بعثات رعاية المصالح في العلاقات الدولية.. الأحكام والقواعد القانونية
تاريخ النشر: 28th, April 2024 GMT
نظّم القانون الدبلوماسي العلاقات بين الدول في حال غياب تمثيل دبلوماسي، أو في حال قطع العلاقات فيما بينها واستدعائها لبعثاتها، وفي هذه الحالة تتدخل دولة ثالثة لرعاية المصالح الدولية، واعترفت اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية عام (1961) واتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية عام (1963) بهذه الممارسة.
وتتلخص مهمة "بعثات رعاية المصالح" بمحاولة سد الفراغ الذي يحدث عند انتهاء التمثيل الدبلوماسي ومغادرة البعثة الدبلوماسية للدولة المعتمد لديها.
هناك عدة تعريفات ومصطلحات تطلق على هذه البعثة منها "مؤسسة القوة الحامية" و"مؤسسة حماية المصالح" و"الحماية المفوضية" و"التمثيل الدولي" و"تمثيل المصالح" و"الحماية المؤقتة".
ومن تعريفاتها: البعثات التي تُعينها الدول عقب انتهاء علاقاتها الدبلوماسية لدى الدولة التي قطعت معها العلاقات، أو دخلت معها في حالة حرب، لتتولى رعاية مصالح الدولة ومصالح رعاياها في غياب بعثتها الدبلوماسية وحتى استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما.
وتعرف أيضا بالبعثة الدبلوماسية التي يُعهد إليها حماية ورعاية مصالح الدولة المعتمدة ومصالح رعاياها لدى دولة أخرى، بسبب عدم وجود بعثة دبلوماسية.
الأساس القانونينصت اتفاقية فيينا لعام 1961، على بعثات رعاية المصالح في مادتيها 45 و46، واللتين تنصان على ما يلي:
المادة 45
في حالة قطع العلاقات الدبلوماسية بين دولتين، أو إذا ما استدعيت بعثة بصفة نهائية أو بصفة وقتية تلتزم الدولة المعتمد لديها (التي تمارس الرعاية على أراضيها) -حتى في حالة نزاع مسلح- بأن تحترم وتحمي مباني البعثة وكذلك منقولاتها ومحفوظاتها.
يجوز للدولة المعتمِدة (التي تطلب رعاية مصالحها) أن تعهد بحراسة مباني بعثتها وما يوجد فيها من منقولات ومحفوظات إلى دولة ثالثة توافق عليها الدولة المعتمَد لديها.
يجوز للدولة المعتمِدة أن تعهد بحماية مصالحها ومصالح مواطنيها إلى دولة ثالثة توافق عليها الدولة المعتمَد لديها.
المادة 46
إذا وافقت الدولة المعتمَد لديها على طلب دولة ثالثة ليست ممثلة لديها تتولى دولة معتمَدة لدى الدولة الأولى الحماية المؤقتة لمصالح الدولة الثالثة ومصالح مواطنيها.
المبادئ والقواعد التي تقوم عليها بعثات رعاية المصالح– تنشئ بعثات رعاية المصالح علاقات ثلاثية بين 3 أطراف وهي:
الدولة القائمة برعاية المصالح. الدولة المستفيدة (التي تطلب رعاية مصالحها). الدولة المستقبلة (التي تمارس الرعاية على أراضيها أو أراضٍ تابعة لها).– يعد تعيين الدولة الراعية رخصة وليس التزاما على عاتق الدولة المعتمِدة.
– يجب أن تكون الدولة المختارة للقيام بهذه المهمة مقبولة من قبل الدولة المعتمَد عليها.
– يجب أن يكون التمثيل بين دول تتمتع بالشخصية الدولية الكاملة ومستقلة في علاقاتها الخارجية، وحتى الدولة المستفيدة يشترط أن تكون هي الأخرى ذات سيادة تامة وغير مقيدة بدولة أخرى أو هيئة تمارس عليها الحماية الدولية.
– يجب أن تتم الرعاية وفقا لمبادئ وقواعد القانون الدولي الخاصة بهذا الشأن.
– يختلف التمثيل الذي تمارسه الدول الحامية أو المنتدبة أو القائمة بالإدارة في ظل نظام الوصاية تجاه الدولة المحمية أو الواقعة تحت الانتداب، عن التمثيل الذي تمارسه بعثة رعاية المصالح تحت إشراف الدولة الراعية لفائدة الدولة المستفيدة.
ففي الحالة الأولى يتعلق التمثيل بحماية الدولة ذاتها وبتمثيل عام قائم على تفويض يمنح من هيئة دولية ما أو مجموعة دول، أما الحالة الثانية فمفادها تمثيل وحماية مصالح الدولة المستفيدة في الدولة المضيفة، وليس الدولة ذاتها.
حالات اللجوء لبعثات رعاية المصالح الحرب والنزاع المسلح. قطع العلاقات الدبلوماسية أو القنصلية بين الدولتين أو عدة دول، فضلا عن قطع العلاقات في إطار المنظمات الدولية. انعدام التمثيل الدبلوماسي (في الدول الجديدة والصغيرة). الوظائفإن الوظيفة الأساسية لبعثة رعاية المصالح هي حماية مصالح الدولة المستفيدة ومصالح رعاياها المقيمين على إقليم الدولة المعتمَد لديها. وفيما يلي إجمال لمهمات ووظائف تلك البعثات:
حماية مصالح الدولة المستفيدة ومصالح رعاياها. حماية دار البعثة وموجوداتها ومحفوظاتها وأرشيفها. القيام بالأعمال التي تطلبها الدولة المستفيدة، باسمها ولكن لحساب الدولة المستفيدة.تتسع المهام الموكلة للدولة الراعية في حالات النزاع المسلح الذي يصاحبه في كثير من الأحيان قطع العلاقات الدبلوماسية وتتلخص وظائفه في هذه الحالة ما يلي:
قيادة المفاوضات المتعلقة بتبادل الأفراد الدبلوماسيين والقنصليين للدولة المستفيدة. حماية رعايا الدولة المستفيدة. حماية الأملاك العامة للدول المتحاربة والأملاك الخاصة لرعاياها. حماية مشتركة مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر لأسرى الحرب (زيارة المعتقلات وتوزيع الإعانات وغيرها). أشكال البعثاتلبعثات رعاية المصالح عدة أشكال من حيث الدولة القائمة بها والدولة المستفيدة منها والدولة التي تتم على إقليمها، فيمكن أن تقوم دولة واحدة أو أكثر بحماية مصالح دولة أو عدة دول، ومصالح رعاياها لدى دولة واحدة أو حماية مصالح دولة واحدة ومصالح رعاياها لدى عدة دول.
دولة تعمل على رعاية مصالح دولتين.نموذج: كانت بعثة إسبانيا في أنقرة ترعى مصالح اليونان في تركيا، في حين كانت بعثة إسبانيا في أثينا ترعى مصالح تركيا في اليونان.
تعهّد دولة واحدة برعاية مصالح عدة دول لدى دولة واحدة.نموذج: كانت سويسرا أواخر عام 1962 الدولة القائمة برعاية مصالح كل من الولايات المتحدة والأرجنتين وغواتيمالا في كوبا، ورعاية مصالح كل من فرنسا وتركيا وبلجيكا في مصر.
أن ترعى دولة مصالح دولة واحدة لدى أكثر من دولة.نموذج: رعاية السويد مصالح إسرائيل لدى بلغاريا وتشيكوسلوفاكيا، كما رعت سويسرا مصالح 20 دولة منها 9 في عاصمة كوبا عام 1969.
رعاية دولتين مختلفتين مصالح دولتين قطعتا علاقتهما الدبلوماسية.نموذج: قبلت سلطنة عمان أن تتولى رعاية المصالح القطرية في مصر على خلفية قرار الحكومة المصرية قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر في الخامس من يوليو/تموز 2017، كما طلبت مصر من السفارة اليونانية في الدوحة رعاية المصالح المصرية هناك.
نماذج أخرى أدى قطع العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، إلى تفويض سويسرا مهمة رعاية المصالح الأميركية في إيران، وذلك تزامنا مع الثورة الإيرانية عام 1979. مثلت بلجيكا المصالح الأميركية في ليبيا عام 1986.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات قطع العلاقات الدبلوماسیة مصالح الدولة حمایة مصالح دولة واحدة دولة ثالثة عدة دول
إقرأ أيضاً:
السوق العراقية.. متنفس البضائع الإيرانية الذي تتجاذبه المصالح بين النفوذ والتحديات الدولية- عاجل
بغداد اليوم – بغداد
في ظل أزماتها الاقتصادية الخانقة، تبحث إيران عن أسواق خارجية تمثل متنفسا لبضائعها وشركاتها، ويبرز العراق كوجهة رئيسة بحكم اعتماده الكبير على الاستيراد.
وفي السياق، أكد أستاذ الاقتصاد الدولي نوار السعدي في حديث لـ"بغداد اليوم"، الأربعاء (5 آذار 2025)، أن "العراق يشكل سوقا واعدا للبضائع والشركات الإيرانية، لا سيما في قطاعات الطاقة، والتجارة، والبنية التحتية، والصناعات الغذائية، حيث تمتلك إيران حضورا قويا بالفعل".
ومع ذلك، يرى السعدي أن "البيئة العراقية ليست مثالية تماما للاستثمارات الخارجية، خاصة الإيرانية، نظرا لجملة من التحديات الداخلية، أبرزها الفساد، وسوء الإدارة، والمنافسة المتزايدة من الشركات التركية والصينية التي تسعى لتوسيع نفوذها في السوق العراقية".
وعلى الصعيد السياسي، أوضح السعدي أن "التوجهات الحكومية العراقية تسعى إلى تنويع شراكاتها الاقتصادية، مما قد يحد من قدرة الشركات الإيرانية على فرض هيمنتها على بعض القطاعات الحيوية".
أما فيما يخص موقف رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، فيؤكد السعدي أنه "يواجه ضغوطا إيرانية متزايدة لتسهيل دخول الشركات الإيرانية إلى السوق العراقية، خاصة مع تقلص نفوذ طهران في سوريا ولبنان.
وفي المقابل، يتعرض السوداني لضغوط داخلية ودولية، خاصة من الولايات المتحدة ودول الخليج، التي تسعى للحد من الهيمنة الاقتصادية الإيرانية في العراق".
ويختم السعدي حديثه بالتأكيد على أن "قدرة السوداني على الموازنة بين المصالح الاقتصادية للعراق والضغوط السياسية الإقليمية والدولية، ستكون العامل الحاسم في تحديد ملامح العلاقة الاقتصادية بين بغداد وطهران خلال الفترة المقبلة".
الخلفية الاقتصادية والسياسية
ولطالما كانت العلاقة الاقتصادية بين العراق وإيران محكومة بعوامل متعددة، تتراوح بين الجغرافيا، والتاريخ، والسياسة. فبعد عام 2003، عززت إيران وجودها الاقتصادي في العراق، مستفيدة من الفراغ الذي خلفه الحصار والعقوبات الدولية التي فُرضت على العراق سابقا، إلى جانب العلاقات الوثيقة مع بعض القوى السياسية العراقية.
دوافع التوسع
تعاني إيران من أزمات اقتصادية خانقة، أبرزها التضخم المرتفع، وانخفاض قيمة العملة، والعقوبات الأمريكية والدولية المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي وسياساتها الإقليمية.
هذا الوضع جعلها تبحث عن أسواق خارجية تساعدها على تصريف بضائعها وضمان تدفق العملات الصعبة، والعراق يعد من أهم هذه الأسواق نظرا لاعتماده الكبير على الاستيراد في مختلف القطاعات، بدءا من السلع الاستهلاكية وصولا إلى مشاريع الطاقة والبنية التحتية.