لجريدة عمان:
2025-04-07@03:23:47 GMT

مستقبل إسرائيل!

تاريخ النشر: 27th, April 2024 GMT

كان من أهداف الأمم المتحدة منذ تأسيسها عقب الحرب العالمية الثانية نزع التوترات الدولية في العالم والحيلولة دون استقواء الدول الكبرى على حساب الدول الصغرى، وكانت القضية الفلسطينية من أولويات الأزمات التي واجهتها الأمم المتحدة، حينما قررت الدول الكبرى وفي مقدمتها بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية إقامة كيان جديد على الأرض الفلسطينية، وهي المأساة التي طالت لأكثر من خمسة وسبعين عاما، مارست فيها إسرائيل كل صنوف الاضطهاد والقتل تحت أعين وبصر العالم، وبرعاية أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، بعدها استقوت إسرائيل للدرجة التي أوصلتها إلى محاولة إبادة ما بقي من الفلسطينيين في منطقتي غزة والضفة الغربية، في حرب توفرت فيها كل مقومات الإبادة وفق ما شهدت به محكمة العدل الدولية.

رغم مرور 7 أشهر على هذه الإبادة، إلا أن الأمم المتحدة ظلت عاجزة عن منع هذا العدوان الذي راح ضحيته ما يقرب من أربعين ألفا معظمهم من النساء والأطفال، وأكثر من ضعفهم من المصابين والمشوهين، فضلا عن هدم المنازل على ساكنيها، بما في ذلك المستشفيات والمدارس وكل مؤسسات الحماية الاجتماعية، والغريب في الأمر أن الأمم المتحدة وقفت عاجزة عن صد هذا العدوان، بل كانت الولايات المتحدة الأمريكية هي أول القوى الداعمة للعدوان الإسرائيلي ومده بأحدث الأسلحة الفتاكة، بينما راح رئيسها بايدن يمارس دورا دعائيا فجا حينما يطالب إسرائيل بوقف استهداف المدنيين، لكنه لا يمانع قتل المقاومين من حماس، رغم أن العالم كله يشاهد صباح مساء أن حماس ليست جيشاً نظامياً منفصلاً عن الشعب الفلسطيني، ومن المستحيل استهداف المقاتلين بمعزل عن المدنيين، فجميعهم يعيشون على مساحة لا تتجاوز ٣٥٠ كيلومترا مربعا، يعيش عليها ما يقرب من 2.5 مليون ، معظمهم من الأطفال والنساء.

أعتقد أن إسرائيل ما كان باستطاعتها مواصلة هذه الحرب طوال سبعة أشهر إلا بدعم سياسي وعسكري من الولايات المتحدة وحلفائها، ولا بأس أن يظهر الجميع قدرا من التعاطف مع الضحايا المدنيين، وهي مشاعر تتسم بالنفاق الرخيص، فقد وقف العالم الحر عاجزا عن منع هذا العدوان، الذي لا سابق له في التاريخ، بينما جيَّشت أمريكا كل إمكاناتها الدفاعية، حينما قررت إيران الرد على العدوان الإسرائيلي الذي استهدف قنصليتها في سوريا، وقد راح ضحيته 7 من الدبلوماسيين الإيرانيين، ورغم ذلك فقد شنت الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل حربا دعائية على إيران بعد هجمة المسيرات التي ملأت سماء إسرائيل، إلا أن منظومة الدفاع الأمريكي والبريطاني والفرنسي حالت دون تحقيق خسائر، ورغم ذلك فقد قامت الدنيا ولم تقعد على إيران.

لعل الخلل الواضح في دور الأمم المتحدة كان بسبب انفراد أمريكا بمصير العالم، وقد تبين أن الأمم المتحدة ومنظماتها الدولية بما فيها محكمة العدل الدولية لا تملك قرارات عملية لمنع العدوان الذي يستهدف إبادة المدنيين في بيوتهم ومستشفياتهم ومدارسهم، وفي تحد واضح من الرئيس الأمريكي بايدن يعلن صباح مساء دعمه لإسرائيل بكل الوسائل، والمضحك في بياناته أنه غالبا ما يطالب بالحفاظ على أرواح المدنيين، وهو خطاب ينم عن نفاق رخيص بحكم الطبيعة الچيوسياسية لقطاع غزة، والتي يستحيل معها الفصل بين المقاتلين والمدنيين.

الخلل واضح في الأمم المتحدة، وخصوصاً في منظومة هياكلها التي تجاوزها الزمن، إضافة إلى افتقاد العالم للتوازن الدولي بعد تفكك الاتحاد السوفييتي، الذي كان يشكل حائط صد لمنع تغول الغرب والولايات المتحدة على مصائر الدول الصغيرة، وقد لعبت سياسة التوازن الدولي دوراً فعالاً منذ بداية التاريخ الحديث خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر، حينما ظهر مفهوم التوازن كسياسة كانت تستخدمها مجموعة من الدول الأوروبية عندما تستشعر الخطر من دولة ما أو تكتل ما، بما يعد خطرا على السياسة الإقليمية في أوروبا، ابتداء من الحروب الإيطالية مع نهاية القرن الخامس عشر وحتى نهاية القرن السادس عشر، وبعد أن اجتاحت فرنسا وأسبانيا الولايات الإيطالية، وظهرت بريطانيا لكي تتولى قيادة القارة في سبيل عدم تغول فرنسا على إيطاليا وإسبانيا، وفي سبيل الحفاظ على هذا التوازن خاضت دول التحالف حروبا ضارية بهدف عدم استقواء الدول الكبرى على مصالح الدول الصغرى، على الرغم من أن هذه السياسات لم يكن يحكمها قانون ولا اتفاقات دولية، إلا أن هذه الفكرة قد حققت نتائج إيجابية.

الولايات المتحدة الأمريكية تدفع العالم إلى أتون حرب عالمية ثالثة، قد تفوق كثيراً أهوال الحرب العالمية الثانية، بسبب انفرادها بمصير العالم، بينما كان في استطاعتها أن تحول دون الحرب الروسية الأوكرانية، التي راح ضحيتها عشرات الآلاف من القتلى وبسببها أصيب اقتصاد العالم في مقتل، والمتابع للسياسة الأمريكية يدرك أن بايدن وأتباعه ماضون في جر العالم إلى مصير مجهول، وخصوصاً في ظل تحالف أمريكي ياباني فلبيني كوري، بهدف تطويق الصين ومحاولة إلحاق الضرر بها، وهي نتائج لم تدرس الولايات المتحدة عواقبها على مستقبل العالم، ولعلها ذات السياسة التي تمضي عليها أمريكا في تعاملها مع القضية الفلسطينية، غير مدركة بأن مستقبل إسرائيل سيظل في خطر داهم مهما حظيت إسرائيل بدعم عسكري وسياسي. والسؤال الذي سيظل معلقا في عنق التاريخ: كيف ستعيش إسرائيل وسط محيط متلاطم من العداوات والكراهية ؟ وفي ظل موجات متوالية من القتل والاعتداء والإبادة؟ بينما العالم العربي يطوق إسرائيل من كل مكان، وبصرف النظر عن اللحظة التاريخية التي تحظى فيها إسرائيل بدعم من بعض حكامنا العرب، إلا أن الحكام زائلون والشعوب باقية، وأن الخطر قادم على إسرائيل لا محالة، وستبقى الشعوب العربية توّّرث لأبنائها مقدار الكراهية التي تسببت فيها إسرائيل بسبب ما أراقته من دماء طوال أكثر من سبعين عاماً، لا شك أن الأجيال القادمة لن تعتد بما أبرمه بعض الحكام العرب من اتفاقات صلح وسياسات تطبيع، وأعتقد أن حكامنا لو تصالحوا مع شعوبهم وأجروا استفتاء بشأن علاقاتهم بإسرائيل فإن النتيجة ستكون صادمة لكل المتصالحين المطبعين.

لو فكر قادة إسرائيل في مستقبل بلدهم فسوف يصدمون، فكيف لهم أن يعيشوا وسط شعوب عاشت وشاهدت بأعينها ما تعرض له إخوانهم في فلسطين من إبادة يراها الشيوخ والأطفال صباح مساء. هل يمكن للسياسة أن تصلح ما أفسدته الأسلحة الفتاكة التي راح ضحيتها عشرات الألوف من أبناء هذا الشعب الأعزل الذي تركه إخوانه لكي يواجه هذا المصير البائس. الدول لا تخطط لمستقبلها خلال عشر أو عشرين سنة أو ربما قرن من الزمان، وإنما تخطط لمستقبل أجيال ستعيش ربما مئات أو آلاف السنين، فكيف لقادة إسرائيل أن يستوعبوا الدرس وهم ماضون في عدوانهم دون مراعاة لدماء تسفك كل يوم ومن بيوت تدمر صباح مساء على ساكنيها، ومن حرمان شعب من أبسط حقوقه الطبيعية والإنسانية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الأمریکیة الأمم المتحدة صباح مساء إلا أن

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة: إسرائيل تحول 60% من غزة إلى مناطق محظورة

 

يمن مونيتور/ غزة/ وكالات:

فرضت إسرائيل الآن قيوداً على وصول الفلسطينيين إلى ما يقرب من ثلثي قطاع غزة، إما عن طريق إعلان مناطق واسعة مناطق محظورة أو إصدار أوامر تهجير قسري. بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).

ومن بين المناطق المحظورة مساحة واسعة في جنوب رفح حيث أصدر الجيش الإسرائيلي أمر تهجير جديد في 31 مارس/آذار، معلناً أنه يعود “للقتال بقوة كبيرة”.

وتشمل القيود أيضا أجزاء من شمال مدينة غزة حيث شنت القوات الإسرائيلية هجوما بريا جديدا يوم الجمعة لتوسيع “منطقتها الأمنية”.

 

يمن مونيتور5 أبريل، 2025 شاركها فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام سي إن إن: الولايات المتحدة تنفق نحو مليار دولار على غارات في اليمن بنتائج محدودة الحوثيون يعلنون إسقاط طائرة استطلاع أمريكية مقالات ذات صلة تركيا تقول إنها لا تريد مواجهة مع إسرائيل في سوريا 5 أبريل، 2025 الحوثيون يعلنون إسقاط طائرة استطلاع أمريكية 5 أبريل، 2025 سي إن إن: الولايات المتحدة تنفق نحو مليار دولار على غارات في اليمن بنتائج محدودة 5 أبريل، 2025 نيويورك تايمز: الإمارات تشارك في الحملة الأمريكية ضد الحوثيين 4 أبريل، 2025 اترك تعليقاً إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التعليق *

الاسم *

البريد الإلكتروني *

الموقع الإلكتروني

احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.

Δ

شاهد أيضاً إغلاق عربي ودولي “أبو عبيدة”: نصف أسرى الاحتلال بمناطق خطرة 4 أبريل، 2025 الأخبار الرئيسية تركيا تقول إنها لا تريد مواجهة مع إسرائيل في سوريا 5 أبريل، 2025 الحوثيون يعلنون إسقاط طائرة استطلاع أمريكية 5 أبريل، 2025 الأمم المتحدة: إسرائيل تحول 60% من غزة إلى مناطق محظورة 5 أبريل، 2025 سي إن إن: الولايات المتحدة تنفق نحو مليار دولار على غارات في اليمن بنتائج محدودة 5 أبريل، 2025 نيويورك تايمز: الإمارات تشارك في الحملة الأمريكية ضد الحوثيين 4 أبريل، 2025 الأكثر مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 اخترنا لك تركيا تقول إنها لا تريد مواجهة مع إسرائيل في سوريا 5 أبريل، 2025 “أبو عبيدة”: نصف أسرى الاحتلال بمناطق خطرة 4 أبريل، 2025 “اتحاد علماء المسلمين” يفتي بالجهاد والتحرك عسكرياً لدعم غزة 4 أبريل، 2025 رسوم ترامب الجمركية تمحو 2.5 تريليون دولار من سوق الأسهم الأمريكية 4 أبريل، 2025 البنتاغون يفتح تحقيقاً رسمياً بشأن استخدام تطبيق سيجنال لنقل خطط ضرب الحوثيين 4 أبريل، 2025 الطقس صنعاء سماء صافية 19 ℃ 26º - 17º 23% 1.68 كيلومتر/ساعة 26℃ السبت 26℃ الأحد 26℃ الأثنين 26℃ الثلاثاء 26℃ الأربعاء تصفح إيضاً تركيا تقول إنها لا تريد مواجهة مع إسرائيل في سوريا 5 أبريل، 2025 الحوثيون يعلنون إسقاط طائرة استطلاع أمريكية 5 أبريل، 2025 الأقسام أخبار محلية 29٬694 غير مصنف 24٬207 الأخبار الرئيسية 16٬020 عربي ودولي 7٬600 غزة 10 اخترنا لكم 7٬292 رياضة 2٬528 كأس العالم 2022 88 اقتصاد 2٬346 كتابات خاصة 2٬151 منوعات 2٬093 مجتمع 1٬910 تراجم وتحليلات 1٬918 ترجمة خاصة 162 تحليل 21 تقارير 1٬675 آراء ومواقف 1٬588 ميديا 1٬502 صحافة 1٬498 حقوق وحريات 1٬389 فكر وثقافة 939 تفاعل 838 فنون 496 الأرصاد 430 بورتريه 67 صورة وخبر 39 كاريكاتير 33 حصري 28 الرئيسية أخبار تقارير تراجم وتحليلات حقوق وحريات آراء ومواقف مجتمع صحافة كتابات خاصة وسائط من نحن تواصل معنا فن منوعات تفاعل English © حقوق النشر 2025، جميع الحقوق محفوظة   |   يمن مونيتورفيسبوكتويترملخص الموقع RSS فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق فيسبوكتويترملخص الموقع RSS البحث عن: أكثر المقالات مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 أكثر المقالات تعليقاً 1 ديسمبر، 2022 “طيران اليمنية” تعلن أسعارها الجديدة بعد تخفيض قيمة التذاكر 30 ديسمبر، 2023 انفراد- مدمرة صواريخ هندية تظهر قبالة مناطق الحوثيين 21 فبراير، 2024 صور الأقمار الصناعية تكشف بقعة كبيرة من الزيت من سفينة استهدفها الحوثيون 4 سبتمبر، 2022 مؤسسة قطرية تطلق مشروعاً في اليمن لدعم أكثر من 41 ألف شاب وفتاه اقتصاديا 29 نوفمبر، 2024 الأسطورة البرازيلي رونالدينيو يوافق على افتتاح أكاديميات رياضية في اليمن 6 يناير، 2022 وفاة الممثلة المصرية مها أبو عوف عن 65 عاما أخر التعليقات سلطان زمانه

رعى الله أيام الرواتب حين كانت تصرف من الشركة. أما اليوم فهي...

قاسم بهلول

اتحداك تجيب لنا قصيدة واحدة فقط له ياعبده عريف.... هيا نفذ...

مواطن

هل يوجد قيادة محترمة قوية مؤهلة للقيام بمهمة استعادة الدولة...

antartide010

ضرب مبرح او لا اسمه عنف و في اوقات تقولون يعني الاضراب سئمنا...

موضوعي

ذهب غالي جدا...

مقالات مشابهة

  • إعادة هيكلة الهيئات والمنظمات الدولية
  • الإمارات تقود العالم لمستقبل الاستثمار
  • "التعريفات الجمركية".. سقوط العولمة أم تدشين نظام عالمي جديد بمعطيات مختلفة
  • ماسك يريد إلغاء الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة وأوروبا
  • الكشف عن الدولة العربية التي قدمت دعما لحملة القصف على اليمن
  • الأمم المتحدة: الدول الضعيفة الأكثر تضررًا من التعريفات الأمريكية
  • بعد فرض الرسوم.. هذه أكثر الدول تصديرًا للسيارات إلى الولايات المتحدة
  • الأمم المتحدة: الذكاء الاصطناعي يهدد 40% من الوظائف ويزيد الفجوة بين الدول
  • الأمم المتحدة: إسرائيل تحول 60% من غزة إلى مناطق محظورة
  • الأمم المتحدة: الذكاء الاصطناعي قد يؤثر على 40% من الوظائف