الأزهر للفتوى يحذر من دخول المواقع الإلكترونية "دارك ويب" المختصة بصناعة الجريمة
تاريخ النشر: 28th, April 2024 GMT
حذر مركز الأزهر للفتوى العالمي التابع للأزهر الشريف أولياء الأمور من دخول أولادهم المواقع الإلكترونية المعنية بصناعة الجريمة مُحرَّم، وحماية النشء والشباب من السلوكيات المشبوهة والمُجرَّمة على مواقع الإنترنت، فهي أمانةٌ ومسئوليةٌ مُشتركة، وتابع بعد الحَمْدُ لله، والصَّلاة والسَّلام عَلى سَيِّدنا ومَولَانا رَسُولِ الله، وعَلَى آله وصَحْبِه ومَن والَاه.
فقد تابع مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية ما انتشر من تفاصيل مؤلمة حول جرائم (الإنترنت المظلم - Dark Web)، وما يمتلئ به هذا العالم الأسود من جرائم وسلوكيات مشبوهة، وقع بعض الشباب والنشء في براثنها وغياهبها.
وأقل ما يمكن أن توصف به محاولة دخول هذه المواقع المشبوهة المعنية بصناعة الجريمة أو تصفحها وحضور بَثِّها الآثم من باب التسلية؛ هو الحُرمة، هذا بخلاف وقوع المشارك فيها تحت طائلة القانون.
أما مجاراة ما فيها من جرائم بشعة، والاشتراك في إثمها، وتنفيذ ما يطلبه شياطينها رغبة في الثراء السريع؛ لهي جرائم خسيسة دنيئة، لا ينبغي أن يفر مرتكبها من المحاسبة والعقوبة.
وقد حذّر الإسلام من تعريض النّفس لمواطن الهلكة والزلل؛ فقال تعالى: {..وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ..} [البقرة: 195]، وقال تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:179]، وقال سيدنا رسول الله ﷺ: «لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ»، قَالُوا وَكَيْفَ يُذِلُّ نَفْسَهُ؟ قَالَ: «يَتَعَرَّضُ مِنَ الْبَلاءِ لِمَا لَا يُطِيقُ». [أخرجه الترمذي]، وقال ﷺ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ». [أخرجه ابن ماجه].
وكما أمر الإنسانَ بحفظِ حياةِ وصحته؛ أمرَه كذلك بحفظِ حياةِ غيره وصحته، وحرَّم إيذاء النفس أو الغير بأي نوعٍ من أنواع الإيذاء؛ إذ المؤمن سلام لكل من حوله؛ قال ﷺ: «المُسلِمُ مَن سَلِمَ النَّاسُ مِن لِسَانِه ويَدهِ، والمُؤمنُ مَن أَمِنَه النَّاسُ عَلى دِمَائِهم وأموَالِهِم». [أخرجه أحمد]
ومركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية إذ يحذر من هذه السلوكيات يعلن أنه بصدد استكمال نشاطاته التوعوية التي بدأها منذ فترة، وتدشين سلسلة جديدة من حملات إلكترونية وميدانية مكثفة بالتعاون مع قطاعات الأزهر الشريف والمؤسسات المعنية بنشر الوعي؛ تستهدف حماية النشء والشباب في المراحل التعليمية المختلفة من مخاطر الاستخدام السيء والخاطئ للتكنولوجيا والإنترنت.
ويُهيب بأولياء الأمور في البُيوت، والمُعلمين في قطاعات التَّعليم ومراحله أن يواجهوها وأن يوجِّهوا أولادنا لما فيه سلامتهم، وأن يَحُولوا بينهم وبين إيذاء أنفسهم أو غيرهم؛ فقد قال ﷺ: «أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ..». [مُتفق عليه]
ويُشدِّد المركز على ضرورة تكاتف أبناء الوطن ومؤسساته الدِّينية والإعلامية والتَّعليمية والتَّثقيفية؛ للتوعية بأخطار ثقافة التقليد الأعمى، ونبذ كل السُّلوكيات العُدوانية المُشينة، ورفض جميع الأفكار الهدَّامة والدَّخيلة على مجتمعاتنا عبر بوابات الشَّبكة العنكبوتية (الإنترنت)، والحرص على تعزيز سبل المحافظة على النفس وهوية المجتمع لدى أفراده عامة والنشء خاصة.
كما يُقدِّمُ بعضَ النَّصائح التي تُساعدُ أولياءَ الأمور على تحصين أولادهم من خطر هذه التحديات، وتنشئتهم تنشئةً واعيةً سويّةً وسطيّةً، بضرورة:
(1) الحرصُ على مُتابعة الأبناء بصفةٍ مُستمرة على مدار السّاعة.
(2) متابعة نشاط الأبناء على الإنترنت، ومتابعة تطبيقات هواتفهم، وعدم تركها بين أيديهم لفترات طويلة.
(3) شغلُ أوقات فراغ الأبناء بما ينفعهم من تحصيل العلوم النّافعة، والأنشطة الرّياضية المُختلفة.
(4) التأكيدُ على أهمية الوقت بالنسبة للشباب.
(5) مشاركةُ الأبناء جميعَ جوانب حياتهم، مع توجيه النّصح، وتقديم القدوة الصالحة لهم.
(6) تنميةُ مهارات الأبناء، وتوظيفُها فيما ينفعهم وينفع مجتمعَهم، والاستفادة من إبداعاتهم.
(7) تشجيع الأولاد الدّائم على ما يقدّمونه من أعمال إيجابية ولو كانت بسيطةً من وجهة نظر الآباء.
(8) منحُ الأبناء مساحةً لتحقيق الذات، وتعزيزِ القدرات، وكسبِ الثقة.
9) تدريبُ الأبناء على تحديد أهدافهم، وتحمُّلِ مسئولياتهم، واختيارِ الأفضل لرسم مستقبلهم، والحثّ على المشاركة الفاعلة والواقعية فى محيط الأسرة والمجتمع.
10) تخيُّرُ الرفقة الصالحة للأبناء، ومتابعتُهم فى الدراسة من خلال التواصل المُستمر مع معلميهم.
واللهَ نسأل أن يؤدِّبنا بأدبه، وأن يحفظنا بحفظه، وأن يهديَنا سُبل الخير والرَّشاد، وَصَلَّىٰ اللَّه وَسَلَّمَ وبارَكَ علىٰ سَيِّدِنَا ومَولَانَا مُحَمَّد، وَعَلَىٰ آلِهِ وصَحبِهِ والتَّابِعِينَ، والحَمْدُ للَّه ربِّ العَالَمِينَ.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الازهر للفتوى دارك ويب م حر م المواقع الإلكترونية
إقرأ أيضاً:
الجريمة السياسية.. كيف تناول أسعد طه ملفاتها الشائكة؟
يعد مفهوم الجريمة السياسية من أكثر المصطلحات أو المفاهيم القانونية تعقيدا وغموضا، ونتيجة لذلك استعصى على الفقه والقضاء إيجاد تعريف واضح ومحدد لها، حيث إن الجريمة السياسية تختلف في تعريفها باختلاف النظام السياسي السائد لدى الدولة، كما أن الجريمة السياسية تمتاز بخصوصية معينة تميزها عن غيرها من الجرائم التي قد تتشابه معها في وصفها لا في أركانها أو أبعادها القانونية.
وإن أول تشريع عقابي عرف الجريمة السياسية هو التشريع الألماني، والذي عرفها في المادة الثالثة بأنها: "الجرائم الموجهة ضد كيان الدولة أو سلامتها، وضد رئيس الدولة أو أحد أعضاء الحكومة بوصفه عضوا في الحكومة، وضد الحقوق السياسية، والجرائم التي من شأنها المساس بالعلاقات الحسنة مع البلاد الأجنبية".
بينما عرفها المشرع الإيطالي بالقول: "يعتبر إجراما سياسيا كل جرم يضر بمصلحة سياسية من مصالح الدولة أو بحق سياسي من حقوق المواطنين، وكل جريمة من الجرائم إذا كانت الدوافع إليها كلها أو بعضها دوافع سياسية".
ويعرفها قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969: "الجريمة السياسية هي الجريمة التي ترتكب بباعث سياسي أو تقع على الحقوق السياسية العامة أو الفردية، وفيما عدا ذلك تعتبر الجريمة عادية".
إعلانأما قانون العقوبات السوري رقم 148 لسنة 1949م فقد نص على أن الجرائم السياسية هي الجرائم التي أقدم عليها الفاعل بدافع سياسي، وهي كذلك الجرائم الواقعة على الحقوق السياسية العامة والفردية، ما لم يكن الفاعل قد انقاد لواعز أناني دنيء.
الجريمة السياسية.. المفهوم والواقعوهذه التعريفات تدل على أن الجريمة السياسية ما تزال شائكة من حيث المفهوم والواقع، ولقد قرر الكاتب والصحفي المخضرم أسعد طه اقتحام هذه الملفات الشائكة بكتابه "الجريمة السياسية"، الذي صدر عن جسور للترجمة والنشر، وقام بتحريره أسامة رشدي.
وقد وصف الكتاب بأنه خلاصة عمل وجهد مجموعة من الباحثين المتخصصين، تناولوا فيها ملفات معقدة تخص أشهر الجرائم السياسية في التاريخ العربي المعاصر، في محاولة للكشف عن ظروفها بموضوعية وبنظرة تحليلية من حيث دوافع ارتكابها، والأهداف التي سعت إلى تحقيقها، والجهات المخططة لها، وتلك المنفذة، والأخرى التي استفادت منها، وتداعياتها وأثرها على السياق السياسي والتاريخي والمجتمعي في الدول العربية.
بعد المقدمة، التي لا بد منها حسب تعبير الكتاب، توزع الكتاب في سبعة أقسام على النحو الآتي:
القسم الأول: ويتناول الزعماء الذين تم اغتيالهم، وهما: الملك عبدالله الأول. الرئيس المصري أنور السادات. القسم الثاني: خصص لرؤساء الحكومات الذين كانوا ضحية الجريمة السياسية، وهم: محمود فهمي النقراشي، رئيس وزراء مصر، الذي اغتيل في 28 ديسمبر (كانون الأول) 1948 في القاهرة. رياض رضا الصلح، أول رئيس وزراء للبنان بعد الاستقلال، والذي اغتيل يوم 17 يوليو (تموز) من عام 1951م. وصفي التل، رئيس الوزراء الأردني، الذي اغتيل في القاهرة يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 1971م. رشيد عبد الحميد كرامي، رئيس وزراء لبنان، الذي اغتيل في الأول من يونيو (حزيران) من عام 1987م، إثر تفجير مروحية عسكرية كانت تقله إلى بيروت. إعلان القسم الثالث: مخصص للسياسيين الذين تعرضوا للاغتيال، ويتناول المؤلف فيه كلا من: حسن البنا. كمال جنبلاط. محمد مصطفى رمضان. رفعت المحجوب. داني شمعون. إيلي حبيقة. جورج حاوي. القسم الرابع: تناول بالتفصيل الحديث عن تنظيمات وأحداث، حيث تناول: حادثة المنشية. تنظيم ثورة مصر. القسم الخامس: خصص للحديث عن مقاومين تعرضوا لعمليات اغتيال ومورست بحقهم الجريمة السياسية، وهم: كمال عدوان. علي حسن سلامة. خليل الوزير. فتحي الشقاقي. محمود المبحوح. القسم السادس: تناول المثقفين الذين تعرضوا للاغتيال، وهم: يوسف السباعي، الأديب والعسكري والوزير المصري، الذي اغتيل في قبرص يوم الثامن عشر من فبراير (شباط) عام 1978م. ناجي العلي، أشهر رسام كاريكاتير فلسطيني، اغتيل في لندن عام 1987م. فرج فودة، الكاتب المصري، الذي اغتيل في القاهرة يوم الثامن من يونيو (حزيران) عام 1992م. القسم السابع والأخير: تناول علماء الدين الذين طالتهم الجريمة السياسية، وهم: محمد حسين الذهبي، وزير الأوقاف المصري، الذي اغتيل عقب اختطافه يوم السابع من يوليو (تموز) عام 1977م. المفتي حسن خالد، مفتي لبنان، الذي اغتيل يوم التاسع عشر من مايو (أيار) عام 1989م، عندما انفجرت سيارة مفخخة بالقرب من سيارته التي كانت تمر في منطقة عائشة بكار.إن استعراض الأسماء التي تناولها المؤلف في هذا الكتاب بالبحث والتفصيل يجعلك تتوقع كم هو البحث شائك ومعقد، إذ إن عمليات الاغتيال التي تعرضت لها هذه الشخصيات ما تزال تشغل عقول الباحثين والمفكرين.
هذا الكتاب، الذي يقع في قرابة 420 صفحة، سيمثل مرجعا مهما يجمع شتات الموضوعات الإشكالية في عالم الجريمة السياسية العربية، وتأتي قيمته من كونه عملا جماعيا على رأسه أحد أهم الصحفيين الاستقصائيين والكتاب ذوي الفكر العميق والقلم الرفيع.
إعلان