مع انهيار المنظومة الصحية.. كيف تواجه غزة العملية المعقدة لإحصاء القتلى؟
تاريخ النشر: 29th, April 2024 GMT
خلفت الحرب الإسرائيلية المستمرة في غزة منذ ما يقرب من سبعة أشهر خسائر فادحة على المستوى البشري والمنشآت المدنية ومن بينها الصحية، حتى أن انتشال الجثث من العدد الهائل من المباني المنهارة أصبح مهمة ضخمة وصعبة للغاية وليست أولوية.
وتقول السلطات الصحية في قطاع غزة إن أكثر من 34 ألف شخص قتلوا حتى الآن، أي ما يقرب من 1.
وأصبحت أرقام الضحايا الفلسطينيين التي تم التعامل معها بدرجات متفاوتة من الشك في وقت مبكر من الحرب، مقبولة حاليا على نطاق واسع من طرف خبراء الأمم المتحدة والمسؤولين الأميركيين وبعض المسؤولين العسكريين الإسرائيليين.
لكن السلطات الفلسطينية تقول إن الأرقام في الأشهر الأخيرة أصبحت أقل دقة نظرا لصعوبة جمع البيانات.
يوضح المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، مدحت عباس أن القطاع كان يمتلك في بداية الحرب مستشفيات وفرق دفاع مدني تنتشل الأشخاص العالقين تحت الأنقاض وأنظمة لإحصاء الضحايا، مضيفا أن "كل ذلك انهار"، بحسب ما تنقل عنه صحيفة "نيويورك تايمز".
يشير عباس أنه لتقدير عدد القتلى، تعتمد الوزارة الآن بشكل كبير على مصادر أخرى للمعلومات مثل شهادات أقارب القتلى ومقاطع فيديو لآثار الغارات وتقارير المؤسسات الإعلامية.
ويبدو أن ظهور الصورة الحقيقية للخسائر البشرية في الحرب ستأخذ وقتا طويلا، حيث تشير التقديرات إلى أن آلاف الأشخاص ما زالوا مدفونين تحت الأنقاض وفي قبور لا تحمل علامات مميزة، وفقا للسلطات الصحية المحلية والشهود والأمم المتحدة.
ومن شأن العملية العسكرية التي تلوح بها إسرائيل في مدينة رفح الجنوبية، حيث يعيش أكثر من مليون فلسطيني، أن تؤدي إلى ارتفاع كبير في عدد القتلى.
وقال ريك بيبركورن، ممثل منظمة الصحة العالمية في الضفة الغربية وغزة، عن إحصاء السلطات الصحية للقتلى في القطاع: "لن أتفاجأ إذا كان هذا في النهاية أقل من الواقع".
ورفضت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو التقديرات الفلسطينية، حيث قال مسؤولون إن وزارة الصحة في غزة تخضع للنفوذ السياسي لحماس، وبالتالي فهي ليست مصدرا موثوقا للبيانات.
ومع ذلك، أشار الجيش الإسرائيلي إلى أن التقديرات الفلسطينية لإجمالي القتلى قد تكون صحيحة تقريبا. ويقول مسؤولون عسكريون إن حملتهم في غزة أسفرت عن مقتل ما بين 11 ألفاً و13 ألفاً من حماس ومسلحين آخرين.
ويقدرون أيضا أن ما يقرب من اثنين من المدنيين قتلوا مقابل كل مسلح.
وقال مسؤولو حماس إن ما بين ستة إلى ثمانية آلاف من مقاتليهم قتلوا. ويعتقد مسؤولو المخابرات الأميركية والمصرية أن العدد الحقيقي للقتلى يقع بين ادعاءات إسرائيل وحماس.
وقُتل حوالي 1200 إسرائيلي وتم اختطاف أكثر من 240 آخرين في هجمات حماس في جنوب إسرائيل يوم السابع من أكتوبر، وفقا لمسؤولين إسرائيليين. ولا يزال عشرات الرهائن محتجزين في غزة.
يدور القتال العنيف بين جيش حديث وقوة حرب العصابات. وقد أدى حجم الدمار إلى فرض ضغوط دولية على إسرائيل، وأثار ضجة كبيرة بين الشباب الأميركيين مما أدى إلى تعكير صفو الجامعات وتعقيد آمال الرئيس بايدن في الفوز بإعادة انتخابه.
في الأسابيع الأولى من الحرب، اعتمدت السلطات الصحية الفلسطينية عدد القتلى إلى حد كبير على البيانات التي جمعتها المستشفيات وشاركتها إلكترونيا. ومنذ ذلك الحين، أدى حجم الدمار والنزوح إلى جعل الأمر أكثر صعوبة.
فمن أصل 36 مستشفى في قطاع غزة، تعمل منها 11 فقط وبشكل جزئي، إلى جانب ستة مستشفيات ميدانية.
كما أن عدد سيارات الإسعاف التي تعمل أصبحت قليلة للغاية، مما يجعل احتمالية نقل القتلى والمصابين إلى المستشفيات أقل.
وفي أوائل أبريل ، قدمت الوزارة نموذجًا عبر الإنترنت يسمح للسكان بالإبلاغ رسميا عن وفاة أقاربهم.
ومع ذلك، لم يتم الإبلاغ عن جميع الوفيات.
فعلى سبيل المثال، فقد مصطفى حمدان، 38 عاما، خمسة من أفراد عائلته في الحرب، ولم يتم تسجيل أي منهم رسميا على أنه ميت.
ولا يوجد ما يكفي من الآلات الثقيلة لإزالة الأنقاض، فضلا عن نقص كبير في الوقود لتشغيل الآلات المتوفرة أصلا، بحسب "نيويورك تايمز".
وغالبا ما يضطر عمال الإنقاذ إلى استخدام أيديهم أو الأدوات الأساسية مثل الفؤوس والمجارف لإخراج الناس.
وقال حمدان إنه عندما لا تكون هناك فرصة لإنقاذ شخص ما على قيد الحياة، عادة ما يتركون الجثث خلفهم.
وقام حمدان وزملاؤه بسحب عشرات الجثث التي لم يتمكنوا من التعرف عليها من تحت الأنقاض.
ومن بين حصيلة القتلى الرسمية لوزارة الصحة في غزة، لم يتم التعرف على حوالي عشرة آلاف جثة.
وتضررت أو دمرت حوالي 57 في المئة من المباني في غزة منذ بداية الحرب، وفقا لتحليل بيانات الأقمار الصناعية التي أجراها خبراء الاستشعار عن بعد في جامعة مدينة نيويورك وجامعة ولاية أوريغون.
وتقول الأمم المتحدة إن الأمر سيستغرق سنوات عديدة ومئات الملايين من الدولارات لنقل الأنقاض التي تراكمت حتى الآن.
وفي وقت سابق من الحرب، قالت السلطات الصحية الفلسطينية إن النساء والأطفال يشكلون أكثر من ثلثي القتلى، وهو ما شكك فيه كثيرون، مما أثار تساؤلات حول الدقة الأوسع لعدد القتلى الرسمي.
ويعمل مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على التحقق من عدد القتلى وتوثيقه. ويتطلب الأمر مصدرين للمعلومات لتأكيد كل حالة وفاة، وعادةً ما تكون شهادة من مستشفى أو مشرحة وشهادة من أفراد الأسرة.
ويقول أجيث سونغاي، الذي يرأس مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، إن هذه العملية ستستغرق وقتا طويلا حتى تكتمل، خاصة وأن الحرب مستمرة وما زال معظم السكان مشردين.
وقال سونغاي إنه في الصراعات السابقة في القطاع الذي تديره حماس، في الأعوام 2008-2009 و2014، "لم تكن الأرقام قريبة مما نراه حاليا"، مضيفا أنه "بسبب طبيعة هذه الحرب، لا ينبغي أن تفاجئنا الأرقام للأسف".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: السلطات الصحیة عدد القتلى أکثر من فی غزة
إقرأ أيضاً:
2024 يُسجل مستوى قياسياً في أعداد الصحافيين القتلى
يمن مونيتور/قسم الأخبار
وصل عدد الصحافيين الذين قتلوا خلال العام الماضي إلى مستوى غير مسبوق، ونحو 70 في المئة منهم كانوا فلسطينيين قتلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي، في ارتفاع نسبته 22 في المئة مقارنة بعام 2023.
وقالت لجنة حماية الصحافيين في التقرير الذي يتضمن الحصيلة السنوية للضحايا الصحافيين إن هذا العدد المرتفع يعكس «ارتفاع مستويات الصراع الدولي والاضطرابات السياسية والجريمة في أنحاء العالم كافة».
ووفقاً للجنة حماية الصحافيين، فإن 124 صحافياً من 18 دولة قتلوا في 2024 الذي وصفته بأنه العام الأكثر دموية بالنسبة للعاملين في هذه المهنة منذ بدأت بإعداد سجلاتها قبل ثلاثة عقود.
وأكدت لجنة حماية الصحافيين أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة السبب الأول في نسبة ارتفاع الصحافيين القتلى حول العالم، إذ قتلت قوات الاحتلال «82 صحافياً فلسطينياً»، بحسب اللجنة. ومن المهم الاشارة إلى أن عدد الصحافيين الفلسطينيين الشهداء في غزة، خلال الفترة نفسها، أعلى بكثير وفقاً للمكتب الإعلامي الحكومي في القطاع، والذي قال إن مئتي صحافي استشهدوا بحلول نهاية العام الماضي.
وتختلف الإحصاءات لأن اللجنة تعتمد منهجية مختلفة؛ حيث تعتبر لجنة حماية الصحافيين الحالة «مؤكدة» حين تكون متيقنة من أنّ «الصحافي قُتل كرد انتقامي مباشر على عمله، أو في القتال أو تبادل إطلاق النار؛ أو أثناء تنفيذ مهمة خطيرة».
ورصدت لجنة حماية الصحافيين «ارتفاعاً مثيراً للقلق في عدد عمليات القتل الاستهدافي»، إذ أن «24 صحافياً على الأقل في أنحاء العالم كافة قُتلوا عمداً بسبب عملهم عام 2024». وفي غزة ولبنان، وثقت «10 حالات استُهدف فيها صحافيون على يد الجيش الإسرائيلي، في تحدٍ للقوانين الدولية التي تُعرّف الصحافيين على أنهم مدنيون أثناء النزاع». وأفادت اللجنة بأنها تحقق أيضاً في 20 جريمة قتل أخرى تعتقد أن إسرائيل ربما استهدفت فيها الصحافيين تحديداً.
وأعادت اللجنة التذكير بأن إسرائيل تتبع نهجاً في قتل الصحافيين منذ ما قبل العدوان الأخير على غزة، حيث في عام 2023، أصدرت اللجنة تقريراً عنوانه «نمط فتاك: 20 صحافياً قتلوا بنيران القوات الإسرائيلية خلال 22 سنة من دون أن يُحاسب أحد»، انطلقت فيه من جريمة قتل مراسلة قناة «الجزيرة» شيرين أبو عاقلة برصاص إسرائيلي عام 2022، لتوثّق مسؤولية جيش الاحتلال عن مقتل 20 صحافياً على الأقل منذ عام 2001،
ووجدت «نمطاً في الاستجابة الإسرائيلية يبدو مصمماً للتملص من المسؤولية. فقد أخفقت إسرائيل في إجراء تحقيقات كاملة بشأن أحداث القتل هذه، ولم تجرِ تحقيقات معمقة إلا عندما يكون الضحية أجنبياً، أو عندما يكون الصحافي القتيل موظفاً لدى مؤسسة إعلامية بارزة. وحتى في تلك الحالات، سارت التحقيقات ببطء شديد، واستغرقت أشهراً أو سنوات، وانتهت بتبرئة الأشخاص الذين أطلقوا النيران».
وأشارت اللجنة إلى أن السودان وباكستان حلا في المرتبة الثانية في قائمة الدول حيث قتل العدد الأكبر من الصحافيين والعاملين في المجال الإعلامي خلال عام 2024، حين قتل في كل منهما 6 من ممارسي المهنة. أما جرائم القتل الأخرى فوقعت في هايتي 2 والمكسيك 5 وميانمار 3 وموزمبيق 1 والهند 1 والعراق 2.
والصحافيون المستقلون يشكلون أكثر من 35 في المئة من إجمالي جرائم القتل حول العالم عام 2024، بسبب افتقارهم إلى الموارد، ويصل عددهم إلى 43 من إجمالي عدد الصحافيين الذين قُتلوا في 2024. ووفقاً للجنة، فإن 31 منهم هم من الفلسطينيين الذين كانوا يغطّون الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة، حيث لا تزال المؤسسات الإعلامية الأجنبية ممنوعة من الدخول إلا بمرافقة جيش الاحتلال. وعلقت الرئيسة التنفيذية للجنة حماية الصحافيين، جودي جينسبيرغ، على هذه الحصيلة، بالقول: «اليوم هو الوقت الأكثر خطورة على الصحافيين في تاريخ اللجنة». وأضافت «الحرب في غزة غير مسبوقة في تأثيرها على الصحافيين، وتظهر تدهوراً كبيراً في المعايير العالمية لحماية الصحافيين في مناطق الصراع. لكن قطاع غزة ليس المكان الوحيد حيث يتعرض الصحافيون للخطر. تُظهر أرقامنا أن الصحافيين يهاجَمون في أنحاء العالم كافة». وشددت على أن «ارتفاع حالات قتل الصحافيين جزء من اتجاه أوسع نطاقاً لتكميم وسائل الإعلام على مستوى العالم. هذه قضية يجب أن تقلقنا جميعاً، لأن الرقابة تمنعنا من التصدي للفساد والجريمة ومحاسبة النافذين».
وكانت اللجنة قد أصدرت حصيلتها السنوية للصحافيين المعتقلين حول العالم في كانون الثاني/يناير الماضي، ووجدت أن عدد الصحافيين السجناء في العالم بلغ 361 في نهاية العام 2024، وأشارت إلى أنّ إسرائيل احتلّت المرتبة الثانية في قائمة الدول التي تسجن أكبر عدد من الصحافيين بعد الصين. وفي الأول من كانون الأول/ديسمبر، كانت الصين تحتجز في سجونها 50 صحافياً، بينما كانت إسرائيل تعتقل 43 صحافياً، وميانمار 35 صحافياً، وفقاً للمنظمة التي اعتبرت أنّ هذه «الدول الثلاث هي الأكثر انتهاكاً لحقوق الصحافيين في العالم».
وأشارت اللجنة إلى أن دولة الاحتلال الإسرائيلي زادت فيها أعداد الصحافيين المعتقلين منذ بدء حرب الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، وذلك في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023. وأكّدت أن «إسرائيل حلّت في المرتبة الثانية بسبب استهدافها التغطية الإعلامية للأراضي الفلسطينية المحتلّة».
يشار إلى أن لجنة حماية الصحافيين «Committee to Protect Journalists» هي مؤسسة مستقلة غير ربحية مقرها مدينة نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية.