عند تولِّي المناصب يكون في البداية غالبًا ما يبشِّرُ بالخير ويَرسِمُ صورًا ورديةً في مخيلةِ مَن يترقَّبون قدوم صاحب المنصب الجديد الذي تولى أمْرَهُم. هؤلاء هم المرءوسون في العمل أو المواطنون (الشعب) في مجتمعٍ ما كبيرًا كان أو صغيرًا. وقد تَصْدُقُ المؤشراتُ والدلائلُ فتكشِفُ الشخصيةُ المسئولةُ عن أصالةِ معدنِها وعظيم خِبْرتِها وحِنْكتِها في تسيير الأمور حسب طبيعة الكيان المُستَهدَف.
أردتُ بهذه المقدمة التمهيدَ لعرض فكرة فيلم شاهدته منذُ فترة طويلة بعنوان «خيوط العنكبوت»، ومن باب التذكرة لمَن يُرِيد فهو (فيلم سينمائي من تأليف نبيل راغب. سيناريو وحوار مصطفى محرم. وإخراج عبد اللطيف زكي (مع حفظ الألقاب). بطولة: محمود يس ومجدي وهبه ونورا ورغدة.. إنتاج ١٩٨٥).. وباختصار، فإن الفيلم يصَوِّر رئيس مجلس إدارة إحدى الشركات الكبرى انحرف أخلاقيًّا وفَسَدَ ماليًّا بما يضُر مصالح الشركة، وعندما انْكشفَ أمرُهُ عن طريق أحد مرؤوسيه لم يتحمَّل صدمةَ القبض عليه وإحالتِهِ للنيابة فسقط في مكتبه ميتًا. تولّٰى الإدارة بعده نائبه الذي بدا غيورًا على الشركة ساعيًا دائمًا لرفعةِ مكانتها وتحقيق أعلى قدر من الأرباح في مجال إنتاجها. وهو مَن كشف انحراف رئيسه وأبلغَ عنه. بدأ المدير الجديد (الذي كان نائبًا) مثاليًّا في عمله وعلاقته بالموظفين والعمال. لكنه بمرور
الوقت انحرف هو الآخر وسَلَكَ دَربَ سابقه حتى أنه خَسِرَ نفسه ووظيفته وخسر حياته الأسرية. فقد كان الطَّمع واستخدام العُنصُر النسائي (كما يحدث غالبًا السكرتيرة ورفيقها) هما مَنِ استدرجاه وأوقعاهُ في (الفساد الأخلاقي والمالي) فاعتادهُ واستمرأهُ، إلى أن اكْتُشِفَ أمر انحرافه عن طريق أحد مرؤوسيه وأبلغ عنه وأحيل للتحقيق كما حدث مع مديره الراحل تمامًا.. في الدقائق الأخيرة من الفيلم وفي جلسة استراحة من العمل جَمَعَتْ بعضَ العُمَّال وهم يدخنون ويشربون الشاي ويعبِّرون عن دهشتهم وصدمتهم مما حدث وأسَفِهِم لِمَا بَدَرَ مِمَن توسَّموا فيه النزاهة والاستقامة وعقدوا عليه آمالًا في النهوض بالشركة وتحسين أوضاعهم العُمَّالية والمالية.. فكانت كلماتُ أحدهم في تلك الجلسة تلخيصًا ووصفًا دقيقًا لخطورة البطانة الفاسدة التي تُحيطُ بالمسئول صاحب السُمعَةِ الطيبة حين تتلقَّفهُ لتغيِّر طباعه تدريجيًّا. يقول أحد العمال «دايمًا المسئول يبتدي حياته بسيط لحد ما اللي حواليه ينفخوا فيه ويفهِّموه إن كل تصرفاته الغلط صَح، وبمرور الوقت يصدَّقهم ويصدَّق نفسه وهي دي المصيبة».. انتهت كلمة العامل التي تطابق بدرجة كبيرة واقعًا نعيشه منذ عدة عقود يتمثل غالبًا في مناصب بعض الوزراء والمحافظين ورؤساء المدن والوحدات المحلية. ليس ذلك فقط، بل ويمتد أيضًا إلى بعض مُدَراء المستشفيات والتربية والتعليم والزراعة والطرق والري.. إلخ، ويبدو أكثر في الشركات والمصانع كبيرها وصغيرها.. ليتنا نتَّعظ ونَحْذر من خيوط العنكبوت.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
مسن يقتل شاب تنمر عليه بدار السلام
قضت محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بالتجمع الخامس، بمعاقبة مسن بالسجن المشدد 10 سنوات لاتهامه بقتل شاب تنمر عليه في منطقة دار السلام.
مسن يقتل شاب تنمر عليه بدار السلام
صدر القرار برئاسة المستشار جمال عبدالعال السمري، وعضوية المستشارين محمد سامح عبدالخالق وعادل إبراهيم الفويط ومحمود عبدالمنعم القرموطي.
وكشف أمر الإحالة أن المتهم سيد.ع قام بقتل الشاب محمود عندما أفترض بأن المجني عليه ورفاقه يتغامزون عليه، ويضحكون منه، فتدخل المتهم بعد ظنه بأن المجني عليه يتنمر عليه بسبب وصلة الضحك.
وأوضح أمر الإحالة أن المتهم لم يهدئ وأخرج سلاح أبيض "سكين" وسدد طعنة نافذة في قلب الشاب على إثرها سقط جثة هامدة وخرجت روحه إلى بارئها معلنة لحظات الغدر الذي تعرض لها.
وأشار أمر الإحالة، أن المتهم عامل محارة، وتبين أنه منذ انفصاله عن زوجته، ومصاب بمرض الشك، وكانت تلقت أجهزة الأمنية بمديرية أمن القاهرة، إخطارًا من قسم شرطة دار السلام، بحضور مسن إلى ديوان القسم، وبحوزته سكين، عقب ارتكابه جريمة قتل بدائرة القسم.