حازم الشريف يكتب: مسئولية الصالح العام
تاريخ النشر: 28th, April 2024 GMT
عندما تناول الرئيس عبدالفتاح السيسى فى أحد اللقاءات طرح مشكلة الجهاز الإدارى للدولة وأنه لم يكن مستعداً لتنفيذ إجراءات الإصلاح وكان بحاجة للتطوير أطلقت الألسنة هنا وهناك تتقول بالأكاذيب بأن الغرض من هذا الطرح هو تصفية العاملين بهذا الجهاز وتسريح موظفيه وكأن الحفاظ على السلوك الوظيفي الخاطئ وعدم تطويره ليتلائم مع خطة الدولة الطموحة هو نص دستوري صريح لا يمكن تعديله أو المساس به حتى ولو لم يكن حاله يتناسب على الإطلاق مع عوامل الإصلاح الإدارى وتكوين أسس عصر الجمهورية الجديدة التى أطلق شرارة البدء فيها ووضع حجر أساسها الرئيس عبدالفتاح السيسى مع توليه مسئولية البلاد فى 2014.
ومع أن الموازنة العامة للدولة تحملت بصورة كبيرة تكاليف تطوير الجهاز الإداري الذراع التنفيذي الأول للدولة وميكنة الخدمات المقدمة للجمهور لكن مع عمليات التطوير لا يزال البعض مقيد بفكرة الروتين والبيروقراطية والاستهانة والإضرار بمصلحة المواطنين وهو ما يتطلب المزيد من الوعي الوظيفي المسئول الذى يتماشى مع متطلبات المرحلة والتخلي عن الدور العبثى الذى مازال راسخاً ومتعمقاً فى ثقافة وقناعات البعض باعتباره أحد عوائق التنمية الشاملة والمكلفة للإقتصاد القومي والتي تقدر بمليارات الجنيهات.
من جانبها عكفت الدولة على حل المشكلات المتراكمة الموروثة التى من شأنها تحسين الأحوال الإقتصادية لموظفي هذا الجهاز وتسخير كل الإمكانيات المتاحة لتأهيل العنصر البشري بما يتناسب مع الخطط الطموحة للدولة والانطلاق نحو الجمهورية الجديدة التي من سماتها المشاركة المجتمعية الفعالة فى بناء وطن يسابق الزمن من أجل تضميم قصور الماضي وإصلاح ما أفسده الآخرون والتطلع نحو مستقبل أفضل يضمن السلامة والأمان لجموع مواطنيه لأن قطار الإصلاح لا ينتظر أحد ولا يتوقف عند موروث ثقافى وظيفي لا مكان له اليوم.
مع كل هذا أرى أن البعض لم يصله بعد مفهوم الدور الوظيفى وتحقيق الإنتاجية المطلوبة من خلال هذا الدور وأن المرحلة الحالية تتطلب تضافر الجهود من الجميع على السواء لا فرق فى ذلك بين حاكم ومحكوم أو رئيس ومرؤوس ولا مجال للعبث بمقدرات وطن هو أحوج ما يكون إلى سواعد أبنائه أصحاب الضمائر اليقظة الممزوجة بالهوية الوطنية.
فمن غير المنطق أن تظل العزائم نائمة والأدوار ضائعة فى إنتظار عصا موسى السحرية التى يمتلكها رئيس الجمهورية وحكوماته لتغيير واقع يتطلب حمل لواء المسئولية من الجميع وعدم التعامل مع الواجبات بسذاجة المقصر وتهاون الخائن أشبه بمنطق بنو إسرائيل عندما قالوا لنبى الله موسى " إذهب أنت وربك فقاتلا إن هاهنا قاعدون" فى كناية عن التواكل والإتكال والتقاعس عن القيام بالأدوار المطلوبة والواجبات.
فمهما بلغت قوة الأجهزة الرقابية والمحاسبية لن تستطيع ردع ضمائر غائبة وإرادة غير قادرة غابت عنها المسئولية الدينية والوطنية أو حتى الأخلاقية هؤلاء هم الخلايا النائمة والمرض اللعين الذى يدمر ويحبط أى خطط طموحة من شأنها إصلاح الماضى وبناء المستقبل فالإرث ثقيل والتحديات كبيرة لا يتناسب معها هذا الفكر الإعتمادي العقيم.
لذلك نحتاج شخصية وظيفية حقيقية تتسم بإرادة المسئولية وعزيمة البناء قادرة على العطاء لا الإستهلاك واعية بأدوارها تجاه أوطانها تسعى لتحقيق رفعة وتقدم بلادها لا المكتسبات الوظيفية الشخصية كى تتناسب مع خطة الدولة التنموية الطموحة والتى تعتمد فى المقام الأول على إنتاجية الفرد ودوره الفعال فى بناء وطنه.
فكل ما يجب عمله الآن أن تثور ضمائرنا وتثأر من تلك الغفلة، ونفيق من غفلتنا ونعرف أن ضمائرنا باتت بعيدة عن جادة الصواب الأمر الذى يستوجب منا إحداث هزات عنيفة فى أفكارنا وعاداتنا، وبذلك نسلك مسالك نبتغى فيها مراعاة الظروف الاقتصادية التى يمر بها الوطن ونعود للصدارة من جديد فقضيتنا قضية ضمير غاب عنا كثيراً وعلينا الآن حتمية عودته، نحتاج إلى ضمير الإنسان الذى لا يفكر سوى فى رفعة وطنه ضمير يبنى المجد ويهدم الفساد، ضمير يعمر لا يخرب، ضمير لا يرضى إلا بالعمل المتقن الراشد لا الضال المضل، ضمير يدفع صاحبه نحو الطريق المستقيم لا الطريق المعوج، ضمير متوكل غير متواكل، ضمير يقظ لا يسمح بسُبات أو غفلة، ضمير حى يراقب نفس صاحبه ويقومها، ضمير يأمر نفس صاحبه بالبر قبل أن يأمر به غيره، ضمير لا يرضى إلا بالأخلاق القويمة وينبذ كل ما عداها، ضمير يتقى الله فى وطنه وصالحه.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
أفلام وفعاليات مهرجان القاهرة السينمائى 45 «كامل العدد»
عرض رابع لـ«أبوزعبل ٨٩» بعد نفاد التذاكر و«دخل الربيع يضحك» كومبليت الجداول وتداخل جهات التنظيم نقطة ضعف المهرجان لكن الدورة ناجحة«كامل العدد» أو «سولد أوت» هى الكلمة الأكثر استماعا فى أروقة الدورة الـ٤٥ لمهرجان القاهرة السينمائى، الذى شهد أكبر نسبة حضور سواء من الجمهور أو الإعلاميين والفنانين وكل محبى السينما.
سواء للأفلام فى أقسامها المختلفة، وحتى فى أغلب الندوات والجلسات النقاشية خلال فترة المهرجان الذى بدأ فى الرابع عشر من الشهر الحالى ويستمر حتى ٢٢ نوفمبر.
أسد الصحراء.. (ما وثقه العقاد فى ليبيا الأمس..يفضج الإبادة الجماعية فى غزة اليوم)اهتم مهرجان القاهرة السينمائى هذا العام بدعم القضية الفلسطينية، سواء خلال عرض الافتتاح الذى شهد عرض لفرقة وطن للفنون التى حضرت خصيصا من غزة لتشارك فى المهرجان، وحتى الدبوس الذى تم توزيعه على الحضور على شكل علم فلسطين، وتأكيد رئيس المهرجان حسين فهمى على دعم القضية، وبداية المهرجان بالفيلم الفلسطينى «أحلام عابرة» للمخرج رشيد مشهراوى.
لينطلق بعدها جدول من العروض الفلسطينية التى عبرت عن الحرب التى تشهدها فلسطين ليس فقط طوفان الأقصى منذ أكتوبر العام الماضى، لكن منذ بداية النكبة، ومنها الفيلم الوثائقى «إجازة فى غزة» و«غزة التى تطل على البحر» و«من المسافة صفر» الذى يمثل فلسطين فى الأوسكار.
النجم أنطونى كوين فى دور عمر المختارلكن الملفت للانتباه فيلم «أسد الصحراء» للمخرج الكبير العالمى الراحل مصطفى العقاد الذى وثق خلاله المجازر التى قامت بها إيطاليا فى ليبيا فى ثلاثينيات القرن الماضى من أجل إخماد المقاومة ورمزها «عمر المختار» الذى قام بدوره النجم العالمى أنطونى كوين الذى عرض ضمن برنامج كلاسيكيات بعد ترميمه هو الأكثر تعبيرا عما يحدث الآن فى غزة من خلال مشاهد المعارك والتعذيب التى قدمها العقاد فى تجربته عام ١٩٨١.
مالك العقاد: استغرقنا ٣ سنوات فى ترميم الفيلمقال مالك العقاد نجل المخرج السورى الراحل فى تصريحاته لفارايتى عن ترميم الفيلم بواسطة شركة Trancas International Films فى Deluxe فى لندن وPrivate Island Sound فى هوليوود، وهو الترميم الذى أعاد الحياة إلى المناظر الصحراوية ومشاهد المعارك الملحمية، بالإضافة إلى موسيقى موريس جار.
«لقد كان عملًا محببا بالنسبة لى. تضمنت العملية ثلاثة أفلام لوالدى - «الرسالة» و«الرسالة» و«أسد الصحراء» - وكل من هذه الأفلام يزيد طوله على ثلاث ساعات. كانت عملية طويلة جدًا استغرقت فى النهاية أكثر من ثلاث سنوات لإكمالها بالكامل. كان علينا مسح كل إطار، وتصحيح أى خدوش أو مشاكل، ثم تحسين تدرج الألوان، وأخيرًا، إعادة مزج الصوت. لقد كان الكثير من العمل ولكن النتيجة النهائية جعلت الأمر يستحق كل هذا العناء».
محمد رضا: يمكن وضع فلسطين بدلًا من ليبيا فى «أسد الصحراء»أما الناقد محمد رضا فقال: الفيلم يعبر عن الوطن العربى بشكل أشمل فيمكن استبدال فلسطين بدلا من ليبيا ليعبر الفيلم عما يحدث فيها وهو ما أراده العقاد فى ثانى تجاربه السينمائية فى أسد الصحراء بعد أن قدم أول أفلامه (الرسالة) الذى حاول من خلاله تصحيح نظرة الغرب عن الدين الإسلامى ونشأة الإسلام لكنه اختار فى أسد الصحراء أن يتطرق لقضية أشمل وهى النضال العربى.
الفيلم الذى تم إنتاجه فى أوائل الثمانينيات من القرن الماضى وصلت تكلفته ما يقرب من ٢٢ مليون دولار أمريكى فكل ما ظهر فى الفيلم من طائرات ودبابات صنعت خصيصا للفيلم أى ما يساوى اليوم من ١٥٠ إلى ٢٠٠ دولار أمريكى.
وتابع: إن (أسد الصحراء) قدم حقائق عن الصورة العربية وهو تأكيد على أهمية العلم وهو ما يظهر فى المشهد الأخير حين يمسك الطفل الصغير بالنظارة الخاصة بعمر المختار بعد إعدامه تأكيدا على استمرار ومواصلة المقاومة.
وكشف أن المخرج الراحل الذى جمعته به صداقة وطيدة عرض عليه تقديم أفلام عن زعماء ورؤساء عرب لكنه رفض الفكرة
فكان العقاد يأمل فى تقديم فيلم يوحد العرب عن الأندلس وهو الفيلم الذى يحاول نجله مالك العقاد إنتاجه خلال الفترة المقبلة خاصة أن السيناريو جاهز بالفعل لكن لا يزال يبحث عن التمويل فحتى الآن الفيلم لم يبدأ حيز التنفيذ.
وعلق رضا على الانتقادات التى طالت المخرج السورى الراحل لتقديمه عدة أفلام عن الهالويين وقال إنه كان يقدمها ليوفر المال اللازم لإنتاج أفلامه الهامة عن الوطن العربى.
وقال إن العقاد حينما هاجر من سوريا إلى الولايات المتحدة الأمريكية لم يكن يمتلك سوى مائتى دولار أمريكى فقط والقرآن الكريم ولأنه قدم أفلامًا عن الدين الإسلامى والقضايا العربية تم اغتياله فى عملية إرهابية.
حضور مصرى لافتفى السنوات الماضية اعتدنا على الحديث عن أزمة اختيار الفيلم الذى يمثل مصر سواء فى المسابقة الرسمية أو المسابقات والبرامج الأخرى، لكن شهدت الدورة الـ٤٥ تواجدًا مصريًا لافتًا، ففى المسابقة الرسمية مثلت المخرجة نهى عادل مصر بفيلمها «دخل الربيع يضحك» الذى تناولت خلاله ٤ حكايات مختلفة ومنفصلة لكنها متشابكة فى التعقيدات التى تحملها النفس البشرية، يحسب للمخرجة اعتمادها على وجوه غير محترفة أضافت للتجربة، وفى الوثائقى شارك فيلم «أبو زعبل ٨٩» للمخرج بسام مرتضى وهو الفيلم الذى أقيم له عرضًا رابعًا داخل المهرجان بسبب الإقبال الكبير على مشاهدة الفيلم الذى يوثق من خلاله بسام تجربة زيارته لوالدته محمود مرتضى السجين السياسى داخل سجن أبو زعبل وهو طفل صغير، ويتطرق إلى ما هو أبعد من ذلك من خلال علاقته بوالده ووالدته أيضا التى لعبت دورا كبيرا فى حياته.
إيجابيات وسلبيات..(كشف حساب)بدأ التفاعل مع المهرجان منذ اللحظات الأولى لانطلاقه، ويمكن القول قبلها أيضا، وتباينت ردود الفعل بين الهجوم اللاذع والحاد أو الدفاع المستميت، وكأى مهرجان أو فعالية سينمائية فى العالم فهناك بالتأكيد ماهو إيجابى وماهو سلبى بالطبع فلا يوجد مهرجان فى العالم يخلو من السلبيات.
لكن السؤال الذى يطرح نفسه ماذا يريد الجمهور من المهرجانات السينمائية؟ وهو ما يكشف إن كان المهرجان نجح بالفعل فى تحقيق ذلك أم لا؟.
إذا تحدثنا عن وجود أفلام قوية ومتنوعة لإرضاء جمهور مختلف ومتنوع فالمهرجان هذا العام شهد مجموعة كبيرة من الأفلام وصلت إلى ١٩٠ فيلما فى المسابقات المختلفة، ولا يمكن لفيلم أن يكون مرضيا لكل الأذواق لذلك لا يمكن اعتبار فشل فيلم فى إرضاء ذوق شخصى معين هو نقطة ضعف للمهرجان.
وإن كانت نقطة الضعف التى صعبت الوصول إلى الأفلام هو الجدول غير المفهوم الذى أضاع فرص مشاهدة الكثير من الأفلام الهامة.
يمكن الإشادة أيضا بفريق المهرجان فى التنظيم حتى وإن كانت هناك بعض المشاكل الاعتيادية فى دخول القاعات أو التأخر قليلا عن العرض لكنها ليس المشاكل الكارثية التى يمكن من خلالها وضع المهرجان تحت المقصلة فهو ظلم لأهم وأعرق مهرجان فى المنطقة العربية، وإن كان لا يمكن إنكار بعض الفوضى الذى تسبب فيها فراغ أحد الأدوار والمناصب الهامة من المهرجان، وهو ما تسبب فى تداخل التنظيم وفوضى فى بعض العروض. لكن المتواجد على أرض الواقع سيلحظ وجود «بعض» المبرمجين والعاملين فى المهرجان لحل المشاكل سريعا.
فى النهاية.. تعد الدورة الـ٤٥ من الدورات المميزة والمهمة فى مسيرة مهرجان القاهرة السينمائى على مستوى الأفلام والبرمجة والحضور والندوات والتنظيم، إلى جانب الدور المحترم والتأكيد على دعم مصر للقضية الفلسطينية، فشكرًا لكل القائمين على المهرجان من رئيس المهرجان وحتى أصغر المتعاونين.