خطورة التبرع بالأعضاء على المجتمعات
تاريخ النشر: 27th, April 2024 GMT
ذكرنا من قبل أن باب نقل الأعضاء سيفتح أبوابًا من الجرائم لن يغلق ولن يهدأ حتى يقاتل الناس بعضهم بعضا، وذكرنا أيضًا فى مقال سابق عن «قطع الغيار البشرية» تهافت الأغنياء على شراء لحوم الضعفاء دون رادع باسم الإنسانية الزائفة والرحيمة مع أن هذه الإنسانية لم ترحمهم أو تعطف عليهم بل تركتهم نهبًا للمرض والعوز ولم تتذكرهم إلا عندما احتاجت إلى أجسادهم الضعيفة فى صفقة من قوانين العرض والطلب التى لو كانت تطبق فى كل شىء يباع ويشترى فلا تطبق على الإنسان فليس كل ما تملكه أو ظننت أنك تملكه يباع فلا الدار دارك ولا النفس نفسك ولا الجسد ملكك.
وليس ببعيد أن الحالة الاقتصادية عند الأفراد هى التى تدفع بعض الناس لفعل ذلك ولو استمر الحال هكذا فليس بمستبعد أن ترى إنسانا يعرض بيع كليته أو أى شىء آخر فى جسده بلافتة فى الطريق مكتوب عليها «للبيع» فى الطريق العام أو على وسائل التواصل الاجتماعى وهذا مما سيدركه البعض أما الذى لا يدركه الآخرون أن استمرار مثل هذه العمليات وتفشيها سيقود إلى جرائم ضد النفس والإنسانية هى غريبة على المجتمع المصرى ودخيلة عليه وهى أيضًا غريبة على الإنسانية «الرحيمة» وهناك «لستة» كبيرة من الأعضاء المعروضة غير الكبد والكلى كالبنكرياس والمعدة والأمعاء والرحم والخصية وهناك طلب شديد على الأعضاء وقائمة طويلة من المنتظرين.
والفقر عيب ومهانة لا ريب أما الجهل فهو فقرٌ أيضًا ولكن فى المعلومة وضياعها بين الناس ومهما قيل عن الأمراض فنحن لا نعرف عنها شيئا فعلينا أن نقاتلها بل بشراسة كما تهاجم هى المجتمع بكل شراسة والأمثلة كثيرة فى الدول التى تغيرت فى القرن العشرين والحادى والعشرين ومنها بلاد قد دمرت تمامًا فى الحرب العالمية الثانية ومنها بلاد لم تكن موجودة أصلًا على الخرائط ثم تطورت بعد أن نشأت على العلم والرجال التى تعمل.
والمجتمعات التى تفرّق بين العباد فى المعلومة الطبية والحياة الطبية وفرص البقاء على الأرض فقط لأن من يملك المال تكون له حياة خاصة أما الذى لا يملكه فنستطيع أن ننزع منه حياته الخاصة فهذا هو الفساد بعينه فتعلّم «صنعة» تغنيك عن سؤال الناس وهذا هو الذى بح صوتنا فى مناشدة الأجهزة المعنية أن تعلّم الشباب حرفة سواءً أرادوا أم لم يريدوا مثل التعليم الإجبارى فصاحب الحرفة يخاف عليها وهو فى الأغلب يبدع فى حرفته لأنه يجد منها عائدًا ماديًا.
والذين يفعلون ذلك من الأطباء أو يشرفون على مثل هذه العمليات تراهم دائمًا فى مشاكل ويتخفون بعيدًا عن الناس وعن أعين الشرطة ويخافون من كل ملاحقة لأنهم يعرفون أن ذلك مخالف للقوانين البشرية ومخالف أيضًا للأعراف الطبية وماذا تنتظر من شخص يبيع كليته لكى يأكل أو يشرب فهو مستعد أيضًا أن يفعل أكثر من ذلك وحكت لى إحدى الممرضات أن رجلًا أتى بزوجته مرغمة وباكية لكى تبيع كليتها لتصرف على هذا «الشحط» التى تزوجته فأى فساد فى المجتمع هذا وكيف يتحول عقد الزوجية إلى عقد بيع وشراء للأعضاء فأفيقوا أيها السادة فليس كل شىء يباع ويشترى وليس كل شىء معروض فى المزاد فإن كليتك هى شرفك وأن الكبد هو الشرف وكن فقيرًا ولا تكن خسيسًا كما قال السلف.
ويقول العارفون بالعمليات غير السوية إنها طريقة احتيالية تدبر ضد الرعية تسلبهم الحقوق الإنسانية من معيشة هنية و«طاقة» شمسية فالمال مقابل أعضاء أساسية وهبها الله لهم عطية فكانت النتائج عكسية ومشاكل نفسية أفسدت الأمسية فهلا وضعتم خططاً خمسية أو ثلاثية يا أهل الفروسية حتى نعالج القضية فهذا والله شر البلية.
استشارى القلب - معهد القلب
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: معهد القلب د طارق الخولي هذه الإنسانية
إقرأ أيضاً:
العمل التطوعي .. يعزز التضامن الاجتماعي بين الأفراد
يعد العمل التطوعي أحد أهم مرتكزات التنمية الاجتماعية، وهو لمسة طيبة تنبع من القلب، ففي هذا العمل الإنساني إدخال للسرور في الذات البشرية قبل أن تصل إلى المجتمع بأكمله، فالعمل التطوعي يسهم في التخفيف من وطأة صعوبات وأوجاع التي يعاني منها بعض الناس؛ إذ يسهم في الحد من التوتر، ويحفّز المرء نفسيا وعقليا، ويجعله يشعر بقيمة الحياة والنعم التي أنعم الله بها عليه دون غيره.
أما اصطلاحا فيعرف بأنه عمل أو نشاط يقوم به الإنسان بدافع الخير ويهدف إلى مساعدة الآخرين سواء في المجتمع الذي يعيش فيه أو المنظمات والجمعيات الأهلية والخيرية دون مقابل، الأمر الذي يؤدي إلى تعزيز التضامن والتضافر بين كافة أفراد المجتمع؛ فالذي يقوم بالعمل التطوعي يكون من تلقاء نفسه الطيبة، ويخصص وقته للمساعدة بعيدًا عن أي أسس دنيوية أخرى، فيتناسى المرء حينها همومه ويتفرغ للمساعدة بدون مقابل مادي، ومن المؤسف حقا أن نقول بأن هناك الكثير من الناس يظنون بأنهم مستثنون من القيام بالواجب الإنساني الذي يندرج تحت قائمة الأعمال التطوعية وذلك بسبب المعتقدات الخاطئة والمفهوم المظلل لمعنى التطوع وأثره في المجتمع، والسؤال: هل حب العيش برفاهية يمنع الفرد من القيام بدوره في مجتمعه؟
في جميع الأديان هناك نقاط تحض على العمل التطوعي، ليس في الدين الإسلامي فحسب، بل ربما في أديان أخرى تحث على ضرورة العمل التطوعي وخدمة المجتمع، لما له من آثار إيجابية سواء على القائمين على العمل أو المستفيدين منه.
لو تعرضنا إلى الدين الإسلامي لوجدنا أن العمل التطوعي خدمة يؤجر فاعلها لكونها سمة بارزة من أخلاق المسلمين؛ فلا يقوم بها الشخص على وجه الأنانية أو التفاخر أو الرياء، إنما هي جزء من التلاحم الوطني والإنساني حيث يقف جميع المشاركين مع بعضهم البعض كالبنيان المرصوص، وذلك من منطلق أن التضامن المجتمعي يقصد به المنفعة العامة دون النظر إلى العائد المادي الشخصي، وأيضا كونه موجهًا لوجه الله تعالى، فقال سبحانه في سورة النساء: «لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا».
لذا فإن العمل التطوعي يسهم إيجابا في غرس القيم والأخلاق في المجتمع، ويشيع مبادئ التعاون والتكافل ومساعدة الغير وحب الناس والصبر على تحمل المسؤولية والقيام بالواجبات المهمة.
لطالما نشأت بعض الأعمال في الحياة من الجوانب النمطية التي اعتاد عليها الناس في حياتهم، ولعل العمل التطوعي يأتي ضمن هذه القائمة، فالمبادرات الفردية أو الجماعية ما هي إلا أعمال لها أثرها في المجتمع، فمثلًا هناك من يسعى إلى مساعدة الفئة الأقل اهتماما والأكثر احتياجا، سواء كانوا من فئة المحتاجين أو الباحثين عن العمل وصولا إلى الأيتام والضعفاء، أيضا هناك أعمال أخرى تندرج في بوتقة العمل التطوعي ومنها المحافظة على البيئة والارتقاء بالمجتمع.
لا يظهر كل هذا الولاء وحب الخير إلا في المواقف التي يتطلبها تدخل الأفراد في المجتمع، ففي الأزمات والشدائد والضوائق يثبت المواطن اعتزازه وحبه لوطنه وأبناء مجتمعه، وأقرب مثال على ذلك كان في جائحة كورونا «كوفيد-19» التي غزت العالم وأعطته ضربة موجعة في شتى المجالات، لكنها لم تسلب من أبناء المجتمعات القيم الإنسانية التي تدعو إلى مد يد العون والمساعدة للجميع.
دائما ما تنحدر فوائد العمل التطوعي على ضفاف المجتمع، لكن ما يجهله بعض الناس هو أن المتطوعين هم أكثر الفئات ارتياحًا ورغبة في الحياة والعطاء، فهم يتمتعون بسعادة نفسية عارمة، فالعمل التطوعي يمنحهم جرعة محفزة للقيام بكافة الأعمال التي تجلب الخير للأفراد والمجتمع الذي يعيشون فيه، ومن خلال ذلك يبث المتطوع في نفسه السعادة والانشراح، فيشعر بالرضا من الأعمال التي يقوم بها بلا مقابل.
ومن خلال عمله الاجتماعي يكشف خبايا الحياة المقبلة فيشعر بقيمته كإنسان إيجابي يحب وطنه وكل من يعيش على أرضه، فيزيد لديه الولاء وثقته بنفسه، كما يشعر بالمسؤولية الموجهة ناحيته.
يبقى أن نشير إلى أن العمل التطوعي، يكسب الإنسان مهارات وقدرات في شتى المجالات، فتضفي إنجازا رائعا في سيرته الذاتية، ويزيد من محيط علاقاته الاجتماعية مما يسهم في التواصل المجتمعي، وتبادل الأفكار والآراء مع الآخرين، وبالتالي يسهم العمل التطوعي في الحد من التوتر ويقلل الاكتئاب، ويخفف آثار الإجهاد والتعب ويمنح شعورا بالهدف ويضفي ذلك الحماس على حياتهم، والأهم من ذلك هو استغلال الوقت في المنفعة العامة.