الجامعات الأمريكية تشارك في معركة تحرير قطاع غزة من الحصار
تاريخ النشر: 28th, April 2024 GMT
أبريل 27, 2024آخر تحديث: أبريل 27, 2024
د. أروى محمد الشاعر
من قلب غزة، تلك البقعة الصغيرة على خارطة العالم، ينبعث صوت عظيم يصدح في آفاق الأرض بصمود أسطوري لشعب لا يُقهر، شعب يناضل ببسالة دفاعاً عن الأرض والهوية، وضد الروايات الزائفة التي تسعى لتشويه حقيقة النزاع في فلسطين نتيجة الاحتلال الصهيوني.
على مدار 75 عامًا، تمكنت الصهيونية العالمية عن طريق ما يسمى الديمقراطية الزائفة للمستعمرة الإسرائيلية من بناء صورة مضللة، مستخدمةً كافة أشكال القوة والنفوذ لتبرير المجازر ضد الشعب الفلسطيني وتمرير الرواية التي تخدم أجندتها، واليوم بفضل الصمود الأسطوري لشعب فلسطين في غزة والضفة الغربية والقدس، تكشفت خديعة استمرت لسنوات طويلة، حيث استغلت الصهيونية الأحداث التاريخية ومفاهيم مثل “معاداة السامية” لتحصين سياساتها ضد النقد والمحاسبة الدولية، وذلك بربط أي نقد لسياسات إسرائيل بمعاداة السامية، مستغلةً تعاطف العالم مع ضحايا الهولوكست ولعب دور الضحية لتبرير أعمال الإحتلال الوحشية تحت غطاء الدفاع الذاتي والبقاء.
إن الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والمجازر غير المسبوقة في غزة والتي نتيجة وحشيتها محيت عائلات بأكملها من السجل المدني، ألقت الضوء على الاستغلال الصهيوني للهولوكست كأداة سياسية لكبح جماح النقد وتشويه صورة النضال الفلسطيني من أجل الحرية.
اليوم، نرى أن الرأي العام العالمي يتغير بشكل ملحوظ. السردية الصهيونية التي دامت عقودًا تتآكل تحت وطأة الحقائق المغيبة التي تكشفها غزة بكل صبر وتحدٍ. شعوب العالم، التي كانت تحت ضغط المعلومات المضللة والدعاية المكثفة، بدأت تستفيق من غفلتها على الواقع المرير وتظهر تضامنًا متزايدًا مع الشعب الفلسطيني، ولم تعد الأقوال المعسولة عن الديمقراطية تُخفي وحشية الاحتلال والظلم. هذا اليقظة هي نتيجة الأحداث المؤلمة، وأيضًا بفضل المنصات الإعلامية البديلة والنشطاء بما فيهم اليهود المناصرين للقضية الفلسطينية الذين يعملون بلا كلل لنقل الحقائق وكسر الحجب الإعلامي الذي فرضته الصهيونية لعقود.
شعب غزة، بثباته وقوته، استطاع أن يُلهم العالم ويحرك ضمير الإنسانية، ويحول مجرى التاريخ وإعادة صياغة مفاهيم الحق والعدل في الوعي الجمعي العالمي، مُظهرًا أن القوة الحقيقية لا تكمن في السلاح بل في إرادة الشعوب وصمودها أمام الظلم.
لذلك نشهد اليوم موجة جديدة من الوعي تجتاح العالم، وعي يرفض التزييف ويطالب بإنصاف حقيقي للشعب الفلسطيني ضد الظلم والتحيز، والذي بنضاله من أجل الحرية لم يُحرك فقط الشعوب للتضامن معه ، بل وضع الحكومات والمؤسسات الدولية أمام مرآة أفعالها، مطالبًا إياهم بإعادة النظر في سياساتهم ومواقفهم.
إن الدعم المتزايد لقضية فلسطين العادلة والتضامن العالمي وخاصة بين الشباب والأكاديميين الذي نشهده من المظاهرات الكبرى في الجامعات الأميريكية والأوروبية والمدن العالمية إلى حملات المقاطعة وسحب الاستثمارات، هو دليل على أن الرواية الصهيونية بدأت تفقد قوتها السابقة وتأثيرها، وأصبحت مفاهيم الاستعمار والأبرتهايد والعنصرية أعمق والتي كانت غالبًا ما تُجنب في السياق الرسمي للحديث عن إسرائيل.
هذا التحول الكبير في الرأي العام العالمي لا يمكن فصله عن الصمود البطولي لشعب فلسطين، لقد تحولت غزة من مجرد مكان جغرافي إلى رمز للعزيمة والإصرار على العدالة والحق في الحياة، صمودها يُعلم العالم دروسًا في الشجاعة والتضحية، ويُحفز المجتمعات الدولية على إعادة التفكير في مواقفها من الصراع في الشرق الأوسط.
لقد أثبتت غزة أنها القوة الدافعة لتغيير الرواية العالمية حول الصراع في منطقتنا، وكشفت أن قوس الكون الأخلاقي يميل نحو العدالة، وأن عجلة التاريخ، مهما بدت ثقيلة، تدور بأيادي الشعوب التي تستمد قوتها من إيمانها بقضيتها، ومن قدرتها على أن تنهض دومًا من رماد الأزمات لتُعيد كتابة مصيرها بنفسها.
تشهد الجامعات الأمريكية العريقة اليوم حركة احتجاجية نشطة تنديداً بالإبادة الجماعية والتطهير العرقي الذي تمارسه إسرائيل في غزة وكل الأراضي الفلسطينية وتسعى للضغط على الحكومة الأمريكية والمؤسسات الجامعية لاتخاذ إجراءات فورية لوقف هذه الانتهاكات، وسحب الاستثمارات الجامعية من دولة الاحتلال والتي بموجبها قررت بعض هذه الجامعات إعلان المقاطعة رسمياً وسحب استثماراتها من الشركات الداعمة للكيان الصهيوني. بدأت هذه الحركة النضالية من جامعة كولومبيا وامتدت لتشمل الكثير من أعرق الجامعات مثل: هارفارد، ييل ، ستانفورد، بيركلي، نيويورك، تافتس، ميشيغان، بيتسبرغ، معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا( MIT ), كلية ايمرسون وغيرهم الكثير من الجامعات الاميركية العريقة والكندية والأوروبية والاسترالية .
من المؤسف أن يواجه بعض الطلاب الفصل والأساتذة الاضطهاد بسبب مشاركتهم في هذه الاحتجاجات السلمية. ومع ذلك، يظلون صامدين وفخورين بمواقفهم، مؤكدين أنهم جزء لا يتجزأ من حركة النضال من أجل العدالة والحرية.
تعكس هذه الاحتجاجات الطلابية قوة الشباب في تحقيق التغييرات الإيجابية، حيث أنها سبقتها أمثلة عديدة في التاريخ. على سبيل المثال، قبل 40 عامًا، قاد طلاب جامعة كاليفورنيا-بيركلي احتجاجًا حاشدًا ساعد في إنهاء نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا. وفي فيتنام، أسهمت الاحتجاجات الطلابية الاميركية في إنهاء الحرب والإنسحاب الأمريكي.
تثير هذه الاحتجاجات والتي تضم طلاباً يهوداً أيضاً، قلقاً وخوفاً من الجهات الرسمية الأميركية وذلك لأنها تأتي من جامعات عريقة يتمتع طلابها بامتيازات اجتماعية واقتصادية، وقد يكون بعضهم أولاد لأعضاء الكونغرس أو شخصيات مؤثرة، ويعتبر البعض أن هؤلاء الطلاب يمثلون الجيل القادم من القادة والطغاة المحتملين، وتثير انتفاضتهم قلقاً بالغاً بشأن تغييرات حتمية قد تطرأ على السياسة الأميركية في المستقبل.
ولذلك نرى اليوم المجرم نتنياهو يحاول استغلال الدموع الزائفة ومسرحية الضحية للتمويه على جرائمه، بمهاجمة طلاب الجامعات الذين قرروا الوقوف بجانب أهلنا في فلسطين ضد الاحتلال الوحشي، مدعياً بأن ما يحدث في الجامعات أمر مروع، واتهامهم بضد السامية والعنصرية وتهديدهم الطلاب اليهود والقضاء على دولة إسرائيل.
بالرغم من محاولات الفاشي نتنياهو اليائسة لتحريف الحقائق، وقلب الموازين والادعاء بأنه وشعبه هم من يتعرضون للإبادة الجماعية على يد الفلسطينيين، متجاهلًا الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والمجازر البشعة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني منذ ٧٥ عاماً، إلا أن العالم اليوم أصبح أكثر وعياً وإدراكاً للحقائق، ولن يفلت هذا المجرم من تضليلهم بعد أن تزايدت المعرفة بالظلم والاضطهاد الذي يتعرض له شعبنا، وتحولت أكاذيب الإرهابي نتنياهو إلى السخرية أمام هذا الوعي المتزايد.
وهذا ما اكده بيرني ساندرز، النائب اليهودي في الكونغرس الأميركي في رده على نتنياهو عندما قال له: “لا تهين ذكاء الشعب الأمريكي”، متهماً إياه باستخدام اتهامات معاداة السامية لتحويل الانتباه بعيداً عن الحرب غير الأخلاقية وغير القانونية من الإبادة الجماعية للمدنيين الفلسطينيين والذين ٧٠٪ منهم أطفال ونساء وتدمير البينية التحتية وأكثر من ٢٢١٠٠٠ مسكن و ١٢ مستشفيات وقتل أكثر من ٤٠٠ عضو طاقم طبي وهدم ٥٦ مدارس و١٢ جامعات في غزة، ما يحرم المدنيين من الوصول إلى التعليم والإسكان والرعاية الصحية.
إن الاحتجاجات في الجامعات المتصاعدة تظهر قوة الشباب في صياغة المستقبل وقدرتهم على تغيير سياسات بلادهم، إنهم بوصلة الحرية التي تُرشد الإنسانية نحو غدٍ مشرق بالعدل والمساواة، وتؤكد أنهم يملكون الإرادة والشجاعة ولن يسكتوا أمام انتهاكات حقوق الإنسان والانتهاكات الصهيونية المستمرة، وعلى الرغم من الهجمات عليهم وتهديدهم المتواصل واعتقالاتهم بالمئات التي لم يسبق لها مثيل في الجامعات، إلا أنهم يظلون واقفين بكل فخر وعزم، مؤكدين أن العدالة والحرية للشعب الفلسطيني لا مفر منها، وأن العالم سيصمد في وجه كل من يسعى للتمادي في الظلم والقهر ولن يتراجع حتى يتحقق النصر للشعب الفلسطيني وينتهي الاحتلال الصهيوني والظلم .
مرتبطالمصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: فی غزة
إقرأ أيضاً:
عشية الشهر الكريم:استمرار الاقتحامات والاعتقالات والاعتداءات الصهيونية في مناطق الضفة المحتلة
الثورة / متابعة
أحرق جيش الاحتلال الصهيوني، أمس، منزلين بمخيم نور شمس للاجئين الفلسطينيين شمال الضفة الغربية المحتلة، حيث تتواصل العملية العسكرية “الإسرائيلية” منذ 20 يوما.
وتصاعدت جرائم سلطات الاحتلال في مناطق الضفة بشكل واسع عشية حلول الشهر الكريم في ظل ما يطلق عليه جيش العدو عملية” السور الحديدي” في مدن ومخيمات الفلسطينيين شمال الضفة، وخاصة في جنين وطولكرم وطوباس
وواصل الاحتلال الاسرائيلي امس عدوانه على مدينة جنين ومخيمها لليوم الـ39 على التوالي، وعلى مدينة طولكرم ومخيمها لليوم الـ33 على التوالي، وعلى مخيم نور شمس لليوم الــ20،مخلفاً 27 شهيداً وعشرات الإصابات، ودماراً واسعاً في البنية التحتية والممتلكات، ووسط تعزيزات عسكرية، ومداهمات وحرق للمنازل.
واقتحمت قوات الاحتلال أمس الجمعة، أنحاء متفرقة من الضفة الغربية، واعتقلت عددا من المواطنين، فيما اعتدى المستوطنون على شرق يطا، كما تواصل قوات الاحتلال إغلاقها مداخل بلدات ومخيمات مدينة الخليل بالبوابات الحديدية، وتشدد من إجراءاتها العسكرية في حارات البلدة القديمة ومحيط الحرم الإبراهيمي، وتنصب الحواجز العسكرية.
ففي الخليل، اعتقلت قوات الاحتلال ستة مواطنين بينهم امرأة، وبحسب مصادر محلية، فإن قوات الاحتلال اقتحمت عدة بلدات وأحياء في مدينة الخليل، ودهمت عددا من المنازل وفتشتها وعبثت بمحتوياتها.
وأكدت المصادر أن الاحتلال اعتقل شابا من ضاحية البلدية بمدينة الخليل، وشابا آخر من مخيم العروب، وثلاثة شبان من بلدة السموع جنوب الخليل، وهمام موسى بحر من بلدة بيت أمر شمال الخليل.
واعتدى مستوطنون على عدد من المواطنين في منطقة حوارة شرق يطا.
وأوضحت منظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو، أن المستوطنين أطلقوا أغنامهم في المحاصيل الزراعية، مما دفع المواطنين للتصدي لهم، كما احتجزت قوات العدو الصهيوني عددًا من المواطنين وحققت معهم.
كما أفادت منظمة البيدر، أن مستوطنين قاموا بسرقة 15 رأسًا من الأغنام، صباح أمس، من تجمع شلال العوجا شمال أريحا .
وفي سلفيت، اعتقلت قوات الاحتلال الشاب جهاد رأفت ريان من بلدة قراوة بني حسان غرب سلفيت بعد أن اقتحمت البلدة ودهمت عدة منازل.
واقتحمت قوات الاحتلال المدينة من حاجز بيت فوريك العسكري، باتجاه منطقة المساكن الشعبية شرق نابلس.
في سياق متصل كشف صحفيون محررون من سجون الاحتلال عن تفاصيل مروعة بشأن التعذيب الذي تعرضوا له خلال فترات اعتقالهم، وفقًا لمركز حماية الصحفيين الفلسطينيين (PJPS).
وقال المركز في بيان صحفي، إن التحقيقات في أقبية مخابرات الاحتلال “الإسرائيلية” أظهرت تعرُّض الصحفيين لعنف جسدي ونفسي بشكل ممنهج.
ووفق المركز، فقد تعرض الصحفي محمود عليوة لتعذيب مضاعف نتيجة عمله الصحفي، حيث أخبره أحد الضباط بأن مهنته هي السبب وراء زيادة معاناته.
أما الصحفي محمد السلطان فقد خضع لجلسات تحقيق قاسية شملت اعتداءات جسدية ولفظية، بالإضافة إلى معاملة وحشية خلال فترة اعتقاله.
من جانبه، عانى الصحفي خضر عبد العال من الحرمان من الطعام والعلاج والعبادة طوال عشرة أشهر من الاحتجاز في مراكز التعذيب. حسب مركز حماية الصحفيين.
يذكر أنه منذ 7 أكتوبر 2023، تشن قوات الاحتلال حملة اعتقالات غير مسبوقة في الضفة والقدس المحتلتين طالت أكثر من 12 ألف مواطن بحسب نادي الأسير.
من جهة أخرى دعت وزارة الخارجية الألمانية، حكومة الاحتلال إلى “توفير الحماية للمدنيين والبنية التحتية المدنية في مخيمات اللاجئين بمحافظات: جنين وطولكرم وطوباس شمال الضفة الغربية المحتلة، وضمان عودة 40 ألف مواطن إلى منازلهم في أسرع وقت ممكن”.
وأوضحت الخارجية الألمانية في بيان، أمس الجمعة، تعقيبا على العدوان الإسرائيلي في مدن شمال الضفة: “أدى ذلك إلى اضطرار 40 ألف شخص في مخيمات اللاجئين في جنين وطولكرم وطوباس، إلى النزوح من منازلهم، كما استشهد 50 شخصاً وأصيب كثيرون آخرون، بما في ذلك الضحايا المدنيين”.
وأوضحت أنه “وفقا لاتفاقيات أوسلو، فإن جنين هي المنطقة (أ)، وبالتالي فهي تخضع للمسؤولية الأمنية الكاملة للسلطة الفلسطينية”، مشيرة إلى “أن خطط الحكومة الإسرائيلية لإبقاء (الجيش الإسرائيلي) في مخيم جنين للاجئين على المدى الطويل غير مقبولة”.
وشددت الخارجية الألمانية على أن “الإجراءات الإسرائيلية تعزز هياكل الاحتلال التي يجب تفكيكها وفقًا للرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الصادر في 19 يوليو 2024، وزعزعة الاستقرار والأمن الهش للغاية بالفعل”.
كما ألحقت قوات الاحتلال دماراً كبيراً وكاملاً، في البنية التحتية من شبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي والاتصالات، ما أدى إلى انقطاع الخدمات الأساسية عن كامل مخيمي طولكرم ونور شمس، وفاقم من معاناة المواطنين الذين ما زالوا في منازلهم.