حاولت «ظريفة» تفكيك حالة النكد الزوجى التى سادت السنوات الأخيرة، فسألت مبتسمة: إيه رأيك فى التعديل الوزارى يا «ظريف»؟، التفت إليها «ظريف» متوجساً، خيفة أن يكون السؤال مدخلاً لحافة الأسلاك الشائكة، واختراقاً لحدود غير آمنة، وفخاً لاستبعاده من البيت لأيام وربما لسنوات طوال، كانت نظراته تحمل معانى وأفكاراً متضاربة يجمعها سياق واحد؛ أن البعد عن الإجابة غنيمة.
وبعد إصرار«ظريفة» مع تحول نبرة الاستفهام إلى استجواب، لم يجد «ظريف» مفراً من الإجابة، وبحرصه المعتاد: تعديل إيه بس يا «ظريفة»، إحنا مالنا ومال التعديل الوزارى.. خلينا فى حالنا أحسن.
لم تشبع الإجابة رغبة «ظريفة» وتسلطها، وشعرت بأن زوجها العزيز أحياناً، يغلق باب الحوار الذى فتحت له «شُرَّاعة» لتحريك مياه النكد الراكدة منذ فترات، بعد حالة الصمت الاختيارى وصومعة العزلة التى قرر «ظريف» العيش فيها بسبب ضغوط الحياة، عاملاً بنصيحة «خد فى جنابك وانت ساكت»، ولكن الأمر قد حُسِم، وقررت «ظريفة» إشعال الفتيل وكسر عزلة زوجها وصمته، فصارعته وسارعته بدهاء تقليدى: سكوتك ده بيقول إن فيه واحدة تانية شاغلة بالك ومشقلبة حالك!
كان الرد كفيلاً بانفجار بارود هموم «ظريف» المكبوتة، متعجباً: واحدة تانية!.. ومشقلبة حالى!.. وشاغلة بالى!.. ربنا عرفوه بالعقل يا «ظريفة»..لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين!
«ظريفة»: قصدك إيه يا «ظريف» أنا حية!، والله الجحر ده إنت اللى معيشنا فيه، ما إنت لو كنت شاطر وملحلح زى الناس، كنا زمانا قاعدين فى فيلا ولاَّ شقة مرحرحة، بس هاعمل إيه نصيبى كده.. جتنا خيبة فى حظنا الهباب!
حاول «ظريف» تضييق نطاق الخسائر وتحجيم نيران النكد التى نجحت «ظريفة» فى إشعالها، فأدار دفة الحوار إلى وجهته الأولى مرتدياً ثوب العقل واللين: قولى لى إنتِ يا «ظريفة » ايه رأيك فى التعديل الوزارى؟
«ظريفة»: تعديل إيه يا خويا بعد ما سديت نفسى وكسرت مشاعرى السياسية.. إنت عارف أنا اتجوزتك ليه؟، بتنهيدة تعكس فشله فى إيقاف الحرب: ليه يا «ظريفة»؟
«ظريفة»: اتجوزتك ورضيت بيك عشان كنت حاسة إنك هاتبقى وزير فى يوم من الأيام، وكل ما تيجى سيرة التعديل الوزارى، أفتكر خيبتى التقيلة!
«ظريف» متعجباً: وزير حتة واحدة!!
«ظريفة»: آه.. هم الوزرا أحسن منك فى إيه، إن كان ع البدلة نعمل جمعية ونجيبلك اتنين، وتقعد كده قدام «لميس الحديدى» سلطان زمانك، ويتقال لك يا معالى الوزير، وأنا أمشى فى الشارع والناس تشاور على حرم الوزير، بس منك لله.. هاتروح من ربنا فين.. روووح منك لله.. منك لله.
حاول «ظريف» جاهداً تهدئة مشاعر زوجته السياسية وبكائها المصطنع وإيقاف سلسلة «منك لله»، شارحاً لها أن الوزير فى بلادنا له مواصفات لا يعرفها إلا القليل، وليس معلوماً على وجه الدقة، لماذا يأتى الوزير أو لماذا يرحل، لكنها أرزاق مقسمها الخلَّاق، ثم طلب منها الدعاء له بأن يكون وزيراً مؤكداً أن دعوتها مستجابة بإذن الله!
لم تتقبل «ظريفة» هذا الاستسلام المبكر وتلك التهدئة، واستمرت قدماً فى طريق الحرب: آه.. وبعد ما ربنا يستجيب.. ساعتها تتشيك والفلوس تجرى فى إيدك، وتجيب بدل الفيلا اتنين، وبدل الشاليه تلاتة، والعربيات تمشى ورا بعضها طابووور، وبعدين تروح تتجوز واحدة غيرى.. لااااااا.. إنت تخليك جنبى مرزوع هنا.
«ظريف»: وانا يا ستى جنبك مزروع ومرزوع.
استطاع «ظريف» بصبره على البلاء أن يمنع مياه النكد المتراكمة خلف سدود الحياة من أن تغرق ما تبقى له فى صوامع الصمت والسكون الاختيارى، ثم بدأ يسمع صدى نفسه: وزير؟!.. وليه لأ.. لا إحنا بقينا اليابان فى التعليم، ولا ألمانيا فى الصناعة، ولا الصحة فى أمريكا، والكهربا بتقطع عندنا، والأسعار ما حدش عارف يلمها، يعنى جت على الغلبان وهاتقف!، وبعدين خبرتى فى سماع التوجيهات مافيش زيها والبركة فى «ظريفة»، ولو تمت إقالتى و«كرشوني» من الوزارة، هاكون خبير وساعتها نضرب ونلاقى، والأمور تمشى.
أغلق «ظريف» صومعته وصدى الأوهام يدق باب أحلامه، وهمس: اللهم اجعلنى وزيراً.. ثم نام.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أشرف عزب ظريفة التعديل الوزاري الأسلاك الشائكة
إقرأ أيضاً:
أصيلة .. تشييع جثمان الوزير الأسبق ورجل الثقافة الراحل محمد بن عيسى
جرى بعد صلاة العصر، اليوم الأحد بمدينة أصيلة، تشييع جثمان الراحل محمد بن عيسى، وزير الشؤون الخارجية والثقافة الأسبق.
وبعد صلاتي العصر والجنازة بالمسجد الأعظم، نقل جثمان الفقيد ليوارى الثرى بضريح الزاوية العيساوية بالمدينة العتيقة بأصيلة، وذلك بحضور أفراد أسرة الفقيد وأقاربه وذويه.
كما حضر مراسيم الجنازة على الخصوص وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقييمين بالخارج، ووزير العدل، والأمين العام للحكومة، ووزير التجهيز والماء ووزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، وعدد من الشخصيات وممثلي الأحزاب السياسية والسلطات الولائية، إلى جانب عدد من الشخصيات الأخرى من عالم الأدب والثقافة والفن.
وكان الملك محمد السادس قد بعث برقية تعزية ومواساة إلى أفراد أسرة المرحوم محمد بن عيسى، أعرب فيها لهم، ومن خلالهم لكافة أهل الفقيد العزيز وذويه، ولأحبائه وأصدقائه داخل الوطن وخارجه، عن أحر التعازي وأصدق المواساة في هذا الرزء الفادح الذي لا راد لقضاء الله فيه.
وشغل الراحل محمد بن عيسى، بعد أن أكمل دراسته بالقاهرة، عددا من المسؤوليات السامية داخل وخارج الوطن حيث كان وزيرا للشو ون الخارجية والتعاون ما بين 1999 و2007، وسفيرا للمغرب لدى الولايات المتحدة الا مريكية ما بين 1993 و1999، ووزيرا للثقافة ما بين 1985 و1992.
وكان الراحل أيضا عضوا بمجلس المستشارين ورئيسا لمجلس جماعة أصيلة.
وعرف على السيد محمد بن عيسى عشقه للثقافة حيث ارتبط اسمه بموسم أصيلة الثقافي الذي شكل على مدى سنوات ملتقى للأكاديميين والخبراء والفنانين المغاربة والأجانب لمناقشة المواضيع الراهنة من مختلف المجالات.