الشريف محمد الحسني يستعرض تاريخ بلاد عسير وعلاقة الرسول الكريم بها قبل البعثة وبعدها
تاريخ النشر: 27th, April 2024 GMT
كشف الدكتور الشريف محمد بن على الحسني، المؤرخ ورئيس الرابطة العالمية للإنساب الهاشمية ورئيس الاتحاد العربى للملكية الفكرية، عن تفاصيل جديدة بشأن تاريخ بلاد عسير في الجاهلية والعصر الإسلامي المبكر.
وأوضح الحسني، في تصريح له، أنه ورد في السيرة الحلبية، أن السيدة خديجة رضوان الله عليها، أرسلت سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، قبل مبعثه الشريف بتجارتها إلى اليمن قبل أن ترسله إلى الشام، ففي السيرة الحلبية، أن النبي قال: "أجرت نفسي من خديجة سفرتين بقلوص، الأولى: مع عبدها ميسرة إلى سوق حباشة، وهو مكان بأرض تهامة بينه وبين مكة ست ليال، كانوا يبتاعون منه بزا ورجعا، والثانية مع ميسرة إلى الشام".
وأوضح الحسني، أنه في معجم البلدان قال: "وحباشة سوق من أسواق العرب في الجاهلية، ذكره عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال: لما استوى رسول الله، وبلغ أشده وليس له كثير مال، استأجرته خديجة إلى سوق حباشة، وهو سوق بتهامة، واستأجرت معه رجلا آخر من قريش، وقال رسول الله وهو يحدث عنها: ما رأيت من صاحبة أجير خيرا من خديجة، ما كنا نرجع أنا وصاحبي إلا وجدنا عندها تحفة من طعام تخبئه لنا".
وأكد رئيس الاتحاد العربى للملكية الفكرية، أن سيدنا محمد سافر بالتجارة لخديجة أربع مرات، واحدة إلى سوق حباشة، واثنتين إلى جرش، وواحدة إلى الشام، موضحا أن جرش هي في بلاد عسير وسوقها الشهير الذي تجتمع فيه قبائل أزد عسير، وهكذا فإن سيدنا محمد كما تذكر المصادر أن رحلات النبي إلى اليمن وصلت إلى أربع، فهذا يعني أنه كان على معرفة بما كان يعتمل في اليمن من أحداث ومعتقدات قبل وبعد مبعثه الشريف.
وأضاف أنه على الرغم من بعد عسير عن مركز الدعوة المحمدية التي انطلقت من مكة المكرمة واتساع نطاقها من عاصمة الدولة الإسلامية المدينة المنورة، كانت وفود عسير من أوائل الوفود القادمة إلى المدينة المنورة لإعلان دخول الدين الإسلامي الحنيف، وقد كانت الوشائج الاجتماعية والسياسية والتجارية للأزديين مع تجارة قريش تثبت التواصل التجاري، وكان الأزديون يرسلون تجار منهم يتنقلون في أسواق بلاد الشام واليمن وسوق عكاظ وأسواق قريش وسوق حباشة، منوها إلى أن وجود الثروة الحيوانية والمساحات الزراعية، أهم ما يميز الإقليم وخاصة الموارد المائية التي جعلت منطقتهم تستقبل أعدادا كبيرة من قبائل العرب للعيش الرغد في مناطق أزد شنوءة (أزد السراة)،
وأشار إلى أن الرسالة المحمدية تغلغلت في حياة أهالي بلاد عسير أو قبائل الأزد كما يسمون في أوائل القرن الهجري الأول، وقد تبلور ذلك من خلال إقامتهم عدة مساجد وجوامع ظلت قائمة كمرجع للعلوم والتعليم والمحافظة على تعاليم الدين الإسلامي، وأن هذه المساجد كانت ملتقى للقبائل ومجمعًا لتخريج حفظة القرآن الكريم والحديث الشريف.
وأكد أن مما حفظه مؤرخي السيرة رسالة النبي صلوات الله عليه وآله لأهل جرش (عاصمة عسير في ذلك الوقت)، تلك الرسالة التي أقر الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - من خلالها حمى أهل جرش الذي يحيط بمدينتهم وذلك بمنحهم حق الرعي والتملك في بلادهم ووضع القوانين الشرعية التي تنظم العلاقات بين الأفراد في شؤون حياتهم المختلفة في ظل أحكام الشريعة الإسلامية، وكانت علاقة سيدنا محمد صفوة البشر ببلاد عسير التجارية الوجدانية والثقافية، ووصلت إلى عسير خلال رحلاته لها في التجارة فهو الصادق الأمين تتجلى هذه السيرة في المواقف النبوية خلال استقباله لوفودها ومعرفته بأهلها وكتابه لأهلها وحسن استقباله لوفودها ونصائحه لهم، وقد انعكست هذه المحبة (لقبائل الازد) في مشاركتهم بحروب الردة بطلب من الخليفة أبي بكر الصديق ومشاركتهم في الفتوحات الإسلامية.
وأوضح الحسني، أن التاريخ العربي الإسلامي وبالتحديد خلال القرن الهجري الأول من ظهور الإسلام يسجل إسهاماتهم الثقافية والفكرية والأدبية، وقد أمدت المجتمع الإسلامي بالكثير من العلماء والمفسرين ورواة الحديث والفقهاء والأدباء والشعراء، كما أن قبائل ازد بلاد عسير قدمت خدمات جليلة للدولة الإسلامية في صدر الإسلام، وذلك بمشاركتها في الفتوحات الإسلامية داخل وخارج الجزيرة العربية، وظهر منهم القادة الميدانيون الذين أثبتوا جدارتهم في تلك الظروف الصعبة، وكان الخلفاء يندبونهم بالاسم ويعينونهم على الأمصار كالقائد عرفجة البارقي وآخرين، وفي حرب مؤته يسجل لنا التاريخ قيام أول مواجهة بين المسلمين والغرب من خلال هذه المعركة ((مؤتة الشهيرة))، والسبب لها وهو مقتل الحارث بن عمير الازدي الذي أرسله الرسول صلى الله عليه وآله ضمن الكثير من الرسل للأمصار والدول المجاورة، وكانت للرسل حرمة تحميه من البطش، ولكنه تم قتله، فغضب الرسول صلوات الله عليه وآله غضبا شديدا وقرر إرسال الجيش انتقاما لمقتله، فكانت (معركة مؤتة الشهيرة)، كما أن نزول القرآن بسبعة أحرف من ضمنها لهجة الازد (بلاد عسير) حسب تفسير علماء علم القرآن الكريم وفي مقدمتهم العالم الجليل الزركشي، وهكذا عرفنا معرفة النبي بعسير قبل المبعث الشريف وانعكس ذلك بعد المبعث في إسلام عسير وقد شرفت عسير بكتاب النبي الذي أرسله مع وفدهم.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الله علیه وآله سیدنا محمد
إقرأ أيضاً:
فعله النبي مع الصحابة.. الأزهر العالمي للفتوى يكشف عن أسلوب لتربية الأبناء
قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن التربية بالقصة من أعظم وسائل التربية نفعًا، وقد ذخر القرآن الكريم والسنة المشرفة بهذه القصص، ومنها قصة لقمان عليه السلام؛ فقد قال الله سبحانه على لسان لقمان وهو يرسخ عبودية الله في قلب ابنه وعمله: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}. [لقمان: 17].
وأضاف مركز الأزهر في منشور له، أن السُّنة المشرفة ترشدنا إلى تعليم الأولاد أركان الإسلام وهم صغار، كما وجدنا سيدنا رسول الله يُدرب ناشئة الصحابة على الصلاة تدريبًا عمليًّا، ومن ذلك أن ابن عباس رضي الله عنهما قام يصلي وراء النبي قيام الليل فقام عن شماله فأقامه عن يمينه. [أخرجه البخاري].
التربية السليمةأكد الدكتور عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن التربية السليمة والمتابعة الدقيقة من الآباء هي الأساس في حماية الأبناء من الانزلاق إلى الطرق الضارة والقرارات المدمرة، موضحا أن من أهم مهام الآباء في هذه الأيام هو مراقبة سلوك أبنائهم ومعرفة أصدقائهم، حيث إن اختيار الصحبة الصالحة يمثل عاملاً أساسيًا في تكوين الشخصية وحماية الشباب من الانحرافات.
وأوضح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال تصريح له، أن الله سبحانه وتعالى حذرنا من تأثير الرفقة السيئة، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: (المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل)، وهذا الحديث الشريف يبين لنا خطر الصحبة على الإنسان، فالشاب قد يتأثر بأصدقائه وقد يسحبهم نحو طريق سيئ، بينما لا يستطيع هو نفسه العودة بسهولة".
وأضاف أمين الفتوى: "نحن نعيش في زمن يتسارع فيه التطور التكنولوجي، ومعه تأتي المخاطر التي قد تهدد الأبناء، مثل الانحرافات الأخلاقية وتعاطي المخدرات، الشباب في هذه الفترة قد يتعرضون لضغوط من أصدقائهم لتجربة أمور سيئة مثل المخدرات، والذين يروجون لهذه السموم قد يقولون لهم: (جربوا، لن تخسروا شيئًا)، وهذا يمثل بداية طريق طويل قد يؤدي إلى كارثة".
مراقبة سلوك الأبناءوأشار إلى أنه يجب على الآباء متابعة سلوك أبنائهم بشكل مستمر، وعدم الاكتفاء بالتوقعات أو الظنون، مضيفا: "إذا رأيت ابنك أو ابنتك يعزل نفسه عن الأسرة أو يبدأ في مصاحبة أصدقاء لا يعرفون الطريق الصحيح، يجب أن تتدخل فورًا وتبحث عن السبب.. المجتمع اليوم مفتوح، والفاسد قد يأتي من أي مكان، لذلك مسؤولية الأبناء لا تقتصر فقط على التربية داخل المنزل، بل تمتد إلى متابعة أصدقائهم ومجتمعاتهم".
ودعا إلى أهمية تعميق العلاقة الروحية بين الآباء والأبناء، مؤكدًا على ضرورة أن يتربى الأبناء على الصلاة والعبادات، حيث قال: "الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وعندما يعتاد الأبناء على الصلاة، فإن ضمائرهم تكون أكثر يقظة ضد أي انحرافات قد يواجهونها في حياتهم".
واختتم بالتأكيد على أن الشباب هم عماد الأمة، وأن استثمار الوقت في توجيههم نحو ما ينفعهم ويراعي مصلحة المجتمع هو السبيل إلى الحفاظ على قوتنا الوطنية وحمايتنا من المخاطر المستقبلية، وإذا ضاع الشباب، ضاعت الأمة بأسرها، لذلك يجب علينا أن نكون دائمًا يقظين لحمايتهم من السبل الضارة.