من منا لم يقرأ بيان البروفيسور الأمين الدودو عبدالله خاطري ، السفير بالخارجية التشادية ، ذلك القول الصريح المبين ، قاله كرد فعل إزاء موقف الشيخ ” الشيخ موسى هلال ” في خطابه أمام أهله ، إدانة للدعم السريع ، وتبرءا من أفعالهم وسلوكهم ، معلنا مناصرته للسودان وشرعية مؤسساته ، وأولها القوات المسلحة .

وللبيان أبعاد كثيرة ، ومقاصد أكثر خصوصية في دوائر المكون العربي الدارفوري ، أولها ، الخوف والجزع من واقع الأحداث ، التي تظهر تحولا في وجهة الأمور لصالح السودان ومجتمعاته الوطنية الأصيلة .

والبعد الأكثر تجليا في هذا البيان ، هو بروز شبهة مقاصد وأهداف تمرد قوات الدعم السريع وانكشافه للعيان بدون أي حجب .

إذ ، قال الأمين الدودو عبدالله خاطري ، في بيانه الخاص والذي خاطب به إخوته في ” التضامن العربي ” قائلا :

” ربما سيسجل التاريخ في صفحات المجد العربي بالمنطقة ، أنه ما من أحد في العصر الحديث قد طعن العرب بخنجر خذلان العار ، مثل ما فعل الشيخ موسى هلال عبدالله ، بمثل هذا الموقف الذي ليس فقط نتألم منه نفسيا فحسب ، بل سيظل عاراً في المواقف من أحد قادات العرب للوقوف مع الآخر ضد مكون الذات ،

إننا نحن الذين نفرت ومازالت تنفر نفوسنا من موقف الشيخ موسى هلال الأخير هذا بشكل أو بآخر ، نمثل الذات والأصل والانتماء للشيخ موسى هلال ، بحيث أن العار الذي سيوصف به موقفه إنه سيطالنا في نظر الآخر لنا ( أنتم الفلانيون ) !! ”

ذلك القول ، لا يكشف ماوراء الأهداف المعلنة لتمرد الدعم السريع فحسب ، بل تلتمع فيه وبجلاء شديد رعونة ” التجمع العربي ” نفسه ، ومشروعه المضمر في مضمون خطابته المعلنة والتي قطعا ، ستقود السودان إلى المنزلق الماحق للحياة ، وإن سكبوا عليه ألحان التطريب بأناشيد ” كل كوز ندوسوا دوس ، وهدم دولة 56 ، وأصحاب الإرث التاريخي ، وتفكيك القوات المسلحة ”

ذلك البيان وحده ، دال من دوال ، قبح نوايا الدعم السريع ، وشبهة مقاصده التي هي في الأصل ليست إلا مليشيات التجمع العربي وقواته العسكرية الخاصة ، المعروفة منذ زمن بعيد في أواسط مجتمعات غرب السودان .

وهو إئتلاف ، أو ، اتحاد خاص بالقبائل العربية في دارفور وامتداتهم في دول غرب إفريقيا .
كشف عنها بوضح ، عدد من الباحثين الذين عملوا منذ سنوات في البحث عن أسباب النزاعات والصراع في أقليم دارفور .

ومنهم الدكتور ” عبدالله عثمان التوم ” الذي ذهب في بحثه الموسوم باسم ” التجمع العربي وأيديولوجية الإبادة الجماعية في دارفور ” الذي إستقرأ لنا عدداً من الوثائق التي تحمل مسمى التجمع العربي لغرب السودان – دارفور وكردفان – بوصفها المظلة الكبرى التي تستظل تحتها تلك القبائل ، مشيرا إلى أن المحاولات الهادفة لإستئصال شعب دارفور الأصيل وإستلاب أرضه هي مساعي مدعومة بالإيديولوجية الإستعلائية العربية التي تمت رعايتها عبر عقود متعددة سابقة .

مؤكدا ومن خلال تلك الوثائق بأن ” التجمع العربي ” يعمل عبر تحالف وثيق مع كل ، من الدائرتين القومية والإقليمية اللتين تسعيان لتمديد ما يُعرف بالحزام العربي إلى عمق ما وراء الصحراء الأفريقي .

الدكتور عبدالله عثمان التوم في بحثه إستعرض نحو ستة وثائق ذات صلة بالتجمع العربي ، والشاهد أن كاتب المقال نفسه قد قرأ تلك الوثائق في العام 2004م ، وهي عباره عن بيانات صدرت باسم التجمع العربي .

البيان الأول مصدر باسم ” قريش 1 ” . والبيان الثاني باسم ” قريش 2 ” .. مشيرا عن تاريخ تكوين هذا التجمع إلي مطلع الثمانينات من القرن العشرين إلا ، أن قوته الدافعة إزدادت في السنوات الأخيرة لذات العقد .

فلا عجب من بيان السفير التشادي الأمين الدودو عبدالله خاطري ، الذى أكد ما كان خافيا على البعض داعما ما ذهبنا إليه من قبل ، إذ يقول :

” إن الدعم السريع هو مشروع وجود لهذه الأمة ، ولمصادفات القدر إن هذا المشروع حسب ما نعلم منذ تأسيسه وحتى اليوم ما كان كبيرا وقويا مثل ما هو عليه الحال اليوم ، و بعد مرور عام من معركة كسر العظم التي خاضها الدعم السريع ضد خصومه ، قد ازداد قوة بشرية وعسكرية وأحلاف وتجربة ميدانية بصورة لم يسبق لها مثيل في المنطقة .

ومع أننا جميعا نؤمن بأن النصر من عند الله ، فإن الدعم بإذن الله منصور وبالغ هدفه ، ومعلن مشروعه في السودان والمنطقة ، وأننا يا شيخ موسى هلال باعتبارنا أهلك وعصبتك وانتماؤك وعاقلتك ، سنكمل بقية المشوار مع الدعم بحكم وحدة الانتماء والمصير ، والعديد من القواسم المشتركة التي تربطنا به كانتماء ومصير وهدف ومشروع( إمَّا نكون أو لا نكون ) ” …

الدعم السريع ، من خلال ذلك البيان ، وإحتجاجات أمراء القبائل العربية في مدينة الجنينة بغرب دارفور ، والضعين في شرق دارفور ، معلنين رد فعلهم المعاكس لموقف الشيخ موسى هلال ، الذي بموقفه هذا قد فارق عصبة العرق والدم واللون ، وطعن عرب دارفور وكسر ظهورهم حسب اقوالهم ، يتأكد لنا أن المحرك والدافع الأساس للدعم السريع هو تنفيذ مشروع ” التجمع العربي وأيديولوجيته القائمة على إبادة الشعوب والمجتمعات الأصيلة في السودان وتوطين عرب الشتات كما هو في بياناتهم السابقة ” قريش 1 ” و ” قريش 2 ” ..

تلك هي الحقيقة واضحة ، بلا درس أضافي للدارسين ، غير أن الطامة الكبرى ، أنه لا يزال بعضنا منساقا وراء هتافت تلك المليشيات وأحلافهم من التيارات السياسية ، الباحثة عن العلمانية والمدنية والديمقراطية في السودان ضدا للإسلاميين ، والجلابة ، والشريط النيلي .
الطامة الكبرى ، أنه لا يزال بعض شباب البلاد رهينا لتأثيرات التعبئة السياسية ، والشعارات المستهلكة والرؤى التي تجاوزتها ” ضرورة الوقت ” فأصبحت هي من أهم المغذيات المعنوية المقوية لدعم مليشيا التجمع العربي المستتر باسم الدعم السريع .

فالألم الأكثر وجعا ، هو أن يهتف بعضنا مضادا للقوات المسلحة ، يمتد يده مصافاحا تلك المليشيات الملوثة بدماء أهل السودان في دار مساليت والجزيرة والخرطوم ..
ما يعصر قلوبنا ، أن تكون شعارات بعض منا ، هي طبق الأصل لشعارات الجنجويد ، فيتداخل عندهم الحق والباطل ..
فإذا كانت الديمقراطية مثلا ، هي التي يبحث عنها مليشيا تجمع القبائل العربية من غرب السودان ..
أليس من الموضوعية أن نتساءل :
* هل الديمقراطية هي نطفة يمكن تسكينها إيجارا في رحم إصطناعي ؟
* الاعراب ” من الخليج الثائر إلى المحيط الهادر ” كم هي نسبة جينات الديمقراطية في دماء عروقهم ؟
* ماذا عند الاعراب غير الإستعلاء العرقي والعصبيات القائمة على أسس اللون والعرق والدم ؟
* أي رائحة وطعم في ” طبق المشكل ” القبلي الديكتاروي المتعطش للقتل وسفك الدماء في أبسط الأشياء من زمن ” داحس والغبراء ” ؟

* أي ولاء للسودان من تجمع ” شتات ” متداخل الولاءات ، متسربين من وراء حدود دول غرب أفريقيا ، متضاربين في التفكير والأطماع والمصالح ؟
* شتات مدجج بكل تناقضات الدنيا ، فماذا يعني السودان في وجدان ” الشتات ” من الصدور ؟

الدكتور فضل الله أحمد عبدالله

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: التجمع العربی الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

السيسي يؤكد للبرهان استمرار الدعم المصري للسودان للخروج من الأزمة الحالية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الاثنين، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني، وذلك على هامش أعمال الدورة الثانية عشر للمؤتمر الحضري العالمي المنعقد بالقاهرة.

وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن اللقاء تضمن تأكيد قوة ورسوخ الروابط التاريخية التي تجمع البلدين الشقيقين على المستويين الرسمي والشعبي، وفي هذا الإطار حرص الرئيس على تأكيد استمرار الدعم المصري للسودان الشقيق على المستويات كافة، للخروج من الأزمة التي يمر بها، مشدداً على الموقف المصري الثابت والساعي لوقف إطلاق النار وحقن دماء الأشقاء في السودان، ومستعرضاً الجهود المصرية على الساحتين الإقليمية والدولية الدافعة في هذا الاتجاه.

ومن جانبه ثمن الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان الدور المصري، مشيداً بالمساندة المصرية المخلصة لجهود التهدئة في السودان، وحرص مصر على الحفاظ على وحدة وسلامة واستقرار السودان، ومؤكداً تقديره وكافة أبناء الشعب السوداني لاستضافة الشعب المصري لأشقائه السودانيين خلال الأزمة.
 

مقالات مشابهة

  • السيسي يتعهد للبرهان بـاستمرار الدعم المصري للسودان
  • السيسي يؤكد للبرهان "استمرار الدعم" المصري للسودان  
  • التصعيد الاقتصادي والسياسي للدعم السريع اتجاه مصر ، خطوات نحو الانفصال الإداري وتبعاتها
  • السيسي يستقبل البرهان ويؤكد استمرار الدعم المصري للسودان
  • السيسي يؤكد للبرهان استمرار الدعم المصري للسودان للخروج من الأزمة الحالية
  • مساجد السودان في بنك أهداف قوات الدعم السريع
  • اتهامات للدعم السريع بقتل العشرات في ولاية الجزيرة وشمال دارفور
  • مقتل 18 شخصاً في هجومين لقوات الدعم السريع غربي السودان
  • مقتل 18 شخصًا وإصابة 5 آخرين غرب السودان
  • مناوي يتهم الدعم السريع بقتل ابناء دارفور على أساس عرقي