ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (دخلت المسجد لأصلي جماعة في صلاة العصر، فإذا بالإمام قرأ في الصلاة جهرًا ولم يسجد للسهو، فهل ذلك صحيح؟

وقالت دار الإفتاء في إجابتها على السؤال، إن ما فعلهَ الإمام في الصلاة صحيحٌ شرعًا؛ إذ إنَّ إسرار الإمام في الصلاة الجهرية، أو جهرَه في الصلاة السرية سهوًا لا تَبْطُل به الصلاة، وليس عليهِ سجود للسهوِ.

والذي ننصح به أن لا تكون مِثْل هذه المسائل مثار نزاعٍ وخلافٍ بين المصلين، لا سيما وأنَّ الخلاف في مِثْل هذه المسائل سائغ، ويَسَعنا فيها الأخذ برأي أحد الفقهاء، فلا تحجير فيها ولا تضييق.

وأضافت دار الإفتاء، أن الجهر في اللغة: الإعلان عن الشيء وكشفه، يقال جهرتُ بالكلامِ: أعلنت به، ورجلٌ جهيرُ الصوتِ، أي: عَالِيَهُ، وعند الفقهاء فالجهرُ هو: أن يقرأَ الـمُصَلِّي بصوتٍ مرتفعٍ يسمعُ غَيْرَهُ، والإسرارُ أنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ بالقراءةِ فقط دُونَ غيره.

وتابعت: والحكمةُ من الجهرِ والإسرارِ في موضعيهما: أنَّه لما كان الليلُ محلُّ الخلوةِ، ويُطلَبُ فيه السهرُ: شُرَعَ الجهرُ فيهِ طلبًا للذةِ مناجاةِ العبدِ لربهِ، وخُصَّ بالركعتينِ الأُولَيَيْنِ لنشاطِ المصلي فيهما، والنهار لما كان محلُّ الشواغلِ والاختلاطِ بالناسِ طُلِبَ فيهِ الإسرارُ لعدمِ صلاحيتهِ للتفرغِ للمناجاةِ، وأُلحِقَ الصبحُ بالصلاةِ الليليةِ لأنَّ وقتهُ ليسَ محلًّا للشواغلِ عادةً؛ كما قال العلامة البجيرمي في «حاشية البجيرمي على شرح الخطيب» (2/ 63، ط. دار الفكر).

وأشارت إلى أن الفقهاءُ مختلفون في مدى الإلزام بالجهر في الصلاة الجهرية، والإسرار في الصلاة السرية؛ فيرى المالكيةُ والحنابلةُ أنَّ الجهرَ في الصلاةِ الجهريةِ، والإسرار في الصلاة السريةِ سنةٌ للإمامِ والمأمومِ، ووافقهم على ذلكَ الشافعيةُ في الإمامِ دونَ المأمومِ، فالجهرُ عندهم سنةٌ للإمامِ، ومن الهيئاتِ للمأمومِ.  

قال العلامة الخرشي المالكي في «شرح مختصر خليل» (1/ 275، ط. دار الفكر): «منْ سُنَنِ الصلاةِ: الجهرُ فيما يُجْهَرُ فيه؛كَأُولَتَيِ المغربِ والعشاءِ، والصبحِ، والسرُّ فيما يسرُ فيهِ كالظهرِ والعصرِ وأخيرتيِ العشاءِ»اهـ.

وذهب الحنفيةُ إلى القولِ بأنهُ يجبُ على الإمامِ مراعاةُ صفةِ القراءةِ من الجهرِ والمخافتةِ.

وعلى ذلك: فإذا أسرَّ الإمامُ في الصلاةِ الجهريةِ أو جَهرَ في الصلاة السريةِ سهوًا؛ فلا تبطلُ صلاتُه اتفاقًا، ولكن هل عليه سجودُ سهوٍ أو لا؟ خلافٌ بينَ الفقهاءِ.

فذهبَ الحنفيةُ، والحنابلةُ في روايةٍ إلى أنَّ الإمامَ إذا سَهَا فجهرَ في الصلاةِ السريةِ، أو أسرَّ في الصلاةِ الجهريةِ يكونُ عليهِ سجودُ السهوِ، وهو ما ذهب إليه المالكيةُ في غير  اليسير من الجهر والإسرار.

وذهب الشافعيةُ والحنابلةُ في المعتمدِ إلى أنَّه ليس على ترك الجهر والإسرار في الصلاةِ سجودٌ للسهوِ، وهو ما ذهب إليه المالكية في اليسير من الجهر والإسرار.

وذكرت أن الدليل على أنَّ ترك الجهر والإسرار في موضعهما مما لا يُسجد لهُ للسهوِ أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم فَعَل ذلكَ؛ فقد روى أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنهم كانوا يسمعون منه النغمة في الظهر بـ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾، و﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾». رواه ابن خزيمة في "صحيحه"، والمقدسي في "المختارة".

وقد روي هذا الفعل -الجهر في الصلاة السرية- عن عددٍ من الصحابة، منهم: عمر، وعبد الله بن مسعود، وخباب بن الأرت، وسعيد بن العاص رضي الله عنهم، كما روى ابن أبي شيبة في "مصنفه"، والبيهقي في "السنن الكبرى".

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دار الإفتاء صلاة العصر الصلاة الجهرية الصلاة السرية فی الصلاة السریة الجهر والإسرار والإسرار فی

إقرأ أيضاً:

صلاح الدين.. اكتشاف قبور وهياكل عظمية وجِرار أثرية في موقع آشور

صلاح الدين.. اكتشاف قبور وهياكل عظمية وجِرار أثرية في موقع آشور

مقالات مشابهة

  • طريقة عمل شاورما الفراخ في البيت بالتتبيلة وطريقة التسوية السرية
  • من أنوار الصلاة والسلام على سيدنا محمّد صلى الله عليه وسلّم
  • هل تصح صلاة المأموم مع مصلٍ يؤدي النافلة؟.. الإفتاء تحسم الجدل
  • مفتي الجمهورية: البخاري جمع بين الغيرة على الدين ودقة النقل وفهم الوحي
  • سفير كازاخستان: نقدر جهود شيخ الأزهر في نشر صحيح الدين وترسيخ ثقافة الأخوة والتعايش
  • صلاح الدين.. اكتشاف قبور وهياكل عظمية وجِرار أثرية في موقع آشور
  • جهاز الأمن الفيدرالي الروسي يرفع السرية عن وثائق تتعلق بانتحار هتلر
  • هل يجوز للإمام إطالة الركوع لينتظر دخول الناس في الصلاة؟.. الإفتاء تجيب
  • المكتب الإعلامي في وزارة الداخلية: نؤكد حرصنا على ملاحقة المتورطين ومحاسبتهم وفق القانون، مع استمرار التحقيقات لكشف هوية صاحب المقطع الصوتي المسيء لنبينا محمد عليه الصلاة والسلام، ونؤكد أننا لن نتساهل في تقديم كل من ساهم في إثارة الفوضى وتقويض الاستقرار إ
  • المكتب الإعلامي في وزارة الداخلية: في ظل الأحداث الراهنة، وعلى خلفية انتشار مقطع صوتي يتضمن إساءةً لمقام النبي الكريم محمد عليه الصلاة والسلام، وما تلاه من تحريض وخطاب كراهية على مواقع التواصل الاجتماعي، شهدت منطقة جرمانا اشتباكات متقطعة بين مجموعات لمسلح