في تقريره السنوي فتح معهد "بروكينز" الأميركي نافذة صغيرة على ملف العلاقات المتشابكة بين الدولتين الجارتين أفغانستان وإيران، وركز التقرير على المخاوف المتبادلة بشأن الخلافات الطائفية بين البلدين.

يقول التقرير -استنادا إلى ما وصفها بالمصادر الداخلية في كابل وقندهار- أن حركة طالبان سمحت لطهران بتجنيد الفاطميين من أتباع الطائفة الشيعية في أفغانستان للاستفادة منهم في عمليات محور المقاومة في الشرق الأوسط.

ويتابع أنه مما يثير الاستغراب أن السلطات الإيرانية لديها اتصال قوي مع قيادات حركة طالبان بالرغم من الخصومات الطائفية الطويلة لطهران مع الحركة، والخلافات الموجودة بين الطرفين حول المياه.

ولكن التقرير يضيف أنه من اللافت للنظر أن طهران لم تقم بضرب أهداف داخل أفغانستان بعد عملية تفجيرات مدينة كرمان، وإنما استهدفت مواقع لمليشيات "جيش العدل السنية" في باكستان.

لواء فاطميون نشأ عام 1980 وساند الأسد ضد الثورة السورية منذ 2013 (الصحافة الإيرانية)

ويبدو أن هذا الملف يثير قلق الحركة، فهي تعتبر نفوذ "لواء فاطميون"، مصدر خطر على الأمن القومي الأفغاني، ففي تعليقه على ما جاء في تقرير معهد "بروكينز" صرح المتحدث الرسمي باسم الإمارة الإسلامية ذبيح الله مجاهد أن ما ورد في التقرير "ليس صحيحا"، مشددا على أن بلاده "لن تسمح لدول أخرى بمثل هذه الأنشطة العسكرية في أفغانستان ولا ندعمها".

وفي المقابل، يقول الممثل الخاص للرئيس الإيراني وسفيرها في أفغانستان حسن كاظمي قمي إن "إيران تريد من أفغانستان أن تكون عونا إستراتيجيا لها، وإن خلق أي تباعد وخلاف بين البلدين هو مشروع أميركي، وإن أفضل وسيلة لتقوية العلاقات يكون بربطها بالاقتصاد ومشاريع البنى التحتية".

يضيف قمي "إننا نواجه في أفغانستان مشكلة الإرهاب، (..) كما أننا نواجه المخططات الأميركية".

في هذا التقرير نسلط الضوء على السمات البارزة التي صبغت العلاقة التاريخية بين البلدين، المرتبطين بحدود برية تمتد لنحو 850 كيلومترا.

(الجزيرة) علاقات تاريخية

شكل البلدان حتى القرن الـ18 منطقة خراسان التي كانت مسرحا للتحولات السياسية الكبيرة والتطورات الحضارية المهمة منذ دخول الإسلام إليها في وقت مبكر من القرن الأول الهجري.

في التاريخ الحديث، وبعد ظهورهما كدولتين منفصلتين بينهما حدود معترف بها في القرن الـ19 الميلادي قدمت الطرق الدبلوماسية والاتفاقات الرسمية حلولا لأي مشاكل بين البلدين.

وكانت اتفاقية تقسيم مياه نهر "هيرمند" أو "هلمند" في 1973م الموقعة بين الجارتين في عهد آخر ملوك إيران محمد رضا شاه وآخر ملوك أفغانستان محمد ظاهر شاه مثالا لإدارة الخلاف بين البلدين.

الانقلاب والثورة

بعد حدوث الانقلاب العسكري الشيوعي في أفغانستان في 1978، واحتلال أفغانستان من قبل الاتحاد السوفياتي، الذي تزامن نسبيا مع الثورة الإسلامية بقيادة الخميني في إيران عام 1979، شهدت العلاقات بين البلدين تحولات جذرية.

فمن ناحية كانت الثورة الإيرانية ذات طابع إسلامي شيعي مناهض للشيوعية، كان الانقلاب العسكري في الجهة الأخرى في أفغانستان ذو سمة ماركسية يقوده الشيوعيون الذين كانوا يرون في الثورة الإيرانية "حركة رجعية حسب مقاييس الماركسية اللينينية".

ومع بدء الجهاد الأفغاني، أيدت حكومة إيران بعد الثورة المجاهدين، بينما احتضنت حكومة حزب الشعب الديمقراطي في كابل قيادات الحزب الشيوعي الإيراني وغيرها من المعارضين للخميني والثورة في إيران، وكان ذلك بداية توتر العلاقات بين كابل وطهران وإيذانا ببدء مرحلة جديدة في التعامل بين البلدين.

ومع احتلال الاتحاد السوفياتي لأفغانستان عام 1979 استمرت إيران في سياستها الداعمة للمجاهدين الأفغان، واستقبلت المهاجرين منهم، وقد سمحت بتشكيل منظمات أفغانية شيعية أمثال منظمة النصر، والحركة الإسلامية وحراس الثورة الإسلامية، بل وقامت بتمويلها وتسليحها.

كما احتفظت بعلاقاتها مع منظمات المجاهدين من أهل السنة مثل الحزب الإسلامي والجمعية الإسلامية، وغيرهما.

السياسة الإيرانية تجاه أفغانستان شهدت تحولا مهما عندما ترأس علي أكبر هاشمي رفسنجاني الحكم في إيران  (رويترز)

وبعد حرب الحرب الخليج الأولى التي انتهت عام 1988، ترأس علي أكبر هاشمي رفسنجاني الحكم في إيران، ومن هنا شهدت السياسة الإيرانية تجاه أفغانستان تحولا مهما.

فقد توطدت العلاقات بين الاتحاد السوفياتي وإيران، ومن ثم فتحت طهران قنوات اتصال مع الحكومة الموالية للسوفيات في كابل في عهد الرئيس الأفغاني الأسبق نجيب الله، تبنت طهران وقتها سياسة مزدوجة تجاه أفغانستان، وهي مستمرة حتى اليوم.

ووفقا لهذه الإستراتيجية، دعمت طهران من طرف فصائل المجاهدين الأفغان، خاصة الشيعية، مقابل ولائهم لها، ومن طرف آخر كان لها علاقات مع النظام الشيوعي الحاكم في كابل، بالإضافة إلى استمرار العلاقات التجارية بين البلدين.

وبموازاة ذلك، أخذت طهران تتوسع في بسط دائرة نفوذها في أفغانستان فكريا واجتماعيا وعسكريا من خلال إنشاء ودعم المنظمات والمؤسسات الشيعية داخل البلاد وأيضا بين المهاجرين خارجها، خاصة بين عرقية الهزارة.

وكان لطهران دور كبير في تجميع المنظمات الأفغانية الشيعية تحت مظلة حزب الوحدة بقيادة عبد العلي مزاري عام 1989، والذي برز كلاعب مهم في الأحداث والتطورات التي شهدتها أفغانستان بعد ذلك حتى الغزو الأميركي عام 2002.

وقد أيدت طهران حزب الوحدة الشيعي في قتاله ضد حكومة المجاهدين بقيادة الرئيس الأفغاني الأسبق برهان الدين رباني، وفي الوقت نفسه لم تقطع صلتها بتلك الحكومة ودعمها أحيانا، مما يعكس استمرارها في سياستها المزدوجة.

مقاتلون من حزب الوحدة الشيعي خلال القتال ضد القوات الموالية للرئيس برهان الدين رباني (رويترز) العلاقات في عهد طالبان الأول

شهدت علاقات طهران مع طالبان خلال فترة حكمها الأول توترا شديدا، وتعد تصفية كابل من مقاتلي حزب الوحدة الشيعي من قبل طالبان أحد المواقف التي تعكس تلك العلاقة.

ومن ثم أيضا القبض على زعيم الحزب الموالي لطهران عبد العلي مزاري وقتله في ظروف غامضة أثناء نقله بطائرة مروحية تابعة لحكومة طالبان إلى قندهار في 15 مارس/آذار 1995م.

كما أن حادث الهجوم على القنصلية الإيرانية في مدينة مزار شريف الأفغانية ومقتل 9 من الدبلوماسيين الإيرانيين العاملين فيها عام 1998، والذي تتهم طهران طالبان بارتكابه، كاد أن يؤدي إلى الحرب بين البلدين، حيث قامت إيران بتحريك قواتها العسكرية إلى المناطق الحدودية مع أفغانستان.

اثنان من حركة طالبان يحتجزان عبد العلي مزاري في قاعدتهما جنوب كابول قبل يومين من مقتله (رويترز) الغزو الأميركي لأفغانستان والنفوذ الإيراني

بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، دعمت طهران الغزو الأميركي لأفغانستان ومرحبة بإسقاط حكومة طالبان، وشاركت بقوة في مؤتمر "بون" الذي تمخض عن قيام حكومة أفغانية جديدة بقيادة الرئيس حامد كرزاي.

وطيلة السنوات العشرين للاحتلال الأميركي لأفغانستان، حافظت طهران على علاقات قريبة جدا مع الحكومة الأفغانية التي كانت للأحزاب والشخصيات الشيعية الموالية لها حضور قوي، سواء في تركيب الحكومة كوزراء وأحد نائبي رئيس الجمهورية، أو في الجيش والاستخبارات والأمن.

كما أن الدستور الأفغاني المعد في ظل الوجود الأميركي اعترف لأول مرة بالمذهب الشيعي الاثني عشري كمذهب رسمي في أفغانستان، وأقر البرلمان الأفغاني قانون الأحوال الشخصية وفق الفقه الشيعي الجعفري.

مقاتلون أفغان موالون لرئيس الحكومة الانتقالية حامد كرزاي على ظهر دبابة سوفياتية  (رويترز)

كما صارت للأقلية الشيعية مؤسساتها التعليمية والإعلامية والاجتماعية والدينية، وتعددت أحزابها السياسية، وهو ما يعتبره الباحث الإيراني مير أحمد رضا مشرف "الفترة الذهبية للشيعة في أفغانستان" بسبب "قبول الماهية الوجودية للشيعة في النظام السياسي والقضائي في أفغانستان".

وفي حوار مع صحيفة واشنطن بوست الأميركية، وصف سيد محمد عالمي البلخي، الوزير في حكومة الرئيس السابق أشرف غني، وضع الأقلية الشيعية في أفغانستان إبان الاحتلال الأميركي بأنه "هو الأفضل والأحسن على مر التاريخ كله".

وقد بلغ نفوذ طهران في أفغانستان إلى درجة أن الحكومة الإيرانية كانت تدفع جزءا من نفقات مكتب الرئيس الأفغاني حامد كرزاي، بحسب اعتراف محمد عمر داؤدزي رئيس مكتب رئيس الجمهورية آنذاك.

المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي يلتقي الرئيس الأفغاني حامد كرزاي في طهران 2011 (رويترز) إيران وحركة طالبان

واستمرارا لإستراتيجتها المزدوجة ومع الحفاظ على علاقاتها المتينة والقريبة مع حكومة كابل، أنشأت إيران علاقات مع حركة طالبان التي كانت تقاتل القوات الأميركية والحكومة الأفغانية.

وتشير تقارير إعلامية عن توفير طهران الدعم اللوجيستي والأسلحة لمجموعات من مقاتلي طالبان خاصة في الولايات الأفغانية المتاخمة لإيران مثل "نيمروز" و"فراه" و"هلمند".

وكان الزعيم الثاني لحركة طالبان الملا أختر محمد منصور قتل عام 2016 إثر تعرض سيارته لإطلاق صاروخ من مسيرات أميركية في إقليم بلوشستان الباكستانية أثناء عودته من إيران، وتعليقا على ذلك، نشرت صحيفة التايمز البريطانية في يوليو/تموز 2018 تقريرا بعنوان "أفضل مقاتلي طالبان يجري تدريبهم في إيران".

وأضاف كاتب التقرير أنتوني لويد أن ثمة نفوذا لطهران يتنامى في أفغانستان مع تصاعد التوتر في علاقاتها مع واشنطن، وأشار التقرير إلى أن "المئات من مقاتلي طالبان يتلقون تدريبا متقدما على أيدي مدربي القوات الخاصة في الأكاديميات العسكرية الإيرانية".

وكشفت طهران عن زيارة قام بها وفد من حركة طالبان برئاسة رئيس مكتبها السياسي الملا عبد الغني برادر إلى إيران في 2019، وتكررت الزيارة ثانية عام 2021، وذلك بعد عام تقريبا من توقيع اتفاق الدوحة الذي ينص على انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان.

الملا عبد الغني برادر أثناء محادثات السلام الأفغانية في الدوحة (الأناضول) عودة طالبان من جديد للحكومة

رحبت طهران بانسحاب القوات الأميركية من أفغانستان في نهاية أغسطس/آب 2021، على الرغم من عدم اعتراف إيران الرسمي بحكومة طالبان، فإن علاقاتها كانت جيدة مع حكومة تصريف الأعمال التي شكلتها الحركة.

وجاءت الزيارة الأخيرة للملا عبد الغني برادر نائب رئيس الوزراء في حكومة إمارة أفغانستان الإسلامية إلى طهران في الرابع من ديسمبر/كانون الأول 2023 على رأس وفد كبير محطة مهمة في العلاقات بين البلدين، توجت تلك الزيارة بتوقيع 5 اتفاقيات اقتصادية.

من ناحية أخرى، تشير تقارير إلى أن إيران تؤوي معارضين لطالبان على أراضيها، وتسمح بفتح مكاتب لهم في مدن مثل طهران ومشهد.

وبشأن هذا الأمر، يقول المراقبون إن "سياسة طهران تجاه أفغانستان تتسم بالبراغماتية والواقعية واقتناص الفرص، وتهدف إلى حفظ المصالح الإيرانية والحفاظ على أمنها القومي".

وبحسب الباحث الأفغاني محمد خالد مصعب، فإن السياسة الإيرانية في أفغانستان اتسمت بالثبات في الأهداف، والمرونة في التنفيذ والتطبيق حسب تطورات الأوضاع الداخلية  في أفغانستان والمنطقة والعالم.

من جانبه، يقول الممثل الخاص للرئيس الإيراني وسفيرها في أفغانستان إن "سوء الأوضاع الاقتصادية في أفغانستان يؤدي إلى تدفق مزيد من اللاجئين الأفغان إلى إيران، ويزيد الفقر في أفغانستان من فرص تنظيم الدولة في تجنيد الشباب إلى صفوفه، وهذا شيء لا تريده إيران ولا طالبان".

وترى كل من طهران وكابل أن التوتر في العلاقات لا يخدم أيا من البلدين، فثمة مصالح متبادلة بين الطرفين، فأفغانستان تعتبر أحد أكبر الأسواق للمنتوجات الإيرانية، كما أن جزءا من العملة الصعبة التي تحتاجها إيران تصل إليها عبرها.

وكانت وكالة " إيسنا" الإخبارية الإيرانية قد أعلنت في وقت سابق أن حجم الصادرات الإيرانية إلى أفغانستان في عام 2022 بلغ 1.6 مليار دولار.

وفي تصريح له لوكالة " إيرنا " الإيراني يقول عبد السلام جواد المتحدث الرسمي باسم وزارة التجارة الأفغانية إن حجم التبادل التجاري بين أفغانستان وإيران في العام الماضي وصل إلى مليارين و992 مليون دولار.

في مواجهة إسرائيل

ومن المشتركات التي تجمع طهران بحكومة أفغانستان التصدي لتنظيم الدولة، الذي يعتبر عدوا مشتركا لهما، وتعول إيران كثيرا على طالبان في ضرب التنظيم وتفكيكه داخل الأراضي الأفغانية.

من ناحية أخرى، أعلنت حكومة تصريف الأعمال في أفغانستان دعمها للرد الإيراني العسكري على إسرائيل، والتنديد بهجوم المسيرات الإسرائيلية على أصفهان.

ومن جانبه، نفى سيد حسين مرتضوي نائب السفير الإيراني في كابل في 15 أبريل/نيسان 2024 أن بلاده "لا تسمح بأي نشاط سياسي للمعارضة الأفغانية داخل الأراضي الإيرانية"، كما شكر السفير حكومة طالبان على توفير جزء من حصة إيران في مياه نهر هلمند.

مشكلة المياه والاشتباكات والجدار

تثير مشكلة المياه بين البلدين شكوى إيران، التي تقول إنها لا تحصل على كامل حصتها من مياه نهر هلمند، لتبقى القضية مصدرا آخر لتوتر العلاقات بين البلدين.

كما أن تصاعد الاشتباكات بين قوات حرس الحدود الإيرانية والأفغانية، الذي أسفر عن سقوط قتلى وجرحى من الطرفين، كان سببا في تعالي الدعوات الإيرانية المطالبة بإنشاء جدار على الحدود المشتركة بين البلدين.

وبشأن هذا، قال المتحدث باسم الحكومة الأفغانية ذبيح الله مجاهد إنه "لا ينبغي لأي بلد -من بينها الجمهورية الإسلامية الإيرانية- أن يخاف من أفغانستان، لأنها بلد الأمن والاستقرار".

وبحسب وكالة إرنا الرسمية، أشار قائد القوات البرية في الجيش الإيراني كيومرث حيدري إلى أن هذا الإجراء متعارف عليه في سياق تعزيز الأمن لدى جميع البلدان، ولا يحق لأحد أن يحتج على ذلك.

ليطرح التساؤل هل يمكن أن يكون الجدار بداية للحد من التوترات بين البلدين، ورسم طريق لمستقبل مختلف عن ماضيه؟

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات العلاقات بین من أفغانستان فی أفغانستان حکومة طالبان بین البلدین حرکة طالبان حزب الوحدة فی إیران إیران فی فی کابل کما أن أن هذا

إقرأ أيضاً:

هل تفكك إيران الثلاثية المقدسة.. النووي والصواريخ وشبكة الحلفاء؟

بعد أسابيع من التهديد الأميركي وممانعة من جانب إيران، وفي ظل مشهد إقليمي شديد التوتر والاضطراب، انطلقت في 12 من أبريل/نيسان الجاري الجولة الأولى من المباحثات بين واشنطن وطهران التي تجري بوساطة عمانية للوصول إلى اتفاق جديد حول البرنامج النووي الإيراني.

وفي وقت لاحق؛ أجريت الجولة الثانية يوم السبت 19 أبريل/نيسان في العاصمة الإيطالية روما، لم تسفر الجولتان عن شيء معلن، لكن الطرفين وصفا كلًّا من الجولتين بأنها "بنّاءة".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الزورق في مواجهة البارجة.. الحرب البحرية المحتملة بين أميركا وإيرانlist 2 of 2الصين تعلمت الدرس من اليابان.. كيف تهزم البحرية الأميركية؟end of list

تجري المفاوضات في ظل استمرار التهديد الأميركي بأن طهران ستواجه عملا عسكريا يستهدف منشآتها النووية إذا فشلت المفاوضات في الوصول إلى اتفاق خلال 60 يوما من بدايتها، في حين أنه قبل عقد من الزمن؛ استغرقت المفاوضات بين القوى الكبرى وطهران 18 شهرا كاملة للوصول إلى الاتفاق النووي الذي وُقع في مدينة لوزان السويسرية في 2 أبريل/نيسان 2015، والذي انسحب منه ترامب لاحقا في 8 مايو/أيار 2018، مما أدى إلى انهياره.

ثمة دوافع لدى الطرفين لإنجاح المباحثات، في ظل رغبة طهران في تفادي تبعات التصعيد المحتمل في المنطقة وتفويت الفرصة على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي يمارس ضغوطا شديدة على ترامب لإقناعه بأن العمل العسكري هو السبيل الوحيد لتحييد الخطر النووي الإيراني.

إعلان

لكن السقف المرتفع -المعلن حتى الآن- من قبل الرئيس الأميركي الذي يشمل تخلي طهران عن برنامجها النووي بشكل كامل، فضلا عن تقليص قدراتها الصاروخية وتحجيم حضورها الإقليمي، قد يجعل طهران أمام موقف لا تستطيع فيه التخلي عمّا يمثل لها ضرورات أمنية وجودية، مما يعقد فرص الوصول إلى اتفاق ويفتح الباب للتصعيد مجددا.

بدأت إيران في إحياء برنامجها النووي منذ قرابة ثلاثة عقود، لم تنتج فيها القنبلة النووية ولم تتخلّ عن البرنامج، ومنذ ذلك الحين ظلّ هذا البرنامج يمثل مادة رئيسية لصراعها مع الغرب من جهة ولرحلتها الذاتية لاستعادة المكانة التاريخية من جهة أخرى. فماذا يمثل البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية الإيرانية؟ وما هي احتمالات التخلي عنه أمام الضغوط الأميركية؟ وهل يمكن أن تنجح جولات المباحثات الجارية؟

قصة البرنامج النووي والضرورات الجيوسياسية

خلال سنوات الحرب الباردة؛ اعتبرت الولايات المتحدة إيران البهلوية جزءًا من إستراتيجيتها لاحتواء الاتحاد السوفياتي في آسيا. كانت إيران التي يحكمها الشاه وتركيا التي يحكمها الكماليون تمثلان بالنسبة للولايات المتحدة حزاما أمنيا جيواستراتيجيا يفصل بين الاتحاد السوفياتي ومنطقة الخليج العربي والشرق الأوسط.

استطاع الشاه الاستفادة من برنامج الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور "الذرة من أجل السلام"، الذي عبر عنه للمرة الأولى في خطابه عام 1953. اقترح أيزنهاور على الدول النامية -في سياق الحرب مع الاتحاد السوفياتي- فرصة لحيازة القدرات النووية، ولكن في إطار الاستخدامات المدنية في قطاعات الزراعة والطب وتوليد الكهرباء وغيرها، ولمتابعة هذه المبادرة تأسست "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" وحددت العاصمة النمساوية فيينا مقرا لها.

في هذا السياق؛ وقّعت إيران اتفاقية تعاون نووي مع الولايات المتحدة عام 1957. وفي عام 1959، أنشأ الشاه مركز أبحاث نووية في جامعة طهران، وبعد تسع سنوات، بدأ تشغيل المفاعل النووي الإيراني -الذي وفّرته الولايات المتحدة- بقدرة 5 ميغاواتات.

إعلان

حصل الشاه على الخبرة التقنية وشرع في تخصيب اليورانيوم لخدمة البرنامج النووي. وحتى الإطاحة به عام 1979، كانت إيران قد تعاونت مع الولايات المتحدة وفرنسا والهند والأرجنتين وجنوب أفريقيا وألمانيا، بحسب جيوبوليتيكال فيوتشرز، للمساعدة في بناء مفاعل بوشهر النووي. أنفق الشاه 6 مليارات دولار لبناء منشآت نووية، وخطط لإنفاق 30 مليار دولار أخرى لبناء 20 مفاعلًا نوويًّا.

بلغ إجمالي الميزانية السنوية لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية، التي أسسها عام 1974، 1.3 مليار دولار، محتلةً المرتبة الثانية بعد شركة النفط الوطنية الإيرانية. ورغم توقيع إيران على اتفاقية حظر الانتشار النووي عام 1968، لم يكن ثمة شك في أن الهدف النهائي للشاه هو تطوير وامتلاك أسلحة نووية.

لاحقا؛ بعد نجاح الثورة الإسلامية الإيرانية؛ أفتى آية الله الخميني بأن تصنيع الأسلحة النووية مخالف للشريعة الإسلامية تأسيسا على أن مبدأ "الدمار الشامل" يتناقض مع أخلاقيات الجهاد والقتال في المنظور الإسلامي، ومن ثم أصدر توجيها بتفكيك البرنامج النووي للبلاد، مما أدى إلى هجرة علماء الذرة الإيرانيين إلى دول أجنبية.

وبعد عام واحد وبضعة أشهر من الثورة؛ أشعل العراق شرارة الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت ثمانية أعوام كاملة (1980- 1988)، ويبدو أن قادة إيران الجدد قد شعروا بالندم على تفكيك البرنامج النووي الذي جرى بالتزامن مع عمليات تفكيك وإعادة هيكلة واسعة لقوات الجيش في أعقاب محاولة الانقلاب على حكومة الحسن بني صدر في يوليو/تموز 1980، وكلاهما أضعف القدرات العسكرية والردعية للبلاد في مواجهة العراق على نحو بالغ، وربما لو كان البرنامج النووي قائما لما أقدم العراق أصلا على مهاجمة إيران.

بعد انتهاء الحرب، وفي ظل حصار دولي يمنع طهران من تحديث قدراتها العسكرية التقليدية على النحو الأمثل وخاصة قدرات سلاح الجو؛ خلص قادة إيران إلى ضرورة إعادة بناء البرنامج النووي جنبا إلى جنب مع برنامج آخر لتطوير الصواريخ الباليستية بغية تعويض نقص الطائرات المقاتلة المتطورة.

إعلان

وفي عام 1989، وقّعت إيران مع الاتحاد السوفياتي أول اتفاقية نووية بينهما. وفي عام 1993، بعد أن رفضت ألمانيا استئناف بناء مفاعل بوشهر النووي، أعلن بوريس يلتسين أن روسيا ستكمله.

إحياء البرنامج النووي تزامن مع توسع إيران الإقليمي لتحقيق ما يسمى "الردع الأمامي" عبر شبكة من الحلفاء والوكلاء على امتداد مجالها الحيوي، مما مثل تهديدا مباشرا لإسرائيل التي تصر منذ ذلك الحين على أنها لن تسمح لإيران بالتحول إلى قوة نووية.

وعلى مدار السنوات القليلة التي سبقت طوفان الأقصى، اغتال عملاء، مرتبطون على ما يبدو بجهاز المخابرات الإسرائيلي الموساد، أربعة علماء إيرانيين وأصابوا آخر. وفي أبريل/نيسان 2021، دمّر انفجار غامض، نفذه الموساد أيضا على الأرجح، ورشةً لأجهزة الطرد المركزي تُنتج اليورانيوم المُخصّب في منشأة نطنز النووية، على بُعد 200 ميل جنوب طهران.

لماذا نجح الاتفاق في 2015؟ وما الذي تغير الآن؟

في 2015؛ وافقت إيران في اتفاقية "خطة العمل الشاملة المشتركة" (JCOPA) التي وقعتها مع عدد من القوى الدولية (الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وألمانيا) على كبح تقدم البرنامج لمدة 15 عاما -على الأقل- بتعليق عمل أكثر من ثلثي أجهزة الطرد المركزي وتخفيض نسبة تخصيب اليورانيوم إلى أقل من 3.67%، وعدم بناء أي منشأة جديدة بغرض تخصيب اليورانيوم خلال 15 عاما. وذلك؛ مقابل رفع العقوبات الغربية عن طهران.

وزير الخارجية الأمريكي السباق جون كيري (يسار) يتحدث مع وزير الخارجية الإيراني السابق جواد ظريف (يمين)، قبل أن يُخاطب الوزير ووزير الخارجية حشدًا من الصحفيين الدوليين في مركز النمسا في فيينا، النمسا، في 14 يوليو/تموز 2015، بعد التوصل للاتفاق النووي. (رويترز)

في تلك السنوات حدث أمران جعلا الحل الدبلوماسي ليس ممكنا للطرفين فحسب، بل مفضلا، بحسب جاكوب شابيرو، مدير مركز العمليات الأسبق في ستراتفور. أولًا، برز تنظيم الدولة عدوا مُشتركا للولايات المتحدة وإيران، واحتاجت الولايات المتحدة إلى مساعدة طهران وحلفائها في العراق لخوض الحرب ضد التنظيم.

إعلان

وثانيًا، بدأ نظام العقوبات الذي تقوده الولايات المتحدة يؤثر بشدة في الأوضاع الداخلية في إيران، إذ كانت الأوضاع الاقتصادية تتدهور، وكانت إدارة حسن روحاني على استعداد لمقايضة أجهزة الطرد المركزي واليورانيوم بفتح البلاد أمام الاستثمار الأجنبي، ووصول النفط الإيراني إلى أسواق العالم دون قيود، وتحسين جودة الحياة في إيران.

بيد أن ترامب يقول إن الاتفاق كان "كارثيا"، ويوافقه آخرون في الولايات المتحدة، لأنه سمح لإيران بالاستفادة من رفع العقوبات وتحسين أوضاعها الاقتصادية وفي نفس الوقت الاحتفاظ بالقدرات النووية الأساسية وبالتقنيات اللازمة لإعادة تطوير البرنامج متى أرادت، فضلا عن امتلاك إيران العديد من الكهوف والأنفاق التي يُمكن إخفاء الأنشطة النووية فيها، في حين تُركز عمليات التفتيش على منشآت معروفة نظرًا إلى قلة المفتشين واتساع مساحة البلاد.

كما لم يتناول الاتفاق برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، الذي يتضمن صواريخ متعددة المدى والحمولة، ويقول معارضو الاتفاق إن بعضها مُصمّم لحمل رؤوس نووية متى وُجدت. والأهم من ذلك كله؛ أن الاتفاق لم يتضمن خططا لتحجيم نفوذ إيران الإقليمي الذي يتمثل في شبكة من الوكلاء تطوق المشرق العربي وتعرض حلفاء واشنطن للخطر.

والحقيقة أن أوباما لم يكن بأقل حرصا من ترامب على تفكيك مجمل قوة إيران، حيث لا يوجد داخل الولايات المتحدة خلاف يذكر على أن إيران تمثل تهديدا يجب تفكيكه وتحييده. لكن أوباما كان يدرك أن تلك الملفات لا يمكن حلها جملة واحدة، وأن طهران ليست بصدد الاستعداد لمناقشة نفوذها الإقليمي الذي تراكم عبر عقود تحت أيّ ضغوط. كانت الإستراتيجية البديلة هي استخدام الحوافز الاقتصادية لدفع إيران إلى مزيد من الاتفاقات الجزئية سعيا لمزيد من مزايا الانفتاح على الاقتصاد العالمي.

إعلان

في 2018 وأثناء وجود ترامب في السلطة؛ كان خطر تنظيم الدولة قد جرى تحييده نسبيا، مما سهل له الانسحاب من الاتفاق بشكل أحادي، وبدلًا من استخدام حافز تعزيز العلاقات الاقتصادية، فرض عقوبات صارمة على إيران دفعتها إلى النكوص عن التزاماتها تدريجيا، ومن ثم انهار الاتفاق.

واليوم يعود ترامب إلى البيت الأبيض وقد بدا له أن هناك فرصة تاريخية لتحييد التهديد الإيراني مرة واحدة إلى الأبد، بعدما تضررت قدرات إيران الإستراتيجية في السنتين الأخيرتين، وذلك من خلال إجبارها على تفكيك مصادر قوتها الثلاثية: البرنامج النووي، والقدرات الصاروخية، وشبكة الحلفاء من غير الدول.

في المقابل؛ ثمة أصوات في إيران أصبحت تقول إن طريقا واحدا تبقى أمام إيران لتحتفظ بقوتها الإقليمية وهي إنتاج القنبلة النووية، بل أوردت صحيفة التلغراف البريطانية في فبراير/شباط الماضي أن قادة عسكريين إيرانيين طلبوا من المرشد الأعلى، علي خامنئي، إعادة النظر في الفتوى التي سبق أن اعتمدها بتحريم أسلحة الدمار الشامل.

وطبقا لمركز الدراسات الإستراتيجية والأمنية الأميركي ستراتفور؛ كثفت إيران نشاطها النووي بشكل كبير خلال العام الماضي، وسرعت إنتاجها من اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 60٪، وهو ما يقترب جدًّا من معيار 90٪ الذي يُعد هو المطلوب لإنتاج القنبلة.

وفي فبراير/شباط الماضي، أفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن مخزونات إيران من اليورانيوم العالي التخصيب ارتفعت بأكثر من 50٪ إلى 274.8 كيلوغراما في الأشهر الثلاثة الأولى بعد انتخاب ترامب في نوفمبر/تشرين الثاني 2024.

علاوة على ذلك، خلصت المخابرات الأميركية مؤخرًا إلى أن إيران كانت تجري أبحاثًا تقنية حول كيفية صنع قنبلة نووية بدائية بسرعة إذا قررت قيادتها تطوير أسلحة نووية، وفقا لتقرير قدمه مدير الاستخبارات الوطنية إلى الكونغرس في يوليو/تموز 2024.

إعلان

يعني ذلك أنه في حين يرى البعض أن ما تلقته إيران من ضربات استهدفت قوتها الإقليمية مؤخرا سوف يدفعها إلى المرونة في المفاوضات تفاديا لغضب واشنطن، فإنه في سيناريو آخر قد يدفعها إلى إسراع الخطى في طريق حيازة السلاح النووي لترميم ميزان الردع المتضرر، في ظل حالة العداء البنيوي مع الغرب التي يدرك معها قادة طهران أن طريق التسوية الشاملة مع الولايات المتحدة والغرب سيبقى مسدودا إلى الأبد.

كيف ستسير المفاوضات إذن؟

بعد وصوله إلى البيت الأبيض؛ أعاد ترامب تفعيل سياسية "الضغوط القصوى" على طهران واضعًا هدفا رئيسيا يتمثل في إيصال صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر، ويناقش مسؤولو إدارته خططا لتفتيش ناقلات النفط المشتبه في أنها تحمل نفطًا إيرانيًّا خاضعًا للعقوبات في نقاط اختناق عالمية رئيسية، مثل مضيق ملقا، حسبما ذكرت وكالة رويترز في 6 مارس/آذار.

وفي إطار ذلك؛ ألغت الولايات المتحدة إعفاء العراق من العقوبات على طهران في 8 مارس/آذار، الذي كان يسمح له باستيراد الكهرباء الإيرانية.

ورغم الآثار المباشرة لهذه الحملة على الاقتصاد الإيراني، مثل هبوط العملة المحلية إلى أدنى مستوياتها تاريخيا وارتفاع التضخم، فإنه على المدى المتوسط، تستطيع إيران التعايش مع هذه التهديدات واحتواءها داخليا، مما يجعلها تبدو ليست في عجلة من أمرها أثناء التفاوض.

بيد أنه على المدى البعيد لا تستطيع طهران تحمل العزلة الاقتصادية عن العالم، إذ لم يُصمَّم الاقتصاد الإيراني ليكون منعزلا كما في حالة كوريا الشمالية. تحتاج إيران إلى إيصال النفط لأسواق العالم بوصفه مصدرا رئيسيا من مصادر الدخل، كما اعتادت بنوكها العمل بنظام سويفت (جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك) الذي أخرجتها منه واشنطن بعد العقوبات، كما أن اقتصادها يعتمد أنماطا من السوق الحرة التي يحتاج فيها المستثمرون إلى التواصل مع الأسواق العالمية.

إعلان

وبما أن البرنامج النووي قد أسسته إيران أصلا ليكون أداة للردع، فإنها ستكون مستعدة لمقايضة عملية تقييده مرة أخرى بمكتسبات تشمل الحفاظ على مصالحها وضروراتها الإستراتيجية مثل تعزيز الوضع الاقتصادي ووقف الانهيار الجاري، والأهم هو قطع الطريق على العمل العسكري الذي تهدد به الولايات المتحدة وتتحفز له إسرائيل. في هذه الحالة سيكون البرنامج أداة ردع يعمل بشكل فعال وكفء.

لكن ستكون هناك معضلة في المفاوضات إذا استمر ترامب في رفع سقف مطالبه بتحجيم القدرات الصاروخية أو توقف طهران عن دعم حلفائها في الإقليم، وليس مجرد التفاهم حول حدود هؤلاء الحلفاء فحسب. سيكون من المستبعد تماما أن يتخلى الحرس الثوري الإيراني عن أي من الملفين، حتى وإن كانت تيارات أخرى في الدولة أكثر مرونة ستكون مستعدة لذلك.

ولأن إدارة ترامب تبدو غير متفقة بشكل نهائي على ما تريده من طهران، فإن ذلك يفتح الباب لاحتمال الوصول إلى اتفاق جزئي، إذا جرت عقلنة المطالب والتصورات من الطرفين، ومن الولايات المتحدة أولا.

يُذكر أنه في 15 أبريل/نيسان، دعا المبعوث الخاص للرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إيران إلى إنهاء برنامجها للتخصيب النووي. وقبل ذلك بيوم، وبعد اجتماعه مع وزير الخارجية الإيراني في عُمان، صرّح ويتكوف لقناة فوكس نيوز بأن الإدارة تسعى فقط إلى فرض قيود على قدرات إيران على التخصيب، وليس إلى التفكيك الكامل.

وتقول صحيفة نيويورك تايمز إن هذا التحول جاء بعد اجتماع في البيت الأبيض ضمّ ويتكوف، ونائب الرئيس جيه دي فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، ووزير الدفاع بيت هيغسيث، ومستشار الأمن القومي مايك والتز، ومدير وكالة المخابرات المركزية جون راتكليف.

ووفقًا للصحيفة، يرى كل من فانس وهيغسيث وويتكوف أن التوصل إلى اتفاق يتطلب الاكتفاء بوضع قيود على برنامج طهران النووي، بينما يرى روبيو ووالتز أن "التفكيك الكامل" للبرنامج على نمط ما فعله العقيد الليبي معمر القذافي عام 2003 هو الضمانة الوحيدة لإنهاء خطر إيران النووية.

إعلان

في المقابل؛ لا تزال لدى إيران أوراق قوة تحتفظ بها، فبرغم ما يمكن أن يقال عن أضرار تعرضت لها قوة إيران وحلفائها مؤخرا فإنه لا يزال لديهم الكثير جدا مما يمكن أن يؤذي الولايات المتحدة وإسرائيل في مواجهة صفرية. كما تعرف إيران أيضا أن ترامب -في الحقيقة- لا يريد سيناريو الحرب ولا يريد تحمل تكلفة صراع لن ينتهي في ظل حاجته إلى التفرغ لمعركته الإستراتيجية الطويلة الأمد مع الصين.

والخلاصة أنه إذا استمرت الولايات المتحدة في تصعيد مطالبها إلى السقف الذي يصطدم بضرورات إيران الإستراتيجية التي يستلهم منها النظام الحاكم شرعية وجوده، فإن احتمال الاتفاق يبدو منعدمًا، ويبقى احتمال العمل العسكري قائما. وإذا ابتعدت مطالب واشنطن عن فكرة التخلي عن البرنامج الصاروخي بصفة خاصة وعن شبكة الحلفاء الرئيسيين فإن احتمال الوصول إلى اتفاق جزئي سيكون مرتفعًا، في ظل حاجة الطرفين إلى ذلك.

مقالات مشابهة

  • إيران تحدد خطوطها الحمراء للاتفاق النووي
  • هل تفكك إيران الثلاثية المقدسة.. النووي والصواريخ وشبكة الحلفاء؟
  • الخارجية الإيرانية تطالب بضرورة رفع العقوبات المفروضة على طهران
  • بعد معارضة اتفاق أوباما.. لماذا تدعم السعودية اتفاق ترامب مع إيران؟
  • الخارجية الإيرانية: رفع العقوبات عن طهران مطلب أساسي في محادثاتنا مع واشنطن
  • مفاوضات روما.. كيف تقرأ الأوساط الإيرانية التقدم في المباحثات النووية؟
  • أذرع إيران على طاولة مفاوضات مسقط.. إلا الحشد
  • 11 محورا تقربك من ملف التخصيب النووي أداة إيران للتفاوض والردع
  • الكشف عن اتصالات سرية بين إيران وفريق ترامب خلال العامين الماضيين
  • إبراهيم شعبان يكتب: قصف إيران.. ترامب يتلاعب بالعالم من أجل إسرائيل