ضرب الأميركيات ودعم الإيرانيات.. بايدن في نسختين وظهور نبوءة الأخ الأكبر بواشنطن
تاريخ النشر: 29th, April 2024 GMT
أستاذة في جامعة مرموقة، ينهال عليها عناصر الشرطة ضربا وتوبيخا ويطرحونها أرضا ثم يشدون وثاقها أمام الكاميرات ويقتادونها إلى المعتقل، غير عابئين بصراخها وهي تطلعهم على درجتها الأكاديمية وتؤكد حقها في حرية التعبير.
لم تكن هذه الحادثة متخيلة قبل 7 أشهر من الآن، فمن غير المعقول ضرب امرأة أميركية بيضاء وأكاديمية أيضا بأيدي حكومتها التي تبشر بالحريات، وتصدر تقارير سنوية عن مدى احترام دول العالم لحقوق النساء.
ولكن، يبدو لمراقبين وحتى مؤرخين وفلاسفة أن طوفان الأقصى جرف متاريس الوهم الإنساني والديمقراطي في الغرب وغسل مساحيق الحرية التي غطت وجوها على مدى عقود.
وفي 18 من أبريل/نيسان الجاري، بدأت في الجامعات الأميركية انتفاضة قوية ضد تمويل واشنطن للإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وطالت الثورة جامعات: كولومبيا، وإيموري، ونورث ويسترن وجورج واشنطن، وجورج تاون، وييل، وجامعة واشنطن، وجنوب كاليفورنيا، وهارفارد، وغيرها من الصروح العلمية العريقة في مختلف أنحاء الولايات المتحدة.
وما لبث الوعي الطلابي أن تمدد إلى كندا ثم فرنسا، وتشير التقديرات إلى أنه في طريقه لاكتساح دول الغرب، وخصوصا بريطانيا الراعية الأولى لنشأة إسرائيل على أرض فلسطينية مغتصبة عام 1948.
وحتى الحين، أدى العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى استشهاد نحو 35 ألف فلسطيني معظمهم من النساء والأطفال، إلى جانب تدمير معظم المنازل وتجريف البنية التحتية وتهجير وتجويع السكان.
Emory’s Caroline Fohlin is knocked down by the police while shouting: "I’m a professor!!" Hear the disbelief in her voice. She never expected to be treated like this by her own university for protesting Israel’s slaughter.
But remember, democracy is on the ballot in Nov… pic.twitter.com/rDiWDlCH9e
— Trita Parsi (@tparsi) April 26, 2024
سياط الكاوبوي المحليوعندما استدعيت الشرطة الأميركية لفض اعتصامات الطلاب الرافضين لتمويل بلادهم للإبادة الجماعية، ضربت النساء بقسوة واعتقلتهن إلى جانب مئات الطلاب والأساتذة.
أستاذة الاقتصاد في جامعة إيموري كارولين فولين، لم تشفع لها درجتها الأكاديمية عند الشرطة، فقد عاملوها بعنف وسمعها العالم تصرخ أنا "بروفيسورة" وتئن تحت أقدام وعضلات رجال الأمن الأشداء، في مشهد يذكر بقتل الأميركي الأسود جورج فلويد.
وليست هذه حادثة معزولة، فقد تعاملت الشرطة بعنف مع الطبيبة والمرشحة الرئاسية جيل ستاين البالغة من العمر 73 عاما، واعتقلتها عندما كانت تشارك في تظاهرة أقيمت بجامعة واشنطن ضد الدعم الأميركي للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وفي مشهد آخر، ظهر شرطي أميركي يضغط بحذائه الخشن على عنق شابة لأنها فقط أرادت أن تقول لحكومتها: توقفوا عن تمويل قتل الأطفال والنساء في فلسطين.
وأمام هذه المشاهد العنيفة، يتذكر الناس ويستغربون تصريحات للرئيس الأميركي جو بايدن يستنكر فيها ما يسميه قمع النساء في إيران ودول أخرى في أنحاء المعمورة.
ففي تصريح سابق، يقول بايدن إن النساء في إيران يناضلن من أجل حقهن في الحرية والتعبير والتجمع والتظاهر، ويضيف "النساء في جميع أنحاء العالم يتعرضن للاضطهاد ويتعيّن على طهران أن تضع حدا للعنف بحق مواطنيها".
ولكن هذه ليست سوى النسخة الخارجية من الكاوبوي الثمانيني إذ يسمح لنفسه بتصدير قيم الحرية والتعايش والرقي لأمم وشعوب عانقت التحضر منذ الفجر الأول للتاريخ.
أما في نسخته المحلية، فإن الكاوبوي الثمانيني يسمح لمواطنيه فقط بالتظاهر في قضايا البطالة والإجهاض والهجرة والمثلية والتحول الجنسي، بينما لا يمكنهم أبدا تجاوز الخط الأحمر وإغضاب الأخ الأكبر.
جانب من قمع الشرطة للمحتجين ضد تسليح أميركا لإسرائيل (الفرنسية) شحصيات أورويلوالأخ الأكبر الذي تنبأ به جورج أورويل في روايته (1984) ليس سوى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يراقب عن بعد كل ما يجري في واشنطن وغيرها من المدن الأميركية ويفرض طغيانه على مجريات الأمور في بلد كان يوصف بأنه جنة الحريات.
ولأن الحراك الطلابي يرمي للتحرر من طغيان وهيمنة الأخ الأكبر، كان لا بد للبطل "وينستون سميث" من أداء دوره في استهداف مجتمع الفكر والثقافة والعلم بشكل عام، حتى لا يتسرب الوعي للشارع بما يؤدي لزلزلة أركان البغي والظلم والإفساد في الأرض.
وفي التجسيد الأميركي لنبوءة أورويل، يتناوب على دور البطل الرئيس بادين ووزير خارجيته أنتوني بلينكن والمستشار الإعلامي للأمن القومي جون كيربي، وغيرهم ممن استقاموا على الطريقة الإسرائيلية، واستماتوا في الدفاع عنها دون خجل على مرأى ومسمع الملايين.
فمن ناحيته، يسمح الرئيس بادين للشرطة والحرس بضرب النساء المنتفضات ضد طغيان الأخ الأكبر في إسرائيل، ويواصل تحويل الأموال وشحن السلاح لإسرائيل ولو كره الأميركيون بمن فيهم اليهود.
فقبل أسبوع فقط، صدّق الرئيس الأميركي على منح 26 مليار دولار لإٍسرائيل لمساعدتها في حربها على قطاع غزة، وتعهد بمواصلة دعمها وضمان أمنها وتفوقها على جيرانها.
وفي أدوار يومية، يشدد بلينكن وكيربي على أن إسرائيل لا ترتكب إبادة جماعية ولا تستهدف المدنيين ولا تنتهك القانون الدولي، ويصران على قلب الحقائق التي تتكشف بكل تفاصيلها الوحشية على وسائل إعلام يتابعها مئات الملايين من البشر في مشارق الأرض ومغاربها.
وفي اللحظات النادرة التي تشمئز فيها واشنطن من سلوك إسرائيل وتلمّح إلى إمكانية معاقبة إحدى كتائب جيش الاحتلال أو بعض جنوده، يوعز "الأخ الأكبر" للبطل "وينستون سميث" بأن هذه الخطوة غير مقبولة وقد تحجّم آلة الطغيان.
وفي اليوم التالي، يظهر كيربي أو بلينكن ومن دون خجل أيضا، لتأكيد أن خطوة الأمس ستخضع اليوم للمراجعة وأن الخلاف مع الأخ الأكبر غير صحيح، وأن الأولوية المطلقة هي ضمان أمن إسرائيل وتمكينها من الدفاع عن نفسها.
أسوأ الكوابيس.. مرحلة فريدة
ولكن الكاتب مازن النجار يرى أن انتفاضة الجامعات الأميركية مرحلة فريدة "في سياق التصدي الثقافي لمنظومة الهيمنة الإمبريالية على العالم"، حيث "كسرت بعض حلقاتها، وألهمت جماهير غفيرة في الغرب آفاقا إنسانية وروحية وأخلاقية جديدة بعز عزيز أو ذل ذليل ولو كره الكارهون".
وفي مقال على الجزيرة نت، يقول النجار إن ما يحدث في الجامعات الأميركية "يطرح بقوة أسوأ كوابيس الصهاينة، وهو نزع الشرعية عن إسرائيل وترذيلها أخلاقيا، وخاصة لدى أجيال الغرب الشابة، فقد تصدر الحراكات والمظاهرات جيل جديد من اليهود في الغرب نشأ في عائلات صهيونية راسخة لكنهم تمردوا على السردية الصهيونية لصالح سردية الحق والعدل".
وأما الباحث في علم الاجتماع الدكتور عمار علي حسن، فيخلص إلى أنه "بمرور الوقت سيكسر الشباب في الغرب القيود التي تكبّل المواطن هناك حول إسرائيل، والتي تم فرضها عقودًا من الزمن، وتفهموها أو سكتوا عنها، أو لم يعنوا بها من قبل، ولم يفكّروا يومًا في أن يضعوها محل اختبار جادّ وحاسم".
وغير بعيد من هذا الطرح، يلفت الكاتب والمراسل العسكري الأميركي كريس هيدجيز إلى أن الطلاب الأميركيين أظهروا شجاعةً معنوية وجسدية، ويقول إن العديد منهم من اليهود، وإنهم "يكشفون الفشل الذريع من قبل النخب الحاكمة ومؤسساتها لوقف الإبادة الجماعية: جريمة الجرائم".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات الأخ الأکبر النساء فی فی الغرب قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
جو بايدن يلتقي دونالد ترامب: عملية انتقال السلطة ستكون سلسة جدا
أكد الرئيس الأمريكى جو بايدن خلال استقباله الرئيس المنتخب دونالد ترامب، أن عملية انتقال السلطة ستكون سلسة جدا، وجاء اللقاء وسط أجواء ودية ومصافحة بين الرئيس الحالى والرئيس المنتخب.
ووصل الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى واشنطن للقاء الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن فى البيت الأبيض لكن قبل اجتماعهما فى المكتب البيضاوى، توقف الرئيس الـ47 للقاء زعماء الحزب الجمهورى فى واشنطن لأول مرة منذ فوزه فى الانتخابات الرئاسية.
وقال ترامب لزعماء حزبه: «من الجيد أن تكون فائزا»، وتحدث عن نتيجة الانتخابات التي فاز بها بـ 312 صوتا انتخابيا من أعضاء المجمع الانتخابي مقابل 226 حصلت عليهم منافسته الديمقراطية كامالا هاريس، قائلا: «لقد فزنا بكل الطرق في جميع الولايات السبع المتأرجحة بفارق كبير» مشيرا إلى معاقل الديمقراطيين مثل نيوجيرسي وكاليفورنيا.
ورحب رئيس مجلس النواب مايك جونسون، بـ«ترامب» ووصف الرئيس المنتخب دونالد ترامب بأنه «ملك العودة» للجمهوريين في اجتماع مغلق عقد قبل وصول ترامب وقال جونسون للمشرعين الجمهوريين: «نحن في موجة ترامب. كانت مكاسبه هائلة».
ووفقا لشبكة إيه بى سي، يخطط ترامب للقاء الجمهوريين من الكونجرس بينما يركز على أولويات اليوم الأول والاستعداد لحكومة موحدة محتملة مع اكتساح الحزب الجمهوري للسلطة في واشنطن، وأشار التقرير إلى أنها "عودة مذهلة" إلى مقر الحكومة الأمريكية للرئيس السابق، الذي غادر منذ ما يقرب من أربع سنوات كزعيم ضعيف ومهزوم سياسيًا بعد هجوم 6 يناير 2021 على الكابيتول، لكنه يستعد للعودة إلى السلطة بما يراه هو وحلفاؤه الجمهوريون تفويضًا للحكم، وقبل الزيارة، قال رئيس مجلس النواب مايك جونسون إن الجمهوريين «مستعدون للوفاء» بأجندة ترامب "أمريكا أولاً".
من جانبه، يصر بايدن على أنه سيفعل كل ما في وسعه لجعل الانتقال إلى إدارة ترامب القادمة يسير بسلاسة، ولكن هذا على الرغم من أنه أمضى أكثر من عام في حملة إعادة انتخابه وشجب ترامب باعتباره تهديدًا للديمقراطية والقيم الأساسية للأمريكيين، ثم انسحب بايدن من السباق في يوليو وأيد نائبة الرئيس كامالا هاريس لخلافته.
اقرأ أيضاًوصول ترامب إلى واشنطن استعدادا للقاء يجمعه مع بايدن
ترامب.. وقضايا الشرق الأوسط
اليوم.. ترامب يجتمع بالجمهوريين قبل لقاء بايدن