دمشق-سانا

ناقشت اللجنة الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء موضوع فرض ضميمة على استيراد مادة السكر الأبيض بناءً على طلب من المنتجين المحليين لهذه المادة، حيث تمت المداولة وصدرت توصية اللجنة الاقتصادية القائلة بفرض ضميمة على مستوردات مادة السكر الأبيض الجاهز.

واستندت اللجنة الاقتصادية في مقاربة ودراسة موضوع فرض الضميمة إلى الاعتبارات الآتية:

1- تعتمد الحكومة سياسة التجارة الخارجية القائمة على الحمائية للمنتج المحلي ضمن الحدود التوازنية التي تكفل توافر المادة في السوق المحلية بشكل تنافسي ودون أي مظاهر احتكارية، فالظروف الصعبة التي يمر بها الاقتصاد الوطني تستوجب تقديم الحماية للقطاع الإنتاجي من منظور استراتيجي طويل الأجل وليس من منظور ربحي آني، فإقامة صناعة وطنية تكلف عشرات ومئات المليارات السورية لا يمكن اتخاذ قرار بتشغيلها أو إيقافها لمجرد وجود بعض الفوارق السعرية مع أسعار المنتجات المثيلة المستوردة، فمن الطبيعي الإقرار بإمكانية استيراد أقل تكلفة من بعض المنتجات المحلية التي تتحمل أعباءً وتكاليف إضافية كبيرة بسبب العقوبات الاقتصادية، وصعوبات توفير القطع الأجنبي التي تضغط على إدارة سوق الصرف.

2- بسبب تزايد أعباء وتكاليف إنتاج مادة السكر بشكل ملموس وفق ما درسته اللجنة الاقتصادية مع تحليل قوائم التكلفة لدى شركات الإنتاج المحلي بشكل مفصّل، فإن الشركات قد وصلت إلى نقطة تهدد المعامل بالتوقف عن الإنتاج بسبب انخفاض تكاليف المنتج النهائي المستورد مقارنة بالمنتج المحلي، وبالطبع سيترافق توقف معامل الإنتاج المحلي مع تسريح مئات العمال، وتوقف خطوط إنتاج بمئات مليارات الليرات السورية، ولا يمكن للفريق الاقتصادي إلا أن يتعاطى بمسؤولية مع مثل هذا الواقع، واتخاذ أقل القرارات تكلفةً وأكثرها مردودية من الناحية الاقتصادية الكلية.

3-  تعتمد الحكومة سياسة حماية الإنتاج المحلي والمنتجين المحليين بشكل عام بغض النظر عن المادة أو المنتج، حيث أقر مجلس الوزراء القرار رقم 9 م.و لعام 2022، وكذلك القرار رقم 46 م.و لعام 2022، بمنح مزايا تفضيلية للمنتج المحلي تصل في بعض المنتجات إلى حدود تتراوح بين (10 و15) بالمئة، هذا مع الإشارة إلى أنه كانت قد صدرت مؤخراً توصية اللجنة الاقتصادية القائلة بفرض ضميمة على استيراد مادة السيراميك حرصاً على حماية المنتج المحلي، هذا القرار الذي كان له منعكسات إيجابية على سوق هذه المادة وفق تقييم القرار من قبل الجهات المعنية، وهذا ما يعني أن اللجنة الاقتصادية تقارب الموضوع من بوابة السياسات الاقتصادية العامة، ومبدأ حمائية المنتج المحلي، هذه السياسة وهذا المبدأ العامان اللذان تطبقهما معظم دول واقتصادات العالم في سياق حماية منتجاتها المحلية.

4-  تتنوع أدوات حماية المنتج المحلي من فرض الضرائب والرسوم الجمركية إلى تقييد كميات الاستيراد، إلى منع الاستيراد نهائياً خلال مدة الحماية المعنية.

اختارت اللجنة الاقتصادية فرض ضميمة على مادة السكر الأبيض الجاهز، لخلق نوع من التوازن بين الإنتاج المحلي والمستورد.

5- تعاني أسواق العالم من صعوبات كبيرة ترافق عدم استقرار الأسواق العالمية وسلاسل التوريد العالمية بسبب الاضطرابات السياسية والعسكرية الدولية.

ينعكس عدم استقرار الأسواق العالمية بشكل مباشر على تكاليف التوريدات وعلى توافر المنتجات ولا سيما في منطقة الشرق الأوسط بسبب عدم استقرار خطوط الإمداد البحرية على وجه الخصوص.

في ظل هذه الظروف الدولية المعقدة، يصبح من واجب الحكومة الحرص على تمكين بنيتها الإنتاجية وتعزيز مقومات صمودها مرحلياً واستراتيجياً قدر الإمكان سواء من بوابة الاكتفاء الذاتي والاعتماد على الذات أو من بوابة تعزيز مجالات خلق القيمة المضافة الوطنية وإحلال المستوردات قدر الإمكان.

6-  تحرص الحكومة عبر ذراعها الاقتصادية متمثلة باللجنة الاقتصادية على توفير المواد والمنتجات الأساسية للمواطنين بأفضل النوعيات وأرخص الأسعار الممكنة، إلا أن اللجنة الاقتصادية معنية أيضاً بتناول كل الأبعاد الصحية والاقتصادية والسعرية للمنتجات، فكما هو معروف فإن كل دول العالم تسعى إلى ضبط كميات استهلاك مادة السكر لما لزيادة استهلاك هذه المادة من آثار ضارة على الصحة العامة.

وقد يكون التوجه لرفع الدعم عن مثل هذه المنتجات، والوصول إلى مرحلة تقديمها بأسعار التكلفة منسجماً مع متطلبات الصحة والسلامة العامة للمجتمع.

تدرك اللجنة الاقتصادية الدرجة العالية من تعقيد المشهد الاقتصادي الوطني والعالمي، وتسعى إلى إقامة أفضل التوازنات الممكنة بين مصلحة المنتجين والمستوردين والمستهلكين في آن معاً، ليس فقط فيما يخص مادة السكر بل كل المنتجات والتوريدات.

كما وتتابع اللجنة الاقتصادية رصد نتائج تطبيق التوصيات على أرض الواقع بهدف تقييم نتائج التطبيق تمهيداً لاتخاذ ما يلزم بشأنها بما يتوافق مع المصلحة الوطنية العليا.

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

كلمات دلالية: اللجنة الاقتصادیة الإنتاج المحلی المنتج المحلی

إقرأ أيضاً:

توقعات بتحقيق اكتفاء ذاتي فهل تخطت مصر أزمة نقص السكر؟

القاهرة– بين التفاؤل الرسمي بتحقيق الاكتفاء الذاتي من السكر وبين واقع يشير إلى فجوة إنتاجية مزمنة واعتماد على الاستيراد لسنوات طويلة، يقف قطاع السكر في مصر أمام مفترق طرق في محاولة لتجاوز أزمات النقص المتكررة.

وفي الوقت الذي أعلن فيه مجلس المحاصيل السكرية بوزارة الزراعة تجاوز الإنتاج المحلي حاجز 3 ملايين طن خلال عام 2025، تطرح معطيات أخرى تساؤلات حول مدى واقعية هذا السيناريو واستدامته.

ويُعد السكر من السلع الأساسية المدرجة على بطاقات التموين في مصر، إلى جانب الأرز والزيت، ويبلغ عدد بطاقات التموين حوالي 22 مليون بطاقة، يستفيد منها نحو 63 مليون مواطن.

ومصر واحدة من أعلى الدول استهلاكا للسكر، وحسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، يستهلك الفرد في مصر سنوياً 51.4 كيلوغراما من السكر، أي ما يقرب من ضعف استهلاك المتوسط العالمي للفرد.

السكر جزء من السلع التموينية المدعومة (الجزيرة) إنتاج قياسي واكتفاء ذاتي

في إشارة إلى تحول كبير في قطاع إنتاج السكر، ستشهد مصر إنتاجا قياسيا يبلغ 3.12 ملايين طن من السكر للمرة الأولى في تاريخها، يتوزع بين 2.5 مليون طن من بنجر السكر و620 ألف طن من قصب السكر.

وينهي هذا الأمر سنوات من اعتماد مصر على الأسواق الخارجية، ويدخل البلاد مرحلة جديدة من تعزيز أمنها الغذائي في هذا المنتج الإستراتيجي، وفقًا لمجلس المحاصيل السكرية.

وفي وقت سابق، أكد وزير التموين والتجارة الداخلية شريف فاروق أن مصر حققت معدل اكتفاء ذاتي من السكر بنسبة 100%، مما يعزز استقرار السوق المحلي ويحقق التوازن في توافر السلع الأساسية.

كلمة السر

قال رئيس مجلس المحاصيل السكرية مصطفى عبد الجواد إن "كلمة السر في تحقيق الاكتفاء الذاتي هي رفع سعر توريد البنجر (الشمندر) وقصب السكر وتشجيع الفلاحين على زراعته وزيادة إنتاجية الفدان" مشيرا إلى أن ثمة اكتفاء ذاتيا من إنتاج السكر هذا العام، وأن مصر لن تكون بحاجة إلى استيراد السكر من الخارج بدءا من العام المقبل.

إعلان

وأوضح -في تصريحات للجزيرة نت- أنه مع تحديد سعر توريد طن قصب السكر بـ2500 جنيه (49.18 دولارا) وطن بنجر السكر بـ3 آلاف جنيه (59.02 دولارا) زادت مساحة الأراضي المخصصة لزراعة بنجر السكر لتتجاوز 780 ألف فدان هذا العام، مقارنة بنحو 600 ألف فدان العام الماضي.

ولم تحقق مصر اكتفاء ذاتيا كاملا من السكر منذ عقود مع امتلاكها 16 مصنعا لإنتاجه، وتعتمد على الاستيراد لتغطية الفجوة، واستوردت نحو مليون طن عام 2024 وهو رقم قياسي بسبب أزمة النقص، وإلى بعض الحقائق:

يكفي الإنتاج المحلي ما بين 70% و80% من حجم الاستهلاك. تنتج مصر ما بين 2.6 و2.8 مليون طن سكر سنويا وتستهلك ما بين 3.3 و3.5 ملايين طن. تعاني مصر من فجوة في إنتاج السكر تتراوح بين 400 ألف طن و800 ألف طن سنويا. قفز سعر كيلو السكر حوالي 7 أضعاف في آخر 10 سنوات. تفرض مصر فترة حظر تصدير السكر لمدة 6 أشهر وتجدد. ارتفع الاحتياطي الإستراتيجي من السكر إلى ما يزيد على 12 شهراً. أزمات متعددة

وشهدت مصر عدة أزمات في سلعة السكر كان آخرها عام 2024 أدت إلى اختفائه وتضاعف سعره من نحو 18 جنيها (0.35 دولار) للكيلو الواحد إلى 55 جنيها (1.08 دولار) وسط نقص حاد بالدولار وتراجع الإنتاج قبل أن يتراجع إلى 33 جنيها (0.65 دولار).

تفاؤل وتحفظ

وثمة تباعد ملحوظ بين تصريحات الحكومة المصرية وتوقعات وزارة الزراعة الأميركية بشأن قطاع السكر، فالأخيرة تتوقع إنتاجا بـ2.6 مليون طن واستهلاكا بـ3.75 ملايين طن.

وفسر رئيس مجلس المحاصيل السكرية بوزارة الزراعة مصطفى عبد الجواد هذا التفاوت بأن وزارة الزراعة الأميركية لم تأخذ في الحسبان تطورات زيادة أسعار توريد البنجر وقصب السكر، وزيادة مساحة الأراضي الزراعية بالمحاصيل السكرية.

وتوقع المسؤول المصري أن يرتفع إنتاج مصر من السكر إلى 3.5 ملايين طن العام المقبل 2026.

إعلان "حلاوة" للمستهلك أم للمنتج فقط؟

وصف رئيس شعبة السكر باتحاد الصناعات المصرية حسن الفندي تحقيق مصر الاكتفاء الذاتي من السكر بأنه "إنجاز كبير، وتستفيد منه جميع الأطراف سواء الدولة أو المستهلك أو أصحاب المصانع الغذائية، وفرصة ذهبية للصناعات الوطنية في تأمين أحد المحاصيل الإستراتيجية ومواد الإنتاج في الصناعات الغذائية".

وأشار -في حديث للجزيرة نت- إلى أن احتضان مصر واحدا من أكبر مصانع إنتاج السكر بالمنطقة وهو مصنع القناة للسكر بالمنيا في صعيد مصر (70% لشركة إماراتية و30% للبنك الأهلي الحكومي) يساعد على سد الفجوة في حال عمل بكامل طاقته، لافتا إلى أن حجم الفجوة يدور حول 400 ألف طن سنويا.

مصر تسعى إلى الاكتفاء الذاتي من السكر (الجزيرة)

ورغم أن الفندي استبعد أن يخفض الاكتفاء الذاتي أسعار السكر فإنه أكد أن زيادة الإنتاج ستحقق وفرة بالسلعة الإستراتيجية وستقضي على أزمة نقص المعروض التي ظهرت خلال الفترات الماضية، وبالتالي سيكون هناك استقرار بالأسواق وفي الصناعات الغذائية المرتبطة بالسكر والتي توفر سعرات حرارية مهمة وضرورية للمواطنين.

وفي إطار جهود الحكومة المصرية لتنمية صناعة السكر، فإنها تعمل على تطوير الجانب الزراعي من خلال تكليف المراكز البحثية بتطوير التقاوي (البذور) والشتلات، وتفعيل دور مجلس المحاصيل السكرية لخدمة المزارعين خاصة مزارعي قصب السكر، عبر الإرشاد وتحسين الزراعة والري لزيادة الإنتاج.

مقالات مشابهة

  • أردوغان: لن نسمح بفرض الفيدرالية على سورية
  • رئاسة مجلس النواب تحيل الى اللجنة القانونية مقترح تعديل دستوري لنص المادة الاولى من الدستور تقدم به عضو اللجنة القانونية دكتور رائد المالكي .
  • البيت الأبيض يهاجم أمازون بسبب نيتها عرض تأثير الرسوم الجمركية في الأسعار
  • أردوغان: لن نسمح بفرض أمر واقع يهدد استقرار سوريا
  • أردوغان بشان هجمات إسرائيل على سوريا: لن نسمح بفرض أمر واقع
  • أردوغان: لن نقبل بأي محاولة لتهديد استقرار سوريا
  • تحفظ طعامك وتسرق حياتك: مادة خطيرة وراء 365 ألف وفاة في عام واحد
  • أرصدة السكر تكفي 14.3 شهرا.. رئيس الوزراء يترأس اجتماع اللجنة العليا لضبط الأسواق
  • إيران تندد بالتهديدات الفرنسية بفرض عقوبات جديدة عليها
  • توقعات بتحقيق اكتفاء ذاتي فهل تخطت مصر أزمة نقص السكر؟