إزالة الغابات.. أخطار عالمية جديدة وأزمة مناخ متفاقمة
تاريخ النشر: 27th, April 2024 GMT
بينما يتطلع قادة 145 دولة إلى الوفاء بتعهداتهم في وقف مسار إزالة الغابات بحلول عام 2030، فإن نتائج التقرير التقييمي السنوي تجعل من تلك الآمال بعيدة المنال، حتى مع تلك الخطوات الواعدة التي حققتها كل من البرازيل وكولومبيا.
ويسلط التقرير الصادر عن "معهد الموارد العالمية" -الذي يهتم بقضايا البيئة والمناخ والغذاء- الضوء على الغطاء الغابي في العالم، معتمدا على قاعدة بيانات يشرف عليها فريق من الباحثين في مختبر "غلاد" بجامعة ميريلاند الأميركية.
وتركز منصة مراقبة الغابات في العالم التابعة للمعهد -في تقريرها- على التغيرات التي تطرأ على الغابات في المناطق الاستوائية لجهة أن حوالي 96% من خسارة المساحات الغابية تكون في هذه المنطقة.
كما يركز التقرير على الغابات في المناطق الاستوائية الرطبة، وهي الغابات المطيرة التي تستحوذ على أهمية بالغة في التنوع البيولوجي وتخزين الكربون وتعديل التأثيرات المناخية الإقليمية والمحلية.
ويتضح -من خلال بيانات التقرير- أن فقدان الغابات تراجع في كل من البرازيل وكولومبيا ما بين عامي 2022 و2023 بنسبة 36% و49% على التوالي.
لكن إجمالا فإن حجم الغابات الأولية الاستوائية -التي تمت خسارتها عام 2023- لا تزال في مستويات شبه ثابتة على مدار السنوات السابقة.
وبينما تسلحت بعض الدول بالإرادة السياسية للحد من فقدان المساحات الغابية، فإن أخرى شهدت زيادات حادة مثل بوليفيا ولاوس ونيكاراغوا والكاميرون والكونغو الديمقراطية والكاميرون وإندونيسيا.
Brazil's share of total tropical primary forest loss dropped dramatically from 43% in 2022 to 30% in 2023.
Read @globalforests full analysis of 2023 #TreeCoverLoss data ???? https://t.co/dqPqb51ljj pic.twitter.com/I2j92a976J
— World Resources Inst (@WorldResources) April 11, 2024
تضرر الغابات الاستوائيةزادت خسارة الغابات الأولية في بوليفيا عام 2023 بنسبة 27%، بسبب الحرائق وتوسع المساحات الزراعية، لتصل إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق للعام الثالث على التوالي.
وهذه ثالث أكبر خسارة للغابات مقارنة بأي بلد استوائي آخر، على الرغم من أنها تضم أقل من نصف مساحة الغابات الموجودة في الكونغو الديمقراطية أو إندونيسيا.
وفي الكونغو الديمقراطية تسير وتيرة إزالة الغابات على قدم وساق بفقدان ما يقدر بنصف مليون هكتار من الغابات الأولية الاستوائية سنويا.
ورغم أن الدول الواقعة بحوض الكونغو تشهد نسبا متدنية في انحسار المساحات الغابية، فإن وجود أكثر من نصف مساحة الغابات بالحوض بأراضي الكونغو الديمقراطية يجعلها مهددة على المدى الطويل.
تأثرت غابات الكونغو الديمقراطية بالنمط السائد لإنتاج الطاقة في البلاد والذي يعتمد على الفحم، إذ ينتشر الفقر على نطاق واسع، حيث يعيش قرابة 62% من السكان على حوالي دولارين أميركيين في اليوم.
ويعتمد السكان المحليون على الغابات لتلبية احتياجاتهم من الغذاء والطاقة، ولا يحصل 81% منهم على الكهرباء.
كما أثرت أنشطة التعدين التقليدية وسطوة الجماعات المسلحة -التي اعتمدت على المنتجات الغابية من الخشب لتمويل عملياتها- في استنزاف الغابات.
وتعهدت الحكومة عام 2024 بالاستثمار في اقتصاد يقلل من الاعتماد على الموارد كجزء من الاقتصاد المناخي الجديد.
ولا يختلف الوضع كثيرا في إندونيسيا التي زادت فيها نسبة فقدان الغابات بـ27% عام 2023 تحت وطأة ظاهرة "النينيو" بشكل خاص.
خسارة مضاعفةحسب البيانات المنشورة في التقرير، يبلغ حجم خسارة الغابات الاستوائية وحدها العام الماضي حوالي 3.7 ملايين هكتار، أي ما يعادل مساحة 10 ملاعب كرة قدم في الدقيقة.
ويمثل هذا الانخفاض تراجعا عما تم تسجيله عام 2022 بنسبة 9%، لكنه مطابق تقريبا لمؤشرات عامي 2019 و2021.
وأنتجت هذه الخسارة 2.4 غيغا طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون عام 2023، أي ما يعادل نصف الانبعاثات السنوية للوقود الأحفوري للولايات المتحدة.
وإجمالا، يعتمد الاتجاه العالمي -في تقديراته السنوية لتراجع الغطاء الغابي- على حصيلة الحرائق في الغابات الشمالية خصوصا.
ولهذا كان لحجم الحرائق غير المسبوق في غابات كندا تأثير واضح على نسبة الزيادة في وتيرة فقدان الغابات عالميا العام الماضي، والمقدرة في حدود 24%.
وقد تطور حجم المساحات -التي تمت خسارتها- من 8.22 ملايين هكتار عام 2022 إلى 3.28 ملايين هكتار عام 2023.
وإذا ما تم استثناء كندا من هذه البيانات، فإنه يتضح أن معدل الخسارة للمساحات الغابية في بقية العالم قد تراجع بنسبة 4% العام الماضي.
وفي حين يمكن أن تشكل الحرائق جزءا طبيعيا من النظام البيئي بالغابات الشمالية، يلاحظ التقرير أن الحرائق الأكثر كثافة والأكثر تكرارا يمكن أن تؤدي إلى تغييرات دائمة في الغابات.
ويمكن أن تستمر الحرائق مشتعلة تحت الأرض، وتتسبب في حرائق جديدة، مما ينجر عنه المزيد من الضرر.
نقطة ضوء بالأمازونتشير الأنباء السارة -في التقرير- إلى انخفاض معدل خسارة الغطاء الغابي بالمناطق الإحيائية في الأمازون التي تضم أكبر غابة مطيرة في العالم وتتمتع بأهمية كبيرة، بنسبة 39% عام 2023 مقارنة بالعام السابق.
ويعود هذا التراجع، بحسب تحليل التقرير، إلى سياسة الحكومة البرازيلية مع صعود الرئيس لولا دا سيلفا إلى سدة الحكم بداية 2023، حيث عمل على إلغاء التدابير المناهضة للبيئة، والاعتراف بالمناطق الجديدة للسكان الأصليين، وتعزيز جهود إنفاذ القانون.
لكن هذه الأخبار الإيجابية تتزامن مع أسوأ موجة جفاف على الإطلاق تشهدها منطقة الأمازون بسبب حرائق الغابات عام 2023 تلتها حرائق قياسية شهدتها ولاية رورايما في فبراير/شباط الماضي.
ورغم أن الحرائق تعد سمة طبيعية للنظام البيئي بالغابات الاستوائية، فإن الجفاف الحاد -الذي استمر عدة سنوات ونتج جزئيا عن تغير المناخ- أدى إلى موجة حرائق متكررة بمناطق واسعة، الأمر الذي أثار قلق الخبراء بشأن مدى قدرة هذا النظام البيئي على التعافي.
وعلى سبيل المثال، شهدت منطقة "بانتانال" البرازيلية ذات التنوع البيئي الحيوي، وهي أكبر الأراضي الرطبة الاستوائية في العالم، ارتفاعا كبيرا في فقدان الغابات عام 2023 بسبب الحرائق.
النظام الإيكولوجي في خطروفق تقرير للأمم المتحدة، تغطي الغابات ما يقرب من 31% من مساحة العالم، وهي موطن لأكثر من 80% من أنواع الحيوانات والنباتات والحشرات. ومع ذلك، فإن التنوع البيولوجي يتراجع بشكل أسرع من أي وقت آخر في تاريخ البشرية.
وقد جاء في هذا التقرير أن حوالي مليون نوع من الحيوانات والنباتات مهددة بالانقراض الآن، والعديد منها في غضون عقود من الزمن.
ويلفت تقرير "المعهد الدولي للموارد" إلى الدور المحوري التي تلعبه الغابات بكوكب الأرض كونها تمثل نظما إيكولوجية بحد ذاتها فضلا عن دورها في مكافحة تغير المناخ، ودعم سبل العيش لمئات الملايين من البشر.
ويعتمد نحو 6.1 مليارات شخص، بما في ذلك ما يقرب من 70 مليون من السكان الأصليين، على موارد الغابات في سبل عيشهم.
وتعد الغابات مصدرا ومصرفا للكربون، حيث تزيل ثاني أكسيد الكربون من الهواء عندما تكون منتصبة أو في فترات إعادة النمو، وتلعب دورا عكسيا عند إزالتها أو تدهورها.
وتؤثر إزالة الغابات، وخاصة المناطق الاستوائية، أيضا على درجات الحرارة المحلية وهطول الأمطار بطرق يمكن أن تؤدي إلى تفاقم التأثيرات المحلية على تغير المناخ العالمي، مع ما يترتب على ذلك من عواقب على صحة الإنسان والإنتاج الزراعي.
ويشير تقرير الأمم المتحدة إلى أن التوسع الزراعي هو المحرك المباشر لنحو 90% من إزالة الغابات، ويرتبط هذا ارتباطا مباشرا بأنظمتنا الغذائية.
وتسبب مثلا إنتاج زيت النخيل في إزالة 7% من الغابات على مستوى العالم الفترة من عام 2000 إلى 2018.
وبينما يواجه العالم "التحذير الأخير" بشأن أزمة المناخ، فإن الحد من إزالة الغابات يبرز كأحد التدابير الأكثر فعالية للتخفيف من كلفة تغير المناخ.
وتمثل إدارة الغابات على نحو مستدام عنصرا أساسيا من بين العناصر التي يشير إليها "الهدف 15" على لائحة أهداف التنمية المستدامة لمنظمة الأمم المتحدة، والمرتبط بالحفاظ على الحياة في البر.
ويعتقد الخبراء معدو تقرير "معهد الموارد العالمية" أن التقدم في حماية الغابات ممكن شريطة أن يحدث في كل مكان.
وقد أظهرت البيانات عام 2023 أن البلدان قادرة على خفض معدلات فقدان الغابات الاستوائية إذا حشدت الإرادة السياسية للقيام بذلك، كما حدث في البرازيل.
ومع ذلك يشير الخبراء إلى بعض النصائح الممكنة في سبيل عكس المسار لتقلص مساحات الغابات، من بينها الحاجة إلى حوافز وآليات مالية واقتصادية لجعل الغابات أقل عرضة للاستنزاف من قبل المزارع أو المناجم أو البنية التحتية أو الأنشطة الاقتصادية الأخرى.
ومن شأن مبادرة خفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها أن تساعد على حماية الغابات واستعادتها.
ويحث الخبراء على تعزيز الاستثمارات في الاقتصاد الحيوي للحد من إزالة الغابات، مع تعزيز النمو وضمان سبل العيش لأولئك الذين يعتمدون على الغابات.
كما ينصح الخبراء، الحكومات، بتكييف الحلول على نطاق محلي مع الحلول العالمية لتغير المناخ والاستدامة من أجل الحد من فقدان الغابات في كل مكان.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات الکونغو الدیمقراطیة إزالة الغابات فقدان الغابات تغیر المناخ على الغابات الغابات فی فی العالم عام 2023
إقرأ أيضاً:
الجمهورية اليمنية تُطلّق التقرير الوطني الـ10 عن آثار العدوان على اليمن
يمانيون/ صنعاء أطلقت الجمهورية اليمنية، اليوم، التقرير الوطني العاشر عن آثار العُدوان الأمريكي، البريطاني، الصهيوني، السعودي، والإماراتي على اليمن.
وفي مؤتمر صحفي نظمته وزارة العدل وحقوق الإنسان، بحضور وزير الصحة والبيئة الدكتور علي شيبان، أكد نائب وزير العدل وحقوق الإنسان القاضي إبراهيم الشامي، أن التقرير الحقوقي العاشر يرصد ويوثق آثار العدوان والانتهاكات الممنهجة وجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها دول العدوان وأدواتها ومرتزقتها من اليمنيين والأجانب على مدى عشر سنوات من العدوان بحق الشعب اليمني.
وأشار إلى أن العدوان الذي تعددت أشكاله من قصف مباشر بأعتى الأسلحة المحرمة دولياً على المحافظات اليمنية الحرة، استهدف المدنيين، والأعيان المدنية، والأحياء المكتظة بالسكان، والمنشآت الصحية والتعليمية والقضائية والاجتماعية والثقافية والدينية، بما في ذلك المنشآت التي تقدم المساعدات الإنسانية من الغذاء والدواء.
وذكر القاضي الشامي أن دول العدوان، بالإضافة إلى حصارها الجائر والشامل على اليمن، ونقل وظائف البنك المركزي اليمني من صنعاء، احتلت أيضاً أجزاء كبيرة من المحافظات الجنوبية والشرقية، ونهبت ثروات البلاد في تلك المحافظات، ودعمت الجماعات الإرهابية لممارسة أبشع الجرائم بحق المواطنين.
وأوضح أن التقرير لخص بإيجاز آثار وانعكاسات العدوان ومرتزقته، ويظهر أرقام ضحايا العدوان البشرية والمادية المباشرة وغير المباشرة، مشيراً إلى أن تلك الإحصاءات التي تضمنها التقرير غير نهائية، تم التوصل إليها من قبل وزارة العدل وحقوق الإنسان أثناء رصدها وتوثيقها لجرائم العدوان، بالإضافة إلى المعلومات التي حصلت عليها الوزارة من مختلف الجهات الحكومية.
ولفت إلى أن التقرير يظهر تدهور حقوق الإنسان في اليمن جراء المعاناة الكارثية التي عاشها اليمنيون خلال عقد من الزمن تحت العدوان والحصار.
وانتقد نائب وزير العدل وحقوق الإنسان عدم اضطلاع المجتمع الدولي بدوره إزاء انتهاكات دول العدوان لحقوق الإنسان في اليمن، وعدم إعماله لمبادئ القانون الدولي، ما شجع العدوان الأمريكي الصهيوني على الاستمرار في عربدته، لا سيما بعد أن انبرى الشعب اليمني وقيادته الثورية والسياسية الشجاعة للوقوف مع الشعب الفلسطيني، باعتبار القضية الفلسطينية هي قضية الشعب اليمني المركزية والأولى في ظل تخاذل عربي وإسلامي تجاهها.
كما أكد أن التقرير الحقوقي العاشر بقدر ما يمثل شاهداً على حجم الجريمة، يعتبر وصمة عار في جبين المنظومة الإنسانية الدولية، وإدانةً صارخة لدول ترفع شعارات حقوق الإنسان بينما هي تقتل وتمول وتسلح القتلة.
وقال: “لطالما رفعت أمريكا شعار حقوق الإنسان سيفاً، لتبرير تدخلاتها، لكن تاريخها يفضح حقيقتها بجلاء، لا سيما وهي تسلح الاحتلال الصهيوني الخبيث الذي يرتكب أبشع الجرائم ضد الشعب الفلسطيني منذ عقود، وقيامها بتعطيل كل قرارات الأمم المتحدة لوقف تلك المجازر”.
واستغرب القاضي الشامي من فشل منظمة الأمم المتحدة الذريع في وقف العدوان وكسر الحصار على اليمن، لحد منع إيصال الدواء والغذاء إلى أطفال اليمن وفلسطين، معتبراً هذا الصمت الأممي ليس حياداً بل تواطؤًا واشتراكاً يكافئ المجرمين ويعاقب الضحايا.
وحيا صمود الشعب اليمني في وجه العدوان الأمريكي الهمجي، لافتاً إلى أن اليمن لم يتصد فقط للعدوان، إنما مد يده لنصرة الأشقاء في فلسطين، وأصبح اليمن اليوم يعلّم العالم معنى التضامن الإنساني الحقيقي.
وعد نائب وزير العدل العدوان المتجدد على اليمن امتداداً لعقلية الاستعلاء التي تجيز للقوي أن ينهب الضعيف، وهذه سياسة يرفضها اليمن رفضاً قاطعاً، مؤكداً وقوف الشعب اليمني مع القرارات الحكيمة والاستراتيجية لقائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، الذي أرسى مبادئ المقاومة المشروعة ضد العدوان، داعيًا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤوليته الأخلاقية والقانونية والإنسانية وعدم التستر على جرائم العدوان تحت ذرائع السياسة.
وأفاد بأن اليمن لن يتنازل عن حقه في مقاضاة كل من سفك دماء أبنائه، وسيستخدم كل الوثائق التي بحوزته كأدلة دامغة على وحشية العدوان، وسيعمل على تحريك الجانب الحقوقي والقانوني وتجهيز ملفات عن الجرائم بالأدلة الموثقة، وإرسال نسخ منها للجهات الدولية ذات العلاقة، مثل محكمة لاهاي وغيرها، لمحاكمة مجرمي الحرب.
ونوه القاضي الشامي بجهود الفرق التي عملت على إنجاز التقرير الحقوقي العاشر، لافتاً إلى أن وزارة العدل وحقوق الإنسان ستواصل رصد كل جريمة وتوثيق كل انتهاك ورفعه للمحاكم الدولية، لأن حقوق الشعب لا تسقطها السنوات ولا تتقادم، فدماء الأبرياء لن تذهب هدراً.
وفي المؤتمر الذي حضره نائبا وزيري الإعلام الدكتور عمر البخيتي، والكهرباء والطاقة والمياه عادل بادر، وممثلو عدد من الوزارات والمنظمات وشخصيات اجتماعية، اعتبر مسؤول قطاع حقوق الإنسان بوزارة العدل وحقوق الإنسان، علي تيسير، العدوان على اليمن سابقة تاريخية سطر فيها اليمنيون ملاحم خالدة أبهرت العالم.
وذكر أن العدوان بذرائعه المكشوف زيفها لا يمكن وصفه سوى بعدوان جبان، استهدف المدنيين، والأعيان المدنية والتاريخية والأثرية، ودمر المدارس والجامعات والمستشفيات والمطارات والجسور، وما له علاقة بالإنسان من كهرباء ومياه، وثروة حيوانية وسمكية.
ولفت تيسير إلى أن العدوان تسبب في نزوح قهري لنحو أربعة ملايين و500 ألف من الأطفال والنساء والشيوخ، وخلف أزمة إنسانية مركبة، وصفتها الأمم المتحدة بأنها أسوأ كارثة في التاريخ المعاصر، واستخدم في عدوانه كل أنواع الأسلحة المحرمة دولياً طوال عشر سنوات.
وبين أن العدوان على اليمن منذ عشر سنوات، يؤكد أن مجرمي الحرب لا يعرفون شيئاً عن تاريخ اليمن الذي يُعد مقبرة للغزاة، مؤكداً أن معركة اليمن لإسناد الشعب الفلسطيني هي امتداد للصمود الأسطوري للشعب اليمني أمام قوى العدوان البربري.
وأشار مسؤول قطاع حقوق الإنسان بوزارة العدل إلى أن الشعب اليمني لم ير أو يسمع للأمم المتحدة صوتاً إزاء الجرائم التي ارتكبها العدوان، بل لا تزال هذه المنظمة مصرة على أن ما يجري في اليمن لا يربو عن كونه حرباً داخلية، وليس عدوانًا خارجيًا.
وقال: “القوانين الدولية والإنسانية أصبحت مجرد حبر على ورق، ولم تعد الأمم المتحدة قادرة على أن تحقق أي نصر للإنسان في أي مكان، وأصبح وجودها مضللًا للعالم وفقدت مبررات وجودها اليوم”.
في حين استعرض المستشار القانوني لوزارة العدل وحقوق الإنسان، حميد الرفيق، ملخص التقرير الوطني العاشر عن آثار العُدوان الأمريكي، البريطاني، السعودي والإماراتي على اليمن، والذي أوضح أن عدد الشهداء والجرحى المدنيين جراء العدوان منذ 26 مارس 2015 حتى 26 أبريل 2025 بلغ 95 ألفًا و346 مواطناً، بينهم 24 ألفاً و126 شهيداً، وذلك في إحصائية غير نهائية.
وأفاد التقرير بأن من بين الشهداء أربعة آلاف و176 طفلاً، وثلاثة آلاف و154 امرأة، وجُرح أربعة آلاف و175 طفلًا، وثلاثة آلاف و154 امرأة جراء عمليات تحالف العدوان خلال السنوات العشر الماضية. ومن بين الضحايا 69 طبيباً ومسعفاً، بينهم 66 شهيداً وثلاثة جرحى.
ولفت إلى أن مليوناً و483 ألفًا و23 مدنياً قضوا نتيجة العدوان بطريقة غير مباشرة جراء الحصار والعمليات العسكرية، وذلك لأسباب متعددة من الأمراض المزمنة، وسوء التغذية، وتفشي الأمراض، والسموم الناتجة عن المواد الكيميائية، وأمراض أخرى.
وتطرق التقرير إلى ارتفاع معدل وفيات الأمهات عند الولادة خلال العدوان، بنسبة 160 بالمائة عما كان عليه قبل العدوان، بواقع 400 حالة وفاة لكل 100 ألف حالة ولادة، بالإضافة إلى ارتفاع عدد وفيات المواليد، حيث يتوفى 100 مولود من أصل ألف ولادة حية، ويموت 65 طفلاً دون سن الخامسة من أصل ألف طفل.
وبين أن مليونين و900 ألف طفل دون الخامسة يعانون من سوء التغذية، من إجمالي خمسة ملايين و366 ألفًا و767 طفلاً، يموت منهم 400 ألف بسبب سوء التغذية الحاد والوخيم.
وحسب التقرير، يموت كل 10 دقائق في اليمن طفلٌ بسبب أمراضٍ ترتبطُ بسُوء التَّغذيةِ، والأوبئة. وتُشيرُ البياناتُ إلى أنَّ 86 بالمائة منَ الأطفالِ دونَ سنِّ الخامِسةِ يُعانُون أحدَ أنواع فقر الدَّم، وهناك تسعة آلافِ حالةٍ تُضافُ سنويَّاً من مرضى السَّرطان، 15 بالمائة منها منَ الأطفال، وأكثرُ من ثلاثة آلافِ طفلٍ مُصابُون بسرطانِ الدَّم، ويحتاجُ 300 طفلٍ مُصابٍ بسرطانِ الدَّم للسَّفر إلى الخارج بصُورةٍ عاجلةٍ لتلقّي العِلاج، وسُجِّلتْ أكثرُ من 389 حالةَ وفاةِ أطفالٍ، بسبب سُوء التَّغذيةِ خلالَ العام 2022م.
وتسبب العدوان في معاناة مليون و800 ألف امرأة من سوء التغذية، تُوفّيَ منهُنَّ خلالَ عشرِ سنواتٍ، أكثرُ من 46 ألف امرأة، نتيجةَ سُوءِ التَّغذيةِ، ومُضاعفاتٍ أخرى ناجمةٍ عنِ الحِصَار والعُدوان، فيما قضى 120 ألف مواطن بسببِ عدمِ قُدرتهم على السَّفر للخارج لتلقّي العِلاج.
وتعرَّضتْ أكثرُ من أربعة آلاف و623 امرأةً لحالةِ إجهاضٍ قسريٍّ؛ بسببِ الخوف، والرُّعب، وعدم تمكُّن مُعظمِهنَّ من الوصُول إلى المستشفيات والمراكز الصِّحيَّة.
وأظهرت تقاريرُ صحيَّةٌ عديدة أنَّ 350 ألف حالة إسقاط أجنة منَ بطون أمَّهاتِهم الحواملِ لإنقاذ حياتهنَّ لأسبابٍ صِحيَّةٍ تُعانِي منها الأمَّهاتُ، ما اضطّر المستشفيات للعنايةَ بالأمَّهات وإنقاذِ حياتِهنَّ.
ووفقًا للتقرير، سجلّت وزارةُ الصِّحَّة أكثرَ من 22 ألف حالة من تشوُّهات الأجِنَّة، منها ألف و200 حالة وَفَاةٍ منَ الأجِنَّة المشوَّهَةِ خلالَ العام 2022م، فيما ظهرت حالاتُ تشوُّهَاتٍ مُعقَّدةٍ لا تُوجدُ ضمنَ الأطلسِ العالميّ لتشوُّهاتِ الأجِنَّة.
كما تم تسجيل 95 ألفاً و850 حالةَ إصابةٍ بأمراضِ الأورام بمركزِ الأورامِ خلالَ عشرِ سنوات، ووجود عشرات المرضى لم يستطيعُوا الوصُولَ إلى مراكز الأورام؛ بسببِ عدم قُدرتهم على سدادِ رُسُوم المواصلات، أو بُعدِ المسافة عن تلك المراكز.
وأوضح التقرير الوطني العاشر أن أكثر من 37 ألفًا و320 حالةَ فشلٍ كُلويّ تحتاجُ إلى أكثر من مليونينِ ونصفِ غسلةٍ بشكلٍ دوريّ، يمُوتُ من بينهُم (2-3) مرضى يوميًّا، ويُواجهُ حاليًّا أكثرُ من خمسة آلافِ مريضٍ بالفشلِ الكلويّ نقصًا حادًّا في المخزون الدوائي، والأدوية المصاحبة لجلسات الغسيل، فيما تحتاجُ أكثر من 498 جهازَ استصفاءٍ دمويّ في عدة مراكزَ إلى قطع غيارٍ.
وبلغتْ حالاتُ الاشتباهِ بوباءِ الكوليرا مُنذ 2016م، حتى مارس 2021م حوالي مليونين و525 ألفاً و556 حالة، تُوفّيَ منهُم ما يُقاربُ ثلاثة آلاف و979 حالة.
ولفت التقرير إلى أن اليمن في 14 مارس 2024م شهد عودة لوباءِ الكوليرا، تمَّ تأكيدُ سبعِ حالاتٍ إيجابيَّةٍ، وبلغ إجماليّ الحالاتِ، منذ عودةِ الوباءِ حتى 30 يوليو 2024م، حوالي 122 ألفاً و154 حالة، وإجماليّ الوفيات 461 وفاة، وثلاثة آلاف و378 حالة مؤكدة مخبريًّا.
وبيّن أن أعلى المحافظاتِ التي سجَّلتْ إصاباتٍ بوباء الكوليرا، هي محافظة حجة بواقع 21 ألفاً و227 حالة، توفي منها 56 حالة، ثم محافظة عمران بعدد 15 ألفاً و532 حالة، توفي منها 32 حالة، يليها محافظة ذمار بـ10 آلاف و948 حالة، توفي منها 34 حالة، ثم محافظة الحديدة بـ10 آلاف و129 حالة، توفي منها 93 حالة.
وفيما يتعلق باستهداف العدوان للأعيان المدنية، قدم التقرير الوطني العاشر تفصيلًا بالأضرار الجسيمة للأعيان جرَّاءَ العُدوان الأمريكيّ، البريطانيّ، الصُّهيُونيّ، وأدواته السُّعُوديّة والإماراتيّة، في مختلف القطاعات.
في قطاع التعليم، ألحق العدوان أضرارًا جسيمة بـ2,775 منشأة تعليمية وتربوية، و45 جامعة، و74 معهدًا فنيًا وتقنيًا، وفي قطاع الصناعة، استهدف العدوان 408 مصانع، وخمس صوامع غلال.
وفي قطاع الكهرباء والاتصالات، استُهدفت 5,601 شبكة ومحطة كهرباء، و2,181 موقعًا ومنشأة وشبكة اتصالات، أما في قطاع الطاقة، استُهدفت 537 محطة وقود وغاز، و391 ناقلة وقود، و163 ألف أسطوانة غاز منزلي.
وفي قطاع النقل والموانئ، استُهدف 14 ميناءً مع تكرار الاستهداف، وأربع رافعات موانئ، وتسعة مطارات مع تكرار الاستهداف، ومرافق ثلاثة مطارات، وأربع طائرات مدنية، ومنظومة جهاز الإرشاد الملاحي، بالإضافة إلى ستة من قطاعات الطيران المدني والأرصاد.
ووفقاً للتقرير الوطني العاشر، استهدف العدوان 58 مؤسسة إعلامية مرئية، و28 مركز إرسال إذاعي، وانتهك 232 حرية للإعلام خلال العام 2023 فقط.
وأشار التقرير إلى أن العدوان استهدف 49 من مجمعات ومباني ومحاكم من منشآت السلطة القضائيَّة والسجلات والوثائق والملفات القضائية في 33 منشأة ومنازل 48 قاضياً وعاملاً في القضاء و136 منشأة رياضية وشبابية.
وفيما يخص شبكة الطرق، دمّر العدوان 7,848 طريقاً وجسراً وأعطب وأتلف 5,378 طريقاً واستهدف 133 جسراً علوياً ودمر 8,462 سيارة ووسيلة نقل مختلفة.
كما أكد التقرير أن العدوان استهدف 2,214 مبنى حكومياً خدمياً عاماً و11 مبنى تابعاً لصناديق الرعاية الاجتماعية و10 منشآت من دور ومراكز الرعاية الاجتماعية ومركزاً واحداً لرعاية المكفوفين.
وفيما يتعلق بالمنشآت الدينية والثقافية استهدف العدوان 1,836 مسجداً و91 مقبرة وضريحاً و419 موقعاً أثرياً وتاريخياً و367 منشأة سياحية.
تخلل المؤتمر الصحفي عرض ريبورتاج مصور عن انتهاكات وجرائم العدوان على اليمن خلال السنوات الماضية.