الإمارات تناشد مجلس الأمن بـ«إجراءات» لإنهاء النزاع في السودان
تاريخ النشر: 28th, April 2024 GMT
الإمارات عبرت عن قلقها العميق إزاء تصاعد التوترات في الفاشر بشمال دارفور والتهديد الذي تشكّله على المدنيين السودانيين.
التغيير: وكالات
ناشدت دولة الإمارات العربية المتحدة، مجلس الأمن الدولي، باتخاذ ما يلزم من إجراءات لضمان إنهاء النزاع، ووصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق إلى جميع أنحاء السودان.
ودخلت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع عامها الثاني، في وقت صعدت فيه حكومة الأمر الواقع بالسودان من معركتها الدبلوماسية ضد الإمارات التي تتهمها بتغذية الصراع عبر دعم الطرف الآخر.
وأعربت الإمارات في بيان أصدرته وزارة الخارجية، يوم السبت، عن قلقها العميق إزاء تصاعد التوترات في منطقة الفاشر بشمال دارفور والتهديد الذي تشكله على المدنيين السودانيين.
ودعت بحسب وكالات أنباء الإمارات (وام)، جميع الفصائل المسلحة، بما في ذلك قوات الدعم السريع، والقوات المسلحة السودانية، على إنهاء القتال، والعودة إلى الحوار.
وجددت دعوتها جميع الأطراف المتحاربة إلى الامتثال لالتزاماتهم بموجب القانون الإنساني الدولي واتخاذ إجراءات فورية حاسمة لتخفيف حدة التوترات وتجنّب انزلاق السودان إلى مستويات جديدة من عدم الاستقرار.
ودعت دولة الإمارات إلى تعزيز الاستجابة الإنسانية الدولية وتقديم الإغاثة العاجلة للمحتاجين في السودان والدول المجاورة.
كما أعربت عن بالغ قلقها حيال تقارير بشأن العنف الجنسي ضد النساء والفتيات، وارتفاع خطر المجاعة والقصف الجوي العشوائي، واستمرار معاناة وتشريد الآلاف من المدنيين، وخاصة الأطفال والنساء وكبار السن.
وأكدت دولة الإمارات موقفها الثابت المطالب بوقف فوري لإطلاق النار وحل سياسي للأزمة، ودعمها للعملية السياسية وجهود تحقيق التوافق الوطني نحو حكومة يقودها مدنيون.
وتقدم السودان، يوم السبت، بطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي لبحث ما أسماه “عدوان الإمارات على الشعب السوداني” ومساندتها لقوات الدعم السريع في الحرب التي تخوضها مع الجيش.
والاسبوع الماضي، رفضت أبو ظبي في رسالة إلى مجلس الأمن الاتهامات التي وجهتها الحكومة السودانية لها لدى المجلس.
وقالت إن كافة ادعاءات تورط الإمارات في أي شكل من أشكال العدوان أو زعزعة الاستقرار بالسودان لا أساس لها من الصحة وتفتقر إلى أدلة موثوقة لدعمها.
الوسومالجيش الدعم السريع السودان العنف الجنسي الفاشر حرب 15 ابريل دولة الإمارات العربية المتحدة شمال دارفور مجلس الأمن الدوليالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الجيش الدعم السريع السودان العنف الجنسي الفاشر حرب 15 ابريل دولة الإمارات العربية المتحدة شمال دارفور مجلس الأمن الدولي دولة الإمارات الدعم السریع مجلس الأمن
إقرأ أيضاً:
قوات الدعم السريع، من الذي أنشأ الوحش حقًا؟ لا هذا ولا ذاك، بل هو اختراق استخباراتي مكتمل الأركان
في خضم التصريحات المتأخرة التي أدلى بها أحد قيادات المؤتمر الوطني لقناة الجزيرة محاولًا تحميل قوى الحرية والتغيير وزر تمكين قوات الدعم السريع يقف المراقب أمام مشهد عبثي تختلط فيه الحقائق بالمزايدات ويتحول فيه التاريخ إلى ساحة لتبادل التهم في حين أن السؤال الحقيقي يظل غائبًا عن الأذهان. من الذي أنشأ هذا الكيان أصلًا. ومن الذي سمح له بالنمو خارج مؤسسات الدولة حتى صار دولة موازية داخل الوطن.
الحقيقة التي لا يرغب كثيرون في مواجهتها هي أن الدعم السريع لم يكن صناعة وطنية محضة لا من قبل النظام السابق ولا من قبل القوى المدنية بل كان أداةً تم إعدادها بعناية فائقة في غرف المخابرات الإقليمية والدولية ووُظفت في لحظة فارقة من تاريخ السودان لخدمة أجندات تتجاوز حدود البلاد وسياقاتها الداخلية. لقد كان ظهوره المفاجئ وتضخمه السريع وتمتعه بحصانات فوق دستورية كلها إشارات واضحة على أن اللعبة أكبر من مجرد مليشيا محلية خرجت من رحم الصراع في دارفور.
النظام السابق يتحمل المسؤولية الأولى. لا لأنه أنشأ الدعم السريع بقراره السيادي. بل لأنه سمح بتكوين كيان مسلح خارج منظومة الجيش السوداني. منح قادته صلاحيات بلا سقف. وتعامل معهم كأداة لضرب الخصوم السياسيين وضبط الأمن الداخلي. ثم ما لبث أن تحول هذا الكيان إلى كابوس يفوق القدرة على السيطرة. وهو ما ظهر جليًا في المشاهد الأخيرة التي عصفت بالعاصمة ومدن السودان كافة.
وقد كان موقف الجيش السوداني واضحًا منذ البداية في رفضه لوجود قوات موازية خارجه. وقد صرّح حميدتي نفسه في مقابلته الشهيرة مع الصحفي الطاهر حسن التوم بأن قيادة الجيش كانت ضد التوسع في قوات الدعم السريع. وأنها حاولت تقييد نشاطه. إلا أن الرئيس السابق عمر البشير هو من تجاوز قرارات الجيش ومنح الدعم السريع شرعية غير مشروعة وفتح له أبواب التوسع والتغلغل في أجهزة الدولة والسيطرة على مواردها الحيوية و كان ذلك كما ذكرنا من قبل بسبب الصراعات السياسية داخل منظومة الحكم.. هذا الإقرار العلني من قائد المليشيا نفسه يكشف أن المشروع لم يكن مطلبًا من القوات المسلحة بل فُرض عليها من جهة عليا كانت رهينة لضغوط أكثر من حرصها على بنية الدولة الوطنية.
ولعل ما يثير الأسئلة العميقة هو أن حميدتي لم يأتِ بطلب من الجيش كما يزعم البعض. بل هو من عرض خدماته على المؤسسة العسكرية في توقيت دقيق خلال صراعات دارفور. مما يفتح الباب لتساؤل مشروع. من الذي أرسله أصلًا. ومن الذي هيأ له الأرضية ليتحول من قائد مليشيا محلية إلى شخصية ذات نفوذ يتجاوز حدود السودان. والإجابة التي تتضح مع تعاقب الأحداث هي أن نفس القوى الاستخباراتية الإقليمية والدولية التي أرسلته بادئ الأمر هي التي ظلت تدعمه سياسيًا وماليًا ولوجستيًا طوال السنوات الماضية. مما يؤكد أن الحكومة السودانية السابقة وقعت في فخٍ محكم صنعته جهات خارجية واستثمرت فيه باحتراف حتى استطاعت أن تغرس سكينًا في قلب الدولة.
أما الحديث عن مسؤولية الفريق أول عبد الفتاح البرهان في تمكين الدعم السريع فهو مجافٍ للواقع. فحين تولى البرهان القيادة كانت قوات الدعم السريع قد تحولت بالفعل إلى كيان مهيمن واسع الانتشار يملك المال والسلاح والعلاقات الدولية. وكانت أي محاولة مباشرة لتفكيكه ستعني الدخول في مواجهة شاملة مكلفة في وقت كان فيه السودان غارقًا في هشاشة سياسية واقتصادية غير مسبوقة. وقد حاول البرهان خلال تلك الفترة احتواء الموقف وتطويق النفوذ المتزايد لهذه القوات عبر دمجها تدريجيًا في القوات المسلحة. لكنه واجه مراوغة ممنهجة من قيادة الدعم السريع التي كانت تخطط لمشروعها الخاص بعيدًا عن سلطة الدولة وعقيدتها العسكرية.
أما قوى الحرية والتغيير فمسؤوليتها أخلاقية وليست تأسيسية. فهي لم تُنْشِئ الدعم السريع ولم تدفع به إلى الواجهة. لكنها تعاملت معه في مرحلة ما كقوة أمر واقع. وارتكبت خطأً استراتيجيًا في التحالف معه بطرق مختلفة..
من يتحدث اليوم عن تمكين الدعم السريع من قوى التغيير يتناسى أن هذا التمكين بدأ قبل التغيير بسنوات. وأن أولى مظاهره كانت في التعديلات الدستورية التي أُدخلت خصيصًا لشرعنة وجوده وتوسيع نفوذه داخل أجهزة الدولة. ثم في الصمت المريب عن نشاطه الاقتصادي والعسكري وتمويله المفتوح عبر شبكات إقليمية ودولية كانت ولا تزال ترى فيه حارسًا لمصالحها في السودان ومنطقة الساحل.
من هنا فإن تسطيح النقاش في هذه المرحلة الحاسمة وتحويله إلى معركة بين أنصار النظام السابق وخصومه أو بين مكونات قوى التغيير هو هروب من مواجهة الحقيقة العارية. وهي أن ما جرى كان اختراقًا استخباراتيًا مكتمل الأركان. وأننا جميعًا سلطة ومعارضة وقعنا في فخ لعبة أكبر من الجميع.
إن تحرير سردية الدعم السريع من قبضة التبرير والتسييس هو الخطوة الأولى نحو فهم جوهر الأزمة الراهنة ومآلاتها. فالمعركة اليوم ليست مع مجموعة متمردة فقط. بل مع مشروع طويل الأمد استثمر في الانقسام وتغذى على فشل النخب وتواطؤ بعضهم وصمت البعض الآخر.
إن كشف القوى الخفية التي صنعت هذا الوحش ورعته هو التحدي الحقيقي أمام كل من يدّعي الوطنية اليوم. فالمعركة لم تعد مع مليشيا طاغية فقط، بل مع مشروع استخباراتي دولي زرع في قلب السودان سرطانًا متشعبًا لا يمكن استئصاله بالإنكار أو التلاوم. استمرار الانشغال بلعبة الاتهامات وتوزيع المسؤوليات هو هروب من الحقيقة وتعطيل للمعركة المصيرية. المهم الآن هو التعرية الكاملة لهذا المشروع وفضح ارتباطاته الخارجية وقطع الحبل السري الذي يغذيه، هذا فقط ما يمكن أن يُصنّف عملًا وطنيًا نقيًا. أما ما دون ذلك، فإما تواطؤ معلن أو غفلة قاتلة.
habusin@yahoo.com