حذر مركز الأزهر للفتوى العالمي التابع للأزهر الشريف أولياء الأمور من دخول أولادهم  المواقع الإلكترونية المعنية بصناعة الجريمة مُحرَّم، وحماية النشء والشباب من السلوكيات المشبوهة والمُجرَّمة على مواقع الإنترنت، فهي أمانةٌ ومسئوليةٌ مُشتركة، وتابع بعد الحَمْدُ لله، والصَّلاة والسَّلام عَلى سَيِّدنا ومَولَانا رَسُولِ الله، وعَلَى آله وصَحْبِه ومَن والَاه.

فقد تابع مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية ما انتشر من تفاصيل مؤلمة حول جرائم (الإنترنت المظلم - Dark Web)، وما يمتلئ به هذا العالم الأسود من جرائم وسلوكيات مشبوهة، وقع بعض الشباب والنشء في براثنها وغياهبها.

وأقل ما يمكن أن توصف به محاولة دخول هذه المواقع المشبوهة المعنية بصناعة الجريمة أو تصفحها وحضور بَثِّها الآثم من باب التسلية؛ هو الحُرمة، هذا بخلاف وقوع المشارك فيها تحت طائلة القانون.

أما مجاراة ما فيها من جرائم بشعة، والاشتراك في إثمها، وتنفيذ ما يطلبه شياطينها رغبة في الثراء السريع؛ لهي جرائم خسيسة دنيئة، لا ينبغي أن يفر مرتكبها من المحاسبة والعقوبة.

وقد حذّر الإسلام من تعريض النّفس لمواطن الهلكة والزلل؛ فقال تعالى: {..وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ..} [البقرة: 195]، وقال تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:179]، وقال سيدنا رسول الله ﷺ: «لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ»، قَالُوا وَكَيْفَ يُذِلُّ نَفْسَهُ؟ قَالَ: «يَتَعَرَّضُ مِنَ الْبَلاءِ لِمَا لَا يُطِيقُ». [أخرجه الترمذي]، وقال ﷺ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ». [أخرجه ابن ماجه].

وكما أمر الإنسانَ بحفظِ حياةِ وصحته؛ أمرَه كذلك بحفظِ حياةِ غيره وصحته، وحرَّم إيذاء النفس أو الغير بأي نوعٍ من أنواع الإيذاء؛ إذ المؤمن سلام لكل من حوله؛ قال ﷺ: «المُسلِمُ مَن سَلِمَ النَّاسُ مِن لِسَانِه ويَدهِ، والمُؤمنُ مَن أَمِنَه النَّاسُ عَلى دِمَائِهم وأموَالِهِم». [أخرجه أحمد]

ومركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية إذ يحذر من هذه السلوكيات يعلن أنه بصدد استكمال نشاطاته التوعوية التي بدأها منذ فترة، وتدشين سلسلة جديدة من حملات إلكترونية وميدانية مكثفة بالتعاون مع قطاعات الأزهر الشريف والمؤسسات المعنية بنشر الوعي؛ تستهدف حماية النشء والشباب في المراحل التعليمية المختلفة من مخاطر الاستخدام السيء والخاطئ للتكنولوجيا والإنترنت.

ويُهيب بأولياء الأمور في البُيوت، والمُعلمين في قطاعات التَّعليم ومراحله أن يواجهوها وأن يوجِّهوا أولادنا لما فيه سلامتهم، وأن يَحُولوا بينهم وبين إيذاء أنفسهم أو غيرهم؛ فقد قال ﷺ: «أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ..». [مُتفق عليه]

ويُشدِّد المركز على ضرورة تكاتف أبناء الوطن ومؤسساته الدِّينية والإعلامية والتَّعليمية والتَّثقيفية؛ للتوعية بأخطار ثقافة التقليد الأعمى، ونبذ كل السُّلوكيات العُدوانية المُشينة، ورفض جميع الأفكار الهدَّامة والدَّخيلة على مجتمعاتنا عبر بوابات الشَّبكة العنكبوتية (الإنترنت)، والحرص على تعزيز سبل المحافظة على النفس وهوية المجتمع لدى أفراده عامة والنشء خاصة.

كما يُقدِّمُ بعضَ النَّصائح التي تُساعدُ أولياءَ الأمور على تحصين أولادهم من خطر هذه التحديات، وتنشئتهم تنشئةً واعيةً سويّةً وسطيّةً، بضرورة:

(1) الحرصُ على مُتابعة الأبناء بصفةٍ مُستمرة على مدار السّاعة.
(2) متابعة نشاط الأبناء على الإنترنت، ومتابعة تطبيقات هواتفهم، وعدم تركها بين أيديهم لفترات طويلة.
(3) شغلُ أوقات فراغ الأبناء بما ينفعهم من تحصيل العلوم النّافعة، والأنشطة الرّياضية المُختلفة.
(4) التأكيدُ على أهمية الوقت بالنسبة للشباب.
(5) مشاركةُ الأبناء جميعَ جوانب حياتهم، مع توجيه النّصح، وتقديم القدوة الصالحة لهم.
(6) تنميةُ مهارات الأبناء، وتوظيفُها فيما ينفعهم وينفع مجتمعَهم، والاستفادة من إبداعاتهم.
(7) تشجيع الأولاد الدّائم على ما يقدّمونه من أعمال إيجابية ولو كانت بسيطةً من وجهة نظر الآباء.
(8) منحُ الأبناء مساحةً لتحقيق الذات، وتعزيزِ القدرات، وكسبِ الثقة.
9) تدريبُ الأبناء على تحديد أهدافهم، وتحمُّلِ مسئولياتهم، واختيارِ الأفضل لرسم مستقبلهم، والحثّ على المشاركة الفاعلة والواقعية فى محيط الأسرة والمجتمع.
10) تخيُّرُ الرفقة الصالحة للأبناء، ومتابعتُهم فى الدراسة من خلال التواصل المُستمر مع معلميهم.

واللهَ نسأل أن يؤدِّبنا بأدبه، وأن يحفظنا بحفظه، وأن يهديَنا سُبل الخير والرَّشاد، وَصَلَّىٰ اللَّه وَسَلَّمَ وبارَكَ علىٰ سَيِّدِنَا ومَولَانَا مُحَمَّد، وَعَلَىٰ آلِهِ وصَحبِهِ والتَّابِعِينَ، والحَمْدُ للَّه ربِّ العَالَمِينَ.
 

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الازهر للفتوى دارك ويب م حر م المواقع الإلكترونية

إقرأ أيضاً:

شيخ الأزهر يحذر من تصاعد الإسلاموفوبيا ويدعو إلى وضع قوانين لوقفها

حذر شيخ الأزهر أحمد الطيب، من تصاعد ظاهرة الإسلاموفوبيا، داعياً إلى وضع قوانين لوقفها. ودعا إلى إنشاء قواعد بيانات شاملة ومحدثة لتوثيق الجرائم والممارسات العرقية والعنصرية ضد المسلمين.

جاء ذلك في كلمة الطيب بالجمعية العامة للأمم المتحدة بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة الإسلاموفوبيا، ألقاها نيابة عنه السفير، أسامة عبد الخالق، مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة، وفق بيان للأزهر اليوم الأحد.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2عنصرية وتحريض.. تقرير: عنف إسرائيلي رقمي "خطير" ضد الفلسطينيينlist 2 of 2قاض أميركي يمنع ترامب من استخدام صلاحيات "زمن الحرب" لترحيل المهاجرينend of list

وقال الطيب إن "الاحتفاء باليوم العالمي جاء تتويجا لجهود مشكورة تحملت عبئها مجموعة الدول الإسلامية لدى الأمم المتحدة لمواجهة هذه الظاهرة".

ووصف ظاهرة الإسلاموفوبيا بأنها "غير معقولة ولا منطقية، حيث تمثل تهديدًا حقيقيًّا للسِّلم العالمي".

وأشار إلى أن كلمة "الإسلام" مشتقة من نفس كلمة السلام بالعربية، وهي تعبير عن القيم التي جاءت بها رسالة هذا الدين الحنيف، بما فيها الرحمة والمحبة والتعايش والتسامح والتآخي بين الناس جميعا على اختلاف ألوانهم وعقائدهم ولغاتهم وأجناسهم.

وبين شيخ الأزهر أن "الإسلاموفوبيا أو ظاهرة الخوف المرضي من الإسلام، لم تكن إلا نتاجا لجهل بحقيقة هذا الدين العظيم وسماحته، ومحاولات متعمدة لتشويه مبادئه التي قوامها السلام والعيش المشترك".

إعلان

وشدد على أن ظهور الإسلاموفوبيا "نتيجة طبيعية لحملات إعلامية وخطابات يمينية متطرفة، ظلت فترات طويلة تصور الإسلام على أنه دين عنف وتطرف، في كذبة هي الأكبر في التاريخ المعاصر، استنادًا لتفسيرات خاطئة واستغلال ماكر خبيث لعمليات عسكرية بشعة، اقترفتها جماعات بعيدة كل البعد عن الإسلام".

وفي معرض أسفه لتصاعد موجات هذه الظاهرة، قال شيخ الأزهر: "رغم كل هذه الجهود الكبيرة، ما زالت هذه الظاهرة تتسع – للأسف- وتغذيها خطابات شعبوية لليمين المتطرف تستغل أوجه الضعف الفردي والجماعي، فتذكرنا بأن المعركة طويلة النفس، وأن التحدي يحتم علينا أن نضاعف الجهود، ونبتكر آليات تواكب التعقيدات التي ترافق هذه الظاهرة".

ودعا شيخ الأزهر إلى وضع تعريف دولي لظاهرة الإسلاموفوبيا، يتضمن تحرير مجموعة من المصطلحات والممارسات المحددة دوريا، وتعبر عن التخويف أو الحض على الكراهية أو العنف ضد الإسلام والمسلمين بسبب انتمائهم الديني.

كما طالب بإنشاء قواعد بيانات شاملة ومحدثة لتوثيق الجرائم والممارسات العرقية والعنصرية ضد المسلمين بسبب دينهم، ورصد القوانين والسياسات التي تشكل تعميقًا للظاهرة، أو تمثل حلولًا تساعد على معالجتها.

وفي 2022، تبنى أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة البالغ عددهم 193 عضوا بالإجماع قرارا يجعل 15 مارس/آذار من كل عام يوما لمحاربة الإسلاموفوبيا.

 

ويدعو النص غير الملزم إلى "تكثيف الجهود الدولية لتقوية الحوار العالمي بشأن تعزيز ثقافة التسامح والسلام على جميع المستويات، على أساس احترام حقوق الإنسان وتنوع الأديان والمعتقدات".

مقالات مشابهة

  • الهوية والجنسية تنفذ 252 حملة تفتيشية خلال فبراير
  • ضبط مواطن وآخر آسيوي بتهمة تشغيل 12 عاملاً من دون إذن وتغريمهما 600 ألف درهم
  • هل صيام الشخص المتنمر مقبول؟.. هبة النجار تجيب
  • ذنوب السوشيال ميديا.. احذر معصية منتشرة تلاحق مرتكبها ويحاسب عليها
  • شيخ الأزهر يحذر من تصاعد الإسلاموفوبيا ويدعو إلى وضع قوانين لوقفها
  • جرائم تكشفها الصدفة.. إعلان للبيع على الإنترنت يكشف جريمة قتل
  • جمال شعبان يحذر من السجائر الإلكترونية وأضرارها القاتلة
  • هل يصح صيام تارك الصلاة؟.. الأزهر للفتوى يجيب
  • أربعة أحكام تهم المرأة المسلمة في رمضان.. الأزهر العالمي للفتوى يكشفها
  • «الأمن السيبراني» يحذر من الصفقات الوهمية