وتيرةُ التصعيد اليمني تواصلُ الارتفاع
تاريخ النشر: 27th, April 2024 GMT
وارتفعت بذلك عدد العمليات العسكرية المعلنة إلى سبع عمليات خلال 72 ساعة؛ الأمر الذي يرفع رصيد فضائح وخسائر وفشل كُـلّ من العدوّ الصهيوني والولايات المتحدة وبريطانيا على الجبهة اليمنية، وذلك على وقع انسحاب حاملة الطائرات الأمريكية "آيزنهاور" التي مثلت طيلة الفترة الماضية قاعدة عسكرية رئيسية لمساعي أمريكا لمواجهة العمليات اليمنية.
ومع أولى ساعات يوم السبت، نشر المتحدث باسم القوات المسلحة، العميد يحيى سريع، بيانًا عسكريًّا جديدًا جاء فيه أنه "انتصاراً لمظلوميةِ الشعبِ الفلسطينيِّ ورداً على العدوانِ الأمريكيِّ البريطانيِّ على بلدِنا، استهدفتِ القواتُ البحريةُ في القواتِ المسلحةِ اليمنيةِ -بعونِ اللهِ تعالى- السفينةَ النفطيةَ البريطانيةَ (أندروميدا ستار) في البحرِ الأحمر، وذلكَ بعددٍ من الصواريخِ البحريةِ المناسبةِ أَدَّت إلى إصابة السفينةِ بشكلٍ مباشرٍ".
وَأَضَـافَ أن "قوات الدفاعِ الجويِّ في القواتِ المسلحةِ اليمنيةِ نجحت، يومَ أمس (الجمعة) في إسقاط طائرةٍ أمريكيةٍ نوع (إم كيو -9) في أجواء محافظةِ صعدةَ، وذلكَ أثناءَ قيامِها بتنفيذِ مهامٍّ عدائيةٍ، وقدْ تمَّ استهدافُها بصاروخٍ مناسب".
وبحسب بيانات مواقع الملاحة البحرية، فَــإنَّ السفينة البريطانية "أندروميدا ستار" هي ناقلة نفط تبحر تحت عَلَمِ "بنما" ويبلغ طولها 250 مترًا، وعرضها 44.26 مترًا، وكانت تعبر البحر الأحمر متجهة نحو باب المندب عندما تم استهدافها.
وكانت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية قد أكّـدت في مذكرة، مساء الجمعة، تعرُّضَ سفينة لهجومَينِ على بُعدِ 14 ميلًا بحريًّا جنوبي المخاء، وقالت: إن "الهجوم الأول وقع بالقرب من السفينة وشعر به الطاقم، والثاني استهدف السفينة بما يعتقد أنه صاروخان؛ ما أَدَّى إلى حدوث أضرار في السفينة".
ولم تذكر الهيئة البريطانية لاحقًا أن السفينة أصبحت بأمان أَو أنه تم التعامل مع الأضرار، كما جرت العادة؛ ما يشير إلى أن الأضرار كانت كبيرةً على الأرجح.
وتُظهِرُ مواقِعُ تتبع الملاحة أن السفينة البريطانية حاولت خِدَاعَ القوات المسلحة، من خلال وضع عبارة "لا علاقةَ لنا بإسرائيل" في بياناتها التعريفية؛ وهو ما يؤكّـد مجدّدًا على احترافية البحرية اليمنية في الحصول على المعلومات الدقيقة حول بيانات السفن وهُــوِيَّاتها، وتجاوز كُـلّ محاولات التمويه التي يلجأ إليها الأعداء.
وكان مسؤول أمريكي قد صرَّحَ لشبكة "سي بي إس" الإخبارية، الجمعة، بأن طائرةً بدون طيار أمريكية من نوع "إم كيو-9" قد تحطّمت، لكنه زعم أن ذلك حدَثَ قبالة سواحل اليمن.
وتعد "إم كيو-9" واحدةً من أحدث الطائرة المقاتلة بدون طيار على مستوى العالم، والتي تصنعها شركة "جنرال أتوميكس" الأمريكية، ويشتريها الجيش الأمريكي بأكثر من 32 مليون دولار، ويعتمد عليها بشكل كبير في مهام الرصد وَأَيْـضاً في العديد من المهامِّ الهجومية الخَاصَّة؛ نظرًا للتقنيات المتطورة التي تتمتع بها.
وتعد هذه هي الطائرة الثالثة من نوعها التي تنجحُ القواتُ المسلحة اليمنية في إسقاطها منذ بدء المشاركة في معركة "طوفان الأقصى"، وهي السابعة من نوعها التي تعترف الولايات المتحدة بإسقاطها في اليمن منذ أُكتوبر 2017م؛ وهذا يجعل اليمن أكبر "مقبرة" لهذه الطائرات في العالم، حَيثُ تم تسجيل 11 حالة سقوط معترَف بها لهذا النوع من الطائرات عالميًّا، وكانت ثلاثٌ منها في ليبيا، وواحدةٌ في العراق، والبقية في اليمن.
وتوجّـه عملية إسقاط الطائرة صفعة جديدة قوية للولايات المتحدة التي أقر وزير بحريتها قبل أَيَّـام بتكبدهم خسائرَ كبيرة تصل إلى مليار دولار قيمة الذخائر الدفاعية التي استخدمتها السفن الحربية الأمريكية أثناء محاولاتها الفاشلة للتصدي للهجمات اليمنية خلال الأشهر الماضية، حَيثُ يمكن إضافة قرابة مِئة مليون دولار إلى هذا المبلغ قيمة طائرات (إم كيو-9) الثلاث أسقطتها القوات المسلحة اليمنية منذ بدء "طوفان الأقصى"، إلى جانب تكاليف تشغيل حاملة الطائرات "آيزنهاور" والمدمّـرات الأمريكية وتكاليف عمليات العدوان التي فشلت في الحد من القدرات اليمنية على مواصلة العمليات البحرية ضد السفن المرتبطة بـ "إسرائيل" وأمريكا وبريطانيا.
وبإسقاط الطائرة الأمريكية واستهداف السفينة البريطانية، ترتفع عدد العمليات العسكرية التي أعلنت القوات المسلحة عن تنفيذها ضد العدوّ الصهيوني والأمريكي والبريطاني إلى 7 عمليات خلال 72 ساعة، حَيثُ كان العميد سريع قد أعلن يومَي الأربعاء والخميس الماضيَّين عن استهداف سفينتَينِ "إسرائيليتين" في المحيط الهندي وخليج عدن وسفينة ومدمّـرة أمريكيتين في المحيط الهندي وخليج عدن، بالإضافة إلى قصف أهداف صهيونية في أم الرشراش المحتلّة (إيلات)؛ الأمر الذي يكشف عن مسار تصعيد كبير وواضح يأتي على وقع تأكيدات واضحة ومتتالية لقائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي بشأن العمل على توسيع العمليات اليمنية لإسناد الشعب الفلسطيني والضغط لوقف الإبادة الجماعية في غزة ورفع الحصار عن القطاع.
كما يأتي هذا التصعيد على وقع بروز المزيد من مظاهر الفشل الأمريكي والغربي في مواجهة الجبهة اليمنية؛ فبعد انسحاب أربع فرقاطات أُورُوبية من البحر الأحمر خلال الأسابيع الماضية، أعلنت البحرية الأمريكية، الجمعة، عن سحب حاملة الطائرات "يو إس إس دوايت دي آيزنهاور" والمدمّـرة "يو إس إس غريفلي"، من البحر الأحمر إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، وهي خطوة محرجة للغاية للولايات المتحدة؛ فحاملة الطائرات الأمريكية كانت تعتبر القاعدة الرئيسية لعمليات التحالف الذي شكَّلته واشنطن لمواجهة العمليات اليمنية، وكانت تضم أسطولَ الطائرات الحربية الذي تقوم بشن غارات على اليمن إلى جانب المدمّـرات، وانسحابها يعتبر إعلانًا واضحًا عن الفشل، وهو إعلانٌ كان في الواقع مرتقَبًا، خُصُوصاً بعد اعتراف ضباط كبار على متن حاملة الطائرات في تصريحاتٍ للعديد من وسائل الإعلام الأمريكية خلال الفترة الماضية بصعوبةِ المهمة وخطورتها الكبيرة، بالإضافة إلى صعوبة البقاء لفترة طويلة في عرض البحر بدون صيانة.
وبحسب موقع "يو إس إن أي نيوز" الأمريكي، فَــإنَّ "انسحابَ حاملة الطائرات "آيزنهاور" يترك منطقة القيادة المركزية الأمريكية بدون مجموعة حاملة طائرات ضاربة أَو مجموعة برمائية جاهزة للمرة الأولى منذ أُكتوبر".
وفيما تحدثت تقارير عن نقل طائرات أمريكية مقاتلة إلى السعوديّة توازيًا مع سحب "آيزنهاور" فقد وجَّهت صنعاء، السبت، تحذيرًا جديدًا لواشنطن، حَيثُ قال نائب وزير الخارجية، حسين العزي، في تدوينة على مِنصة "إكس": "نحن على علم بما تخطِّطُ له واشنطن من أعمال عدائية، ومن الآن نحملها مسؤولية تداعيات حماقاتها المحتملة ضد اليمن؛ لأَنَّها قد لا تجدُ في المنطقة طريقًا واحدًا (آمنًا) وستكونُ مصالحها هدفًا مستدامًا لكل الأحرار".
*المسيرة نت
المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
كلمات دلالية: حاملة الطائرات القوات المسلحة إم کیو
إقرأ أيضاً:
حرب المسيّرات.. التكنولوجيا التي أعادت تشكيل وجه النزاعات العسكرية
في السنوات الأخيرة؛ أصبحت الطائرات بدون طيار (المسيّرات) أحد العناصر الرئيسية في الحروب العسكرية الحديثة، حيث ساهمت بشكل كبير في تغيير موازين القوى وأساليب القتال، لتُستخدم تلك المسيّرات بشكل متزايد، ليس فقط كوسيلة للمراقبة والاستطلاع، بل كأداة هجوم فعّالة ذات دقة عالية وتكلفة منخفضة نسبيًا.
`•التطور التكنولوجي ومجال الاستخدام`
ومع التقدم العلمي وسباق التسليح التنافسي بين كبرى الدول؛ تطورت المسيّرات من أدوات صغيرة تُستخدم للاستطلاع إلى منصات متقدمة قادرة على تنفيذ هجمات دقيقة، نقل الإمدادات، وحتى خوض المعارك من مسافة الصفر، فهذه الطائرات أصبحت أساسية في حروب الدول، كما هو الحال في النزاعات العسكرية في أوكرانيا، اليمن، السودان، وناجورنو كاراباخ، حيث أثبتت أنها قوة فعالة لتحديد الأهداف وضربها، دون الحاجة إلى تعريض الطيارين للخطر.
`•الدور الاستراتيجي`
تلعب المسيّرات دورًا مزدوجًا في الحروب. فمن جهة، يمكن استخدامها لاستطلاع ميدان المعركة بدقة، ومن جهة أخرى تُستخدم لتنفيذ ضربات مدمرة ضد أهداف محددة، فعلى سبيل المثال؛ خلال الحرب في أوكرانيا، استخدمت كلاً من روسيا وأوكرانيا المسيّرات بكثافة لضرب البنية التحتية العسكرية والمدنية، مما زاد من تعقيد النزاع وجعله أكثر اعتمادًا على التكنولوجيا.
`•التكلفة مقارنة بالتأثير`
استطاعت هذه المسيّرات أن تحقق للدول معادلة صعبة، تمثلت في إمكانية تحقيق نتائج كبيرة بموارد أقل مقارنة بالطائرات التقليدية، فمسيّرات مثل "بيرقدار" التركية و"شاهد" الإيرانية أثبتت فاعليتها في تحقيق أهداف عسكرية مهمة، وغالبًا ما تكون أقل تكلفة مقارنة بالطائرات المقاتلة، كما تُستخدم هذه الطائرات من قبل الجماعات المسلحة الغير نظامية، مما يثير تساؤلات حول تأثيرها على الأمن العالمي وانتشارها في أيدي أطراف غير رسمية (الميليشيات).
`•التهديدات والتحديات`
وعلى الرغم من ميزاتها؛ فإن الاعتماد المتزايد على المسيّرات يثير تحديات عديدة، منها التحدي الأخلاقي المرتبط بتقليل التفاعل البشري في اتخاذ قرارات القتل، إضافة إلى التحديات الأمنية المتمثلة في إمكانية تعرّض هذه الطائرات للاختراق الإلكتروني أو إعادة استخدامها من قبل الأعداء.
`•المستقبل والحروب الذكية`
تُشير التوقعات؛ إلى أن حروب المستقبل ستكون أكثر ذكاءً واعتمادًا على المسيّرات، بما يشمل استخدام الذكاء الاصطناعي لتوجيهها، وتنفيذ هجمات معقدة بشكل ذاتي، ومع ذلك؛ فإن هذا التحول التكنولوجي يتطلب وضع ضوابط دولية لمنع الاستخدام السيء وضمان أن تبقى هذه الأدوات ضمن إطار القانون الدولي الإنساني.
وعلينا جميعًا أن نقر؛ بأن حرب المسيّرات أصبحت واقعًا لا يمكن تجاهله في المشهد العسكري الحديث، فهي تعيد تعريف طبيعة الصراعات بشكل جذري، مما يفرض تحديات كبيرة على الدول والمجتمع الدولي لمواكبة هذا التغير وضمان استخدام هذه التكنولوجيا بطرق تعزز الأمن والاستقرار بدلًا من الفوضى.