متكاملة عن يومه، منذ الاسيتقاظ، وكيف يكون نومه، واستيقاظه، ثم صلاته لكل فروض اليوم، ومجلسه في بيته وبين الناس كيف كان، وكيف ضحاه وقيلولته، ومشيه في بساتين المدينة، وكيف يمضي وقته في الليل، سواء على مستوى أمسياته الليلية، أو قيامه الليل مناجيا ربه، وكيف كان يمضي إغفاء السحر.
أما عن أيام الأسبوع، فتناول هديه يوم الجمعة، منذ الاستعداد لصلاتها، وحتى انتهاء خطبتها، ويومي الاثنين والخميس، وكيف كان يتعامل معهما، والاثنين يوم ولد فيه صلى الله عليه وسلم، ثم أيام العام، كيوم العيد، وعاشوراء، وعرفة، وشهر رمضان وأيامه ولياليه، وكيف كان يحيي ليال خاصة من العام؟
وأشد يوم عاشه النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يوما ثقيلا، وكيف مرت عليه هذه الأيام، كيوم حصار الشعب، أو يوم عام الحزن، ويوم الأحزاب. وعن أسعد يوم عاشه كذلك، وفي أشد يوم وأسعد يوم، فهو النبي العابد الراضي بقضاء ربه، المسلم به، وفي فرحه فهو فرح في إطار الشكر للوهاب سبحانه وتعالى.
وقفات مع اليوم النبوي:
كتاب اليوم النبوي، يشكل مقطعا أفقيا للحياة النبوية العريضة، ليتجلى من خلاله عدة أمور مهمة، أشار الشيخ الطريري إلى كثير منها، لكنا نجمل بعضا منها، ونترك البقية للقارئ الكريم الذي ندعوه لقراءة الكتاب، لما يمثله من أهمية، من حيث المعلومات، ومن حيث العرض، ومن حيث الأثر.
فلم يعرف التاريخ إنجازا تحقق على يد بشر كالإنجاز الذي تحقق على يد هذا الرسول الكريم، ولذا سنجد يومه حافلا بالعمل، وحافلا بالعطاء، ومتنوعا وشاملا، فهو لا يقف عند العمل العبادي، بل يتنوع بين العبادة والعمل، بين النبوي والإنساني، وعند الاطلاع على اليوم النبوي سيكتشف الإنسان أنه يعرف عن نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم أكثر مما يعرف عن أبيه وجده وعائلته.
يلفت نظرك في اليوم النبوي، من حيث عبادته، كيف استطاع أن يمارس كل هذا الكم من الأذكار، من الصباح إلى المساء، والسنن الرواتب قبل وبعد الصلاة، فضلا عن أداء الفرائض، وهو الذي غفر له من ذنبه ما تقدم وما تأخر، ومع ذلك فهو أكثر الناس استغفارا، وأكثر الناس مداومة على حقوق إخوانه، من العيادة والزيارة والمعاونة والدعاء لهم، والعمل على حل مشكلاتهم، في توازن عجيب، يعطي صورة ملهمة ومهمة عن التوازن في حياة المسلم كيف تكون، بالنظر إلى يوم النبي صلى الله عليه وسلم.
لم يعرف التاريخ إنجازا تحقق على يد بشر كالإنجاز الذي تحقق على يد هذا الرسول الكريم، ولذا سنجد يومه حافلا بالعمل، وحافلا بالعطاء، ومتنوعا وشاملا، فهو لا يقف عند العمل العبادي، بل يتنوع بين العبادة والعمل، بين النبوي والإنساني، وعند الاطلاع على اليوم النبوي سيكتشف الإنسان أنه يعرف عن نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم أكثر مما يعرف عن أبيه وجده وعائلته.قد تشعر بأن يوم النبي متكرر، فأذكار الصباح والصلوات كما هي، مكررة كل يوم، في الصباح والمساء، ولكنك لا تشعر بذلك حينما تقرأ عنها في حياة ويوم النبي صلى الله عليه وسلم، بل تشعر بأنها رغم أنها مزدحمة بالأعمال، ولكنها ليست متوترة ولا مرتبكة، فلا تجد اضطرابا ولا توترا، ولا تجد رتابة تورث الملل، بل هي تجدد دائم في العلاقة بالله، والعلاقة بالناس، فهي تجمع بين التنظيم الدقيق، والتجدد المستمر، رغم ديمومة ما يقام من أعمال، لكنك تشعر دوما بالتنوع.
اليوم النبوي بكل أعماله ذو دلالة بينة وواضحة على نبوته، فإن وقائع حياته حين تتأملها مشهدا مشهدا، لا يمكن أن يراها أحد إلا علم أن هذا حال نبي مرسل من الله، يتنزل عليه وحيه، ليس بمتقول في دعواه، ولا طالب حظ لنفسه، وهذا ما أدركه القدامى والمعاصرين، من أهل الإنصاف، لأنها تقدم صورة صادقة لهذا النبي الكريم في يومه، بكل ما يحمله يومه من آلام وآمال، ومن حزن وفرح، ومن كل ما ينشد الإنسان معرفته بتفاصيل دقيقة لا مجاملة فيها، ولا تصنع، فصلى الله على رسولنا الكريم في يومه، وفي كل يوم عاشه، وفي كل يوم كان وسيكون قدوة للعالمين، حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
[email protected]