تصدر الداعية أبو بكر جاد الرب أحد شيوخ الأزهر الترند بعد نشره لفيديو عبر صفحاته الرسمية عبر مواقع التواصل المختلفة  يعلق خلاله على مقطع منتشر بصورة كبيرة على مواقع التواصل مقتطع من برنامج "العرافة" للإعلامية بسمة وهبة على قناتي المحور والنهار في حوارها مع الفنانة والإعلامية المعتزلة ميار الببلاوي تحدثت خلاله بعد سؤال وضغط من مذيعة البرنامج عن طلاقها ورجوعها إلى زوجها 11 مرة، حيث صرح خلال الفيديو الخاص به، أن ما فعتله في زواجها ما هو إلا زنا إن فعلته المرأة.



وجاء الفيديو الخاص بأبو بكر تحت عنوان " ميار الببلاوي والشرع الجديد" مما يدل على وجود جانب قوي من الانسياق خلف الترند والتشهير بها، حيث كان يمكن أن يستعرض  قضية تحريم المُحلل في الشرع الشريف دون التطرق إلى اسمها فضلًا عن وضع اسمها عنوان للفيديو لجذب أكبر عدد من المشاهدات.
 

تصريحات الشيخ أبو بكر ضد ميار الببلاوي
 

بدأ الشيخ أبو بكر حديثه قائلًا: "مكنتش حابب أتكلم، لكن بعد أن تكلمت الأخت ميار الببلاوي عن إنها تطلقت من زوجها 11 مرة وكانت بترجع بمكالمة وشحنة رصيد، ولجأت للمحلل، فهي أعادت للذاكرة فيلم عادل إمام اللي كان فيه دا، وبدأ الناس تتكلم، والبعض بدأ يحتال على الشرع ويلجأ لهذه الطريقة"  

ووصف أبو بكر، زيجات الفنانة ميار الببلاوي بأنها ليست من الإسلام، قائلًا: “الإسلام بريء مما قالته ميار الببلاوي شكلًا وموضوعًا، كلامها لا يمت للدين بصلة، مضيفًا: ربنا جعل الطلاق 3 مرات مش 11 مرة، وجعل المرة الثالثة حاسمة وفاصلة، فهل ينفع لما يتطلقوا 3 مرات يرجعوا ويتفقوا مع واحد ويكتبوا على ورق؟، لا يمكن ذلك وهذا احتيال وزنا ولا يصلح، ولو اتجوزت وبيتت النية إنها تزهق الراجل دا علشان يطلقها فلا يصلح".

ووجه أبو بكر رسالة إلى ميار الببلاوي قائلًا: "الزواج باطل يا ست ميار والرجوع باطل يا ست ميار، ومعندناش طلاق في الإسلام اسمه 11 مرة ومعندناش حاجة اسمها تحليل، لكن عندنا زواج شرعي، إن عاش معها بالمعروف وإلا فيفارقها بالإحسان، ومعندناش حاجة اسمها ترجع بمكالمة تليفون".

 


الهجوم على الشيخ أبو بكر بعد اتهامه لميار الببلاوي بالزنا
 

بدأ الهجوم على الشيخ أبو بكر بعد فيديو اتهامه لميار الببلاوي الزنا من عدة أوجه، أولًا من جانب رودا السوشيال ميديا، حيث استنكروا على أبو بكر ذكر اسم ميار الببلاوي، حيث كان من الممكن التحدث عن الأمر بوجه عام إن كان المقصود توعية شباب المسلمين وإبراء الذمة كما قال، بينما استنكر البعض من نصيحته على الملأ والتشهير بها، فيما كان من الممكن أن ينصحها وجه لوجه، فيما قال آخرون أنه لم يشاهد الحلقة من الأساس وإنما رد عن السمع لأن الفنانة المعتزلة ميار الببلاوي لم تقول أنها اتخذت مُحلل أو تحايلت على الدين وفعلت الفاحشة كما اتهمها، وأن ما فعله ما هو إلا لهدف الترند والمشاهدات وكسب الأموال. 
 





وجاء الهجوم على أبو بكر أيضًا من زملائها الفنانين خاصة المعتزلين حيث دافعت الفنانة المعتزلة عبير الشرقاوى عن ميار الببلاوى عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك قائلة : “يا جماعة الشيخ محمد أبو بكر جاد الرب إللى أنا أصلآ مش بحبه ولا بحب طريقة تلاوتة للقرآن العجيبة ولا بحب أسمعه من ساعة ما قال الجن بيسرق المال و الذهب من البيوت إتبلى على ميار الببلاوى و إتهمها بما ليس فيها و علق على برنامجها مع بسمة وهبى إللى كان فى رمضان بالرغم من إنه متفرجش عليه و إعتمد على حد مضلل نقل له كلام ميار مقالتهوش أصلآ ، ميار دلوقتى عندها إنهيااااار حسبنا الله و نعم الوكيل.إللى شاف منكم البرنامج يدخل على الفيديو إللى عامله الشيخ بإسم الفنانة ميار الببلاوى و يقول له إنه غلطان و إن ميار لم تقل الكلام إللى هو نسبه لها."

 


انهيار ميار الببلاوي بسبب اتهامات الشيخ أبو بكر 

 

انهارت الفنانة ميار الببلاوي  وفقدت الوعي من البكاء عبر بث مباشر كانت قد بدأته للدفاع عن نفسها أمام الاتهامات التي توجهت إليها من جانب الشيخ أبو بكر جاد الرب، حيث قالت أنه خاض في شرفها وعرضها وقال عن زواجها زنا وهو على سنة الله ورسوله ولم تلجأ لمحلل أبدًا، وأن ابنها قاطعها وعائلتها في غضب شديد عليها بسبب تصريحات الشيخ عنها، حيث قالت: "مفيش حد اتظلم أكتر ما انا اتظلمت لكن توصل لشرفي وعرضي، حسبي الله ونعم الوكيل، أنا ام راجل وزوجة راجل وبنت صعيدية، حرام عليكم قطعتوني، ابني واخواتي مبيكلمونيش".

وتابعت: "أنا اتجوزت على سنة الله ورسوله هو أنا لو ست وحشة هتجوز!، دي حاجة تخصني أنا، وبقول للشيخ حسبي الله ونعم الوكيل فيك ادفن نفسي يعني، احنا جوازتنا غير وأكتر من الناس التانية وعمري ما عملت حاجة عيب ولا غلط، اتجوزت ولا اتطلقت ملكوش دعوة بيا".

وأضافت :"حسبي الله ونعم الوكيل فيك، أنا سبت التمثيل وكل حاجة وبشتغل في برنامجي وبين صلاتي وبيتي وتربية ابني ومش عايشة ومش بخرج من بيتي إلا لو شغلي يعني ادفن نفسي مع أمي!".

 

قصف المحصنات في الإسلام 

 

قالت دار الإفتاء في فتواها رقم 4720 عن قصف المحصنات - الخوض في العرض والاتهام بالزنا أو نفي النسب- أنه يعتبر جريمة من الجرائم الشنيعة التي حاربها الإسلام حربًا لا هوادة فيها؛  وشدد في عقوبة القذف فجعلها قريبة من عقوبة الزنا مع إسقاط الشهادة والوصف بالفسق، وقد اعتبر الإسلام قذف المحصنات من الكبائر الموجبة لسخط الله وعذابه، وأوعد المرتكبين لهذا المنكر بالعذاب الشديد في الدنيا والآخرة؛ فقال جل شأنه: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [النور: 4]، وقد عدها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الكبائر والمهلكات؛ فقال صلوات الله وسلامه عليه: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ». قالوا: وما هن يا رسول الله؟ قال: «الشِّرْكُ بِاللهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلَاتِ» رواه البخاري.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أبو بكر ميار الببلاوي العرافة بسمة وهبة زوجها 11 مرة میار الببلاوی الشیخ أبو بکر ما قال

إقرأ أيضاً:

المواطنة العادلة في الإسلام.. تشريع إلهي يسبق مواثيق العصر الحديث

يمثل موضوع المواطنة جزءاً من مشكلة الهوية والمفاهيم المختلف فيها، والتي برزت منذ بدء الاحتكاك الفكري والثقافي والسياسي والعسكري للأمة الإسلامية مع الحضارة الغربية في القرن الماضي، وإذا كانت المسألة قد حُسمت على صعيد الواقع منذ أن تمزقت الدولة العثمانية وتحولت أشلاؤها العربية وغيرها إلى دول وحكومات قومية وإقليمية، فإن المسألة لم تنته على المستوى الفكري والثقافي، بل ظلت سؤالاً كبيراً يُطرح بشكل أو آخر.

جاءت شريعة الإسلام شاملة لجميع أبعاد الحياة البشرية بكل دقائقها وتفصيلاتها، ابتداءً من سلوك الإنسان كفرد مع غيره من الأفراد وضمن مجتمعه، حتى تنظيم علاقات الدول، بما في ذلك الفهم الإسلامي للمضمون السياسي، الذي يعني إصلاح شؤون الناس الدينية والدنيوية، وإبعادهم عن الفساد، وتوجيههم نحو الحق والعدالة وجميع وجوه الخير.

إن خطاب الإسلام خطاب عام لبني الإنسان، وفيه تأكيد واضح للحقوق والقيم التي تنظم الحياة البشرية، ومنها المساواة التي تعد منطلقاً أساسياً وقاعدة شرطة لممارسة الحقوق واستقامتها، والالتزام بكل الواجبات.

أولاً ـ المواطنة في الخطاب الإسلامي

المواطنة هي تمتع الشخص بالحقوق المقررة، والتزامه بالواجبات المفروضة، وممارستها في بقعة جغرافية معينة.

لقد عبر النبي ﷺ عن حب الوطن والارتباط به، في قوله لمّا همّ بالخروج من مكة: “والله إنك أحب البلاد إليّ، ولولا أن قومك أخرجوني منك ماخرجت” [أخرجه الترمذي برقم (3925)]، وفي ذلك دلالة نبوية على جواز الارتباط الشعوري بالوطن، وأهميته بالنسبة للإنسان، بل إن الإسلام اعتبر إخراج الإنسان من دياره معادلاً للقتل، قال تعالى: {ولو أَنَّا كتَبْنا عليهم أنِ اقتُلوا أنفسكم أو اخرجوا من ديَٰركم ما فعلوه إلَّا قليلٌ منهم ۖ ولو أنَّهم فعلوا ما يوعظون بهۦ لَكان خيرًا لهم وأشدَّ تثبيتًا}.

إن خطاب الإسلام خطاب عام لبني الإنسان، وفيه تأكيد واضح للحقوق والقيم التي تنظم الحياة البشرية، ومنها المساواة التي تعد منطلقاً أساسياً وقاعدة شرطة لممارسة الحقوق واستقامتها، والالتزام بكل الواجبات.المواطنة في القرآن الكريم:

من خلال دراسة القرآن الكريم نجد أن مصدر الحقوق والواجبات في الإسلام هو الله وحده، وليس بشراً أيّاً كان هذا البشر، نبياً أو غير نبي، وهذا ما يظهر بشكل واضح من خلال قول الله تعالى: {لقد أرسَلْنا رسُلَنا بالبَيِّنَٰت وأنزلْنا معهم الكِتَٰبَ والميزان لِيقومَ النَّاس بالقِسط}، وبذلك يقوم الإسلام في مجال الحقوق والواجبات على أساس وحدة المشرِّع وأبدية التشريع، إذ إن من المسلَّم به أن حق التشريع لله عز وجل وحده، بينما تتعدد وتتباين منابع التشريع عند أصحاب الأديان والعقائد الأخرى، ومن ذلك التشريع الغربي المعاصر.

وليس من شك أن وحدة المصدر الإلهي التشريعي هو السر وراء خلود الأحكام التشريعية، وصلاحيتها المطلقة للتطبيق قي كل زمان ومكان، حيث يعد التبديل والتغيير آفة التشريعات والقوانين الوضعية المتغيرة دائماً، والتي تتبدل فيها أوضاع ومراكز وحقوق المخاطبين بها دونما استقرار أو ثبات.

المواطنة في السنة النبوية:

تشكل السنة مصدراً ثانياً للمواطنة في الإسلام، وهي تُعدّ مصدراً مفسراً وموضحاً لما جاء في القرآن الكريم من أحكام، وقد بينت السنة النبوية الشريفة مجموعة من الحقوق والواجبات للإنسان بشكل عام، والتي تتعلق بشكل مباشر أو غير مباشر بحقوق المواطنة، ومنها:

أ ـ الحق في الحياة:

إن النبي ﷺ أكد في تطبيقاته وأحاديثه على وجوب الحفاظ على حياة الإنسان، كونها أمانة وهبها الله له وأنعم عليه بها، وعليه فليس للإنسان أيّاً كان حق التنازل عنها، وليس حراً في هدر حياته أو إلغائها، ولهذا حذر النبي ﷺ تحذيراً بالغ الشدة، وأنذر ببيان بالغ القسوة الذين تبلغ بهم هموم الحياة مبلغ اليأس منها، فقال صلى الله عليه وسلم: "لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه"، وفي رواية أخرى: "لا يتمنى أحدكم الموت، إما محسناً فلعله يزداد، وإما مسيئاً فلعله يستعتب" [البخاري: 7235].

بـ ـ التقدير القيمي والأخلاقي للإنسان: من أجل حماية قدسية حياة الإنسان، دعا الإسلام وضمن العديد من القيم والأخلاق التي تصون حياته وتحفظ حقوقه، وتهدف هذه القيم إلى الحفاظ على التوازن بين الحقوق والواجبات، لأن لكل فرد حقوقاً من زاوية، وتترتب عليه من زاوية أخرى واجبات تجاه أخيه الإنسان، ولذا وجه النبي ﷺ المسلم إلى منع لسانه ويده من الاعتداء على الآخرين، فقال: “المسلم هو من سلم المسلمون من لسانه ويده” [البخاري: 10].

ثانياً ـ المواطنة في وثيقة المدينة:

تمثل صحيفة المدينة أو دستور المدينة، الذي جاء مقنناً على شكل مواد قابلة للتطبيق، ولها قابلية المرجعية القانونية، كونها مثلت عقداً سياسياً واجتماعياً، صيغ بروح المبادئ الكلية النصية في القرآن الكريم، وتوافقت عليها معظم أطراف القوى الفاعلة داخل المجتمع المدني المتعدد قبلياً ودينياً، ولقد حددت وثيقة المدينة المعالم الرئيسية لـ"كيفية التعامل والتعاقد والشراكة والتكافل والتعارف والتوافق مع الآخر".

وتكمن أهمية الوثيقة في محاولة تحويل الناس القاطنين في المدينة ـ بشكل قانوني ـ، من رعايا إلى مواطنين، ونقلهم من إطار القبيلة والقبلية إلى رحاب الدولة والأمة، ولم يلغِ الرسول ﷺ دور القبيلة، بل عدّل دورها وسحب بساط التحكم من يديها، فـ”بعد أن كانت القبيلة هي الأمة والدولة، غدتْ لبنة في كيان الدولة الجديدة والأمة الوليدة ".

وبعد أن كان الفرد مغيباً تماماً في القبيلة، وكانت قبيلته تتحمل مسؤولية خطئه، جاءت الوثيقة لتبرز ذاتية الفرد الذي يتحمل مسؤولية أفعاله خيراً وشراً {ولا تَزِر وازِرةٌ وِزْر أُخْرىٰ}، فأكدت الوثيقة شخصية العقوبة، أي أن المواطن يتحمل الآثار القانونية للجريمة التي يرتكبها، ولا شأن للأبرياء الآخرين من عشيرته أو سلالته، وقد ورد في الوثيقة ما نصه: "إلا من ظلم أو أثم فإنه لا يوقع إلا نفسه ولا ثم امرؤ بحليفه".

العدل سور يحمي المجتمع من التفتت والتشرذم، وينأى به عن العداوة والبغضاء، ويشد من تعاضد الناس وتعاون بعضهم مع بعض، ويستوي في محيطه القوي والضعيف، والغني والفقير، والقريب والبعيد، والمسلم وغير المسلم..أكدت الصحيفة على اعتبار المجتمع اليهودي جزءاً من المجتمع السياسي، أي جزءاً من الجماعة السياسية، تلتزم بحكم رئيس الدولة لا باعتباره نبيّاً، بل باعتبار مشروعيته السياسية المستمدة من الاتفاق نفسه.. إن قبول اليهود بالوثيقة لم يُفضِ إلى اعتقادهم بنبوة محمد ﷺ، بل بقبول مشروعيته السياسية كقائد وكحاكم لتلك الدولة.

لقد كان أساس المواطنة عند الرسول ﷺ، هو الانتماء إلى الوطن (المدينة)، فمن أراد الانتماء وأن يكون مواطناً في مجتمع المدينة فعليه أن يهاجر إليها، وقد وُجدت رابطتان أساسيتان في المدينة، هما رابطة الدين (الإيمان) ورابطة الوطن (الولاء لنظام الدولة).

ثالثاً ـ الأسس العامة للمواطنة في الإسلام

1 ـ العدل والمساواة:

العدل سور يحمي المجتمع من التفتت والتشرذم، وينأى به عن العداوة والبغضاء، ويشد من تعاضد الناس وتعاون بعضهم مع بعض، ويستوي في محيطه القوي والضعيف، والغني والفقير، والقريب والبعيد، والمسلم وغير المسلم، قال تعالى: {يا أيُّها الَّذين ءَامنوا كونوا قَوَّامين بالقِسط شهداء للَّه ولو على أنفسكم أو الوالدَيْن والأَقربين} [النساء: ١٣٥].

وقال تعالى: {إِنَّ اللَّه يأمر بالعدل والإِحسان} [النحل: ٩٠]؛ وفي الالتزام بهذا الأمر، والعمل به، وتحقيقه على أرض الواقع البشري، عبادةٌ لله تعالى وطاعة لأوامره، جل شأنه، وفي مخالفته معصية كبيرة يعاقب عليها في الدنيا والآخرة. وإقامة العدل بين الناس حق إنساني يشترك فيه الناس جميعاً؛ لأن أصل البشر واحد.

وقد جاء في خطبة الوداع: "أيها الناس إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، وإن الله عليم خبير، وليس لعربي على أعجمي فضل إلا بالتقوى".

ومقتضى ذلك: أن يكون جميع المواطنين طائفة واحدة بلا تمييز لأحدهم على الآخر في تطبيق القانون، والقانون في النظام الإسلامي هو الكتاب والسنة، وما بني عليهما من أحكام، والكتاب والسنة ليس فيهما محاباة لطبقة على طبقة، ولا لجنس على جنس، ولا للون على لون، فالأجير والأمير، والأسود والأبيض، والرئيس والمرؤوس، والغني والفقير، كلهم سواسية؛ فقد هدم الإسلام كل تمايز في تلك الصفات، ولم يجعلها سبباً لامتياز وتفوق ما، وأقام التفاضل بين الناس على التقوى ونافع الأعمال، قال تعالى: {إنَّ أَكرمَكم عند اللَّه أتقاكم} [الحجرات: ١٣].

2 ـ الحرية:

انطلاقاً من مبدأ حرية العقيدة الذي قرره الإسلام، على الدولة الحديثة المسلمة والمسلمين جميعاً واجب التسامح الديني إزاء سائر أهل الملل والنحل، والتسامح الديني ليس معناه بالطبع اتخاذ المواقف المتأرجحة من الأديان أو القول بأن الكل سواء، فهو إما جهل أو نفاق، فللتسامح الديني مقومات من أهمها رسوخ الإيمان، وقوة الاقتناع بأن الإسلام وحده هو الدين الحق، قال تعالى: {إنَّ الدِّين عند الله الإسلام} [آل عمران: ١٩].

وبهذا المنطق الإيماني يحب المسلم الخير لجميع الناس، ويتقدم المسلم بعرض دينه أمام الجميع، ويدعوهم إليه دون فرضه على أحد، بل ولا بد من ترك الناس أحراراً في أن ينظروا في أمرهم، ويختاروا أي دين أو معتقد يميلون إليه.

ويجب على المسلم رعاية شعور غير المسلمين وخاطرهم بعدم إيذائهم بالقول أو الفعل، فمن المنهي عنه سب معتقداتهم، أو الاستهزاء بما يدينون به، سداً للذريعة، كذلك من المحظور التضييق عليهم عند ممارسة دينهم، بل ينبغي تمكينهم من ممارسة شعائر دينهم، وإعطائهم الحرية الكافية في ذلك، مع مراعاة النظام والشعور العام.

وكذلك فإن الله كفل للناس في القرآن الكريم حرية الاعتقاد عامة، وهي تقتضي تقرير حرية الرأي والتعبير، لأن حرية الاعتقاد لن تتم إلا بجعل العقل حراً طليقاً، للتفكُّر والتدبر في الكون والإنسان، وليصل الإنسان “برأيه” وقناعته إلى الإيمان أو الكفر أو حتى الحيادية. وتبرز حرية التعبير من خلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. يقول الله تعالى: {كنتم خير أُمَّةٍ أُخرِجت للنَّاس تأمرون بالمعروف وتنهَون عن المنكر وتؤمنون باللَّه} [آل عمران:110].

ـ الخاتمة:

إن المبادئ العامة للمواطنة الحديثة (الحرية والمساواة والعدالة والمشاركة) موجودة بنسقها العام في الإسلام وحقوق المواطنة الإسلامية، وتكتسب شرعيتها من أن الله تعالى هو مصدر إقرار تلك الحقوق، وهي أيضا واجبة، فالتنازل عنها إثم، فالجهاد ما شرع في الإسلام إلا لأجل حمايتها، وتتعمق هذه الشرعية بكون الإنسان خليفة الله في الأرض، وكون الإنسان غاية والدين وسيلة.

مقالات مشابهة

  • في ذكرى الشهيد الصدر
  • الجيش الإسرائيلي يتهم حزب الله بترميم موقع عسكري تحت الأرض
  • غارة إسرائيلية تهز البقاع وتحذيرات من تفجر الأوضاع .. الاحتلال يتهم حزب الله بانتهاك التفاهمات
  • المواطنة العادلة في الإسلام.. تشريع إلهي يسبق مواثيق العصر الحديث
  • الدكتور السيد عبد الباري: النصر والتمكين سيكونان لأمة الإسلام في النهاية
  • كيف نواجه تقلبات وابتلاءات الدنيا ؟.. داعية إسلامي يجيب
  • كيف نواجه تقلبات وابتلاءات الدنيا؟ داعية إسلامي يجيب
  • الحزب الكردي يتهم السلطات التركية بالتلاعب فيما يخص أوجلان
  • ما موقف الإسلام من دراسة الساينس (العلم التجريبي)؟.. علي جمعة يوضح
  • بشرى للأسر الأكثر احتياجا| اعرف أماكن صرف الدعم الإضافي عبر بطاقات التموين.. التفاصيل الكاملة