فى 6 يوليو من كل عام، تحتفل القاهرة بعيد ميلادها عام 969، الذى يعد عاما فارقا فى تاريخ مصر، فقد شهد مولد مدينة القاهرة الذى يمر عليه 1055 عاماً.
وعندما نتحدث عن بناء القاهرة تقفز إلى الذهن مقولة «اللى بنى مصر كات فى الأصل حلوانى» فمن هو «الحلوانى» الذى بنى أعظم مدينة فى التاريخ، كأعظم قائد عبقرى، قائد جيوش «المعز لدين الله»، كان يفهم فى الفلك والعمارة وفى صنع الحلوى بالطبع وكان يقدر العلم.
هو «جوهر الصقلى» الذى كان يجيد صناعة الكنافة والحلوى قبل أن يباع كمملوك للخليفة «المنصور بالله» الذى ألحقه بالجيش وترقى فيه حتى صار أشهر رجاله، وتم بناء القاهرة والجامع الأزهر على يد القائد العسكرى الحلوانى، وجاء قائدا لجيش الفاطميين واسترد «جوهر الصقلى» مصر من الإخشيديين وقام ببناء القاهرة قبل مجىء الخليفة «المعز لدين الله الفاطمى»، وقام بتسميتها بـ«القاهرة» ليس لأنها تقهر أعداءها كما يتردد ولكن لأن النجم القاهر ظهر فى سمائها وقت وضع حجر الأساس لها، واختار «جوهر الصقلى» اسم «القاهرة» للمدينة الوليدة تيمناً بهذا النجم وبدأ البناء بالسور والبوابات، وكان يقع فى مركزها القصران الخاصان بالخليفة وما بينهما وهو حى بين القصرين ثم بدأ البناء بالداخل وبناء الجامع الأزهر لتصبح القاهرة عاصمة الفاطميين ومنبر المذهب الإسماعيلى.
أبدع «الصقلى» فى تصميم القاهرة وبنائها ومنع السكان من دخولها -كما يقول بعض المؤرخين- طوال فترة البناء التى امتدت لحوالى أربعة أعوام كاملة، وعندما جاء الخليفة «المعز» انبهر بجمال القاهرة وجعلها عاصمته، وبالتالى لم يكن باني مصر مجرد «حلوانى» وحسب بل كان قائداً عسكرياً عبقرياً ويجيد علم الفلك والعمارة.
ويعتبر المؤرخون أن القاهرة الفاطمية نموذج رائع بهي متكامل أحسن «جوهر الصقلى» فى تصميمها، وأبدع فى بنائها.
انغلقت أبواب القاهرة الثمانية على ملحمة تاريخية بطلها المعمار على النسق الإسلامى لتثرينا بتحف معمارية أولها الجامع الأزهر، لتزدهر فيما بعد، خاصة فى عهدى الأيوبيين والمماليك، ثم جوامع مثل «الحاكم بأمر الله» وجامع «الأقمر» ومسجد «السلطان الظاهر برقوق» وجامع «المؤيد».
وهبت مآذن تلك الجوامع القاهرة لقبها «مدينة الألف مئذنة» نسبة إلى المآذن التى تعددت عصور بنائها فتظهر لنا أرشيفاً حياً من التاريخ والذكريات.
وكتب الفنان الألمانى «كارل هاج» إلى أصدقائه متحدثاً عن القاهرة قائلاً: «هى قاهرة واحدة فى العالم كله، تتألق فى وقار وجلال على ضفاف النيل العظيم، بالإضافة إلى تأثير ترجمة «أنطوان جالان» لـ«ألف ليلة وليلة» التى ألهبت عقول العرب وجعلت القاهرة تجتذب الرحالة والأدباء والفنانين الأوروبيين الذين فروا من أوروبا ودخانها وماديتها بحثاً عن دفء الحياة والثياب المزركشة، وأصبحت المدينة الشرقية بمرور الوقت مناراً يلقى بضيائه على الفن العالمى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: محمود غلاب حكاية وطن 6 يوليو مدينة القاهرة تاريخ مصر الحلواني
إقرأ أيضاً:
بحضور ملك البحرين.. شيخ الأزهر: الفرقة جعلتنا مطمعا للغير وآن الآوان للتضامن
قال الدكتور أحــمَد الطَّـيِّــب شَـيْخ الأزهــر، إنَّ التاريخ يُحدِّثُنا بأنَّ أُمَّتَنا الإسلاميَّة لم تَجْنِ من الفُرقة والتّشَرذُم وتدخُّلِ بعض دولها في الشؤون الداخليَّة لبعضِها الآخَر، أو الاستيلاءِ على أجزاءٍ من أراضيها، أو استغلالِ المذهبيَّةِ والطائفيَّة والعِرقيَّة لزرعِ الفِتَن بين أبناء الوطن الواحد، أو محاولات تغيير المذاهب المستقرَّة بالتَّرغيبِ وبالتَّرهيبِ، كلُّ ذلك لم تَجْنِ الأمَّةُ منه إلَّا فُرقةً ونزاعًا وصراعًا أسلَمَها إلى ضعفٍ وتَراجُع أطمعَ الغيرَ فينا وجَرَّأه علينا، حتى رأينا وسمعنا مَن يُطالبُنا بتهجيرِ شعبٍ عريقٍ وترحيلِه من وطنه ليُقيم على أرضِه منتجعًا سياحيًّا على أشلاءِ الجُثَث وأجسادِ الشُّهداء مِن الرجالِ والنِّساءِ والأطفالِ مِن أهلِنا وأشقَّائنا في غزَّة المكلومة، وبالتأكيد تتفقون معي في أنه آنَ الأوانُ لتضامُنٍ عربيٍّ إسلاميٍّ أخوي خالٍ من كل هذه المظاهر إذا ما أردنا الخيرَ لبلادنا ولمستقبلِ أمتنا.
وتوجه شيخ الأزهر -خلال كلمته بمؤتمر الحوار الإسلامي الإسلامي، بحضور ملك البحرين، بقصر الصخير الملكي- إلى اللهِ تعالى بالدُّعاء أن يُوفِّقَ قادة العرب في قِمَّتهم العربيَّة المُرتقبة في جمهوريَّة مصر العربية، وفي المملكةِ العربيةِ السعودية، وأنْ يجمعَ كلمتهم ويُوحِّد شملهم.
وقدم شيخ الأزهر الشكر لعلماءِ المسلمين وفقهائهم ومُفكِّريهم، لاستجابتِهم الكريمةِ لدعوةِ الأزهر الشريف ومجلسِ حكماء المسلمين، للتشاورِ حولَ تحدِّيات ثقيلة فرضها واقعٌ مؤلم لا يزال يجثم على صدور الجميع، معربا عن تقديره لهذا «المشهد» الاستثنائي الذي لم تَعْتَده أعيُننا بهذا الجمع، والذي تلاقت فيه أطيافُ الأُمَّة، وعلماؤها من السُّنَّةِ والشِّيعة الإماميَّة والزيديَّة، ومن الإباضية، بل من عامَّةِ المسلمين جميعًا مِمَّن وصفهم نبيُّ الإسلام صلوات الله وسلامه عليه، وهو يُحدِّدُ لنا: مَن هو «المسلم» الذي له في رقابِ المسلمين ذِمَّة الله ورسوله، وذلك في قولِه في الحديث الشريف: «مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا، وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا، وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا، فَذَاكم الْمُسْلِمُ الَّذِي لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ؛ فَلَا تخْفِرُوا اللَّهَ فِي ذِمَّتِهِ»..
ومن بابِ الحرصِ على استكمالِ المَسيرةِ وتجديد النوايا لخدمةِ الإسلام، أُعلِن شيخ الأزهر أنَّ المحطَّةَ التالية لمؤتمر الحوار الإسلامي – الإسلامي، سوف تحتضنُها جمهوريَّةُ مصر العربيَّة في الأزهر الشَّريف سائلا الله -جلَّ وعلا- أنْ يُوفِّقنا في العملِ لما فيه خير أُمَّتنا، وأنْ يُمكِّن لهذه الأُمَّة كلَّ سُبُلِ التآلُف والتقارُب والوحدة والتقدُّم والرَّخاء.
وعبر شيخ الأزهر عن امتنانه لاحتضانَ الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين، لهذه الدعوة المخلصة للحوار بين الإخوة من أجل جمع الكلمة وتوطيد الأخوَّة الإسلامية في مواجهة التحدِّيات المشتركة، وتوفير الإمكانات اللازمة لإنجاحه وإيصال صوته ورسالته إلى العالم كله، سائلا الله أنْ يُديمَ على البَحْرين وسائرِ بلاد المسلمين الأمنَ والأمانَ والسَّلامةَ والاستقرار.