عربي21:
2025-01-18@08:47:34 GMT

كلفة ما بعد الحرب لا يذكرها أحد

تاريخ النشر: 28th, April 2024 GMT

اللافت للانتباه في تغطية حرب غزة، أنها تغطي كل شيء، عدا التساؤلات التفصيلية حول ما بعد الحرب، والإجابات الدقيقة، وليس الإجابات العامة التي تجدول الأزمات كل مرة.

نحن ننشغل جميعا بعدد الضحايا الفلسطينيين، من شهداء وجرحى وغير ذلك، وتمر علينا أرقام البيوت المهدمة، ونسمع كلاما كثيرا عن إعادة الإعمار، ولأننا أصحاب عاطفة نركز على الحدث اليومي، ولا نقرأ الواقع الإستراتيجي، وهذا الواقع مؤلم جدا، سيحتاج إلى ما هو أكبر من خطط إعمار، كريمة أو بخيلة، مشروطة، أو بدون شروط، عاجلة أو مؤجلة.



تأتيك اتصالات من زملاء صحفيين من داخل قطاع غزة، واتصالات من أصدقاء لهم أقارب في غزة، والكل يجمع على حقيقة واحدة، أن الجريمة أكبر بكثير مما تصوره الكاميرات وتنقله وسائل الإعلام، لأن الإعلام لا يصل إلى كل مكان، وأغلب الحكايات تم دفنها، أو انشغل أصحابها بالبحث عن مكان آمن، فهذا ليس وقت السرديات الشخصية، ولا رواية الحكايات.

أغلب بيوت قطاع غزة تم هدمها كليا، والتي لم يتم هدمها تخلخلت، والعمارة التي سلمت محاطة بحي مهدوم، وشوارع محفرة، والمستشفيات متوقفة وأجهزتها معطلة، والأدوية قليلة، والمدارس مقصوفة، والجامعات مهدومة، وكلاهما متوقف عن التعليم، والتجارة تم تدميرها، وحتى الأحياء التجارية والصناعية تم قصفها، والاقتصاد تم شطبه، حتى وصل الأمر إلى قصف مصنع أدوية، والمساجد والكنائس تم هدمها، والأرض الزراعية تم قصفها أو تجريفها، وقوارب الصيد تم حرقها، وشبكات المياه تم قصفها، وشبكات الكهرباء والمولدات تم تدميرها، ولم يبق شيء في غزة سوى البشر.

والتفاصيل كلها هنا تقول إننا اليوم أمام كتلة بشرية تعيش فوق أنقاض مدن كانت موجودة، وإذا كان هذا الكلام لا يحبه البعض لأنه يعتبره مساسا بالروح المعنوية، أو انتقاصا من فكرة الوقوف في وجه الاحتلال، فهذا مجرد سوء ظن، أتفهمه بسبب الحساسيات، لكن علينا أن نعترف أن ما بعد الحرب، أسوأ من الحرب، بكل ما تعنيه الكلمة على حياة الناس.

هذا هو الواقع، وربما التساؤلات المؤجلة تتعلق بما يقال عن خطط إعمار، وهي تكاد تكون مستحيلة، لأنك أمام شطب لمدن عمرها 100 سنة في العصر الحديث، وليس أمام أحياء تضررت وبضع خدمات بحاجة إلى استرداد، وهذا يعني ببساطة أنك قد لا تجد دولا في العالم مستعدة لإعادة بناء قطاع كامل من جديد، ولا استرداد البنيان والخدمات، لأن الكلف هنا مذهلة، والتقديرات متفاوتة، وقد يساعدك العالم جزئيا ببضعة مليارات لاسترداد الأساسيات.

حتى الأضرار المعنوية لا يحصيها أحد، وربما قطاع غزة فيه أعلى نسبة أيتام في العالم العربي، زاد عددهم بسبب الحرب، ودور الأيتام تم هدمها، والأضرار النفسية على الأطفال والأمهات وكبار السن وغيرهم، بحاجة إلى علاج، فهؤلاء نهاية المطاف من البشر، ولديهم أحاسيس، ومشاعر، وهم يعيشون منذ سبعة أشهر تحت صوت الصواريخ والقصف، فوق مشاعر الألم والفقدان والخسائر، التي يحاول البعض من باب إكرام الفلسطينيين ومحبة بهم، التهوين منها على أساس أن الفلسطيني عملاق ويتحمل كل شيء، وهذا تشجيع من بعيد، لأن الذي يكتوي بنار الاحتلال، إنسان نهاية المطاف، ولديه مشاعره، وإن كان يحتسب عند الله.

ما يجري في قطاع غزة، ليس مجرد حرب ضد فصائل، هذه حرب ضد الشعب الفلسطيني، حرب انتقامية، يراد عبرها إعادة ترسيم الجغرافيا السكانية، ضمن مخططات إسرائيلية أبشع وأسوأ لم نرها حتى اليوم، وعلينا أن نفتح عيوننا عليها جيدا، وأن نستعد لما سنراه عمّا قريب.

الغد الأردنية

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الاحتلال إسرائيلية إسرائيل احتلال غزة مقالات مقالات مقالات اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

تحديات كبيرة تواجه غزة.. المعاناة لن تنتهي بوقف إطلاق النار

نشر موقع "موندويس" مقالًا للكاتبة الفلسطينية رؤى شملخ اعتبرت فيه أن وقف إطلاق النار المرتقب في قطاع غزة لا يعني نهاية الحرب بل هو مجرد استراحة مؤقتة، لأن الحرب ستستمر في ذاكرة الناجين الذين دُمرت بيوتهم وهويتهم وتاريخهم.

وقالت الكاتبة في هذا المقال الذي ترجمته "عربي21" إنه مع وقف إطلاق النار في غزة، سيتوقف سقوط القنابل، ويتنفس العالم الصعداء، وتعمّ الاحتفالات بالسلام حتى إن كان مؤقتًا، وستنتقل وسائل الإعلام للتركيز على الأزمة التالية، ولكن بالنسبة لأولئك الذين نجوا من الحرب فإنها لم تنتهِ بل تغير شكلها فقط.


تدمير ممنهج
ترى الكاتبة أن الحرب بالنسبة للفلسطينيين لم تبدأ في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بل قبل ذلك بوقت طويل، وهي مستمرة على أنقاض المكان الذي كان يومًا ما وطنهم، ولا يعد وقف إطلاق النار إلى هدنة مؤقتة في رحلة العذاب المتواصلة.

وأضافت أن العالم يبحث عن حل سريع لإسكات الضمير، لكن وقف إطلاق النار لا يعدّ بالنسبة للفلسطينيين إلا لحظة عابرة أخرى في تاريخ طويل من الإقصاء.

وذكرت الكاتبة أنها كانت من سكان حي الشيخ عجلين في قطاع غزة، ووصفت الحي بأنه ليس مجرد مكان عادي، بل كان عالمًا قائمًا بذاته، زرعت فيه عائلتها أشجار العنب والتين منذ قرون، ويوجد فيه قبر جدها والجيران الذين تحبهم، لكن الحي لم يعد موجودا الآن إلا في ذاكرتها.

وأضافت أن الاحتلال الإسرائيلي لم يكتفِ بتفجير المباني، بل سيطر على الشوارع والحقول والمقابر وحولها جميعا إلى "مناطق عسكرية"، ودُفن كل شيء تحت الأنقاض في عملية تدمير للذاكرة والتاريخ.

وحسب رأيها، فإن هذه الممارسات ليس مجرد أثر جانبي للحرب، بل عملية ممنهجة لقطع الروابط بين الفلسطينيين وأرضهم، وتجريدهم من هويتهم، وكل ذلك يحوّل معاناة الفلسطينيين إلى مجرد قصة سهلة الهضم بالنسبة للرأي العام العالمي.


الآلام لا تنتهي بوقف إطلاق النار
تقول الكاتبة إن وقف إطلاق النار الذي يحتفل به العالم لا يعني نهاية الحرب والمعاناة بالنسبة لسكان غزة، بل يعني مجرد تهدئة مؤقتة للعنف، ولا يمكن أن يمحو آثار الدمار والجراح والآلام.

وتضيف أن توقف القنابل والقصف لن يوقف الصدمة، ولن يعيد الشوارع المدمرة، بل ستبقى الآثار عميقة في نفوس الفلسطينيين، ولن يستطيعوا العودة إلى حياتهم الطبيعية، بل سيتأقلمون مع شكل جديد من الحياة يجمع بين حطام الماضي وغموض المستقبل

وترى أن الصمت الذي يتبع وقف إطلاق النار ليس سلامًا، بل هو صمت يصم الآذان ويبقي وراءه شعبا منسيا ينتظر الجولة التالية من العنف.

واعتبرت أن الطريقة المختزلة التي يرى بها العالم قطاع غزة وسكانه على أنهم أبطال أو شهداء أو رموز للمقاومة أو ضحايا للقهر، لا تعكس الحقيقة الأكثر تعقيدًا.

وحسب رأيها، فإن ما عاشه سكان القطاع لن يُمحى من أذهانهم حتى إن اعتقد العالم أنه قد حلّ أزمتهم بوقف إطلاق النار، لأن مشكلة غزة أكبر من ذلك، وهي عبارة عن جرح ينزف بلا توقف.

مقالات مشابهة

  • تحديات كبيرة تواجه غزة.. المعاناة لن تنتهي بوقف إطلاق النار
  • مصر تكشف عن عدد الشاحنات التي ستدخل غزة من رفح يوميا
  • أبرز عمليات تبادل الأسرى التي جرت فلسطينيا مع إسرائيل
  • وزير الخارجية الأمريكي يشيد بالجهود الحثيثة التي بذلتها مصر لـ وقف إطلاق النار في غزة
  • ستكون باهظة للغاية.. ما هي كلفة إعادة إعمار غزة وكم تستغرق؟
  • الرشق: شروطنا التي طرحناها في بداية الحرب انتزعناها كلها وجثى المحتل على الركب
  • الولايات المتحدة تكشف عدد شاحنات المساعدات التي ستدخلها لغزة
  • «حماس» و«حزب الله» نقطة ضعف فى الموقف العربى
  • ندوب الحرب التي لن تبرأ بصمت المدافع
  • اقتربت اللحظة التي طال انتظارها.. موعد افتتاح المتحف المصري الكبير وهذه أسعار التذاكر