مثل جامعات أميركا.. الحراك الطلابي لأجل غزة يصل باريس
تاريخ النشر: 28th, April 2024 GMT
باريس- نظم طلاب جامعة العلوم السياسية، إحدى أرقى الجامعات الفرنسية في باريس، أمس الجمعة وقفة احتجاجية للتنديد بالإبادة الجماعية المستمرة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وبحضور ودعم من بعض الأساتذة والنواب الفرنسيين، طالب الطلبة المحتجون الجامعة بوقف تعاونها مع المؤسسات والشركات الإسرائيلية، وإنهاء العقوبات التأديبية بحق الطلاب المشاركين في التعبئة.
وبعد وقوع اشتباكات بين المتظاهرين وجماعات مؤيدة لإسرائيل، وافقت إدارة المؤسسة على لقاء الطلاب للنقاش وتهدئة التوترات، تخوفًا من تكرار السيناريو نفسه الذي تشهده عدة جامعات أميركية في الوقت الحالي.
طلاب جامعة العلوم السياسية في باريس ينظمون وقفة احتجاجية للتنديد بالعدوان على غزة (الجزيرة) مطالب واضحةعند باب المقر الرئيسي لجامعة العلوم السياسية الباريسية، وُضعت صناديق القمامة والدراجات فوق معدات البناء لمنع دخول أي أحد، حيث يقف عشرات الطلبة على شرفات النوافذ ويهتفون بشعارات داعمة لفلسطين، ويضعون كوفيات على الرأس أو حول الرقبة.
وفي شارع سان غيوم المقابل للمقر حيث ألصِقت أعلام فلسطين على الأسوار، تجمّع عشرات الطلاب لتقديم الدعم لزملائهم المعترضين وهم يحملون الرايات ويرددون "نحن هنا، حتى لو لم يرغب ماكرون في ذلك، فنحن هنا" و"تحيا فلسطين".
وقالت لويز، وهي طالبة وعضو في حركة "التضامن مع فلسطين"، إن "مطالبنا واضحة منذ البداية، وعلى رأسها إنهاء الشراكة والعلاقات المالية مع الجامعات والشركات الإسرائيلية التي تدعم الإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة، فضلا عن إنهاء القمع البوليسي والعقوبات التأديبية ضد الطلاب الذين يحشدون من أجل فلسطين في الحرم الجامعي".
وأوضحت لويز، في حديث للجزيرة نت، أنهم قرروا المشاركة بعدد أكبر خلال هذه الوقفة "لأننا تعلمنا الدرس من التعبئة السابقة داخل المؤسسة وأدى عددنا المتواضع آنذاك إلى إجلائنا بسرعة"، معتبرة أن دعوة الشرطة للتدخل ضد متظاهرين سلميين مساء الأربعاء الماضي في حرم جامعي وطردهم بالقوة "سابقة ودليل على عدم وجود أنظمة العدالة".
وعقب ذلك، قررت الإدارة على الفور إغلاق العديد من المباني التابعة لها في باريس أمس الجمعة. كما دانت بشدة في بيان صحفي "هذه التصرفات الطلابية التي تمنع حسن سير عمل المؤسسة وتعاقب الطلاب والمدرسين والموظفين".
وعند الساعة الرابعة مساء الجمعة تقريبا، خرج نحو 50 متظاهرا مؤيدا لإسرائيل ـبعضهم ملثمون ويرتدون ملابس سوداء وخوذات الدراجات الناريةـ وهم يهتفون "تحرير غزة من حماس" و"تحرير الرهائن" و"تحرير العلوم السياسية"، مما دفع بالشرطة إلى إجلاء داعمي إسرائيل خارج محيط الجامعة.
قمع وعقوبات
وقد أعرب عدد من النواب في حزب "فرنسا الأبية" عن دعمهم للحركة الطلابية، بمن فيهم النائب أنطوان ليومون الذي أثنى على التعبئة، في تصريحات خاصة للجزيرة نت، قائلا إن "الرسالة التي يقدمها طلاب هذه الجامعة ستصل إلى العالم بأكمله للتأكيد على عدم غض الطرف عن الإبادة الجماعية الحالية في غزة، على الرغم من مخاطرتهم بتعليمهم لأن الإدارة تهددهم".
واستنكرت زميلته في الحزب سارة لوغران الضغط الذي تتعرض له الأصوات الداعمة للشعب الفلسطيني، مضيفة "نشهد في هذه الفترة حظرا واضحا على كل الأشخاص الذين يتجرؤون على التنديد بالمذبحة في غزة، وكل من يطالب بالسلام ووقف إطلاق النار لوضع حد لحكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة".
ولفتت لوغران، في حديث مع الجزيرة نت، إلى أن حزب فرنسا الأبية تلقى استفزازات من الشرطة حاله كحال العديد من النشطاء والنقابيين والطلاب، حسب كلامها، معتبرة أن ما يقوم به هؤلاء الشباب "فخر لفرنسا".
وقالت الطالبة لويز، العضو في حركة "التضامن مع فلسطين"، إن عددا من الطلاب تعرضوا لإجراءات تأديبية في أعقاب مؤتمر تم تنظيمه يوم 12 مارس/آذار الماضي اتهم خلاله اتحاد اليهود في فرنسا "يو إي جيه إف" (UEJF) المؤيدين لفلسطين بمعاداة السامية.
وبشأن ما تم تداوله مؤخرا حول إصدار أوامر بمغادرة الطلاب اليهود الحرم الجامعي لتجنب الصدامات، أوضحت لويز أن هذه الأخبار غير صحيحة "ولم يُطلب من أي أحد -يهوديا أم غير يهودي- المغادرة ولم يتعرض الطلاب اليهود للترهيب. ومن المدهش بالنسبة لي الاستمرار في مواجهة هذه الادعاءات والتعامل معها".
عشرات الطلبة يضعون الكوفية ويهتفون بشعارات داعمة لفلسطين (الجزيرة) معايير مزدوجةوقالت جانيت، وهي طالبة إسرائيلية في ماجستير العلوم الاجتماعية وحقوق الإنسان، إنها تدافع عن "إخوانها" الفلسطينيين وجميع الطلاب في إسرائيل الذين يتخذون موقفا لصالح الشعب الفلسطيني ضد العنف الجماعي الذي يحدث ضدهم في غزة.
وأضافت في حديثها للجزيرة نت "كوني حفيدة لناجين من الهولوكوست، أشعر بالأسف والعار عند رؤية الدمار الشامل الذي يتعرض له أهالي قطاع غزة وأحس أنه من واجبي تقديم الدعم لهم".
ومنذ إصدار الحركة الطلابية بيانها الأول في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بدأت إدارة المؤسسة في التحاور معهم، فـ"المؤسسة التي سبق أن أدانت روسيا، يجب عليها أن تدين إسرائيل الآن، وهو طلب يجب أن يحققوه من أجل اليهود بشكل خاص"، وفق الطالبة.
وأكدت طالبة حصلت على درجة البكالوريوس العام الماضي أنها تشارك في التعبئة لإظهار دعمها للفلسطينيين الذين يعانون من "العنف الإسرائيلي".
ويرى النائب عن حزب "فرنسا الأبية" إريك كوكريل، في حديث للجزيرة نت، أن فرنسا لا تزال تحكمها المعايير المزدوجة، "فرغم تغيير موقفها قليلا من خلال مطالبتها بوقف إطلاق النار، وحتى التصويت في الأمم المتحدة على الاعتراف بالدولة الفلسطينية، فإنه من دون أفعال حقيقية يبقى كل ذلك كلاما فقط في ظل الإبادة الجماعية المستمرة، بل يعد بمثابة تواطؤ أيضا".
وقد وافقت إدارة الجامعة على تنظيم لقاء الخميس المقبل بشأن الشراكات مع الجامعات الإسرائيلية وإلغاء الإجراءات التأديبية، لكن أحد الطلاب حذر من أنه "إذا لم نقبل هذا الأمر، تهدد الإدارة باستدعاء الشرطة وإغلاق الجامعة لمدة 10 أيام وتأجيل الامتحانات إلى غاية يونيو/حزيران" القادم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات العلوم السیاسیة للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
أميركا تتساءل: كيف نتصرف مع إرهابنا المحلي؟
واشنطن– لم يفِق المجتمع الأميركي من صدمة "العمل الإرهابي" الذي أودى بحياة الرئيس التنفيذي لشركة يونايتد هيلث كير، أكبر شركات التأمين الأميركية، بريان تومبسون، في نيويورك، حتى فوجئ بصدمة مزدوجة في أول ساعات العام الجديد مع حادثتين جديدتين في مدينة نيو أورلينز بولاية لويزيانا، ومدينة لاس فيغاس بولاية نيفادا، ارتكبهما عسكريان أميركيان، سابق وحالي.
وقُتل بريان تومبسون أثناء سيره إلى فندق في ساعات الصباح الأولى، حيث كان يُعقد مؤتمر استثماري لشركته، بإطلاق النار عليه من مسافة قريبة. ووجهت هيئة محلفين أصابع الاتهام بالقتل إلى الشاب الأبيض لويجي مانجيوني، واعتبرت الجريمة "عملا إرهابيا".
كما اعتبر مكتب التحقيقات الفدرالي حادثة دهس حشد من المحتفلين بالعام الجديد في نيو أرلينز، والتي أدت لمقتل 14 شخصا وإصابة أكثر من 35 آخرين بجروح، هجوما إرهابيا، وحدد هوية المشتبه به الذي قتل برصاص الشرطة، على أنه المحارب المتقاعد من الجيش شمس الدين جبار.
بعد ذلك بساعات، وعلى بعد أكثر من 2700 كيلو متر، انفجرت شاحنة من طراز "تسلا" خارج فندق ترامب الدولي في مدينة لاس فيغاس، مما أدى إلى مقتل المحارب المخضرم في الجيش، ماثيو آلان ليفلسبيرغر، الذي أطلق النار على رأسه قبل انفجار السيارة التي أدى انفجارها لإصابة 7 أشخاص بجروح متنوعة.
إعلانوسبق وحصل كل من ليفلسبيرغر وشمس الدين على أوسمة وميداليات عسكرية رفيعة تقديرا لجهودهما وتفوقهما العسكري. في الوقت نفسه، نال قاتل رئيس شركة يونايتد للتأمين سابقا الكثير من الثناء والمديح على وسائط التواصل الاجتماعي.
شاحنة من طراز تسلا "انفجرت" خارج فندق ترامب الدولي في مدينة لاس فيغاس (رويترز) تجدد الإرهاب المحليوأمام اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ، حدد مدير مكتب التحقيقات الفدرالي إف بي آي، كريستوفر راي، في ديسمبر/كانون الأول 2023 "3 فئات مختلفة من التهديدات الإرهابية هي: الإرهاب الدولي، والإرهاب المحلي، والإرهاب الذي ترعاه بعض الدول".
وحذّرت السلطات الأميركية إثر ذلك من هجمات محتملة داخل أميركا من قبل مهاجمين منفردين. وتسلط الهجمات الثلاث الأخيرة (والتي ارتكبها 3 رجال، اثنان من البيض، والثالث من الأميركيين السود، اثنان منهم من خلفية عسكرية)، الضوء على صعوبة أو استحالة تجنب هذه الحوادث أو الاستعداد لمواجهتها، خاصة مع توافر مختلف أنواع الأسلحة النارية في المجتمع الأميركي بصورة قانونية.
وأعقب ذلك تحذير آخر من الجهات الأمنية، التي أشارت إلى اتجاه عالمي مثير للقلق لمهاجمين يستخدمون السيارات والحافلات لتنفيذ أعمال عنف جماعي في احتفالات الأعياد وغيرها من التجمعات الكبيرة.
وحذر مسؤولون من مكتب التحقيقات الفدرالي ووزارة الأمن الداخلي في نشرة دورية الشهر الماضي، من أن بيئة التهديد قد اشتدت في ضوء تصاعد الصراعات في الشرق الأوسط، وأن الجماعات الإرهابية كانت تشارك دعاية تحث على العنف في عطلة الشتاء.
وتم التحذير تحديدا مما يسمى بالأهداف السهلة خلال العطلات مثل "دور العبادة والأسواق المفتوحة والمسيرات وغيرها من التجمعات الكبيرة أو فعاليات الأعياد".
الإرهاب والجيشعلى الرغم من الرمزية التي قد ترتبط بتفجير سيارة شركة إيلون ماسك من طراز "تسلا" خارج فندق ترامب الدولي في لاس فيغاس، قال مسؤولو إنفاذ القانون -الخميس الماضي- إنهم ما يزالون يحاولون تجميع سبب قيام ضابط عسكري حائز النجمة البرونزية 5 مرات، والأب الجديد لرضيع ولد مؤخرا، للقيام بهذا التفجير.
إعلانووصف أحد أفراد العائلة وزميل سابق في الجيش ليفلسبيرغر بأنه شديد الحب لبلاده، وبالأخص الرئيس المنتخب دونالد ترامب. وعين ترامب مؤخرا ماسك للمشاركة في قيادة لجنة استشارية رئاسية هي إدارة الكفاءة الحكومية.
من ناحية أخرى، تحاول بعض الأصوات ربط شمس الدين جبار بتنظيم الدولة على أساس خلفيته الإسلامية، في الوقت الذي تتردد وسائل الإعلام بصفة عامة في التركيز على أن كلا المتهمين من العسكريين الأميركيين.
وجمعت الخدمة العسكرية والقتال في صفوف الجيش الأميركي في أفغانستان بين مرتكبي جريمة نيو أورلينز ولاس فيغاس، وهو ما زاد من المخاوف المتجددة بشأن انتشار التطرف داخل القوات المسلحة التي كافح المسؤولون من أجل اجتثاثها.
وعلى الرغم من أن الهجومين ليسا أول أعمال التطرف من قبل عسكريين أميركيين، فإنهما يضخمان التساؤلات حول عدد قدامى المحاربين المتطرفين وغير المستقرين، وحول مدى نجاح جهود البنتاغون لتحديد واستئصال المعتقدات المتطرفة منهم.
وتقول هايدي بيريش، المؤسس المشارك لـ"المشروع العالمي لمكافحة الكراهية والتطرف" التي درست النشاط العسكري المتطرف لعقود من الزمن، إن المشكلة التي لم يتم حلها خطيرة بشكل خاص لأن قدامى المحاربين والعسكريين الحاليين يمكنهم القتل بشكل أكثر كفاءة.
وقالت "لم يعالج الجيش المشكلة بشكل كافٍ، سواء من المتعصبين البيض أو المتطرفين الإسلاميين، وهذه الحالات هي تذكير بمدى أهمية عدم تدريب الأشخاص الذين لديهم القدرة على أن يصبحوا متطرفين على التكتيكات العسكرية".
وخدم جبار في الجيش من عام 2007 إلى عام 2020، من بينها عام في أفغانستان، وتقاعد برتبة رقيب. في حين أن ليفلسبيرغر، مهاجم لاس فيغاس، كان ضابطا في القوات الخاصة الأميركية في إحدى قواعدها العسكرية بألمانيا.
وجدير بالذكر أنه تم توجيه اتهامات وحكم بالإدانة على العشرات ممن هاجموا مبنى الكابيتول في 6 يناير/كانون الثاني 2021 وكانوا من قدامى المحاربين أو العسكريين حاليا في الجيش الأميركي.
إعلانوتتبع مشروع منع العنف عمليات إطلاق النار الجماعية من عام 1996 إلى عام 2024. وكشف المشروع وجود نسبة ضخمة تقترب من الثلث بين مرتكبي هذه الحوادث من العسكريين السابقين أو الحاليين.
إستراتيجية المواجهةفي 20 يناير/كانون الثاني 2021، أول يوم له في منصبه، وجه الرئيس جو بايدن فريق الأمن القومي بمراجعة شاملة خلال 100 يوم لجهود الحكومة الأميركية للتصدي للإرهاب المحلي، والذي أصبح خلال السنوات الماضية التهديد الإرهابي الأكثر إلحاحا وخطورة على الولايات المتحدة اليوم. ونتج عن تلك المراجعة، إصدار إدارة بايدن أول إستراتيجية وطنية على الإطلاق لمكافحة الإرهاب المحلي.
وأبرزت الإستراتيجية تعريف الإرهاب، وقالت إن الإرهاب المحلي "أنشطة تنطوي على أعمال خطرة على حياة الإنسان وتشكل انتهاكا، يبدو أن الغرض منها ترهيب السكان المدنيين أو إكراههم، أو التأثير على سياسة الحكومة عن طريق الترهيب أو الإكراه، أو التأثير على سلوك الحكومة عن طريق الدمار الشامل أو الاغتيال أو الاختطاف. وتحدث في المقام الأول ضمن الولاية القضائية الإقليمية للولايات المتحدة".
لكن الكونغرس فشل في اتخاذ قرارات غير حزبية وغير مسيسة لسن قوانين تشرع مكافحة الإرهاب المحلي.
من جهة ثانية، خلص تقرير استخباري، عن عنف جماعات اليمين الأميركي، إلى أن المتطرفين ذوي الدوافع العنصرية والإثنية -مثل العنصريين البيض وأولئك المرتبطين بالمليشيات العنيفة- يعتبرون أكثر التهديدات خطورة على الداخل الأميركي.
ورجّح التقرير أن يقوم الجناة، في صورة منفردة أو خلايا صغيرة في عدد أعضائها من المتطرفين، بتنفيذ هجمات أكثر من المنظمات الأكبر.
وقالت وكالات الاستخبارات في ملخصها إن من وصفتهم بـ"الذئاب المنفردة" يشكلون أهم التحديات، ويرجع ذلك إلى "قدرتهم على التطرف المستقل واللجوء إلى العنف، وقدرتهم على التعبئة بشكل منفصل، والحصول على الأسلحة النارية بصورة فردية".
إعلان