لومي- يتوجه الناخبون في توغو غدا الاثنين إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في انتخابات تشريعية وإقليمية يتم خلالها انتخاب 113 عضوا للجمعية الوطنية، بجانب أول انتخابات إقليمية في تاريخ البلاد، وسط حالة من التوتر بسبب تبني دستور جديد اعتمد في 19 أبريل/نيسان الجاري وسط اعتراضات شعبية ومن الأحزاب السياسية.

ويبلغ عدد من يحق لهم التصويت أكثر من 4 ملايين. وستشهد هذه الانتخابات زيادة عدد المقاعد من 91 إلى 113، وذلك بعد مباحثات بين الحكومة والمعارضة، التي طالبت بتوسيع التمثيل البرلماني ليتطابق مع عدد البلديات.

وتجري الانتخابات وسط توترات واعتراضات شعبية في غياب استفتاء شعبي على الدستور والاكتفاء بتمريره عبر الجمعية الوطنية التي يحتفظ فيها حزب الاتحاد من أجل الجمهورية "يو إن آي آر"، بقيادة الرئيس فور غناسينغبي، بأغلبية كبيرة، مقابل ائتلاف المعارضة "التحالف الجماعي" الذي يسعى لإلغاء الدستور الجديد والعودة إلى دستور 1992.

ويُنظر إلى هذه الانتخابات على أنها محطة حاسمة قد تشكل مستقبل النظام السياسي في توغو، خاصة مع الانتقال المرتقب إلى الجمهورية الخامسة إذا أُقرّ النظام البرلماني الذي يتبناه الدستور الجديد.

وعبر ناتانييل أولمبيو، الناطق الرسمي لتحالف "لا تلمس دستوري" المعارض، في تصريح للجزيرة نت عن قلقه بشأن الوضع الديمقراطي في توغو، مشيرا إلى أنه "للمرة الأولى، نجد مرشحين يخوضون حملاتهم الانتخابية دون معرفة محتوى الدستور الذي سيحكمون تحت لوائه، وهذا يُعتبر سابقة في تاريخ الديمقراطيات المعاصرة حيث يتم الانتخاب تحت ما يمكن وصفه بدستور سري".

وأشار أولمبيو إلى أن الوضع في توغو يُظهر تناقضا صارخا مقارنة بالتطورات الديمقراطية في منطقة غرب أفريقيا، وفي دول إقليمية مثل السنغال، واصفا النظام في توغو بـ"الاستبدادي". وأضاف "حتى لو تمكن الحزب الحاكم من الفوز، وهو الأمر المرجح، فإن الشعب التوغولي سيستمر في مقاومة هذا الدستور".

وأعرب الناطق باسم تحالف "لا تلمس دستوري"، عن شكوكه في قدرة الداخل التوغولي على إحداث تغيير للحكم، سواء من خلال المسارات القانونية أو السياسية، رغم مشاركة الداخل الفعّال في العملية الانتخابية القادمة.

وأشار إلى أن منظمة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) ربما لا تملك -هي الأخرى- القدرة على التأثير في تغيير النظام. وعليه، ناشد الاتحاد الأوروبي "الداعم الفعلي للنظام التوغولي" للضغط على الرئيس فور غناسينغبي لترك السلطة، مضيفا "في حالة عدم تدخلهم، فإننا سنواصل محاولاتنا لتحقيق التغيير بالوسائل المتاحة لنا".

المعارضة التوغولية ترى أن الرئيس فور غناسينغبي يقود نظاما استبداديا يسعى لتعزيزه بالدستور الجديد (الجزيرة) مراقبة الانتخابات

أكدت إيكواس، ومنظمة الفرانكوفونية الدولية، والاتحاد الأفريقي مشاركتها في مراقبة العملية الانتخابية. وبدت هذه المشاركة كإشارة إلى عدم نية هذه المنظمات مناقشة قانونية الدستور الجديد، وهو ما فُسّر محليا بأنه مباركة للحكومة على "انقلابها الدستوري".

وكانت إيكواس أعلنت في 15 أبريل/نيسان عن نيتها إرسال بعثة استكشافية إلى توغو، لكنها تراجعت بعد يوم من ذلك وقررت إرسال بعثة معلوماتية، مما أثار استياء المعارضة والمجتمع المدني.

في هذا الصدد، عبر عليون تين، مؤسس مركز "أكريكا-جوم" في دكار، المعني بدراسة الديمقراطية والسلام في غرب أفريقيا، عن خيبة أمله تجاه عجز إيكواس عن تطبيق القواعد الديمقراطية على دولها الأعضاء.

وفي تصريح لصحيفة توغولية، أشار تين إلى أن المنظمة الإقليمية صمتت عن التعديلات "غير الدستورية" لنظام الحكم في توغو خلال زيارتها الأخيرة إلى لومي، وقال إن إيكواس تتخذ إجراءات صارمة ضد الانقلابات العسكرية لكنها تظل عاجزة عندما يستخدم رؤساء الدول المدنيون الحِيَل الدستورية والقانونية للبقاء في السلطة، وتوغو هي مثال على ذلك.

التعديلات الدستورية الجديدة قوبلت برفض شديد من المعارضة واحتجاجات في الشارع (رويترز) التعديل الدستوري

وكان هذا الدستور الذي تجري وفقه الانتخابات الحالية قد أقر بأغلبية كبيرة في الجمعية الوطنية في 25 مارس/آذار 2024، وأبرز ما جاء فيه هو تغيير نظام الحكم من رئاسي إلى برلماني.

وقوبلت التعديلات برفض شديد، إذ شكّلت المعارضة تحالفا ونظمت مظاهرات مع بداية أبريل/نيسان الجاري، واصفة التعديل بـ"الانقلاب الدستوري"، مما دفع الحكومة لطلب إعادة قراءة الدستور في محاولة لاسترضاء الشعب، ومن ثم أعيد للبرلمان الذي وافق عليه مرة أخرى بالإجماع في 19 أبريل/نيسان، حيث أيده 87 نائبا.

في المقابل، قال وزير الإعلام التوغولي ياوا كوغيان، إن الدستور الجديد يُلبّي "تطلعات الشعب العميقة"، نحو نظام برلماني، حيث يكتسب رئيس الوزراء، من حزب الأغلبية، السلطات التنفيذية كلها.

وأشار إلى أن الرئيس غناسينغبي ملزم بنشر الدستور الجديد خلال 15 يوما بعد موافقة البرلمان، وهو إجراء -بحسب كوغيان- متوقع في فترة قريبة نظرا للدعم الكبير الذي حظي به النص وتوافقه مع المعايير الديمقراطية، بعد مراجعة النص مرتين، مما يعكس التزامه بتلبية مطالب الشعب على حد قوله.

رئيس حزب "التزام جديد" التوغولي جيري تاما قدم طلبا للمحكمة الدستورية لإبداء الرأي في الدستور الجديد (الجزيرة) خيارات المعارضة

لمواجهة الدستور الجديد، تحركت المعارضة في توغو عبر خطين متوازيين، الأول قانوني يعتمد على الطعون والاعتراضات، والثاني سياسي يتمثل في التعبئة الجماهيرية.

بعد يوم من التصويت البرلماني الثاني على الدستور، حثت الجمعية التوغولية لمكافحة الإفلات من العقاب رؤساء المؤسسات الحكومية على مراجعة المحكمة الدستورية لتقييم دستورية النص والتحقق من توافق بنوده مع القواعد المتعارف عليها.

واعتبرت الجمعية أن التحليل الذي ستقوم به المحكمة الدستورية سيضمن الالتزام بالقانون وسيحدد ما إذا كان ينبغي على رئيس الجمهورية المصادقة على الدستور الجديد أم لا.

واستجاب جيري كومانديجا تاما، رئيس حزب "التزام جديد" التوغولي ، لنداء الجمعية، فقدم في يوم الاثنين الماضي طلبا إلى المحكمة الدستورية للحصول على رأيها القانوني، في تبني الدستور الجديد عبر البرلمان دون إجراء استفتاء شعبي.

وفي تعليق للجزيرة نت، صرح ناتانييل أولومبيو، المتحدث باسم تحالف "لا تلمس دستوري"، بأن رؤساء المؤسسات ورؤساء الكتل البرلمانية الذين لديهم صلاحية طلب مراجعة دستورية من المحكمة الدستورية بخصوص الدستور الجديد جميعهم مُعيّنُون من قبل الرئيس، ما يُثير تساؤلات حول مدى إمكانية أداء دورهم بشكل مستقل.

وأضاف أنّ أي إجراء قانوني محتمل سيكون شكليا في ظل هذه الظروف، معربا عن تشككه في فعالية تلك الجهود. وأشار أولومبيو إلى أنّ الرئيس عين عضوين جديدين بالمحكمة الدستورية في 20 أبريل/نيسان الجاري، مما يعكس محاولاته لضمان تأييد المحكمة للدستور الجديد.

أما المسار السياسي الذي يتماشى مع الحملات الانتخابية التي انطلقت في 13 أبريل/نيسان، فقد أطلق التحالف الجماعي، وهو تجمع سياسي لأحزاب المعارضة، دعوة إلى التعبئة الشعبية ضد الدستور الجديد.

ويرى التحالف أن هذا الدستور لم يحظ بالإجماع الوطني اللازم. وقد شجع محمد تشاسونا تراوري، منسق التحالف وعضو حركة المواطن من أجل التنمية "إم سي دي"، الناخبين لاستخدام صناديق الاقتراع كوسيلة للتعبير عن رفضهم، مقترحا أن تكون الانتخابات بمثابة استفتاء عام ضد التغييرات الدستورية.

ويرى التحالف، الذي يضم أحزاباً مثل "تقارب" الوطني، وحركة "المواطنين من أجل الديمقراطية والتنمية"، وحركة "النور من أجل التنمية في السلام"، هذه الانتخابات فرصة حاسمة لتحقيق التماسك الوطني في فترة حرجة للبلاد.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات المحکمة الدستوریة الدستور الجدید أبریل نیسان فی توغو من أجل إلى أن

إقرأ أيضاً:

واشنطن تعترف بالمعارض أوروتيا رئيسا منتخبا لفنزويلا.. كيف علقت كراكاس؟

أعلنت الولايات المتحدة الثلاثاء أنها اعترفت بزعيم المعارضة إدموندو غونزاليس أوروتيا "رئيسا منتخبا" لفنزويلا.

وجاء في منشور لوزير الخارجية أنتوني بلينكن على منصة "إكس": "لقد قال الشعب الفنزويلي كلمته المدوية في 28 تموز/ يوليو وجعل (غونزاليس أوروتيا) الرئيس المنتخب"، لافتا إلى أنّ "الديمقراطية تتطلب احترام إرادة الناخبين".

من جهتها اعتبرت كراكاس، الثلاثاء، اعتراف واشنطن بزعيم المعارضة إدموندو غونزاليس أوروتيا "رئيسا منتخبا" لفنزويلا خطوة "سخيفة" وتكرارا لسيناريو اعترافها بالمعارض خوان غوايدو في 2019 رئيسا مؤقتا للبلاد.

وقالت وزارة الخارجية الفنزويلية في بيان إنّ وزير الخارجية الأمريكي أنتوني "بلينكن، وهو عدو لدود لفنزويلا"، اتّخذ هذه الخطوة "السخيفة بإصراره على القيام بذلك مرة أخرى (مع غونزاليس أوروتيا) بـ+نسخة ثانية من غوايدو+ مدعوم من فاشيين وإرهابيين خاضعين للسياسة الأمريكية".

ولم تعترف واشنطن بفوز الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بولاية جديدة في الانتخابات التي جرت في 28 تمّوز/ يوليو.

واتّهمت المعارضة النظام بتزوير النتائج، مؤكّدة أنّ الفائز هو مرشّحها إدموندو غونزاليس أوروتيا.


وسبق للولايات المتحدة أن أعلنت أن أوروتيا حصل على أكبر عدد من الأصوات في الانتخابات، لكن من دون أن يصل بها الأمر إلى اعتباره "الرئيس المنتخب".

يذكر أنه في تموز/ يوليو الماضي أعلن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو استئناف الحوار مع واشنطن رغم العقوبات الأمريكية على قطاع النفط، وذلك قبل أقل من شهر من الانتخابات الرئاسية.

وكانت كراكاس وواشنطن بدأتا مفاوضات سرية في 2023 في قطر.

وخلال هذه المحادثات، توافق البلدان على تبادل سجناء. وأفرجت واشنطن عن أليكس صعب، المتهم بأنه واجهة لمادورو، مقابل الإفراج عن 28 سجينا هم عشرة أميركيين و18 فنزويلا مسجونين في فنزويلا.

وفي المقابل أيضا، خففت واشنطن من الحصار النفطي الذي فرضته على البلاد منذ 2019 في محاولة لإطاحة مادورو بعد عدم اعترافها باعادة انتخابه في 2018.

مقالات مشابهة

  • السنغال.. الحزب الحاكم يضمن الأغلبية في البرلمان
  • نيسان تكشف عن طرازها الجديد باترول 2025
  • جامعة أسيوط الأهلية تُعلن عن الكشوف النهائية لمرشحى الانتخابات الطلابية للعام الجامعى الجديد
  • خبير قانوني:التعداد العام لن يكون له تأثير في ملف المادة 140 الدستورية
  • واشنطن تعتبر زعيم المعارضة أوروتيا رئيسا لفنزويلا وكراكاس تندد
  • واشنطن تعترف بالمعارض أوروتيا رئيسا منتخبا لفنزويلا.. كيف علقت كراكاس؟
  • فنزويلا.. أمريكا تعترف بمرشح المعارضة "رئيسا" بعد أشهر من إعلان فوز مادورو
  • زعيم المعارضة في صوماليلاند سيرو يفوز في الانتخابات الرئاسية
  • نيسان على حافة الانهيار .. خسائر ضخمة وقرارات مصيرية
  • بيلاروسيا تجري تدريبات قبل انتخابات الرئاسة